أبناء مصراتة بعد ما سيطروا عليها
كلنا يعرف مصراتة و أهل مصراتة و يعرف فيهم الجد و الاجتهاد في العمل و الحرص على الوقت و الاشتغال بما يعود عليهم بالنفع، و لهذه الأسباب نجد انجح رجال المال و الأعمال من مصراتة في معظم المدن الليبية. كما أنهم يعرفون بمكانتهم في محافل الفكر و الأدب والعلم و الجامعات، و لا ننسى لهم تاريخهم الجهادي و السياسي في قيادة و إعلان أول جمهورية عربية في التاريخ سنة 1918 م تحت اسم الجمهورية الطرابلسية. أما في الشهور الأخيرة من هذا العام فقد أظهرت مصراتة و أهلها صمودا منقطع النظير في مواجهة جحافل ألقذافي في ظل حصار المدن المجاورة لها و طعنات الطابور الخامس من داخلها، و كأني بأهلها قد اجمعوا أمرهم و قالوا: العدو من أمامكم و البحر من ورائكم فاصمدوا صمود طارق و رجاله.
و من حق كل عاقل أن يستغرب الحقد الذي يمارس ضدها من ألقذافي و مرتزقته بالرغم من أنها فتحت بيوتها و مدرستها للقذافي و زمرته، مثل ما فعلت بنغازي حيث ترعرع و تعلم كل ضباط الجيش الليبي ثم وجهوا إلى صدرها المدافع و الراجمات. و يبدو لي أن بنغازي أو رباية الذايح تسللت إلي حضنها الأفاعي، أما مصراتة فبدت لي كمن سقى أشجار الزقوم.
علم الاستقلال على مجمع المحاكم في ميلاد الحرية
السبت 19 فبراير 2011
عند منتصف النهار خرجت مجموعة من الشباب في مسيرة تطالب بالحرية و واجهتها قوى الأمن و بعض القوى الثورية بالمدينة و أسفرت المواجهة عن استشهاد أول شهيد في مصراتة و يدعى خالد بو شحمة و هو شاب يعمل في الحديد و الصلب و متزوج و له ثلاثة أطفال، أطلق عليه أحد أعضاء اللجان الثورية رصاصة من مسدس أصابته في قلبه فمات على الفور. كما أسفر الصدام على بعض الجرحى من المواطنين و فر القاتل إلى مدينة سرت خوفا من القتل. و نقل جثمان الشهيد إلى المستشفى و أرد أعضاء اللجان الثورية أخذ الجثمان ضد رغبة أهله ربما لنقله إلى طرابلس.
حدثت مفاوضات بين أهل الشهيد و عملاء ألقذافي كي يعطى الجثمان إلى أهله لغرض الدفن و لكن بدون مراسم عزاء و بالفعل تم تسليم الجثمان إلى أهل الشهيد.
الأحد 20 فبراير 2011
خرج الناس لدفن الشهيد خالد بعد صلاة العصر و تجمعت جموع كبيرة مكن أهالي مصراتة في الجنازة بشكل غير مسبوق و بعد الدفن أعلن أهله أن الجميع عزاهم واحد للتخفيف على الناس من الزحام. و تحركت جموع الناس بعد الجنازة إلى وسط المدينة الذي يبعد حوالي خمسة كيلومترات عن المقبرة و في الطريق بدا الجيش يطلق الأعيرة النارية في الهواء مستخدما مضادات الطائرات لإرهاب الناس، و قرب نادي الحياد أو ساحة الزيتون سقط أربعة شهداء. و بهذه العملية تفجر الموقف و كان الجيش و الأمن كمكن يصب البنزين على النار. فتحركت جموع الناس و أحرقت المثابة الأم و مدرسة رفاق الطاغية و مقر الأمن الداخلي، و كتبوا على لافتة في قاعة الشعب بالمدينة:
"مصراتة يا نور العين........ حررناك في يومين"
آثار قصف الكتائب
و في الليل تمت السيطرة على المدينة و لم تحدث أية سرقات أو اعتداءات أو تدمير و بدأ الناس في الحراسة التطوعية للمدينة، و قاموا بتشكيل مجلس مؤقت لإدارة المدينة و للتنسيق مع المناطق الشرقية في بنغازي. و بدأ هذا المجلس يراقب الحركة من و إلى المدينة و يصدر تسجيلات للسيارات و ينضم أعمال الإغاثة من مجمع المحاكم. كما بدأت إذاعة مصراتة تبث برامجها تحت اسم إذاعة ليبيا الحرة بعد فصل عملاء ألقذافي و استقطاب بعض العناصر القادرة على المساهمة فيها.
و عاشت مصراتة أجمل أيامها خلال يومي 21 و 22 فبراير فالناس تمتعت بالحرية و ارتفعت المعنويات و بدأت مظاهر الاحترام تتبادل بين الناس و تنفس أهالي مصراتة الصعداء بعد أربعين عاما من الغبن، و بدأت المصارف تعمل لفترة وجيزة لتمكين المواطنين من سحب العملة.
و خلال الأسبوع الأول استمر الناس في تطهير المدينة من عملاء الطاغية، و قامت جماهير مصراتة بحرق منزل أحد ابرز حركة اللجان الثورية المدعو "جمال برق" وهو أحد المتربصين بحركة اللجان الثورية من المرحلة الإعدادية و يداه ملطخة بالدماء و كان له دور بارز في تدمير جامعة بنغازي صحبة علي بو جازية و صالح إبراهيم و هدى بن عامر، علما بأنه كان يشغل منصب أمين المكتب الشعبي بألمانيا أثناء الأحداث.
الأحد 6 مارس
شهدت مصراتة هذا اليوم دخول قوات الأمن مصحوبة بثمانية دبابات و عدد من مضادات الطائرات و ناقلات الجنود في الصباح حوالي الساعة العاشرة صباحا و يدلها على الطريق بعض من عملاء النظام من مصراتة حيث كانت تهدف إلى تحرير المحتجزين في مجمع المحاكم و من ثم السيطرة على المدينة. و بالفعل تمكنت هذه القوة من الدخول إلى وسط المدينة عند مجمع المحاكم و لكنها فوجئت بكمين نصبه لها الثوار من أحرار مصراتة. و ما إن وصلت أول دبابة إلى ساحة مجمع المحاكم حتى انهال الثوار على قوات الطاغية بقنابل المولوتوف المصنوعة محليا و بالأسلحة الخفيفة التي غنموها في الأسبوع الأول من ثلاثة محاور تحيط بالقوات فسقط عدد من القتلى من الكتائب في حدود 30 و تم أسر عشرين منهم، كما استشهد 19 مواطنا و جرح آخرون. و تم تدمير دبابة و ثلاثة سيارات و عربة مضادات كما غنم الثوار بعض السيارات في حالة جيدة و بعض الأسلحة و انسحبت القوات خارج المدينة. و بعد ذلك استمرت المناوشات على أطراف المدينة و بدأ الثوار يحصنون المدينة بالموانع الأرضية و وضع بوابات للتعرف على هوية الداخلين إليها تحسبا للخونة من أعضاء اللجان الثورية.
دبابة احترقت بالمولوتوف المصراتي
الجمعة 18 مارس
في هذا اليوم دخلت إلى المدينة كتائب القذافي و تمركزت في شارع بنغازي في قوة تتكون من ستين دبابة و حوالي أربعة آلاف جندي مزودين بقناصة تم توزيعهم على المباني المرتفعة بالمدينة، و رأى المراقبون عن كثب تزويد القوات بالخمور و حبوب الفياقرا لتشجيعهم على ارتكاب الجرائم ضد المواطنين العزل. و لأول مرة يرى الثوار دبابات حديثة جدا من دورين ربما تكون من طراز تي 92 الروسية. و بدا الاشتباك مع هذه القوات و استمر على مدار الساعة لعدة أسابيع إلى أن تمكن الثوار من دحر فلولها بعد عدة أسابيع من قصف قوات التحالف. و بعد القضاء على القناصة تبين أنه كان بينهم افراد من موريتانيا و اليونان و فتاتين من كولومبيا و سوريين و جزائريين تم القضاء عليهم جميعا عند ما رفضوا تسليم أنفسهم للثوار بعد حصارهم.
مصير المضادات الارضية في مصراتة
أساليب النظام الإرهابية
استحدث عملاء النظام عدة إجراءات لإرهاب المواطنين من بينها خطف أبناء مصراتة حيث وضعوا مكافأة قيمتها خمسة آلاف دينار عن كل شخص، و بدا الخونة من عملاء النظام من تاورغاء و زليتن في خطف الشباب. و من يصل إلى زليتن يتم تسليمه و نقله لطرابلس حيث تم إعدام بعضهم و الباقي في المعتقلات، أما من يصل إلى تاورغاء فيتم نقله إلى سرت حيث يتم التحفظ عليه و قد ترك بعضهم ليقيم مع أقاربه في سرت.
كذلك قام بعض عملاء النظام بتاورغاء بمهاجمة منطقة طمينة القريبة من مدينة تاورغاء و قاموا بسرقة حلي النساء و الاعتداء على الأعراض و تم إلقاء القبض على بعضهم و هو متلبس بالجريمة و اتصل عقلاء مصراتة ببعض عقلاء تاورغاء بشأنهم فردوا عليهم أنهم أبرياء منهم و من عملهم، و لو توقف الأمر عند هذا لما ذكرته لكم، و لكن ما حدث يوم زحفت قوات النظام من ثلاثة محاور على مصراتة بالدبابات و الراجمات أتى معهم نساء و رجال من تاورغاء بالدرابيك و الزغاريد و الطبول كي يحتفلوا باقتحام مصراتة و لكن الله خيب سعيهم و تمكن الثوار من دحرهم و قتل عدد من المرافقين ثم نقلوا جثثهم إلى تاورغاء و ألقوا بها على أبواب تاورغاء، و هذا أمر ليس بالهين و لن ينتهي عند هذه النقطة و هذا هو الذي دفعني لنشر هذا الكلام حسب ما جاء في إفادة أحد أبناء مصراتة.
الأوضاع الصحية في مصراتة
تعاني مصراتة من ظروف سيئة في مجال الخدمات الصحية و ذلك لعدم وجود مستشفى صالح للاستخدام ، فالمستشفى الوحيد بالمدينة تحت الصيانة منذ ثلاث سنوات و استخدم مجمع العيادات الطبية كمستشفى في الفترة الأولى و لكنه تعرض للقصف. و بعد ذلك انتقلت الخدمات الطبية إلى مستشفى الحكمة الخاص مع إضافة خيمة كبيرة له تستخدم للحالات المستعجلة. و في ظل هذه الظروف لا يتم إلا معالجة الحالات الخطرة على الحياة و قد تجرى العمليات بدون تخدير مع نقص شديد في التخصصات الطبية و الأدوية و المعدات. ناهيك عن انعدام العناية بالأمراض المزمنة من السكري و ضغط الدم و أمراض السرطان و الأمراض النفسية و العصبية التي انعدمت الأدوية اللازمة لها. و يتم تقديم الخدمات الطبية على مدار اليوم و الليلة في ظل القصف العشوائي الذي ما انفك يزيد الطين بله بارتفاع أعداد المصابين في كل لحظة و كان الله في عون مصراتة و أهلها.
الطابور الخامس في مصراتة
مثل بقية المدن الليبية و ربما أكثر من غيرها يوجد في مصراتة عدد من العملاء من العيار الثقيل من رفاق الطاغية من أمثال مفتاح كعيبة و تلاميذه من أمثال جمال برق، و بعضهم فر من المدينة و بعضهم لا زال يتآمر عليها من ضعاف النفوس و المرتزقة و عملاء النظام. كما توجد طبقة من الذين اثروا من خلال النظام بالسرقة و العمولات من رجال الأعمال ومن أشهرهم الحاج على الدبيبة المقيم حاليا في بريطانيا بانتظار من ينتصر. و تصل أمواله إلى ما يقرب من خمسة مليارات دولار على أقل تقدير و اسمه لم تشتمل عليه قائمة الأموال المجمدة و لا يستطيع أن يرفض أمرا من ألقذافي و أسرته بتسديد أي مبلغ لصالح الطاغية و كتائبه التي تذبح مصراتة كل يوم. بعض أقاربه يلقون إلى أهالي مصراتة ببعض المساعدات على انها من طرف الحاج علي مثل بعض الشمالات و الحليب، و نسوا أن الحاج علي يستطيع أن يطعم كل ليبيا لعدة سنوات من أموال الشعب الليبي التي وضع عليها يده من خلال خدمته للقذافي، و هذا ما نسميه باللعب على الحبلين و على قوى الثورة اليقظة لكل من يدير أموال النظام باسمه الشخصي و هم كثيرون في الخارج.
مظاهرة لدعم الثوار بدبلن أيرلندة
دعم صمود مصراتة
و لا يسعني في هذه اللحظة إلا أن أتوجه لجميع الأحرار من أبناء ليبيا لتشكيل حملات في كل الدول لجمع التبرعات لإغاثة مصراتة و دعم صمودها بالمال و المعدات و الأدوية و الرجال فإن سقوط مصراتة لا سمح الله سيعني نهاية ليبيا الموحدة إلى الآبد. و الطريق سالك إلى مصراتة من خلال مالطة بالبحر أو عن طريق بنغازي فهلموا أحبة ليبيا لنصرة قلب ليبيا في مصراتة و كونوا أنصارا لأبطال ليبيا في مصراتة المحاصرة بارك الله فيكم.
مصرتة ارض الصمود نعم للجهاد يا احفاد رمضان السويحلي
ReplyDelete