لقد تابعت كالكثيرين من المشاهدين خطاب الرئيس الأمريكي باراك حسين أوباما في دبلن و في لندن، كانت نبرة الرجل صادقة فهو لا يحتاج لأن يكذب ليرضي احد أو خوفا من احد. تألق في حديثه بين بعث السمو في الروح الإنسانية و تذكير البشرية بما تبقى من مشوارها الإنساني.
و ما يميز أوباما أنه لا يستند على نزعة التسامي للعرق الأبيض، و لكنه ينطلق من تطلعات المسحوقين للحرية و الكرامة و المساواة. و ما أثار شجوني هنا هو غياب المصداقية في الخطاب العربي و الإسلامي الصرف، ناهيك عن إسقاطنا للقيم الإنسانية من حساباتنا في تداول الأمور.
و سالت دموعي مرات عديدة أثناء خطابه شوقا لصدق محمد صلى الله عليه م سلم و أتباعه الصادقين، أقول سالت دموعي مثل ما سالت دموع القس جاكسون يوم فاز أوباما بالرئاسة في أمريكا، و هاهو أوباما يؤكد نفس النقطة عند ما يقول: اليوم يقف أمامكم حفيد رجل كيني كان يعمل طباخا للجيش البريطاني، يقف أمامكم كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية.
هكذا تفتح الأبواب أمام بني الإنسان بلا عوائق ليرقى الإنسان إلى حيث تمكنه قدراته، ولا يحتاج لوساطة أو معارف في القصر أو مؤامرات حزبية.
سالت دموعي من شدة الكذب على المواطنين و من كثرة الكذب في الخطابات و في الإذاعة و في التلفاز و في الصحف و في خطب المساجد، كل حياتنا أصبحت كذبة كبيرة من أجل الزعيم.
تصوروا معي لو أن جد أوباما جاء و عاش في طرابلس لكان أعلى حلم لبركه" كما سماه القذافي" أن يصبح رايس كوشة في طرابلس القديمة أو أن يصبح بواب قصر من قصور الأعراب"رجال كحيلة" في سرت أو حي الأندلس. و هنا يحضرني قرار الرئيس أبو رقيبة بعدم تسمية الكواش "الرايس" فهو لا يريد أن ينافسه احد في هذا، و كذلك تحويل لقب رئيس في الجيش إلى نقيب لكي لا يختلط الأمر على الزعيم الأوحد في ليبيا، ثم قرار ألقذافي بتغيير اسم القيادة العامة للكشافة إلى مركز الكشافة أو قائد الكشافة إلى أمين الكشافة فهو كان يغار من هذا أيضا.
لقد سالت دموعي لأننا خذلنا محمد صلى الله عليه و سلم و خذلنا دين الله الإسلام و حولناه إلى طقوس كنسية و تلاوات و حصائن ضد الجن أو كتب صفراء، و بالتالي تركنا قيم الإسلام لغيرنا يرفع رايتها و يدافع عنها و نحن نطلب منه المزيد.
و منذ نعومة أظفاري كنت أتسائل لماذا نترك قضايا المسحوقين و المحرومين و المضطهدين للشيوعيين و نجلس في طوابير المستعمر في حربه على الشيوعية، ثم تحررت الشعوب و أصبحنا نحن من يبحث عن الحرية. و كما قال أوباما : نحن لن نقف مكتوفي الأيدي و البشرية تذبح في ليبيا و لكن على الشعب الليبي أن يصنع مستقبله. و لكننا لا زلنا نرى بيننا مجالس السلبيين و الحالمين بنصر بلا ثمن و المساومين على حريتنا، فتجد من يقول: لولاهم ما جلسنا في بنغازي. و لهذا و أمثاله أقول: تبا لكم إن الله معنا، ثم إن بنغازي فيها هلها، و ليبيا فيها رجالها و لو خسرنا معركة فلن نخسر الحرب والثورة ستستمر و الأيام سجال بين الحق و الباطل. و إني أشتم رائحة مساومات على المواقع أمام و بين صفوف من ضعفاء النفوس، هل نحن أمام عملاء و عمالة من نوع جديد؟
و إلى من يرفعون شعارات إسلامية أقول : أين انتم من قيم الإسلام، أين نحن من قيم محمد صلى الله عليه و سلم الذي قال: سلمان منا أهل البيت. متى نترك الجهوية و الردود الجهوية و القبلية و المصلحية و نقف مع المبادئ التي دعانا الله لنحييها و ننشرها في البشرية.
ولقد دعا داعي الجهاد ليلة غزوة الأحزاب في بنغازي فهبوا إلى اجدابيا و مصراتة و جبل نفوسة، هبوا إلى مراكز التدريب و إلى مواقع التجريب و اتركوا الأناشيد و الدعاء للمرضى و العجزة و النساء.
و أقترح على الليبيين العاملين في الخارج رصد عشر دخلهم لدعم الثورة و الثوار لتجهيز المقاتلين و تضميد الجراح و التوسيع على النازحين، و هذا واجبنا في مثل هذا الظرف و من جهز مجاهدا أو خلفه في أهله كان كمن جاهد.
و إلى من يتغنون بالعلمانية و الليبرالية أقول: عليكم أن تدفعوا الثمن مع بقية الشعب قبل استلام البضاعة، و لا تحددوا معالم الطريق من باريس و روما و الدوحة، بل تحدد خارطة الطريق من اجدابيا و طرابلس و الزنتان و مصراتة. و هل تعتقدون أن من ضحوا بدمائهم سيعلقون أسلحتهم على أعناقكم أوسمة كي تتولوا الحكم بينهم؟ و التاريخ يعلمنا فوق كل الأرض العربية أن المجاهدين يموتون في الميدان ليتولى عملاء المستعمر تسيير الأمور بعد الاستقلال في العاصمة من خلال خرائط للطريق يعتمدها أسيادهم، و لكن هذا لن يتكرر بعد الآن.
لنا أن تسيل دموعنا لما نرى في كل زمان و مكان من طاقات تضيع و دماء تهدر و أموالا تسرق باسم الحرية و باسم الوحدة و نرى الفقر يزيد و يتوسع مع دعوات الإشتراكية في ظل حكومات العسكر. إننا في الواقع في أزمة تربية فكل ما خرج علينا زعيم قلنا هذا حمزة هذا خالد، أو هذا صلاح الدين فينقلب الأمر علينا ظلما و يتحول فينا موسى إلى فرعون. إنها برامجنا التربوية فقد فشل البيت و فشلت المدرسة و فشل الجامع و على كل معلم أو مرب أو شيخ أو عالم أن يراجع ماذا يقول لتلامذته و ماذا ينصحهم، فنحن نواجه أكبر تحد في مجال التربية و التعليم في بلادنا فهما أساس كل شيء.
و لو صغت ما قال أوباما في لندن لقلت: هذا حفيد مسلم كيني ربته جدته النصرانية في غياب أبيه و أمه فزرعت في جوفه نفسا إنسانية فهب لنجدة شعب كان يقدم قربانا كي تبقى الفرعونية . و صدق من قال: في بلادنا يوجد مسلمون و لا نجد إسلاما و في العديد من دول العالم لا نجد مسلمين و لكننا نجد الإسلام و روح الإسلام.
و في الختام أقول : مع كل ما تقدم فإن الخير في هذه الأمة إلى يوم القيامة، و خير دليل على هذا الكلام هو الموقف المشرف للشعب التونسي و الشعب المصري و الشعب القطري إلى جانبنا. فرغم قلة الإمكانيات و ظروف التغيير السياسي إلا أن شعب تونس رحب بالنازحين و آواهم و ضمد جراحهم فطوبى لتونس و شعب تونس. و لا ننسى هنا أم الدنيا مصر التي لا ترد أحدا في حرب أو في سلم، فطوبى لمصر و أهل مصر. و لقطر الخيرات نقول: أنعم بكم و أكرم من أخوة نعتز بهم و لن ننسى للجميع فضلهم علينا وعلى الشعب الليبي.
No comments:
Post a Comment