قوس النصر لسبتيموس سيفيروس بلبدة
تقع مدينة لبدة على مصب وادي لبدة الذي يشكل مرفأ طبيعيا على بعد ثلاثة كيلومترات إلى الشرق من مدينة الخمس المعروفة حاليا في ليبيا. و لقد تأسست هذه المدينة في العهد الفينيقي بواسطة البحارة الكنعانيين الذين استخدموها كمرفأ في رحلاتهم على سواحل شمال أفريقيا.
ثم نمت هذه المدينة و ازدهرت بفضل موقعها الجغرافي المناسب للاستيطان و بسبب توفر الماء و التربة الخصبة و وسائل المواصلات فاشتهرت بإنتاجها الوفير من زيت الزيتون و سميت لبدة الكبرى كي تتميز عن مدينة لبدة في تونس.
و لقد حضيت مدينة لبدة باهتمام خاص في عهد الإمبراطور سبتيميوس سيفيريوس 193-211م، الذي ولد فيها و أضاف لها العديد من المباني. و تعتبر آثار مدينة لبدة إحدى مكونات التراث الإنساني العالمي و قد شيدت عند مدخلها لوحة تفيد بهذا المعنى.
و هي تحوي بين جوانبها أكبر مدينة رومانية أثرية متكاملة العناصر، و عند توجهنا إلى اليمين من قوس النصر الرئيس مررنا على ساحة الألعاب الرياضية و تتكون من مضمار للعدو و منطقة ألعاب و مسابقات تدل على اهتمام سكانها بلياقتهم البدنية فهم كانوا يعتقدون بأن العقل السليم في الجسم السليم.
ساحة الألعاب
ثم تجولنا في منطقة الحمامات التي بناها الإمبراطور هادريان بين عامي 126 و 127 م ثم وقع تجديدها في عهد الإمبراطور سبتيموس سيفيروس، و هي تشمل عدة أحواض مغطاة و عند درجات مختلفة من سخونة الماء و حجرة التعريق أو الحمام البخاري ثم حوض مفتوح للحمام البارد و كل هذا التنوع و التدرج في درجات الحرارة يدل على مدى الاهتمام بالصحة العامة.
الحمام البارد
و تتميز الحمامات الساخنة بأرضية مرفوعة تسمح بالتسخين من أسفل مع أنابيب فخارية لتمرير الماء الساخن في الجدران بطريقة هندسية بديعة مع تغليف سميك يحفظ درجات الحرارة داخل الغرف.
أرضية مرفوعة و أنابيب فخارية ملصقة بالجدران
و الاهتمام بالصحة العامة يتجلى كذلك في منطقة المراحيض العمومية، و هي دورات مياه عامة مزودة بقناة للماء الجاري أمامها يستخدم للإستنجاء مصنوعة من الرخام.
مراحيض عمومية و تظهر في الصورة كوبرا صغيرة
كوبرا صغيرة في مجرى الماء
نماذج من المعالم والزخارف المعمارية
تتميز مباني لبدة بزخارف و معالم معمارية رائعة لا زالت تقف شاهدا على روعة المعمار في ذلك الزمان بعد مرور حولي الفي عام على بناء بعضها، إنها الدقة و الإتقان و المهارة التي تصنع المستحيل.
زخرفة الأعمدة بتماثيل بديعة
توثيق بعض الحوادث على الأعمدة
تداخل الأعمدة و الأقواس
تفاصيل دقيقة
الطرق العامة
أحد المداخل الجانبية
زخرفة على جبهة أحد الأبواب
و قد يتساءل البعض هل تم استيراد كل هذه الأعمدة من الخارج، في الواقع إنها كانت تصنع على عين المكان في لبدة من أحجار يتم استجلابها بالسفن و نرى في الأسفل صورة لصخرة وجدت د اخل سفينة غارقة في ميناء مصراتة و هي تعتبر عينة لما استخدم في لبدة.
صخور كانت تجلب للبناء
و لا تخلو مدينة قديمة من مسرح إذا كان شعبها حي يرزق، و الحكمة تقول" اعطني مسرحا أعطيك شعبا" ففي الزمان القديم كانت المسارح جزء هام في حياة الشعوب.
مسرح لبدة
و يطل هذا المسرح على شاطئ البحر و حري به أن يوفر ألطف الأجواء في أمسيات الصيف الجميلة.
شاطيء لبدة الكبرى
و في ختام جولتنا توقفنا في المقهى السياحي، و هو مقام على الطبيعة و تحت أشجار لبدة.
المقهى السياحي بلبدة 26 اكتوبر2010م
هذه لمحات سريعة عن مدينة لبدة الكبرى التي ضمت بين أحضانها حضارة سادت ثم اختفت بسبب نضوب المياه و تحولت إلى أثر بعد عين.
No comments:
Post a Comment