لقد تأخر الربيع العربي لأكثر من عشرين سنة مرورا بخريف تونس أيام بن علي
بعيد الانتخابات ومذابح الجزائر بعيد فوز جبهة الانقاذ؛ ورغم وصوله متاخرا يبدو أن
الغرب والدوائر العميلة له لا زالت ترفض حق العرب في الحرية والديمقراطية والتقدم.
والذي يؤكد كلامي هذا
التنسيق في المواقف والتحرك المتزامن في مصر والخليج وليبيا وتونس، فلقد كان
الترحيب سريعا بالانقلاب العسكري في مصر من طرف ما يسمى خادم الحرمين الشريفين
ودول الخليج ولا يخفى على الجميع سعادة العدو الصهيوني بخلخلة الانسجام العام في
مصر.
وأنا هنا لا يهمني كثيرا ما وقع فيه دمرسي من أخطاء أو سوء تقدير للموقف
وعدم التفاعل مع الاحداث بطريقة عصرية وكأني به لا يستشير أحدا ولكنه يبقى الرئيس
المنتخب ولا يمكن لاحد إقصائه إلا من خلال البرلمان وبإجراءات دستورية.
أما في ليبيا فنرى تحركات واجنماعات مشبوهة لأفراد معروفين بارتباطاتهم
بالغرب والخليج وازلام الطاغية، بل بدأت بعض المليشيات الموالية لهم في التحرك
واستعراض القوة وأشهرت بعض القنوات الاعلامية سكاكينها لتطعن الثوار والثورة.
وفي تونس كذلك يتحرك العلمانيون
من المعارضة في تأليب الرأي العام وإثارة الفتن في كل دقيقة ولولا حكمة رجال
النهضة لكان أثرهم أكبر.
الاخوان المسلمين في الميزان
جماعة الإخوان المسلمين حركة إصلاحية نهضوية لا تختلف كثيرا عن الحركة
السنوسية وبقية الحركات الاصلاحية الاسلامية ولقد تحملت أعباء هذه الدعوة من تضحيات
بالجهد والمال والوقت مرورا بالسجون والمشانق والمهاجر والإقصاء من الحياة
السياسية.
فالاخوان لم يكونوا سببا في هزائم العرب عبرستين عاما من القرن الماضي ولم يخدعوا الجماهير العربية
ولم يسرقوا ثرواتها، ومعظم أعضاء الجماعة من خيرة الشباب والعلماء العاملين ولم
يفرضوا على احد أن ينضم إليهم.
وإذا كانت رؤيتهم لا تروق لنا فعلينا أن نحترم خياراتهم، ولكن عندما
نهاجمهم بدون مبرر فهذا بغي واعتداء غير مبرر ومن أناس لا دور لهم في الحياة
السياسية.
علينا أن نتقي الله في إخوتنا
الذين طالما أناروا الطريق بدعوتهم ودعائهم ودموعهم ودمائهم، الله الله في الدعاة،
الله الله في العاملين للإسلام، هل تجوز الشماتة فيهم وهم يذبحون برصاص دفعوا ثمنه
من قوت عيالهم.
من المستفيد من وأد الديمقراطية
مهما أخطأ السياسيون من أي طيف فإن الزمن كفيل بتصحيح الوضع من خلال
الممارسة السياسية و لكن وأد الديمقراطية يعتبر ردة للوراء وخسارة فادحة ولا
يستفيد منها إلا أذناب الاستعمار والدويلات الاقطاعية والفاشية والإنفصاليون
وأعداء الأمة ككل.
ربما يفرح البعض بآلام الإسلاميين في هذه المرحلة ولكن العجلة ستدور
ويقاسي الجميع نتيجة غفلتهم والله سبحانه وتعالى يقول" اتقوا فتنة لا تصيبن
الذين ظلموا منكم خاصة" فالفتن أثرها يعم ولا يخص والخراب والدمارسيشمل
الجميع.
والوضع السليم في مثل هذه الأحداث أن نتمسك بالمبادئ ونحترم الاختلاف ولا
نسمح بتدخل العسكر في السياسة مهما كان الثمن فهم مفرغون للدفاع عن الوطن وحمايته؛
فالعسكري يتم تدريبه لتدمير العدو زمن الحروب وقد جربنا حكم العسكر في معظم الدول
العربية.
No comments:
Post a Comment