Thursday, February 2, 2012

هل ليبيا دولة غنية..؟؟

نحن اليوم في أمس الحاجة لمعرفة واقعنا الاقتصادي و المالي بطرق علمية تعتمد على أسانيد  و إحصائيات رقمية  بدلا من التخمين و التقديرات الجزافية البعيدة عن الواقع في معظم الأحيان و المثال على هذا الاعتقاد   السائد عند الكثير منا  أن ليبيا دولة فاحشة الثراء و جرت العادة أن نسمع هذا الوهم من المتصلين  بالبرامج  التلفزيونية المفتوحة و الغريب في الأمر أن بعض من المسئولين و رجال الإعلام يؤكدون صحة ذلك و كذلك نسمع هذا الوهم في جلسات حوار المناسبات الاجتماعية و اغلبهم يقارن بين ثراء ليبيا و دول الخليج مثل الكويت و الإمارات ، إن هذا الاعتقاد في الواقع  غير صحيح بل هو الوهم بعينه و لنوضح الصورة يجب أن نقارن الناتج الوطني الإجمالي لهذه الدول النفطية مع الاخد في الاعتبار عدد السكان و المساحة وللعلم  أن المساحة الشاسعة المقفرة هي عيب وليست ميزة و خصوصا عندما يتناثر السكان بكثافة منخفضة أفقيا على هذه المساحة ، ثم بعد ذلك يجب  ألا ننسى ما وصلت إليه تلك الدول من بنية تحتية خلال العقود الفائتة عندما كانت ليبيا في غيبوبة جماهيرية الهالك المقبور و يجب أن نذكر هنا كذلك ما تمتلكه هذه الدول من استثمارات في صناديقها السيادية فمثلا الصناديق السيادية الإماراتية تبلغ أصولها اكتر من 750 مليار دولار كذلك نضيف للمقارنة فقط دولتين لا تمتلكان  ثروات طبيعية و لكنهما تملكان قوى عاملة منتجة.

أسم الدولة
     عدد السكان
      المساحة
 الناتج الوطني الإجمالي 2010
 البنك الدولي  01/07/2011
الإمارات
947,000 نسمه
83,600 كم مربع
230    بليون دولار
الكويت
1,038,00 نسمه
17,818 كم مربع
148    بليون دولار
 ليبيا
6,000,000 نسمه تقريبا
1,757,000  كم مربع
62     بليون دولار تقريبا
سنغافوره
3,700,000 نسمه
712     كم مربع
222    بليون دولار
الدينمارك
5,500,000  نسمه
43000 كم مربع
310    بليون دولار

إذا من الأرقام الواردة بالجدول أعلاه علينا القول أن ليبيا دولة متوسطة الدخل من مواردها  الطبيعية ( النفط و الغاز) الغير دائمة طبعا و برغم من وجود هذه النعمة التي حابانا بها الله عز وجل مند أكثر من خمسة عقود إلا أننا نعاني قصور مؤلم في الخدمات العامة و انعدام شبه كامل للبنية التحتية و السيئ في الأمر أن ليبيا تعتبر دولة ذات مستوى متدني جدا في إنتاجية مواردها البشرية  و التي هي أهم من الموارد الطبيعية حسب وجهة نظري و ذلك  بسبب  ما عانته  نظمها  التعليمية والتكوينية و الإدارية  طيلة حكم الطاغية من تسيب و إهمال  و أضف إلى ذلك تدهور القيم الأخلاقية المهنية للقطاعين العام و الخاص الناتج عن اختلال في التنشئة  السلوكية المهنية للقوى العاملة من حيث عدم احترامها لقدسية الوظيفة و المهنة و اللامبالاة في إتقان العمل  وتغليب المصلحة الشخصية و الربحية الآنية و غيرها من الانحرافات الوظيفية و المهنية   و  أدى هذا  بدوره إلى ضعف شديد في  إنتاجية الدولة بوجه عام سوى كانت في صورة خدمة  او سلعة  ومن حيث الكم و الكيف و بسبب ذلك أصبحت ليبيا دولة مستوردة تقريبا لكل شي  و تعتمد اعتمادا كبير على الأيادي الأجنبية في عمل كل صغيرة و كبيرة و في الوقت نفسه نحن نعاني من بطالة مخيفة بين الشباب و الذي اغلبهم لم يؤهل  ذهنيا و مهنيا بالشكل الصحيح.
فعلي السلطات الليبية الجديدة  التريث في الإنفاق حتى تدرس بدقة قدرات ليبيا المالية وكذلك دراسة أولويات أوجه الإنفاق حيث بناء قدرات الإنسان الليبي يجب أن تنال الأولوية  و ثم علينا التأكد من المقدرة الفنية في آليات عملية الصرف و الإنفاق فما نراه مثلا من فوضى و هدر في ملف العلاج بالخارج إلا دليل على القصور الإداري الفني الذي نعانيه في إداراتنا الليبية ،  ثم لماذا لا نسأل أنفسنا نحن الليبيون كيف  نلح بشدة و نطالب بكل شي من هذا الوطن و في نفس الوقت نحن لا نؤدي واجبنا الوظيفي بأكمل وجه و نتهرب و نتغيب و نمارس السلبية في كل شي يخص خدمة الوطن .
لماذا لم نسأل أنفسنا ماذا نستطيع نحن تقديمه لهذا الوطن؟ لماذا لا نبادر ذاتيا و نتعلم كيف نرفع قدراتنا و نزيد مهاراتنا حتى نرفع من إنتاجيتنا و بالتالي إنتاجية الوطن و لماذا لا نقارن أنفسنا بمن دفع دمه و روحه من اجل هذا الوطن ؟  لماذا لا نتعلم من غيرنا من الأمم كيف هم يحبون و يعطون و يبنون  أوطانهم بعرقهم رغم افتقار أوطانهم لأي ثروات طبيعية ( دافعي الضرائب في اغلب دول العالم هم من يتحملون وزر الميزانية العامة) و قد قال الرئيس الأمريكي الراحل جون كندي مقولة شهيرة في هذا ( لا تسأل ماذا أعطاك وطنك بل إسأل ماذا قدمت أنت لوطنك..؟؟ )

د. العارف عكعك

2 comments:

  1. مقالة في غاية الروعه اصبت كبد الحقيقة توجد بعض المفاهيم المغلوطة في تراثنا الفكري التي تحتاج الى التصحيح و ان يقتنع بها الشعب حتى نسير نحو الامام

    ReplyDelete
  2. بارك الله فيك على هذة المقالة

    ReplyDelete