بعد أن منَ الله علينا بالتحرير الكامل لكامل التراب الليبي و تحرير السيادة الليبية بالكامل بالقضاء على الطاغوت و أعوانه المقربين و بالتالي قطع الطريق على الطابور الخامس و المستفيدين من وجوده كفزاعة لإرهاب الشعب الليبي، و مع اقتراب موعد الإعلان عن هذا الحدث رسميا من طرف المجلس الوطني الانتقالي فإنه يجب علينا أن ننظر في تبعات هذا الحدث على جميع المستويات الوطنية.
أولا: تشكيل الحكومة الوطنية المؤقتة
بعد المخاض العسير طيلة الأسابيع الماضية بين أخذ و رد و استقالات و تهديد بالاستقالات وصلنا إلى محطة الاستحقاق الأول ألا و هو إعلان تشكيل الحكومة الوطنية المؤقتة. و هذه الحكومة تضطلع بأخطر مهمة في تاريخ ليبيا الحديثة و هي التخطيط لانتخابات المؤتمر الوطني و الإعداد لها و الأشراف عليها. و هذا يحتم أن تكون حكومة وطنية توافقية بالدرجة الأولى ليس فيها أحد من أزلام ألقذافي أو رجاله أو مستشاريه و يفضل أن تتكون من وجوه جديدة بالكامل بعد تجربتنا المريرة مع المكتب التنفيذي الهلامي و الوهمي الذي خذل الثورة و الثوار في اغلب المراحل.
ثانيا: الوفاء بالوعود
لكي لا نجد أنفسنا نكرر مطبات العهد ألقذافي الظالم يجب على رئيس و أعضاء المجلس الانتقالي و المكتب التنفيذي تطبيق كل الوعود بالابتعاد عن الانتخابات. و يجب على قنوات الإعلام أن لا تتحول إلى قنوات تضليل و تبدأ في تسويق إعادة نفس الوجوه التي كلفتنا كثيرا بعدم قدرتها على أعباء المرحلة الماضية. ولا نريد مسيرات و لا إعتصامات و لا مناشير تطالب بالاستمرار لنفس الأشخاص، فلا خوف على الشعب الليبي بعد سقوط ألقذافي مع تقديرنا لكل من ساهم في المرحلة الماضية.
ثالثا: إنتهاء دور المعارضة
بالتحرير الكامل و موت الطاغية ينتهي دور المعارضة بكل مسمياتها، فالمرحلة القادمة مرحلة بناء و على الجميع التحول إلى تنظيمات سياسية تثري نضال الشعب الليبي من خلال مشاركتها في الحياة السياسية. و كل من يستمر بواجهة للمعارضة القديمة هو في الواقع يزايد، و إذا كان يعارض ألقذافي فإن ألقذافي قد مات و انتهى و إذا كان يحلم بالحكم فعليه إقناع الشعب بقدرته من خلال برامج سياسية واضحة. و المكان الصحيح لكل وطني ليبي هو داخل ليبيا عاجلا أو آجلا و لا معنى لطوابير المبعوثين من كل التخصصات للعمل في خارج ليبيا في مرحلة البناء بعد التحرير.
رابعا: محاسبة المفسدين
لكي لا نكرر نفس الأخطاء و لكي ننطلق على أسس سليمة و عادلة يجب فتح ملفات كل الجرائم ضد الأرواح و الأموال و الممتلكات و القيم الاجتماعية على أن يسبق هذا تطهير أجهزة القضاء من الفساد على كل المستويات. و يجب أن يصدر تشريع من المجلس الوطني بمنع كل من تولى مناصب في عهد ألقذافي من المشاركة السياسية و من العودة للعمل الوظيفي حتى تثبت براءته في المحاكم.
خامسا: تأسيس الجيش الوطني
لقد تردد كثيرا مطلب تأسيس الجيش الوطني و ضرورة انضمام فصائل و سرايا الثوار له، و لكن الواقع على الأرض يفيد أن نواة الجيش الوطني الفاعلة و الحقيقية هي كتائب الثوار و ليس العكس. فهي قد تحتاج لتطعيمها بالخبرات العسكرية التقليدية و لكنها أقدر من الجيش الحالي، فهي التي دكت حصون ألقذافي طيلة ثمانية شهور. و لكنها بحاجة إلى ضباط و ضباط صف وطنيين من الكفاءات المؤهلة علميا و الشابة. و يجب أن لا نكرر خطأ العهد الملكي في تنصيب قيادات غير مؤهلة مما أدى إلى تفشي و انتشار مرض التنظيمات من الدفعات المؤهلة فنيا فيما بعد.
سادسا: المصالحة الوطنية الشاملة
المصالحة الوطنية لن تكون شاملة و فاعلة إذا لم تحقق الوئام الكامل بين فئات الشعب الليبي و قد نتطرق لهذا الأمر بالتفصيل في مقال آخر. فتناقضات الشعب الليبي هي أكبر من خلافات مؤيدي و معارضي النظام الدموي السابق. فنحن نحتاج إلى تصالح و اتفاق على أسس التعامل الديمقراطي السليم و بدون تدخل أجنبي بأي شكل من الأشكال. و خلافات الثوار توجهات سياسية و جهوية و قبائل بما فيهم المجلس و المكتب أخطر من الطابور الخامس بجميع أطيافه على مستقبل ليبيا، و على هؤلاء جميعا التصالح قبل أن يتحدثوا إلى من يمثل بقايا ألقذافي.
سابعا: أسس التعيين في المستقبل
يجب أن يسود بيننا مفهوم الكفاءة و النزاهة و الوطنية قبل كل اعتبار لكي نحقق العدالة و المساواة بين أبناء المجتمع الواحد، و يجب أن يكون الليبيون سواسية أمام القانون و لهم نفس الفرص لخدمة وطنهم. و لقد حدثت تجاوزات مريبة خلال الأشهر الماضية في تعيينات يجب إعادة النظر فيها.
ثامنا: العودة للحياة الاعتيادية
مع صدور بيان التحرير الكامل يجب أن يعود كل من يسمح له وضعه القانوني إلى سابق عمله مع صباح اليوم التالي لانتهاء الاحتفالات بالنصر، على أن يحدد هذا قرار من المجلس الوطني الانتقالي، و ترفع القيود على حجم التعاملات المالية في المصارف بما يسمح بعودة الدورة الاقتصادية إلى الحياة العامة. ثم يلي هذا عودة الدراسة بالجامعات خلال شهر من هذا التاريخ، فهي لا زالت تحتاج إلى استعداد لاستقبال الطلاب العائدين من المعارك.
No comments:
Post a Comment