Friday, February 15, 2013

خواطر في عيد الثورة الليبية



الثورة بريشة الفنان بشير حمودة
     في مثل هذه الايام منذ عامين التحمت مشاعر الغضب ضد الظالم وتفجر الشوق للحرية والعدالة وتعطرت الأرض بدماء الشهداء وبزغت شمس الحرية من الشرق لتعانقها جباه الصامدين في مصراتة والزاوية وجبل نفوسة وزواره وطرابلس وفي كل بيت ليبي أبيّ.
 ونحن نستقبل هذه الذكرى العطرة علينا أن نترحم على أرواح جميع الشهداء الذين لم يفكروا في دنيا ولا متاع ولا عودة إلى الاهل بل اصطفوا في طوابير الجنة في ساعات لا يعرف فيها احد كيف ستنتهي الامور ولسان حالهم بقول" مرحب بالجنة جت تدنى"، كما نتضرع إلى الله العلي القدير أن يشفي جرحانا ومرضانا وأن يلهم الصبركل مكلومينا وأن يؤلف بين قلوبنا  ويوحد صفوفنا وأن ينصرنا على القوم الضالين و يعيد هذه الذكرى علي جميع أبناء ليبيا كل عام بالخير واليمن والبركات.
حصاد العام الأول
           لو نظرنا بتعقل إلى الوضع العام في ليبيا خلال العام المنصرم لوجدنا مكاسب كبيرة تحققت في غياب مؤسسات الدولة التقليدية  فالبلاد كانت في امان رغم غياب الشرطة والجيش من المشهد العام  ومظاهر العنف بدأت في الاختفاء من الشارع بالتدريج وهذه الامور في العادة تقاس بالقياس على مناطق أخرى مشابهة مثل العراق والصومال ومصر وتونس. جميع مؤسسات التعليم والتعليم العالي عادت إلى العمل بأقصى طاقتها وإنتاج النفط عاد لأعلى مستوياته بأياد ليبية. كما تم انتخاب المؤتمر الوطني العام وانتقلت السلطة بسلاسة إلى الحكومة المؤقتة.
 وإن كان لدينا مشكلة فهي من صنع ايدينا فالكثيرون منا لا زالوا ينامون في جلابية الطاغية ويحلمون بانجازات لا يعملون من أجلها بل في كثير من الأحيان لا يحركون ساكنا؛ هذا إذا لم يشاركوا في تعطيل حركة التقدم ببث الإشاعات والفتن أو المطالبة بأشياء تعجيزية.
استحقاقات العام القادم
مع إطلالة العام الثاني بعد النصر تلوح في الأفق بعض الاستحقاقات المصيرية ومنها على الصعيد السياسي اختيار لجنة صياغة الدستور ومحطات الإستفتاء على أبرز معالم الدستور ثم  الاستفتاء عليه بالكامل مرورا بمراحل الصياغة  ومداولاتها. ثم يلي هذا صدور تشريع بالعزل السياسي خارج أو داخل مواد الدستور يؤمن استمرارية تحقيق أهداف الثورة في مأمن من أعدائها أو المتربصين بها. وكلنا يعلم أن الشيطان قد مات ولكن سمه وسحره لا زال بيننا وله بيننا أتباع وجنود وموالين يظهرون الولاء للثورة وقلوبهم لا ترى غير مصالحهم ومكاسبهم ورفقائهم بالأمس القريب.
كما أننا بحاجة ماسة لقانون الاحزاب الذي ينضم عملها وتمويلها لكي لا تمس سيادة الدولة الليبية من خلال سيطرة جهات أجنبية على أحزابنا بأي وسيلة كانت.
أما على الصعيد الإداري فالدولة بحاجة إلى تطهير دواليبها من الفساد والرشوة والوساطة والمحسوبية والجهوية والقبلية؛ ورفع كفاءة الاداء بإدخال التقنيات الحديثة وتقليص الموظفين وتوجيه طاقات الشباب نحو الانتاج والعمل الحر من أجل تنويع مصادر الدخل القومي.
وعلى صعيد الأمن تحتاج الدولة إلى تفعيل  واستحداث وحدات عصرية في مجالات الجيش والشرطة وحرس الحدود وذلك بالخروج من أزمة تغول مجموعات المسلحين واستخفافهم بمؤسسات الدولة وبالتالي تتحقق سيطرة الدولة على جميع أراضيها ويتحقق الأمن المطلوب للتنمية بعودة الشركات واستئناف المشاريع التنموية المختلفة.
أما على الصعيد الشعبي فيتوجب علينا المحافظة على المكاسب وأهمها الشرعية الدستورية المتمثلة في مؤسسات المؤتمر الوطني العام وأجهزته التنفيذية، وكذلك المحافظة على سيادة ليبيا على كامل أراضيها موحدة غير منقوصة. وعلينا أن لا نطالب بحقوقنا قبل أن نؤدي واجباتنا تجاه الوطن فيجب علينا أن نتذكر تضحيات الشهداء لكي نعطي اكثر فهم أعطوا ولم يأخذوا شيئا.
تصحيح مسار الثورة
بالرغم من كل ما تحقق حتى الآن تبقى الطموحات أعلى والتوقعات أكبر وسنكون على موعد مع تصحيح المسار كل فترة مع قدوم الانتخابات، فالنظام الديمقراطي السليم لا يخضع للابتزاز أو البلطجة ولكنه يعطي الشعب فرصته ليغير المسار والرجال مع كل استحقاق انتخابي. ولا معنى لاعتصام بعد انتخاب فالمرء حين ما ينتخب هو في الواقع يفوض غيره لينوب عنه وعليه أن يرضى بما يقدم حتى يحين موعد التعديل من خلال انتخاب عام.
     إن المطلوب منا الآن هو الاستعداد للانتخابات القادمة والتفاعل معها بجدية والتعرف على المرشحين قبل أن نتورط فيهم، ولا توجد ديمقراطية في العالم بدون معارضة داخل البرلمان وعلينا أن نستعد من الآن كأحزاب أو تحالفات لتشكيل الحكومة أو معارضتها من أجل ضبط أدائها.

No comments:

Post a Comment