هل ليبيا جاهزة لمعركة التخطيط والعمران !
م حسن بن طاهر
أستاذ مساعد بقسم العمارة طرابلس
"مؤسس علم الإجتماع عبد الرحمن بن خلدون يؤكد أن الإنسان هو أساس العمران، وهو غاية ما فى الطبيعة وأن كل شىء سخر له." بمعنى أن التنسيق بين التطوير الإقتصادى والإجتماعى
عند وضع الخطط والسياسات هام جدا لتحقيق الهدف التنموى.
من المفيد فى هذا الإطارالإلمام بحصاد أربع عقود من التخطيط الحضرى والتنمية، عاشتها مدن وبلدات وقرى ليبيا، تحت حكم الطاغية القذافى تجلت مظاهرها : فى فشل تنمية الأقاليم، والتجمعات الحضرية، وإقامة نشاطات إنتاجية ، وبنية تحتية تلبى متطلبات التنمية، وإخفاق فى تحقيق توازن سكانى، وتنمية بشرية وإستدامة على التراب الليبى . أدى ذلك الى نقص وتخلف المرافق التعليمية والصحية والسكنية والبنية التحتية والنقل العام والطرق والبنية الإنتاجية، وتبذير الأموال، والعجزعن اللحاق بمواكبة متطلبات العصر. فنمى السكن العشوائى ، وإرتفعت معدلات البطالة والتأزمات الإجتماعية، وحوادث السير، وساء مستوى التعليم، وخدمات الرعاية الصحية و السكن ، وتزايدت الهجرة العكسية نحو المدن الكبيرة (طرابلس وبنغازى)، وتوسعت النشاطات الخدمية(المقنعة)على حساب النشاطات الإنتاجية، وعم الفساد أركان الإدارة، وساء الوضع الأمنى، وإرتفعت معدلات التضخم وأسعار العقارات والمواد الغذائية والخدمات، ،وتقلصت رقعة الأرضى الزراعية والغابات بسبب الإستنزاف المستمر للمياه الجوفية والتصحر والزحف العمرانى .
دفع الليبيون ثمنا باهضا لتحرير الوطن (ثورة 17 نوفمبر) : بشهداء وجرحى ومفقودين، وتأثيرسلبي ثقيل على الحياة الإجتماعية والوضع النفسي والروح المعنوية ، وأضرار مادية بالغة لحقت بالمبانى والمرافق والخدمات والسكن والبنية التحتية فى كل مكان من ليبيا، وتضرر الإقتصاد وتأثرت البيئة سلبا. يضاف الى ذلك الآثارالمدمرة المتراكمة من فترة حكم الطاغية على مستوى الإنسان والبيئة الحضرية والفضاء الوطنى .
وضع صعب، و بالرغم من ذلك، لعل إرادة الليبيون أقوى من الظروف الحالية فى التركيزعلى مواضيع إعادة البناء والتنمية والتخطيط الحضرى والتصميم المعمارى والحضرى لنكون أكثر تعايشا مع الثقافة المحلية وظروف المناخ والمكان، وبأهداف وجدوى وثمن وجودة وحسن إنجاز ومرونة إستعمال، وإستخدام راشد للتقنيات والمكونات التى تحقق إستدامة وتوازن وإنسجام مع المحيط، لصالح رفاهية إنسان الحاضر وإنسان المستقبل .
"التظاهرات التنموية الدولية المتعاقبة منذ التسعينات فى ريوديجينيرو وكوبنهاقن وبكين والقاهرة ، وإسطنبول . . . أجمعت على أن النمو الإقتصادى قد ينجح فى رفع مؤشرات الإقتصاد الكلى تاركا الفقر يتفاقم ومستوى المعيشة يتدنى . ولكن لايؤدي الى زيادة فرص العمل ، وتعود عائداته فى معظم الحالات الي فئات محدودة من المجتمع . ومن الحكمة أخذ الحيطة أيضا، من أن المخططات الجيدة تفشل وتضيع بعدم كفاءة منفذيها ، أوبصرف ميزانيات تنفيذها خلاف أوجهها الصحيحة ". مما يتطلب تفعيل برنامج عمل جاد، لمتابعتها وتصحيح مسارها بشكل يحقق تنمية تضمن تقدم البلاد .
فى هذا الصدد، يصاحب الوضع الإقتصادى لليبيا قلق على النفط، أهم موارد البلاد (مورد غير متجدد). مما يتطلب تنويع موارد البلاد، وبالخصوص فى مجال الموارد المتجددة التى تحقق إستدامة العمران والتقدم .
وعلى الجانب الآخر، تتعدد الآراء وتختلف مضامين مفهوم إعادة إعمار،يصين ويبنى ويؤهل وينمى ويطور مدن ومراكز حضرية وأقاليم، ويمهد لتحقيق نهضة إقتصادية وحضارية وتكامل بين المدينة والإقليم والأقاليم والوطن . من هنا تأتى الدعوة الى مخطط وطنى طويل المدى يستوعب النمو الحضرى والصناعى والزراعى والعمرانى والسكانى . . . تتطلع إليه ليبيا، يرشد القرارات الخاصة بالتنمية والإستثمار، ويحقق التنمية والتكامل والتوازن فى التوزيع المكانى والنوعى . وفى مرحلة تالية تنجز معانيه من خلال مخططات نوعية .
المؤكد أن ذلك سوف لايتعارض مع إستمرار أعمال البناء والصيانة الأساسية العاجلة والمتراكمة والروتينية للمناطق المتضررة والمنكوبة .
التخطيط والتنظيم والبناء، أدوات تنموا وتزدهر فى مناخ الديموقراطية والحرية والعدل، وتتألق نتائجها بالحوار والوعى والكفاءة والخبرة والنقد (مؤسسات المجتمع المدنى) . فلنتعظ بدروس الماضى القاسية، ونحمل طموحاتنا بثقة وكفاءة، ونصنع مجد الوطن.
حسن محمد بن طاهر 02 / 11/ 2011
No comments:
Post a Comment