Tuesday, June 11, 2013

توجهات مستقبلية في مجالات التعليم


         قمت  مع وفد علمي  بزيارة معرض لمعدات وتقنيات التعليم شاركت فيه معظم الشركات المصنعة في العالم وبالأخص في بريطانيا وكذلك مؤتمر علمي حول العولمة في مجال التعليم العالي بناء على دعوة من المجلس الثقافي البريطاني الذي نظم هذا النشاط العلمي خلال الربع الأول من عام2013م.
زرت والوفد المرافق جميع الاجنحة وحضرنا العديد من المحاضرات عن التطورات في مجالات التعليم والتقنيات الحديثة المستخدمة فيها. كانت الزيارة مهمة ومفيدة جدا واطلعنا على أحدث التطورات في مجالات الوسائل التعليمية وتجهيز المؤسسات التعليمية وتدريب العاملين بها وأساليب الإدارة المدعومة بالحوسبة.
أما أهم التطورات التي رأيت أن أتناولها في هذا المقال البسيط فتشمل:
أولا : مجالات اللوحات(السبورات) الذكية
عرضت العديد من الشركات منتجاتها والتي تستخدم اللمس بالإصبع أو قلم خاص في الكتابة ومربوطة سلكيا أو بصريا مباشرة بمنظومة الحوسبة و العرض التعليمية، وهذه الطريقة سوف تسهم في تيسير التفاعل بين الطالب والمعلم ومصادر المعرفة المختلفة خارج وداخل الفصل. ونظرا لربط هذه السبورات بمنظومة الحوسبة فهي ستسهم في إثراء المخزون المعرفي للمكتبات الرقمية من خلال تخزين المحاضرات بصورة مستمرة.
ثانيا: دور الحوسبة في التعليم
قدمت شركات عديدة شروحا عن تطبيقات الحوسبة في مجالات الإدارة التعليمية ونظام المحاكاة ثلاثي الابعاد للأجهزة والمنظومات والمعدات المختلفة في مختلف التخصصات و على جميع المستويات التعليمية.
ومن أبرز التطبيقات في هذا المجال .حاسوب منخفض التكاليف للمدارس الإبتدائية والإعدادية حيث سيكلف حوالي ثلاثين جنيها ويستخدم شاشة جهاز التلفاز في البيت مع لوحة مفاتيح ويتم تزويده بمصادر تعليمية جاهزة ومثل هذا الجهاز مناسب جدا للتلاميذ في ليبيا وسوف يسهم في تطوير طرق التعلم فيها.
ثالثا: الجامعة الإلكترونية
تعتمد الجامعة الالكترونية نظام التعلم عن بعد بواسطة شبكات المعلومات في جميع اجرارءاتها من التسجيل إلى العملية التعليمية بجميع مكوناتها وفي هذا تيسير كبير على طالب العلم والمؤسسات التعليمية.
في إحدى المحاضرات تحدثت أستاذة في جامعة ستانفورد الأمريكية عن مشروع الجامعة الإلكترونية التي استوعبت حوالي ربع مليون طالب بالتعاون مع عدة جامعات تقودها جامعة ستانفورد.
فكرة الجامعة الالكترونية مناسبة جدا في ليبيا فهي لا تحتاج إلى مبان ولكن تدار بالكامل عن طريق الانترنت ويمكن لها ان تستفيد من الأساتذة المتقاعدين بعد تدريبهم أو أساتذة في أي مكان في العالم ويمكن لها أن تبدأ بالتدريج في مجالات العلوم الإنسانية و الادارية ببرامج تعليمية لتقوية قدرات التعلم لدى الطلاب في الجامعات ثم تنطلق في برامج تنمية القدرات البشرية لقطاعات الموظفين وفي المرحلة الأخيرة تدخل برامج التعليم الجامعي الإلكتروني.
إنّ استخدام مثل هذه التقنية سوف يسهم في تطوير ليبيا من خلال إتاحة الفرصة لأعداد كبيرة لمواصلة دراستهم الجامعية أو تطوير قدراتهم بشكل مستديم.
رابعا: التعلم لتلبية حاجات سوق العمل
ركزت بعض اللقاءات على أهمية الربط بين حاجات سوق العمل والبرامج التعليمية في المعاهد والجامعات ودعا الحاضرون إلى ضرورة إشراك أرباب العمل في إعداد البرامج التعليمية مع الحاجة إلى إكساب الطلاب بعض الخبرة العملية من خلال إتاحة الفرصة لهم للعمل في فترات العطلات أو لفترة فصل دراسي واحد خلال سنوات الدراسة، فقد ثبت أن مثل هذه الفرص تساعدهم في الاستعداد لتلبية احتياجات سوق العمل.
خامسا: مستقبل الجامعات التقليدية
تناولت بعض الجلسات التطورات المت
وقعة في شكل الجامعات والمعاهد خلال العقود الخمسة القادمة  فالتوسع في إدخال التقنيات الحديثة ودعم قدرات الطلاب على التعلم ذاتيا سوف يؤدي إلى إعادة تشكيل الفصل الدراسي من قاعة كبيرة إلى حجرة لمناقشات محدودة العدد وكذلك مثل هذا سيحدث في شكل المكتبات بتحولها إلى مكتبات رقمية والمطابع بادخال التقنيات الرقمية الحديثة فيها.
إنّ هذه التطورات تذكرنا بانحصار دور المساجد والكتاتيب خلال القرن الماضي في مجال التعليم بتحول التعليم من الجوامع إلى الجامعات، فهل سيتكرر هذا مع جامعاتنا بشكلها الحالي؟ وبالتالي يتكرر مرورنا بحقبة من التخلف عن العالم مثل ما حدث في بدايات القرن الماضي هذا طبعا إذا لم نستعد لذلك من الآن.
سادسا: مراتب الجامعات
في إحدى حلقات النقاش تناول الحاضرون مراتب الجامعات وذُكروا العديد من الجامعات العربية في الترتيب العالمي ولكن أحدا لم يذكر الجامعات الليبية وهذا يعود لعدة أسباب منها تدني مستوى الإدارة وبدائية أساليب التدريس المعتمدة في اغلب الحالات على ملخصات ودروس خصوصية وانعدام دورالمكتبات و قلة إمكانياتها وعدم استخدام الحوسبة في التعليم والتعلم والإدارة  ونقص المعدات والتجارب المعملية ناهيك عن تدخلات الطلاب في مواعيد الإمتحانات والجداول وطرق التقييم أو النتائج.
إن جامعاتنا الليبية تحتاج منا إلى موقف جاد من الوزارة ومن جميع العاملين في هذه الجامعات من أجل رفع مستواها العلمي ودورها التعليمي بتطوير القدرات وضمان الجودة عبر كل المراحل وعلى جميع المستويات من خلال خطة للتطوير على مدى خمسة سنوات بالتعاون مع جامعات ومؤسسات تدريب عالمي.
إن هذه التطورات لها انعكاسات هامة على جميع مراحل التعليم وعلى معدلات النمو في جميع مجالات الحياة؛ فالتنمية تعتمد بشكل مباشر على جودة مخرجات التعليم في كل مراحله. ومثل هذه التطورات بحاجة إلى فريق علمي قادر لمتابعتها واقتراح ما يلزم من اجراءات لادخالها في الوقت المناسب ونحن في ليبيا نحتاج إلى مركز لدراسة التوجهات العالمية ومواكبتها ووضع السياسات لادخالها حيز التنفيذ بما يتناسب وظروفنا. ويمكن تحقيق هذا من خلال استحداث مركز تطوير التعليم بحيث يضم خيرة الخبرات الليبية في مجالات ومراحل التعليم المختلفة ويتبع مجلس الوزراء كجهة مسئولة عن استراتيجيات التعلم والتعليم.

No comments:

Post a Comment