لقد بات من المسلم به أن الظروف الراهنة التي تمر بها بلادنا، وما
انتهت إليه من اختناقات سياسية، وانفلات أمني، وغياب شبه تام لهيبة الدولة وسلطة
القانون وسيطرة فئات مارقة على مقدرات الوطن، أصبحت تمثل تهديداً خطيراً لمسيرة
شعبنا نحو تحقيق ما قامت ثورة 17 فبراير من أجله، وهو بناء دولة المؤسسات التي
يحكمها ويقود خطاها دستور يستجيب لما يصبو إليه أبناء شعبنا من استقرار وتقدم
ونمو.
ولا شك أن استمرار هذه الأوضاع، وعجزنا عن التوافق على رؤية وطنية
لوضع حد لها، من شأنه أن يعصف بمقدرات البلاد، ويعيق مسيرتها نحو الأهداف
المنشودة، وفي ظل عجز المؤتمر الوطني العام، الذي ولد ضعيفا نتيجة المعطيات
السياسية والثقافية غير الناضجة التي أفرزته، وما ظل يعانيه من عوائق وعقبات عن
أداء مهامه التي انتخب من أجلها، وهي إدارة المرحلة الانتقالية، وفقاً لما رسمه له
الإعلان الدستوري. وتعثر المؤتمر واضطرابه في إنجاز أهم استحقاق كان عليه إنجازه
وهو تهيئة الدولة بوضع دستور لها، يكفل الاستقرار والنمو، فقد بات من الضروري أن
يبادر أبناء الوطن المخلصون الحريصون على مستقبله ومستقبل أجياله للبحث عن حلول قد
تكون كفيلة بانتشال البلاد من المأزق الذي وقعت فيه، وفتح آفاق جديدة نحو بلوغ
الأهداف المرجوة في تحقيق العدالة والكرامة وانطلاق مسيرة البناء.
وانطلاقا من واعز وطني بحت، لا هدف له سوى صالح الوطن، نتقدم، نحن
مجموعة من المواطنين والمواطنات بهذه الخارطة التي لا تنتمي إلى حزب أو تنظيم أو
تكتل سياسي، وليس لنا من هدف من ورائها سوى البحث عن السبل والآليات المناسبة
لإنقاذ وطننا من الأخطار التي باتت تهدد حاضره ومستقبله، والمساهمة في تحقيق آمال
وتطلعات شعبنا إلى مستقبل زاهر وآمن، بهذه الخارطة المقترحة.
وهي مبادرة تدعو
كذلك إلى بلورة موقف وطني جامع نحو تبني خيار العودة إلى استئناف الحياة
الدستورية، التي صنعها الآباء المؤسسون، واغتصبها الانقلابيون في ليلة أول سبتمبر
1969م، كمشروع إنقاذ وطني.
وتكفل هذه الخارطة الانتقال السلس
إلى دولة الاستقلال الثانية، وتهيئ لها الظروف المناسبة، والوقت الكافي الذي نحن
بحاجة إليه لتجاوز أهم وأكبر العقبات التي اعترضت وتعترض طريقنا والمتمثلة في فشل
المؤتمر في شكله الحالي ورفض جموع كبيرة من المواطنين لفكرة التمديد له، وبالتالي
يمكننا تجديد المؤتمر بدلا من التمديد ثم بعد ذلك يمكننا التوافق على دستور دائم
للبلاد، وبناء مؤسسات دولتنا التي نحلم بها ونسعى إليها.
تجديد المؤتمر
هو الحل الأكيد
المتتبع
للمأزق الكبير الذي تمر به بلادنا والمتمثل في رفض جموع كبيرة من المواطنين لفكرة
التمديد للمؤتمر بسبب الاخفاق المتكرر وحدوث انفصام بين الشعب وممثليه واصرار عدد
كبير من اعضاء المؤتمر على الاستمرار في السلطة بأي ثمن يضع البلاد على كف عفريت.
وهذا الامر قد يقودنا لاحد موقفين حلاهما مرا، فأما ان يسقط المؤتمر في حراك ثوري
شعبي يعيدنا إلى المربع الاول أو ينقسم الشعب إلى عدة فرق متناحرة ويفتح أمامنا
حروبا أهلية بسبب فتن قد يزرعها أعداء الثورة.
ولتجنيب ليبيا من الدخول في صدام او فراغ سياسي
بعد 7 فبراير 2014 نقترح الخطوات
التالية:
1- يقرر جميع اعضاء المؤتمر الوطني
الاستقالة الجماعية بداية من 7 فبراير القادم وذلك في موقف وطني وتضحية جليلة ولرد الأمانة لأصحابها ويعلن ذلك في
اقرب وقت ممكن.
2- تقوم المفوضية الانتخابات بتكليف المر شحين التاليين لكل عضو لشغر مكان
المستقيلين وفقا للتشريعات
النافذة حاليا.
3- يتم
تجديد المؤتمر الوطني بدلا من التمديد وذلك باتمام اجراءات التسليم والاستلام يوم 7 فبراير القادم.
4- يجتمع الاعضاء المرشحون في أقرب
وقت لتكليف حكومة ازمة
تستلم مقاليد الأمور بأسرع ما يمكن.
5- في يوم 7 فبراير 2014 يتم التسليم ولاستلام ونخرج من الازمة بسلام.
على اعضاء المؤتمر
الوطني تقديم هذه التضحية من اجل ليبيا ومن اجل الديمقراطية وذلك باعتماد هذه
الخارطة وتنفيذها فهي تمثل اختزال للوقت وتجنبنا الصدام والصراع الدامي والفراغ
السياسي الذي لن يخدم إلا أعداء الثورة.
العودة إلى الشرعية الدستورية
الجزء الثاني في هذه الخارطة يتمثل في العودة إلى الشرعية الدستورية
وفق آخر ما انتهت إليه في 31 أغسطس عام 1969م، من خلال تفعيل العمل بالدستور
الشرعي الذي كان نافذا آنذاك، كنقطة بداية في طريق العودة بالبلاد إلي حالة الدولة
الدستورية. عسى أن يكون ذلك كفيلا بتهيئة قدر من الاستقرار يكفل انتظام واضطراد
مسيرتها الانتقالية حتى بلوغ الغاية المرجوة بتنظيم الانتخابات العامة وتسليم
المؤسسات الدستورية المنتخبة مقاليد الأمور.
وتستند العودة للشرعية الدستورية علي الأسس الاتية:
-
أن الشعب
الليبي هو المصدر الوحيد للشرعية الدستورية.
-
عدم
الاعتراف بأي شرعية أخرى مثل الشرعية الثورية أو شرعية الأمر الواقع أو أية
اصطلاحات أخرى متداولة لكسب الشرعية تحت أي مسمى.
-
أن الشعب
الليبي هو الجهة الوحيدة التي لها الحق في تعديل الدستور أو إلغائه، من خلال
استفتاء حر وشفاف، أو من خلال برلمان دستوري منتخب من قبل الشعب في انتخابات حرة
ونزيهة وشفافة.
-
إن
الشعب الليبي لم يتم استفتاؤه على إلغاء أو تعديل الدستور الليبي، منذ آخر تعديل
له في سنة 1963 حتى يومنا هذا، ومن ثم فإن هذا الدستور يعد قائماً شرعاً وقانوناً.
-
أن
كل التعديلات للدستور ممكنة طالما تمر عبر استفتاء عام للشعب.
خارطة الطريق إلى دولة الاستقلال الثانية:
في
ضوء ما تقدم فإن هذه الخارطة تقترح على أبناء وطننا أن يشرعوا في إدارة حوار وطني شامل، بهدف إلى التوافق على
ملامح خارطة طريق التي يمكن أن تكون على
النحو التالي:
1-
الاستجابة
للمطلب الشعبي الذي يتمثل في العودة إلى الشرعية الدستورية وفق آخر ما انتهت إليه
في 31 أغسطس 1969، وتفعيل العمل بدستور المملكة الليبية.
2-
يتولى
المؤتمر الوطني الجديد تشكيل حكومة أزمة غير مسيسة بعيدة عن المحاصصة السياسية ومن ذوي الكفاءات المشهود لهم بالنزاهة والوطنية، لتتولى اختصاصات
الملك الدستورية، لتسيير الأعمال في البلاد بصورة مؤقتة، طبقا للمادة 52 من دستور
دولة الاستقلال، على ألا تتجاوز مدة ستة
أشهر.
3-
تقوم
الحكومة بإجراء انتخابات لمجلسي النواب
والشيوخ.
4-
تطرح
الحكومة على الأمة استفتاء عاماً حول نظام الحكم.
5-
فإذا
اسفرت نتيجة الاستفتاء عن خيار الملكية الدستورية، تدعو الحكومة وريث العرش، لأداء
اليمين الدستورية وفقا للدستور أمام البرلمان، ويمارس سلطاته بعد إجراء التعديلات
اللازمة عليها، لتتوافق مع السلطات التي تخول للملك في النظام الملكي الدستوري.
6-
أما إذا أسفرت نتيجة الاستفتاء عن خيار شكل الحكم الجمهوري، يقوم
البرلمان بتعديل الدستور من خلال هيئة تأسيسية بما يتوافق مع نظام الحكم الجمهوري،
مع بقائه دستوراً للدولة ضامناً لتواصل الأجيال.
7-
يستمر
المؤتمر الوطني العام الجديد الى حين تشكيل البرلمان الليبي بمجلسيه المشار إليهما
في البند الثالث أعلاه. كما يعد الإعلان الدستوري ملغياً بمجرد مباشرة الحكومة
السلطات الدستورية للملك، وتسري أحكام دستور دولة الاستقلال في البلاد.
No comments:
Post a Comment