الثورة حركة ديناميكية و ليست منظومة إدارية تقليدية و خاصة في مراحلها الأولى، و في العادة تحدث أخطاء و تجاوزات بسبب قلة الخبرة و بسبب الظروف المتفجرة على أرض الميدان التي تفرضها عوامل عدة منها مقاومة النظام المستبد و المستفيدين من ورائه، ناهيك عن المندسين من أزلام النظام فعلى سبيل المثال كان تمكين ألساعدي و عبد الله السنوسي من الخروج من بنغازي ضربة خطيرة لموقف القوى الثورية، فهذا الأمر أفقدها ورقة ضغط كبيرة على النظام. و الحمد لله أن النظام كان يتهاوى بنفسه و غير قادر على التحرك بقوة و سلمت البلاد من انتكاسة خلال المراحل الأولى وربما يرجع الفضل فيها إلى تحرك الأخوة في منطقة الزنتان و من تلاها من المناطق.
ثم تلا ذلك دعوات لتشكيل مجلس أو حكومة وطنية و بدا التردد واضحا على في ذلك استعجال فكثير من الناس في الداخل و الخارج تفاجئوا بسرعة النصر للثورة، و بصراحة تأخر الإعلان و جاء مبهما و غير واضح في مرحلة حرجة من تاريخ ليبيا. ثم تشكل المجلس الوطني و المجلس العسكري و يبدو أن كلا منهما لم يبدأ في أعماله بصفة جدية و إلا كيف يتم ترك البريقة بدون حراسات و يتم ترك مخازن الأسلحة هدفا سائغا للقوات الإرهابية. كما يبدو واضحا تأخر المجلس العسكري في التحرك إلى الإمام للاستيلاء على راس لانوف وسرت لإرباك الكتائب الإرهابية، و عليه فالمشهد العسكري بحاجة إلى تقييم دقيق.
و بالأمس خرج المتحدث باسم المجلس الوطني يطلب ضربات نوعية قبل أن يجتمع المجلس، و لا ندري على أي أساس تم اتخاذ هذا القرار و لكن توالت الانتقادات لهذا التصريح من الداخل و الخارج. و بالنسبة لهذا الأمر استغرب تباطوء المجلس عن الاجتماع إلى يوم السبت فنحن في حالة حرب و استغرب خروج جماعات مختلفة بالاعتراض على تصريح عبد الحفيظ غوقة بدون علم بموازين القوى العسكرية في الداخل. فمع مرور الوقت تزداد قوة النظام الإرهابي و يضعف وضع القوى الثورية في غرب البلاد و هذا تطور خطير و ليس في صالح الثورة. و ربما يكون الإجراء السليم في سرعة التحرك بمفارز مقاتلة باتجاه راس لانوف و سرت لدفع القوات الإرهابية لتوسيع عملياتها في الشرق مما يساعد الأخوة في طرابلس و الغرب عموما.
و في هذه اللحظات الحرجة أطلب من المجلس الوطني و المجلس العسكري الإسراع في التحرك و الاتفاق التام على أي إجراء يتخذ بشكل جماعي مع ضرورة استشارة متخصصين في كل شأن. و في مثل أحوال ليبيا يجب على المجلسين الانعقاد الدائم في بنغازي فالأمر جد خطير و الوضع قابل للتغير في كل ساعة.
كما أطلب من الجميع في الداخل و الخارج الالتزام بقرارات المجلسين فعقلية الفوضى السابقة يجب أن تختفي من ممارساتنا. كما أدعو الجميع في الخارج بالاستعداد للدخول إلى أرض الوطن و المشاركة الميدانية و خاصة الشباب أو الذين ليس لهم التزامات رسمية من خلال أعمالهم تفرض عليهم التأخر في الدخول للبلاد. كما أطلب من الجميع قصر التصريحات للقنوات الفضائية على طلب التأييد العالمي و عدم الخوض في أمور هي من اختصاص المجلس الوطني. علينا أن نمارس الانضباط و أن نحترم المسئولين عن اتخاذ القرارات.
No comments:
Post a Comment