Monday, February 6, 2012

هل يأتي الجشع على التضحيات؟

على مدى عام من التطورات على الساحات الليبية خلال تفجر الثورة الليبية المباركة رأينا كيف طفت أسمى المعاني على السطح و ضحى الليبيون بالغالي و النفيس من أجل الحرية، ولقد صدق أبن الزاوية في كلمته المشهورة: نحن مطلبنا الحرية.
 وأصبح نبض الشوارع الليبية يتناغم مع الأماني العظيمة و التضحيات الكبيرة وامتزج الدم بالدموع و الفن مع مشاعر المواطنين وتخضبت شوارعنا بلوحات فنية وكأنها طوابع البريد على رسائل الشارع الليبي في لوحات معبرة بصدق عن روح الثورة وصدق الثوار.
وارتفعت أصوات المساجد بالتكبير والتهليل والتحميد شكرا لله على عونه ودفعه للضرر عن البلاد والعباد، وعرف الناس أجمل صور الإيثار والجود والكرم في المدن والبوادي والأرياف. ثم علت الفرحة الوجوه بالانتصار على الطاغية وجنده و سقط ألقذافي في سرت لآخر مرة مهزوما مدحورا مذموما.
 ورفع الشباب عاليا شعار : ارفع راسك فوق أنت ليبي حر. وبدأ العديد من الثوار الصادقين في العودة إلى أعمالهم في مدنهم وقراهم، ومع النصر وانعدام الحاجة إلى التضحيات برز إلى السطح العديد من المتسلقين والنفعيين و أشباه الثوار وتمترسوا بالسلاح في شوارع المدن لجني ثمار النصر الذي حققه الشهداء والجرحى، بل برز بين قوائم الجرحى العديد من مرضى النفوس و الباحثين عن المغانم والأعداد المتراكمة في دول العالم خير دليل على ما أقول.
 فهل ننتظر حتى يأتي الجشع على التضحيات؟
 وخرجت من بين الأطلال وبرك الدماء والدموع حكومة وطنية انتقالية هدفها الأول أن تنتقل بالمجتمع من الثورة بما حملت في طياتها من صراع إلى الدولة التي تمثل الاستقرار و النماء واستمرار الحياة. ومشكلة هذه الحكومة أنها ترفع القانون شعارا لها ولكنها تفتقر إلى أدوات تحقيق العدالة بين الناس من محاكم وشرطة وسجون. قد يقول البعض لماذا لا تنادي وزارة الداخلية على الشرطة لتؤدى دورها وهي تملك ما لا يقل عن مئة ألف رجل أو يزيد. لماذا يجلس كل هؤلاء في بيوتهم ويتلقون رواتبهم ويتركون الحبل على الغارب.
 هل يتسلط المجرمون والانتهازيون على البلاد باسم الثورية أو كثورجية ويبقى رجال الشرطة في بيوتهم.
 وهل ننتظر حتى يأتي الجشع على التضحيات؟
على الجانب الآخر تنتهك سيادة الوطن من خلال حدوده المترامية الأطراف في غياب الجيش الوطني وانشغال البعض بحصد المكاسب والمناصب والرتب ويتولى مهمة الدفاع كتائب وسرايا الثوار التي ما فتئت تقع في الأخطاء وترفع سقف مطالبها التي عمقت الجهوية و القبلية وقد تهدد مستقبل الوحدة الوطنية لو بقى الحال على ما هو عليه.  قد يقول البعض أين الجيش الوطني وأين الوطنيون في الجيش الليبي وأين وزارة الدفاع وعلى من تدافع وزارة الدفاع، أسئلة كثيرة والإجابة عليها صعبة ومحرجة في كثير من الأحيان.
 فهل ننتظر حتى يأتي الجشع على التضحيات؟
وباسم الديمقراطية تقفل  إدارة الجامعات أو الكليات والمعاهد و يقتحم بعض المتعاونين في قطاع التدريس الجامعي من حملة الماجستير مبنى وزارة التعليم العالي  بعنف وتكسر الأبواب ويهدد العاملون فيها و يرفع البعض شعارات إقصائية أو جهوية وادعاءات باطلة، بل يتآمر بعض من له مصالح خاصة ويخطط لزعزعة الاستقرار من أجل مصالحه. ووصل الأمر إلى رجم تلاميذ إحدى المدارس الابتدائية لمديرهم وأصبح الاعتصام و المسيرات أسلوبا لابتزاز المسئولين وإجبارهم على التنازل عن اللوائح والقوانين.
 فهل ننتظر حتى يأتي الجشع على التضحيات؟
ومن أجل الديمقراطية يصاغ قانون الانتخابات و يعطى المواطنون فرصة لإبداء الرأي فيه فيعدل ثم يعدله أصحاب القرار السيادي خلال يوم واحد دون اعتبار لرأي المواطنين في أكبر عملية اغتيال للديمقراطية. وكأن المعركة بين بعض أعضاء المجلس والإسلاميين، ومهما كانت القوانين فالشعب لا يقبل إلا بمن يخاف الله ممثلا عنه، ولا يلدغ المؤمن من جحر مرتين.
 فهل ننتظر حتى يأتي الجشع على التضحيات؟
هناك بيننا من يتصور أن الثورة أعطته الحق في كل شيء بالمجان، فيمكن إلغاء الامتحانات و يمكن التجاوز في اللوائح لتعيين من لا يملك المؤهلات المطلوبة و يمكن استخدام أساليب الزحف و التصعيد القديمة تحت جلابية الديمقراطية و حرية الرأي. بل وصل الأمر بالبعض إلى المطالبة بالنجاح بدون امتحانات أو حرمان بعض الفئات من دخول الامتحان. فهل ننتظر حتى يأتي الجشع على التضحيات؟
الكل يعرف أن طريقنا نحو مستقبل أفضل يمر عبر بوابة الاستقرار والأمن والأمان فكل رصاصة تطلق في السماء تؤخر التنمية و النهضة و النماء أسبوع. فكل السفارات الأجنبية تؤجل مواعيد عودة مواطنيها وشركاتهم ومكاتبهم أسبوع كل ما سمعوا أعيرة نارية في سماء طرابلس يطلقها من يريد مزايا بلا مقابل في كثير من الأحيان.
 فهل ننتظر حتى يأتي الجشع على التضحيات؟
أما عن قنوات الأعلام فحدث ولا حرج، فمن اجل جلب القراء و المشاهدين يتم فبركة الأخبار و استخدام وسائل استفزازية في اللقاءات بعيدا عن الأساليب الحضارية في نشر المعلومات و الوعي السليم. فالكثير من الصحف تفضل الإعلان على الإعلام رغبة في دخل أعلى، و كثير من القنوات تفضل التشهير بالناس على الإشهار و نشر الفضيلة بعيدا عن دور الإعلام الوطني الهادف المسئول.
 فهل ننتظر حتى يأتي الجشع على التضحيات؟
في هذه الأيام التاريخية و نحن نقترب من العيد الأول لانطلاق الثورة الليبية علينا أن نثمن عاليا تضحيات أبناء و بنات ليبيا الأبرار، علينا أن نقف صفا واحدا في وجه الجشع والطمع والبلطجة ومراكز النفوذ وبقايا العهد السابق من المتسلقين ورجال الطابور الخامس أو الطابور الخائن. علينا جميعا يقع دين ودم الشهداء ويجب أن لا نتركه يضيع هباء. علينا أن نشمر عن سواعدنا ونسعى للعلا وطلب المجد وتحقيق العدالة والمساواة وتوفير الأمان لأولادنا و أحفادنا.
 علينا أن نلتف حول دولة القانون ودولة الحق فلا أمان بدون سيادة القانون و لا نماء ولا تنمية في غياب الأمن والاستقرار. ولنجعل من الانتخابات القادمة بداية عصر الديمقراطية و عصر الخير فننتخب الأفاضل و الفضليات من بيننا ونؤسس لدولة الدستور التي ستحقق السعادة للأجيال القادمة. هذا ما ينبغي علينا أن نفعله إلا إذا أردنا أن يأتي الجشع على التضحيات.


2 comments:

  1. لا ننسى مدة 42 سنة من الخراب والدمار ، لكن بعون الله سوف تتساوى الأمور وينتهى الجشع الدى عمل على تنمية بدرته المقبور، كما لا ننسى سنوات الحرمان التي عاشها الشعب البسيط

    ReplyDelete
  2. الفوضي التي نراها بليبيا الحبيبة نتيجة منطقية لعدم الفصل بين السلطات. فلو كل احد عمل بمجاله وضمن حدود تخصصه لراينا افضل النتائح. غياب الامن وعدم الشفافية و استيراد الحكومة و غياب الخطاب الاعلامي المطمئن ووو اسباب و اسباب هي السبب فكل هذه الاشكاليات.

    ReplyDelete