Showing posts with label حرب غزة. Show all posts
Showing posts with label حرب غزة. Show all posts

Friday, January 28, 2011

من غرناطة إلى غزة



         ان الجرح فى غزة غائر و يمتد عمقا لأكثر من خمسة قرون عندما تقاتل أمراء العرب في الأندلس و تحالفوا مع النصارى ضد بعضهم البعض مما أدى إلى خروج الجميع من الأندلس . خرج العرب و المسلمون و البربر و الامازيغ و اليهود ، خرج الأمراء والقادة العسكريون و العلماء وخرج الأثرياء و الفقراء ، خرجوا منها إلى غير رجعة و سالت دماء المسلمين و العرب و البربر و اليهود فلم يسمح الصليبيون في اسبانيا لغير النصارى بالبقاء فيها . و لم تكن حرب إبادة و تصفية لبقية الأعراق فقط بل كانت حرب إبادة جماعية لحضارة إنسانية راقية .


كلمات سقطت من  جدران  الأندلس ، للفنان بشير حمودة
 وكذلك اليوم ينقسم قادة العرب على أنفسهم بعضهم يخشى على كرسيه من الضياع و بعض يخشى غضب أمريكا و إسرائيل ، وكلهم نسى الامانة التي هو مؤتمن عليها ألا و هي كرامة هذه الأمة ، بل نسوا كذلك غضب الله الذي سيحل بهم و عذابه الذي سوف ينزل بهم يوم لا ينفع مال و لا بنون .
 و بسقوط غرناطة انتهت الحقبة الذهبية في تاريخ اليهود ، حيث لم يعرف اليهود عزا و لا منعة مثل ما رأوه في الأندلس . فخرجوا لينعموا بالأمان في كنف الدولة العثمانية من شواطئ المغرب إلى ثغور اليونان في سالونيك. لكنهم في دار  الهجرة هذه بدؤوا التخطيط للعودة إلى ارض فلسطين و اغتصابها من أهلها الأصليين عرب فلسطين .

اغتصاب فلسطين

 سمحت الظروف عند نهاية الحرب العالمية الثانية بتأسيس دولة العصابات الصهيونية على ارض فلسطين و الجميع يعلم حجم المؤامرة على شعب فلسطين. و خاض العرب عدة معارك خاسرة مع إسرائيل بداية بحرب 1948 حيث دارت الحرب على ارض فلسطين ثم عام 1967 حيث دارت الحرب في سيناء و الضفة و الجولان ، و أخيرا حرب رمضان عام 1973 حيث وقف إطلاق النار على أبواب القاهرة و فيها اكتشف قادة العرب أن المخطط لها كان هنري كيسنجر. و أن هذه الحرب كانت تخدم أهداف الاستسلام العربي بالرغم من اجتماع صقور قادة العرب فيها و تسخير النفط و جميع الإمكانيات المادية للعديد من الدول العربية لخدمتها . و تحولت مصر بعد هذه الحرب الأخيرة إلى صديقة حميمة لإسرائيل و تخلت عن مشاريع التصنيع الحربي و بناء القدرات العسكرية و أصبحت احد اللاعبين الكبار في مشاريع السلام التي تخدم إسرائيل بالدرجة الأولى خاصة بعد اختفاء السادات .

سجن المقاومة

ثم أخذت التحركات السياسية و العسكرية لإبعاد المقاومة الفلسطينية عن الحدود الإسرائيلية إلى تونس و بعض الدول العربية كي يتم تدجين معظمها ، ثم تعاد لتسجن تحت سيطرة العدو الصهيوني في الاراضى المحتلة و بالتالي تتحول السلطة الوطنية الفلسطينية إلى حارس ذليل لأمن إسرائيل و سلامة المستوطنين الغزاة على أراضى فلسطين السليبة . و أخذت السلطة تسجن من يختار مقاومة المحتلين، بل و تتآمر على فصائل المقاومة واحدا بعد الآخر. و هاهي اليوم تقف ضد المقاومة الباسلة في غزة .


سجن المقاومة للفنان بشير حمودة  1981
    
            و رضي بعض رجالات المقاومة بوضع هزيل بعد أن قفلت في وجوههم أبواب القادة العرب ، لكن الله سخر لهذا الشعب أطفال ثورة الحجارة  ليصبحوا فيما بعد إبطالا للجهاد و المقاومة . و ينتصر منطق المقاومة في غزة على الصعيد العسكري و السياسي و الفكري ، ويبدأ مخطط التجويع لأهالي غزة و معه الحصار من الدول العربية و من جامعة الدول العربية ، و نحن نعرف كيف كان الدعم يصل إلى الجزائر في أحلك الظروف و كيف تسلل المناضلون إلى الشيشان و العراق ، و كيف كان الدعم و السلاح يصل إلى أصقاع الأرض من الدول العربية إذا توفرت النية . لكن حكام العرب اتفقوا على تركيع المقاومة .
ثم جاء القرار الأخير بتصفية المقاومة في غزة ومعها تصفية الإرادة العربية و الإسلامية المقاومة، وبقيت المقاومة صامدة و الشعب الفلسطيني صامد و مهما كانت النتيجة فالرابح الوحيد في هذه المعركة هو الشعب الفلسطيني و من وراءه كل من يدعمه من العرب و المسلمين. و لو كان المكسب الوحيد منها هو عودة تركيا الى الصف العربي و الاسلامى لكانت الحرب رابحة . وفى جميع الأحوال ستخسر إسرائيل الرهان إذا تمكن المجاهدون من الالتحام معها في كل يوم بدل من رميها من بعيد. و الحرب حرب و هي جولات و لعل الحرب القادمة بإذن الله تكون على ارض فلسطين.

القمة العربية المنقسمة و القرارات المستحيلة

لا يخفى على احد في العالم الوضع المتردي لقادة العرب قبل و بعد اجتياح غزة ، فهم بين خائف على مصيره من غضبة شعبه و بين خائف من غضبة أمريكا و إسرائيل ؛ فحتى الاجتماع أصبح مستحيلا قبل أن تتمكن إسرائيل من إتمام المهمة و التي يبدو أن بعض قادة العرب على علم مسبق بها و لا يريد أن تخسرها إسرائيل ، بل و يراهن على خيارات إسرائيل .
 و لو افترضنا حسن النية و اجتمعت القمة فهل تستطيع أن تكون في مستوى الإحداث لتقرر بعض القرارات التاريخية مثل:
أولا: سحب السفراء العرب فورا من إسرائيل .
ثانيا : قطع العلاقات مع إسرائيل إذا لم تنسحب خلال ثمان و أربعين ساعة .
ثالثا : إعلان الحرب على إسرائيل بنهاية اليوم الثالث لهذا الإنذار.
رابعا: وقف ضخ النفط مع اندلاع الحرب و مقاطعة كل الدول التي تساند إسرائيل.
أن مثل هذه القرار تحتاج إلى قادة يحترمون شعوبهم ويرتكزون على تأييد و دعم ديموقراطى شعبي حقيقا ، أو تحتاج إلى صقور من أمثال عبد الناصر و فيصل و بومدين ومن تعاون معهم .

الخيار الأخير

 في غياب القمة الكامل من المعركة بشكل يرقى إلى درجة الخيانة القومية ليس إمام الشعوب العربية إلا الثورة الشعبية على الحكام خاصة في ظل استكانة القادة العسكريون العرب و رضاهم بعقيدة القصور و المزارع و الجواري و الجياد، بدلا من عقيدة النصر أو الاستشهاد. فلقد مات معظم الضباط و ضباط الصف الذين دربوا الشباب بعد حرب الأيام الستة وتقاعد معظم المتدربين  ولم يدخل احدهم حربا، و كذلك ستمر بقية الدفعات بنفس النهاية. كما أن الأمة دفعت ثمنا باهضا باسم المعركة ، ضحت بالحريات و التقدم و التنمية والديموقراطية ،كما ضحت بأجيال من الشباب في معارك وهمية و لم يبق لها إلا الخيار الأخير ألا و هو الخروج على الخونة و العملاء فلا طاعة لمخلوق في خيانة الخالق ، و لا طاعة لحاكم في خيانة  الأمة .


ثورة الشعب و صرخة الحق  للفنان بشير حمودة 

 أما المقاومة فليس لها إلا خيار المقاومة المسلحة و الاستشهادية ؛ فلا مهادنة و لا سلام و لا صلح مع قتلة الأبرياء من النساء و الأطفال العزل ، و من يطلب الموت توهب له الحياة و ما النصر إلا من عند الله القوى العزيز. و كل مواطن عربي يتقاعس عن دوره سيكون شريكا في الخيانة و شريكا في الظلم و شريكا في هزائم المستقبل و كلنا راع و كلنا مسئول عن رعيته في يوم لا ريب فيه بين يدي الله العزيز الجبار.