Tuesday, April 19, 2011

المرأة الليبية و ثورة فبراير



رمز الجندي المجهول، لوحة للفان بشير حمودة

في كل الثورات و كل الحروب التي عرفتها البشرية تبرز في الأحداث أدوار الكثيرين من الرجال و القليل من النساء، فيذهب الرجال ببريق الأحداث من انتصار و مجد و أوسمة و تخليد في التاريخ و تحصد النساء آثار الحرب و همومها لعدة أجيال. فتفقد المرأة زوجها أو أخيها أو أبيها و قد تفقد فلذة كبدها من شاب أو طفل رضيع و قد ينتهي بها الحال في الملاجئ تائهة في الدول المجاورة أو قد ينتهك عرضها، و مع مرور الزمن تبقى الأم هي الذاكرة التي تذكر أبنائها و أحفادها بما حدث في تلكم الحرب أو الثورة أو الأحداث الدامية. و يبدو لي أن القتال قد يبدؤه الرجال و لكن النساء يدفعن معظم الثمن على المدى الطويل.

شهيدة الرحمة

و في أحداث ثورة فبراير خرجت الحرائر في كل المدن الليبية و في الخارج في المظاهرات و سقط من بينهن الشهيدات و شاركن في المعارك بالدعم و المادي و المعنوي و كان دور المرأة الليبية حاضرا في كل لحظة على شاشات التلفاز و في الإذاعات و في جمع التبرعات و مد الشباب بالأكل و تضميد جراحهم و هنا تحضرني طبيبة من سكان فاشلوم في مدينة طرابلس التي تطوعت بعلاج المصابين في بيتها لأن الناس لا تذهب للمستشفى خوفا من كتائب ألقذافي، فما كان من أزلام النظام إلا أنهم قتلوها في بيتها في أبشع جريمة ضد الإنسانية و من يقتل طبيبة في بيتها غلا مجرم حرب. و تحولت هذه الفتاة الطرابلسية إلى شهيدة للرحمة و ليس في قتال، و كم كان هذا ألقذافي مجرما و متى سيدفع الثمن.

سقاوات الزاوية

كل من يعرف الزاوية يعرف أن فيها صقور للعز لا تذل عند النزال، و لا أقول من الرجال فقط و لكن من النساء و الرجال و عند ما انهمر الدم في بنغازي و صاح الرجال بدعوة الجهاد و صرخت الحرائر بالأخوة في الزاوية هبت الزاوية عن بكرة أبيها و رفعت شعارات تقول:

"بالروح بالدم نفديك يا بنغازي"،

"يا بنغازي ماكش بروحك نحنا ضمادين جروحك"

و سطر أهالي الزاوية شيبا و شبابا و رجالا و نساء ملحمة في الصمود سيبقى يخلدها تاريخ ليبيا من بين ملاحم الوحدة الوطنية. و لمن لا يعرف معنى سقاوة أقول إنها أنثى الصقر و في الزاوية الكثيرات منها، فإحداهن و هي حاجة متقدمة في السن كانت تصعد فوق سطح بيتها و تكبر كل ما حدث إطلاق للنار في مدينة الزاوية؛ و أخريات كن يسبقن الرجال إلى المعارك و في حصار إحدى الثكنات تقدمت إمرأة و قالت للرجال: يا اوخييني ليس لدي شك في رجولتكم، و لكن إذا لم تتقدموا فاتركوني نلغم روحي و انخش عليهم، فكان كلامها كالصاعق الذي فجر 
الحدث و سقطت الثكنة في أيديهم و غنموا العديد من الأسلحة. و سيدة أخرى كانت تصيح بأعلى صوتها و تقول:
"ولادي موش كلاب ضالة، و لادي صقور الزاوية"،
كلمات سوف يسطرها التاريخ في الهمة و الروح العالية. أما عجوز أخذوا منها حفيده من بين يديها صاحت فيهم و هي تقول: درتو فينا اللي ما داراش الطليان يا ولاد ألقذافي.
 فهل لا زال بيننا من يقبل بالقذافي و أولاده في ليبيا بعد هذا اليوم.

حفيدة عمر المختار

إذا أردتم أن تروا شهيدة تمشي على الأرض في عزة و إباء فانظروا إلى حفيدة المختار إيمان العبيدي، فهي رائدة النساء في الثورة الليبية تضحية و صبرا و شجاعة و إقدام. خرجت من بين الحشود في طرابلس لتقول للعالم أن ألقذافي مجرم و أن نظامه مفلس فهو يبني مجده على هتك أعراض الحرائر من بنات ليبيا؛ و وحيدة سارت في ميادين طرابلس لتزلزل قاعدة الإرهاب في باب العزيزية و تكشف جرائم هذا المجرم و أعوانه من الخونة و المرتزقة و أشباه الرجال. كانت جريمتها أنها  كانت رمزا من رموز بنغازي الثائرة و سوف تثأر بنغازي و كل أحرار ليبيا لإيمان و لكل الصابرات من بنات ليبيا اللواتي وقعن في أيدي عصابات ألقذافي.
 
كانت هذا الكلمات عبارة عن وقفة وفاء لرموز العز من بنات بلادي، و سوف تحكي لنا الأيام القادمة صبر بنات مصراتة و الجبل الغربي و زوارة و الزنتان و طرابلس و بقية المدن الليبية و جهادهن في سبيل حرية هذا الوطن العزيز بأهله رجالا و نساء.

2 comments:

  1. لا أعرف سبباً لتجاهل الكاتبة لدور المرأة البنغازية والتي كانت شرارةً للثورة بحق متجسدة في نساء بوسليم !!!!

    ReplyDelete
  2. لا أحد يستطيع أن يغطي كل شيء و لا أحد يستطيع أن يسقط دور أحد من النساء. و أنا شخصيا كنت أحضر خصيصا عند كل يوم زيارة لسجن أبو سليم من بنغازي و عاصرت سنوات من الألم و الدموع في وفاة بعض السجناء و على رأسهم أخي محمد المجراب. إن الألم أكبرمن أن تصفه الكلمات و الصبر كان كذلك وهذا ينطبق على كل المناطقو لقد تعودت الليبية على الكتمان

    ReplyDelete