Monday, June 25, 2012

يا خسارة يا ليبيا ما تستاهل ليبيا


       في صباح الإثنين الموافق 1 سبتمبر 1969م استيقظ مقدم في سلاح المدفعية الليبي في أحد فنادق تونس القريبة من الحدود الليبية  تملكه سيدة تونسية يهودية  وذهب باتجاه المطعم للإفطار فوجد السيدة اليهودية تضرب كفيها وتقول: يا خسارة يا ليبيا، ما تستاهل ليبيا، مسكينة ليبيا. فسألها ماذا حدث؟ فقالت له: وقع انقلاب على الملك، وهي تعرف منتهى مسيرة الانقلابات عند العرب. فما كان منه إلا أن توجه لسيارته المرسيدس وتحرك باتجاه طرابلس و ربما كان  يتوقع أن يكون الإنقلاب بقيادة عبد العزيز الشلحي، وعندما دخل الحدود الليبية ألقي القبض عليه ووضع في السجن وأخذوا سيارته المرسيدس. ودخلت ليبيا كلهاشيبها وشبابها في نفق الخسائر حتى منّ الله علينا بالثورة المباركة في فبراير 2011م.
    انتصرت الثورة ولكن يبدو أننا استمرئنا جلب الخسائر على أنفسنا وعلى ليبيا، فعلى سبيل المثال خرجنا من حرب التحرير بالتزامات مالية عالية وطموحات كبيرة لتعمير البلاد وإعادة بنائها ولكننا في غياب طرح برنامج وطني ينطلق من زخم الثورة في نشوة النصر انشغلنا بالمكاسب الشخصية العاجلة فكل من كان يشكو مرضا تفكره ويريد علاجه، وكل من نسي علما يريد أن يدرسه ويطالب ببعثة دراسية، وكل من خسر دينارا في الحرب يريد تعويضا عنه، وكل من ناضل في السابق يريد حصته في كعكة النصر، هذا أمر لا يصدق ولا يقبل من أي إنسان وطني حر.
      فهل يصدق علينا المثل "البقرة لما اطيح يكثروا سكاكينها"؟
 المرء لا يصدق ما يحدث؛ كيف يطالب ثائر بتعويض او تحقيق مصالح أو استفادة من المشاركة في التحرير، وكيف يوافق مسئول على دفع أموال بدون ضوابط؟
 الأمر محير فعلا عند ما يصل الحال ببعضنا إلى حصار مجلس الوزراء أو بعض الشركات والمؤسسات وقفل الشوارع طلبا في المنح والمرتبات والمزايا تحت تهديد السلاح أو بالأحرى باستخدامه.
لقد بدأنا بعد التحريرندخل نفق التعذيب والإعتداء على حقوق الإنسان؛ مثل ما حدث في اعتقال وتعذيب الدكتور هشام بن خيال جراح الأعصاب الشهير. ومما يذكر أن أحد قادة الثوار حينما زاره وجد بعض من لحمه على الأرض، فهل قمنا بالثورة لكي نستبدل الجلاد بجلادين أكثر قسوة؟
 ثم بعد تدخل بعض الجهات تم تحويل الدكتور للمحاكمة بتهمة أنه تسبب في وفاة أحد الثوار حيث لم يجر له عملية مباشرة بعد وصوله للمستشفى انتظارا لتحسن حالته فهو كان مصابا برصاصة في الراس في موقع صعب، ولكن  للأسف لم يتخذ أي إجراء بخصوص من اعتقله وعذبه حتى الآن.
وبينما كنت أكتب هذه الكلمات وكلي ألم على ما حدث ويحدث مع د بن خيال أبلغني احد الاخوة أن د إزراص النفاتي عضو هيئة تدريس بجامعة طرابلس فارق الحياة صباح هذا اليوم الخميس 22 يونيو 2012م. وماحدث معه ليس ببعيد عن موضوعنا؛ فبينما كان عائدا إلى بيته بعد منتصف الليل خطفه بعض المسلحين واقتادوه خارج مدينة تاجوراء ولا ندري كيف تعاملوا معه ولكن ضغطه ارتفع ودخل في غيبوبة فألقوا به في مستشفى القلب بتاجوراء حيث فارق الحياة مع دخوله المستشفى قرب الفجر. وبغض النظر عن خلفيات هذا الموضوع أو غيره لا يجوز إلقاء القبض على مواطن إلا بإذن من النيابة ولا يجوز هذا الفعل خارج وقت الدوام الرسمي.
وليس لي إلا سؤال واحد" ما هو دور وزارة العدل، وما هو دور وزارة الداخلية في كل ما يحدث؟"
 هل تتحول الثورة إلى فوضى ويتحول الثوار إلى تجار للحرب يشترون المجد والمناصب بدماء الشهداء؟ وهل يتحول المواطن لأساليب المليشيات في توفير الحماية لنفسه وأهله وعرضه، ونحتكم جميعا إلى السلاح.
     ليبيا ليست بقرة ولم تسقط بعد لسكاكين القراصنة أوتصبح فريسة للضباع.
 ليبيا فيها شعب أبيّ وفيها شرفاء كثيرون يصبرون على كل شيء إلا على التلاعب بمستقبل ليبيا.
 كل ليبي وطني حر يرفض مسلسلات التعويض والمتاجرة والتسلق أو التزحلج على دماء الشهداء.
 كلنا أمل في بناء ليبيا الحديثة الديمقراطية، دولة القانون والعدالة والمساواة بين الجميع.
ومن هنا أدعو جميع المرشحين للمؤتمر الوطني إلى رفض هذه الممارسات وأدعوكل من سيفوز بعضوية المؤتمر الوطني بإصدار قرار دستورى يحرم ويجرم التعويض عن الاضرار، فليبيا الجديدة ليست سببا فيها وليست مسئولة عنها بل الثورة قامت ضد جميع أنواع الظلم، ولا تزر وازرة وزر أخرى.
 ومن يريد تعويضا عليه أن يلاحق الجاني الحقيقي وهو الطاغية وأعوانه وفي هذا لا نعني الحقوق الثابتة في الممتلكات والأموال التي بحوزة أناس آخرين في الوقت الحالي.

No comments:

Post a Comment