يكمن السر في تقدم الشعوب في عوامل اساسية يبنى عليها التقدم وعوامل
محدثة للتقدم وعوامل مساعدة تدعم التقدم وتسهم في تنميته، أما أهم عامل في هذه
العملية فهو الإنسان الذي يعتبر المحرك الفعلي فيها ولب تطورها فلا تقوم حضارة
أوتقدم بأناس غير قادرين على العطاء أوليس لديهم ما يمكنهم تقديمه أوغير قادرين
على اتخاذ القرار السليم في كل أمر أو غير قادرين على مواكبة التطورات وبالتالي
يقاومون التقدم ويعرقلون حركته.
وإذا توفر الإنسان القادر العارف العامل فإنه يحتاج إلى قيم عليا تضبطه
ومنظومات إدارية وقانونية تؤسس لتسخير جميع الطاقات من أجل البناء المستدام الذي
يسهم في تطور الإنسان نفسه من خلال العملية ذاتها وبالتالي يحدث التسارع المطلوب
في عملية التمنية والتقدم.
أما العوامل الأساسية اللازمة لحدوث ونمو عملية التقدم فتشمل:
·
المعرفة
·
القدرة المهنية على
تحويل المعارف إلى تطبيقات مفيدة
·
القدرة المالية
·
سمو قيمة العمل والوقت في
نفوس الناس
·
توفر النصاب
المطلوب أو الكتلة الحرجة اللازمة للإستمرار.
وتوفر
المعرفة وأدوات تسخيرها في البناء بشكل يتطور مع تطورها وهو ما نسميه بالتقنية
يعتبر شرطا أساسيا لها وقد تضطر الشعوب لشراء حقوق المعرفة ونقلها من الشعوب
المتقدمة، كذلك توفر القدرات المالية اللازمة للإنفاق على العملية لإنشائها
وتطويرها ثم تنميتها من خلال عوائدها فلا معنى لتنمية غير قادرة على النمو
المستدام، أما قيمة العمل في النفوس فتبنيها مجموعة القيم التي تسيطر على المجتمع
وهي اساسية في صناعة التقدم وقد رأينا في عصور تخلفها كيف التجريب الغلمي ضرب من
أنواع الزندقة.
ومن اجل الاستمرارية تحتاج الشعوب
المتقدمة لتوفيرعوامل مساعدة ومنها:
·
الهيكلية التنظيمية
المناسبة التي تضبط دورة البناء داخل المجتمع
·
مراكز البحث والتطوير التي
تعمل على حل المشاكل ومواكبة التطورات
·
الأسواق لتصريف الانتاج
وأساليب للتسويق
·
التشريعات التي تحمي رأس المال
والعاملين والمنتوج والعلاقات مع المستهلكين داخل وخارج المجتمع.
بناء
الإنسان
والخطوة الاولى للدول
والشعوب على طريق التقدم والبناء الحضاري
تؤسس على بناء الإنسان عبر عدة مراحل تبدأ في الاسرة منذ تأسيسها حيث يترعرع الطفل
بين أحضانها وتتشكل اللبنات الأولى في شخصيته، ثم المدرسة التي تعلمه أسس التعلم
ومباديء التفكير السليم ثم الشارع و الحي والمجتمع الذي ينمي فيه روح الجماعة
والإنتماء لها مرورا بالمساجد التي تزرع في نفسه قيم الحق والعدل والمسئولية
ووسائل الإعلام التي تغذي فيه الروح الوطنية وتؤسس للوعي العام وفقا لمنظومة الأفكار
السائدة في المجتمع.
وبناء الإنسان المبدع يجب ان لا يتم في قوالب
مصمتة متكررة ولكنه يسمح بهوامش للنمو المتفاوت في السرعة والكمية حسب قدرات
الافراد وبالتالي يتم اكتشاف ذوي المهارات والقدرات ورعايتهم وتنميتهم وتشجيعهم
بحيث يستفاد منهم ويبرز القادة من بينهم.
كما ينبغي الاستفادة من جميع
فئات المجتمع بشكل متكامل كي تتحقق التنمية الشاملة بين البشر وفي كل مكان من
الوطن بما يعود بالخير والرخاء والسعادة على الجميع.
أما فلسفة التعلم والتعليم فيجب
أن تنطلق من مبدأ إعداد الإنسان المفيد من خلال مخرجات تخدم برامج التنمية، بحيث
يؤسس المنهج وطرق التعليم لتحقيق خدمة معينة يستفيد منها المجتمع. وبناء ثقافة
عامة تقدس قيمة العمل وعوائده على المجتمع؛ فالمهم هو إسهام المرء في التنمية
والتقدم حسب قدراته بما يحقق له حياة سعيدة ومكانة طيبة في نفسه ونفوس من حوله.
ويتم ربط التقدم في السلم التعليمي بقدرات الأفراد وحاجة المجتمع لهذا المستوى من
المؤهلات ولا تدعم الدولة من لا تنطبق عليه هذه الشروط فلا قيمة لنظام تعليمي يصدر
القدرات والإمكانيات العلمية للخارج بدون مقابل. وهذه العملية تحتاج إلى تطوير في
جميع أساليب وأدوات التربية والتعليم والإعلام عبر جميع المراحل المختلفة.
ولكن عندما يصبح غاية التعليم النجاح بدون فهم والحصول على
تقدير عال بدون معرفة ونيل مؤهلات بدون خبرة، بل وصلت المجاميع في امتحانات
الثانوية العامة إلى مستوي الانتخابات العربية المزيفة فنجد أحيانا عشرات الطلبة
يشتركون في نفس النسبة المئوية وكأني بها مرتبة، وهل يعقل أن يتحصل مئات من الطلبة
على نسبة تفوق تسعة وتسعين في المئة في حوالي عشرة مواد مجتمعة.
كل هذا يحدث في ليبيا
مع تدن في أداء المعلمين وتسيب في المدارس وتسريب في الامتحانات؛........ فكيف
يمكن لنا أن نتقدم؟
قيمة
العمل والوقت
التقدم ينتج عن عمل
دؤوب في زمن قياسي لكي يتضح أثره بين الناس وهو لا يحدث في قوم لا يقدسون العمل
ولا يرون له قيمة. والعمل المطلوب هو عمليات متتابعة تنتج تطورا وتطويرا له أثر
محسوس في حياة الناس عامة وهذا لا يحدث إلا بتقديس الوقت وحساب كل لحظة فيه
لتسخيرها في خدمة البناء.
وهذه القيم تنطلق
من قناعات الأمة الدينية والسياسية والفلسفية وفي ديننا يعتبر العمل عبادة طالما
كان في حلال وخدمة لحلال وبنية الحلال. ونجد في تاريخ الشعوب من فرضوا على أنفسهم
العمل مجانا ساعة كل يوم أو أكثر من أجل البناء بعد إنقضاء ساعات العمل الرسمية
بعد الحروب فلننظر حولنا لدول كانت مدمرة مثل ألمانيا ودول كانت متخلفة مثل الصين
وكوريا والامثلة كثيرة.
وفي
المقابل نجد بيننا من يعتبر العمل منقصة فلا يحب أن يراه الناس وهويعمل ومعظمنا لا
يشتغل في اليوم ساعة واحدة ويطالب بساعات عمل إضافي ومزايا لا حق له فيها، بل هناك
من يعتبر الرشوة حق معلوم ولا يخدم إلا من يدفع له.
أما عن الوقت فحدث ولا حرج فلا
قيمة له في حياتنا فنحن نخترع أساليب لقتل الوقت ولا نفكر في الاستفادة منه، فهل
يمكن لنا أن نتقدم؟
لقد تطلع الليبيون
للثورة من أجل مستقبل أفضل ومجتمع أسعد ولكن الذي فاتنا أن الثورة الكبرى مكانها
النفوس فإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
نحن عدنا من الجهاد الأصغرالذي تمثل في العاب
نارية وانتقام وغنائم وما أحوجنا إلى جهاد أكبر يزكي النفوس ويطهر القلوب وينظم
حياتنا من جديد.
نحن بحاجة إلى ثورة جديدة في البيوت والمكاتب والشوارع والمساجد
والعلاقات والقضاء ونبني شرطة جديدة وجيش جديد بقيم جديدة.
No comments:
Post a Comment