Monday, April 9, 2012

الحاج موسى هو موسى الحاج


تحطمت أسوار السجن و تحرر السجناء و انتشروا في الطرقات و الشوارع يهتفون للحرية و يرددون: دم الشهداء لن يضيع هباء، ولكن الأمر اختلط عليهم فهم تعودوا على الهتاف طوال أربعة عقود من السجن أن يهتفوا صباح مساء: بالدم بالروح نفديك يا سيدنا؛ ولم يتعلموا فن الحوار أو فنون البناء و التنمية و كل ما عرفوه هو كشكول السجان و تفسيرات تلاميذه أو بالأحرى نباح كلابه الشرسة.
  ومنذ الأسابيع الأولى لتهاوي نظام الطاغوت التف الجميع حول سعادة المستشار طلبا لدور القائد و الملهم كعادتهم في الماضي  لكي يرتاحوا من عناء التفكير أو المسئولية. وهنا وجد سعادة المستشار نفسه في ورطة بدون أن يعلم وبدلا من أن يحيط نفسه بخيرة الخبراء و يترك لهم المجال لإدارة الأزمات أخذ يفتي في كل صغيرة و كبيرة بالتدريج. وتدرج هذا الأمر من شكوى طالب رسب في امتحان لم يحضر له جيدا إلى طلب بعثة دراسية مرورا بتعيين أستاذ جامعي غير مؤهل إلى توقيع اتفاقيات دولية إلى ملف العلاقات الدولية مرورا بمصالحات وطنية غير محدودة المعالم. ووصل الأمر في إحدى الجامعات أن اصدر المستشار للمسئول عن هذه الجامعة أمام الطلبة أمرا  بتغيير عمداء بعض  الكليات نزولا عند رغبة مجموعة محدودة من الطلبة ، فقال لي المسئول عن الجامعة في اتصال هاتفي: هذا 7 أبريل جديد يا دكتور. و بالتالي يمكننا فعلا القول أن الحاج موسى هو موسى الحاج.
ليس هذا فحسب بل أصبحت الحكومة بكاملها أسيرة لقوانين ألقذافي من خلال الالتزام بسريان القوانين و اللوائح بشكل عام. فلبس رئيس الوزراء عباءة أمين اللجنة الشعبية العامة بما تحمل من إجراءات فيها عدم ثقة في كل الوزراء و بما تحمل من حس وخوف أمني من كل إجراء يخرج عن المألوف. و كذلك تم توزيع جميع الاختصاصات و الهيئات حسب ما رسمه المجرم البغدادي المحمودي و زبانية مؤتمر الشعب العام المزورين.
 وأصبح كل شيء يمر عبر اعتماد السيد رئيس مجلس الوزراء مع بوابة موافقات من المجلس الانتقالي وهذا تسبب في تعطيل العديد من القرارات التي ينتظرها المواطنون من خلال عرضها عدة مرات و طلب التوضيحات لعدة مرات بالرغم من أنها أتت عبر وزارات و إدارات متخصصة و قد يتدخل في أمرها من ليس له علاقة مباشرة، فمجلس الوزراء يتفاعل على نمط شبيه باللجنة الشعبية العامة فكل شيء معروض للنقاش، أي أن الحاج موسى هو موسى الحاج.
و الغريب في الأمر أن شريحة الطلاب و الأساتذة و الموظفين لازالت تنتظر توجيهات فوقية فكلما اجتمع أحد بهم يقولون ما هي توجيهاتكم  و في كل مرة يقال لهم بأننا ليس لدينا علاقة بالتنظيمات النقابية، و لكننا نحبذ تشكيلها ليسهل لنا التعامل من خلالها مع المشاكل.
 ليس هذا فحسب  بل تجد أنهم في كثير من الأحيان يميلون إلى أساليب الزحف و التصعيد لإحداث التغييرات في المواقع المختلفة، ويبدو أن هذه الثقافة لا زالت سائدة في العقول بالرغم من التحرر من الطاغية فأساليبه لازلنا نراها بشكل متكرر. ذات يوم مرت علينا مسيرة لإحدى المدارس الثانوية وهم يهتفون: عالوزارة  بره طول يا قاتل يا مقتول، وين وين وينه حق الطالب وين، كان هذا وهم في طريقهم لوزارة التربية و التعليم. وبالتالي يصبح الحاج موسى هو موسى الحاج.
وعندما نمر على المدارس في الصباح نسمع التعليمات العسكرية: استعد، استريح  والهتاف بصوت جماعي ولكن بالمقولات الجديدة: ارفع راسك فوق أنت ليبي حر. ولازال أسلوب الرعب مستخدم في إدارة المدارس وداخل الفصول. زار أحد الخبراء العائدون من الخارج مدرسة فلاحظ إخفاء المدير لشيء ما أثناء المرور على الفصول وعندما اطلع عليه وجده قطعة من خراطيم المياه"توبو".
 فهل توافقون معي أن الحاج موسى هو موسى الحاج.
ولكي ينتهي الحاج موسى من حياتنا علينا أن نتخلص من عقلية الفردية الأنانية التي قد تدفعنا للدمار من أجل مصالح وطموحات شخصية تصل إلى الرضا بتقسيم ليبيا لكي يصبح كل منا زعيما تحت خروبة أجداده.
 علينا أن نعترف بذنوبنا و تقصيرنا قبل اتهام الآخرين أو تهديدهم، إن تخوين الناس أمر هين في غياب القانون أما إذا فعلنا المحاكم و الشرطة والسجون سيكون لكل حادث حديث.
 عندها فقط يمكننا اعتبار السيد موسى مواطنا مثل الجميع في وطن يحترم الجميع و يحترم الفرد ويضمن له حقوقه، وعندها تصبح بلادنا دولة القانون و العدالة و المساواة، وعندها فقط لن تضيع دماء الشهداء هباء.

2 comments:

  1. سيدي العزيز انت وامثالك ممن كانوا يهتفون لسيف وركبتم موجة الثورة اكثر من ينطبق عليكم المثل الموجود في العنوان. سيدي العزيز انت جئت للتعليم وتمنينا ان لو قدمت لنا حلولا لمشاكله فإذا بك تتعامل بنفس عقلية النظام السابق وعززتم البيروقراطية اكثر فأكثر. اتمنى ان تتحرروا من عقدة المكاتب وان تجدوا حلول للنظام التعليمي فقطع المنح عن طلبة دكتوراه يحتاجون لتمديد بسبب ثورة مباركة اشتركوا فيها بكل مايملكون واقلها وقتهم ليست الحل لمشكلة الحفاظ على المال العام بل بالعكس فانت بذلك ساهمت في اهدار المال العام من حيث لا تدري فعندما تصرف على طالب لمدة اربع سنوات وتقطع عنه المنحة وتتركه في الغربة ضنا منك انك تحافظ على المال فهذا هو اهدار المال العام فانت صرفت اربع سنوات ولم تتحصل على النتيجة المرجوه من الطالب وكان من المفترض ان تزور الطلبة وان ترى ما المشكلة التي ادت الى تأخرهم وان تجد لها حل وان تتفادى حدوثها في المستقبل فإذا كان العيب في مدة الدراسة فمن المفروض انك تضع خطه جديده واذا كانت المشكله في اللغه فمن المفترض انك تجد حل للموفدين بدراسة اللغه قبل ايفادهم وهكذا ولكنكم تنتقدون غيركم وانتم مليؤون بالعيب وللاسف تعتقدون انكم على الصواب

    ReplyDelete
  2. مقال جيد و يسلط الضوء على واقع غير سعيد

    مشكلة عدم ملائمة اللوائح القديمة و انحرافها عن الطريق الصحيح لبناء دولة متقدمة تحتاج منا الى وقفة جادة و تغيير في عقلية تفكير الحكومة ايضاً،، هذا الشعب يحتاج الى حكومة رشيدة تقوده لمستقبل زاهر مليء بالديمقراطية

    فتحي مسعود

    ReplyDelete