طوبي للغرباء
د فتحى رجب العكارى
طفل صينى يحمل شعار المسلم
تقدم الصين منحا دراسية لعدد من الدول العربية
والأفريقية حيث يأتي طلاب من هذه الأقطار للدراسة في الصين على حسابها وقد شاءت
الأقدار أن ألتقي مجموعة من طلاب اليمن الدارسين في الصين، هذه المجموعة حديثة
العهد بالصين وهم على أبواب إتمام دراسة اللغة. التقيت أحدهم في صلاة الجمعة وتعارفنا
لأكتشف أن أحدهم يعرف اسمي من خلال مقالاتي في شبكة المعلومات. فقرروا دعوتي للقاء
بهم يوم الأحد.
درس بالصينية قبيل صلاة الجمعة 31 مارس2010
بمسجد نانجن النموذجى
لقاء
الغرباء
في
صباح الأحد تنقلت عبر ثلاث مراحل من تاكسي إلى حافلة ثم حافلة أخرى صحبة بعض
الشباب حتى وصلت إلى جامعة نانجين حيث اجتمعنا في حجرة أحد الطلاب بالقسم الداخلي.
بدأ أحدهم يتحدث عن الصدمة الأولى حيث وصلوا إلى الصين في رمضان 2009م وهم لا
يعرفون كلمة صينية ولا يوجد صيني حولهم يعرف كلمة عربية واحدة، فقال أحدهم صدق
رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال "بدأ هذا الدين غريبا وسيعود غريبا
كما بدأ فطوبى للغرباء" كان بين هذه المجموعة من يحفظ القرآن وهو الذي يؤمهم
في الصلاة ويصلي بهم الجمعة كذلك و اسمه عيسى. ولقد أعجبني شجاعة هؤلاء الغرباء
فطوبى لهم وألف طوبى، وماذا أقول عن جماعة ترفع الأذان لكل صلاة في أحد الممرات
ويقيمون صلاة الجماعة في كل وقت أمام مسمع ومرأى من جميع طلاب القسم الداخلي.
وبسبب تمسك هذه العصبة الصغيرة بالدين وإصرارهم
على إبراز أخلاق الإسلام أصبحت تحية معظم الطلاب داخل الجامعة هي "السلام
عليكم" وأعني غير المسلمين منهم فكلما مررنا بمجموعة من الطلاب كانوا يحيوننا
بتحية الإسلام "السلام عليكم" فطوبى لهؤلاء الغرباء.
عيسى يرفع الأذان
دخل
علينا وقت العصر فوقف عيسى يرفع الأذان بصوت جميل، ثم اصطف الجميع لأداء صلاة
العصر بعد ذلك دخلنا في حوار بسيط حاولت فيه أن أنصح الجميع بما يليق بالمسلم
الغريب عمله بين أغلبية لا تدين بأي دين، ثم أجبت على أسئلة بعضهم بخصوص مشاكل الدراسة
والحياة والغربة والمستقبل لا سيما إذا عرفنا أن بعضهم لم يخرج من قريته في اليمن
قبل وصوله إلى الصين. فهذه النقلة تعتبر صدمة حضارية انتقل فيها الطالب من مجتمع
مسلم محافظ جدا إلى بلد تبيح كل شي ولا تعترف بالدين أصلا فبعضهم يرى المرأة سافرة
جدا لأول مرة في حياته بعد أن تعود على النقاب أوالخمار في قريته.
لقاء الغرباء فى الممر
كانت
جلسة مباركة تذكر بأيام الإسلام الأولى يلتقي فيها طلاب من اليمن وجيبوتي والسودان
وموريتانيا وتونس بأخ كبير لهم من ليبيا. ثم بعد ذلك أصر أحدهم وهو من اليمن على أن
يقدموا واجب الضيافة فذهبنا إلى مطعم الطلبة المسلمين في هذه الجامعة وهو يقدم
وجبات حلال لكل الطلاب وبالطبع توجد مطاعم كثيرة لا تلتزم بالطعام الحلال.
هذه
الجامعة تسمى جامعة نانجين وبها مركز لتعليم اللغات يخدم كامل المقاطعة وهو من ضمن
قسم اللغات التابع لكلية الآداب ويبلغ العدد الإجمالي للطلاب حوالى خمسة وثلاثون
ألفا معظمهم يقيم في الأقسام الداخلية. إن المرء ليخجل من حجم الاستثمار في
التعليم والبناء والاستعدادات، إضافة إلى تقديم المنح لدول العالم الثالث بينما
بعضنا في بلاده لا يستطيع الوصول إلى حقه في التعليم.
مطعم الطلبة المسلمين
بعد
وجبة العشاء رجعنا إلى بيوت الطلبة لأداء صلاة المغرب في الممر الخارجي وودعت
الجميع لأعود إلى مقر إقامتي وعندها أصروا أن أزورهم يوم الجمعة كي أخطب فيهم خطبة
الجمعة فكلهم صغار في السن بين التاسعة عشرة والعشرين ويشتاقون لمن هو في سن
الوالد لينصحهم ويقودهم في الصلاة فقبلت ذلك واتفقت معهم على أن يأتي أحدهم
لمرافقتي إلى مكانهم لصعوبة الوصف وتعدد وسائل النقل وعدم معرفتي باللغة الصينية.
في
يوم الثلاثاء التالي جلست أفكر في موضوع يكون ذا فائدة ويعالج بعض ما يدور في
أذهانهم من أسئلة وما يخالط مشاعرهم، فهداني الله أن أعظهم بتقوى الله، فحاولت أن
أربط هذا بأنماط من الأعمال والتوجهات التي يتوجب على الغريب أن يأخذها في اعتباره
،وبعد المقدمة أجملت الموضوع في النصائح الآتية فقلت لهم:
-
اتقوا الله في
دينكم، كونوا خير سفراء للإسلام في الصين.
-
اتقوا الله في
القرآن الكريم فلا تهجروه في الغربة.
-
اتقوا الله في
شبابكم فلا تضيعوه في الباطل.
-
اتقوا الله حق تقاته
واعلموا أن الموت حق، وأن النار حق، وأن الجنة حق، ولا تدري نفس بأي أرض تموت.
-
اتقوا الله في
مطعمكم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أطب مطعمك تكن مستجاب
الدعوة".
-
اتقوا الله في من
عرفتم من أهل هذه البلاد، كونوا عونا لهم لمعرفة الإسلام ومحبته.
-
اتقوا الله في
أنسابكم، ففي عروقكم يجري دم الصحابة.
-
اتقوا الله في
أولادكم، اجعلوهم أولاد حلال فإن العرق دساس، وكل لحم بني من حرام النار أولى به.
-
اتقوا الله في
بناتكم، وهل تكون البنت إلا نسخة من أمها، وبنتك نسخة من زوجتك التي تختارها.
-
اتقوا الله في
أوطانكم، تعلموا العلم النافع وعودوا لبنائها.
-
اتقوا الله في
أوقاتكم، اجعلوها وقفا لطلب العلم.
ثم فى النهاية ترجمت الموضوع باللغة الانجليزية كى
تعم الفائدة كل من لا يعرف العربية، و الله ولى التوفيق.
غرباء
الصين
على شاب مسلم
التقيت بشاب صيني بالصدفة في رحلة إلى أحد المواقع الأثرية، حيث كنا
على نفس الحافلة فقال لي: أأنت مسلم؟ قلت. نعم، فقال: وأنا كذلك، لا إله إلا الله
محمد رسول الله. وأخرج لي كتاب صغير يحمله طوال أربعة وعشرين عاما دون أن يعرف ما
بداخله. قال أن جدة والدته وضعته معه عندما ولدته أمه.
يقول عنه: كتابي. أخذت منه الكتاب تصفحته فوجدت فيه سورة الفاتحة وأجزاء من البقرة
والإخلاص والمعوذتين فصورت صفحات منه للذكرى، ثم بدأت بيننا علاقة خاصة منذ ذلك
اليوم.
كتاب على الذى رافقه 24سنة
فهو شاب مسلم لا يصلي ولا يصوم ولا يعرف شيئا
غير الشهادة والسلام عليكم فدعوته لزيارة الطلبة اليمنيين وزيارة المسجد، والذي
أعجبني فيه إصراره على أنه مسلم ورغبته في التعلم، قال لي: أبي لا يصلي وأمي لا
تصلي ولم يعلمني أحد، كنت أرى جدي يصلي وكنت أذهب معه أحيانا إلى المسجد في
قريتنا. وبالفعل حضر معي إلى مقر إقامة الطلبة اليمنيين وأطلق عليه عيسى اسم
"علي" لكي يتميز به عن الاسم الصيني وقد أسعده ذلك كثيرا ولا زلت على
تواصل معه عن طريق الانترنت.
في إحدى الجامعات الصينية وجدت مطعما يقدم
وجبات حلال يديره مسلم صيني وأسرته، تعرفت عليه بالقبعة التي كان يرتديها وبالحجاب
الذي ترتديه ابنته. حييته بتحية الإسلام وطلبت منه بعض الأكل بالإشارة.
مطعم اكل اسلامى
لكنه أصر أن يضع العديد من أنواع الأكل على
طاولتي. أنا لا أفهم لغته ولكنني قلت في نفسي مهما كان الثمن فالرجل يستحق أن
أشتري منه ولكنه في النهاية أصر أن لا أدفع فلسا وقال هذا شرف لي أن يأتي عندي أخ
مسلم من العرب. طبعا هذا ما ترجمه لي بعض الطلبة الحاضرين في المطعم.
أبنة صاحب المطعم بحجابها
وقد أثلج صدري أن يرفع أحدهم شعار الإسلام في
الصين ولو كان مجرد قبعة على الرأس أو نصف حجاب. فبهذا الشعار نتعارف ولهذا كان
إصرار مصطفى كمال على إزالة الحجاب والقبعة من تركيا ليطمس الهوية الإسلامية ولكن
الله غالب على أمره ولو كره المنافقون.
nice story
ReplyDelete