ليبيا قبل الجميع فلا أحد يستحق التضحية بليبيا أو بشعبها، وليبيا فوق الجميع فلا احد فوقها إلا الله، لا فرد و لا قبيلة و لا حزب، و ليبيا ستبقى بعدنا جميعا و مهما طال الزمن فكلنا راحلون. استشهد عمر المختار و قتل رمضان السويحلي غدرا، و سقط مئات الآلاف من الشهداء و بقت ليبيا. دخل الآلاف من الليبيين السجون و خرجوا ومات المئات منهم في السجون و بقت ليبيا.
لقد تعودنا على التهديد بالاستقالة، ففي عهد الاستقلال تقدم الملك باستقالته صادقا عدة مرات و في كل مرة تجمع شيوخ القبائل أمام قصره كي يتراجع عن قراره، ثم لعب ألقذافي على نفس الوتيرة و قدم استقالته كاذبا بنية تصفية من يختلف معه من الضباط.
و الآن نرى رئيس المجلس الوطني يلوح بالاستقالة إذا تطرف أحد من الثوار و انتقم من رجال ألقذافي و هو محق في طلبه و لكن لم يكن الوقت مناسبا لذلك مع احترامي له، و القبائل التي أخذت الأمان منه لم تحترم هذا العهد و قام بعضها بقتل الثوار فمن المسئول الآن عن دم الذين ماتوا؟
ثم فاجئنا السيد محمود جبريل بالتهديد بالاستقالة إذا حدث اقتتال و في الحقيقة هو لا يقصد اقتتال بين الثوار و لكن كان يخاف على منطقة بني وليد إذا تعجل الثوار في اقتحامها، و يريد أن يمنحها فرصة أكبر للتفاوض على الاستسلام. و هدف بني و ليد من التفاوض هو الحصول على عدد من الوزارات في حكومة محمود جبريل و ليس الانخراط في الثورة حبا في العدل و المساواة، فهل هذا عدل في حق الثوار الذين ماتوا على يد رجال ألقذافي من منطقة بني وليد؟ كلنا يذكر أزلام ألقذافي من بني وليد و يذكر جرائمهم و لا زالت بني وليد حتى هذه اللحظة أهم معقل لأنصار ألقذافي، فمن غفر لهم كل هذه الجرائم.
لقد انتقدت تعيين محمود جبريل من أول يوم عند ما كلفه المجلس الوطني بإدارة الأزمة فهو كان معي في نفس المدينة في أمريكا و كان قذافيستا بالليبي الصريح، و لا يبحث إلا عن مصالحه الشخصية.
فهو درس على حساب ليبيا و لم يخدمها إلا من خلال شركاته، و لم يساهم بالجامعات الليبية و خرج علينا على قناة ليبيا الأحرار يتبجح بدوره في تدريب بعض المتدربين و نسي أنه بعد إتمام دراساته العليا لم يفكر في بناء مستقبل ليبيا من خلال المساهمة في تعليم الشباب الليبي، كما لم يرجع إلى وزارة الخارجية للمساهمة في بناء ليبيا في هذا المجال.
كما أنه لم يكن معارضا يوما واحدا في حياته و أتحداه أن يذكر مقالا كتبه ضد ألقذافي أو موقفا اتخذه ضد نظامه. بل على العكس كان من المقربين من النظام و كبار مستشاريه و قال هذا بعظمة لسانه في لقاء معه على قناة ليبيا الأحرار حين ما شارك في المشاورات التي سبقت اندلاع ثورة فبراير بغرض إجهاضها.
و هو لا يستطيع تحمل قرارات أو مواجهات مصيرية و يحيط نفسه بضعاف القدرات لكي يسيطر عليهم و يتميز بينهم فلا يرى الناس أفضل منه فكرة و أداء. إننا نرى ميلاد دكتاتور جديد تم إعداده في أمريكا و مصر.
و بالفعل يستخدم جبريل منصبه الحالي لخدمة أغراضه، و بدأ حملته الانتخابية للوصول إلى سدة الحكم منذ إعلان خارطة الطريق بينما ينتقد التيارات الأخرى و يبعدها عن المشاركة في المكتب التنفيذي و خاصة الإسلاميين الذين يشهد لهم الجميع بدورهم النضالي في ليبيا طوال أربعة عقود.
لقد صبرنا طويلا و لا نستطيع أن نتحمل المزيد من التسيب و الإقصاء و لن نسكت على تدمير ليبيا و خيانة ثورة الشعب الليبي أو سرقة تضحيات الشعب الليبي و تمكين الدوائر الغربية من حكم ليبيا من جديد.
و كنت أفضل أن يتنحى جبريل و فرقته من المتسلقين و يتركون الشعب يختار من يراه مناسبا لقيادة المرحلة الانتقالية. فتجربتنا مع جبريل و شمام كانت مرة و مضللة، فهل يعقل أن يستعين جبريل و شمام برجال ألقذافي في قيادة الدولة و يتركون قادة المعارضة و نسكت لهم على ذلك؟
نحن نعرف الجلادين و الذين أفسدوا ليبيا أربعين عاما و نرى شمام يفتح لهم قناته و التي أتوقع لها أن تصبح يوما ما قناة الحزب الشيوعي الليبي، فيفسح لهم المجال ليضللوا الشعب مرة أخرى أو يعملون على بث الفتن العرقية و الإقليمية بين أبناء الشعب الواحد.
و في المستقبل القريب سوف يتضح حجم الاختلاس و الإثراء من الحرب الليبية و يظهر للجميع حجم التسيب بل و قد يصل الأمر بالبعض إلى التآمر على الثورة و تحجيم الثوار أو الرجوع بهم إلى السجون و المهاجر، و قد يستعينون في ذلك بقوات دولية بحجة حفظ الأمن في المنطقة و محاربة الراديكاليين الإسلاميين و أدعو الله أن أكون مخطئا في هذا الرأي.
و أنا هنا أحذر مرة أخرى من خطورة إقصاء الوطنيين الإسلاميين الوسطيين فهم من ضحى و هم من قاتل و هم من قتل في السابق و هم من قاد هذه الثورة على الأرض، و الاستمرار في سياسة جبريل و شركاه سوف يقودنا إلى حرب داخلية قد تقسم ليبيا إلى خمسة دول و ليس إلى ثلاث ولايات. و بالتالي أدعو إلى حل المكتب التنفيذي و تشكيل حكومة وحدة وطنية بدون جبريل و رفاقه و إذا لم يتنحى جبريل فإني أطالب الثوار بتصحيح الوضع و أطالب جميع الشعب بالخروج للشارع و المطالبة بتشكيل حكومة وطنية فعلا ليس فيها احد من أزلام ألقذافي.
نريد شخصيات وطنية بامتياز مثل عبد الرحمان السويحلي و أبريك سويسي و إبراهيم صهد لقيادة المرحلة القادمة، شخصيات لم تتعاون مع ألقذافي و ترفض نظامه و رجاله جملة و تفصيلا.
No comments:
Post a Comment