قد
يتوه المرء أحيانا في من يكونون إخوانه وكذلك الأمم والشعوب ولكن الأحداث والأيام
و التاريخ كلها تدل على هذا والله سبحانه وتعالى يقول: وهذه أمتكم أمة واحدة. فإذا
رجعنا للتاريخ نجد خير دليل على قوة الروابط الأخوية بين الليبيين والأتراك عبر
خمسة قرون من التكامل والتعاون والتصاهر والعيش المشترك، أما إذا رجعنا للدين
فالحكم واضح ولا يحتاج المرء فيه لدليل؛ فالدين واحد والرب واحد والقبلة واحدة
والأمة واحدة.
ليبيا بعد سقوط الأندلس
ما أن سقط آخر معاقل
المسلمين في غرناطة في يد النصارى حتى بدأت تطلعات الفرنجة إلى طرابلس وما حولها،
وبالفعل تم احتلال طرابلس من الفرنجة وعندها استنجد زعماؤها بالدولة العثمانية وذهبوا
في وفد إلى هناك وبعثت الدولة العثمانية حملة إلى سواحل طرابلس نزلت بتاجوراء و لا
زال مسجد مراد أغا بها خير شاهد على تلك الحملة وتدور الأيام ليأتي سليل الفاتحين
رجب الطيب أردوغان ليجدد مبنى هذا المسجد بعد تحرير
طرابلس في سنة 2011م.
جامع مراد آغا بتاجوراء
وفي كل مدينة ليبية وفي كل قرية
نجد بصمات دولة العثمانيين في المبانى والمساجد والحمامات والعادات والتقاليد
واللباس والأكل.
اردوغان في تاجوراء والحنين إلى ود الأجداد
بقي الأتراك والليبيون على تواصل منذ ذلك التاريخ على مستوى الحكام وعلى
مستوى الأفراد إلى آخر أيام الدولة العثمانية حين ظهرت في عالمنا الإسلامي نعرات
قومية على غرار ما حدث في أوربا ساهمت في تفريق الأمة ولكن أبقي الليبيون والأتراك على حد طيب من
التعاون، فلم تحدث بينهم قطيعة واندمج الليبيون في تركيا في المجتمع التركي واندمج
كل من له أصول تركية في المجتمع الليبي ولم يشعر أين منهما بوضع الأقلية.
ليبيا إبان الغزو الإيطالي
أستغل الإيطاليون الظروف
الصعبة التي تمر بها الدولة العثمانية في آخر أيامها وقاموا بغزو ليبيا فوضعوا
الحاميات العثمانية في ورطة كبيرة في غياب العدة والعتاد. حاول الأتراك ترميم
الوضع بتدريب المواطنين على القتال، وبقى بعضهم لمساعدة المواطنين بينما غادر
معظمهم ليبيا لمواجهة التحديات على الحدود التركية مع أوربا، بل في بعض الحالات
أوفدت تركيا ضباطا إلى ليبيا للمساعدة مثل ما حدث بمنطقة درنة حيث تأسس دور أنور
باشا لتدريب المجاهدين وكان من بين ضباطه الزعيم التركي مصطفى كمال أتاتورك نفسه.
مصطفى كمال في دور أنور باشا بالقرب من درنة 1912م
شارك عدد من الضباط الأتراك في
قيادة المعارك ومن بينهم مصطفى كمال ولكن التطورات العسكرية والسياسية في تركيا
فرضت عليهم الرحيل، و استمرت تركيا في دعم المجاهدين حيث توالت الإمدادات
والاتصالات مع المجاهدين في الشرق مع السيد أحمد الشريف السنوسي وفي الغرب مع
المجاهد رمضان السويحلي.
رمضان السويحلي يستقبل ضباط أتراك 1918م في مصراتة
ونرى في الصورة لقاء بين زعيم الحهاد في طرابلس رمضان السويحلي
مع عدد من الضباط الاتراك أتوا في غواصة لمصراتة لتزويد المجاهدين بالسلاح. ويظهر
جالسا في أقصى اليسار السيد محمد نوري بن الحاج ابراهيم الجد المؤسس لعائلة نوري في مصراتة وطرابلس حيث
بقى وقاتل مع المجاهدين وتزوج من ليبية وعاش في ليبيا، ومثله فعل العديد من الليبيين
الذين تطوعوا في الحرب مع تركيا وبقى من عاش منهم هناك ولهم أحفاد يعيشون الآن في
تركيا.
ليبيا بعد الاستقلال
بعد الاستقلال توجهت أنظار وزير الدفاع الليبي علي ابراهيم الجربي إلى
تركيا التي هاجر إليها أيام الاحتلال الايطالي ليجلب خبرات الضباط الليبيين في
الجيش التركي حيث اقنع العقيد عمران الجاضرة بالعودة إلى ليبيا ليساهم في تاسيس
الجيش الليبي. ويذكر أن عمران الجاضرة من مواليد درنة وبعد عام من مجيئه غادر إلى
تركيا بسبب كرهه للبريطانيين الذين كان لهم نفوذ كبير في ليبيا؛ ووصل إلى رتبة
جنرال في الجيش التركي في ما بعد.
السيد على الجربي مع كوكبة من الضباط الليبيين ويتوسط الصورة العقيد عمران
الجاضرة
ما أحوج المسلمين في تركيا لعودة تركيا إلى الأمة الإسلامية وما
أحوج المسلمين إلى تركيا، ولعل الله يجعل في رفض الغرب لتركيا وتزايد تعلق العرب
والمسلمين بها وسيلة لجمع الشمل لهذه الأمة،
فتركيا اليوم تسير إلى الأمام وتحتاج إلى السوق والدعم الإسلامي.
Thanks to topic
ReplyDeleteنعم نحن امة واحدة رحم الله ال عثمان المجد
ReplyDelete