Tuesday, January 25, 2011

الإسلام يحتضر في الصين



المنبر و المحراب في مسجد نانجين

 لقد دخل الإسلام إلى الصين خلال القرن الهجري الأول و مر بفترات من الازدهار نلمسها في الكثير من الآثار و     
 المساجد الإسلامية و دخول أعداد كبيرة  من الصينيين في الإسلام؛ كما مر ببعض الانتكاسات بسبب النزاعات الإقليمية الداخلية حيث تم استهداف المسلمين بالعداء في مرات عديدة من الإطراف الصينية الأخرى. ثم كان الاستهداف الأكبر عند انتصار الثورة الشيوعية في الصين و خير مصدر في هذا الشأن هو كتاب قذائف الحق للشيخ محمد الغزالي، الذي يصف التنكيل بالمسلمين و مصادرة المساجد و الأملاك ، خاصة إذا عرفنا أن معظم المسلمين كانوا يشتعلون بالتجارة.
ويمكن لنا متابعة هذا الأمر من خلال أحوال المسلمين في مدينة نانجين و التي كانت عاصمة الصين إلى عهد انتصار الثورة الشيوعية فيها، و الدليل على هذا  وجود قبور الأباطرة ووجود قصر الحكومة والذي لازال على حاله الاصلى و به مكتب آخر رئيس للجمهورية الوطنية السيد شان كاى شيك الذي انتقل إلى تايوان و أسس بها جمهورية الصين الوطنية.

مكتب الرئيس شان كاى شيك، كما تركه في نانجين
 وحسب الإحصاءات الرسمية يوجد في نانجين حوالي ستين ألف مسلم و كان بها حوالي ثلاثين مسجدا عند قيام النظام الشيوعي أما الآن فلا يوجد فيها إلا مسجدا واحدا كبيرا و أثنين آخرين صغيرين جدا لا يستحقان الذكر لسوء حالهما و صغر حجمهما.


 أما  المسجد الكبير و المسمى بمسجد نانجين النموذجي على مستوى مقاطعة جانغسو فيقع على ارض مساحتها أربعة آلاف متر موقوفة له منذ  سنة 1392 ميلادية ،و يتبع هذا المسجد بعض الاوقاف التي ينفق من ريعها عليه، علما بأن مساحة المصلى لا تزيد عن مائتي متر مربع.

المسلمون في انتظار أذان المغرب
 و يسير أمور هذا المسجد جمعية نانجين الإسلامية و يرأسها عضو في الحزب الشيوعي أصله مسلم و لكنه لا يأتي إلى المسجد و ينوب عنه أحد المسلمين في إدارة المسجد. كما يوجد كبير للجالية و إمام و نائب له و مقرئ للقرآن و هؤلاء الثلاثة يستطيعون قراءة القرآن بالعربية بشكل جيد، أما بقية المسلمين فلا يستطيعون القراءة بشكل سليم وواضح. و يحاول المسجد مساعدة من يزوره للزواج أو العبادة و الرد على الاستفسارات لعامة المسلمين، و لكنه لا يخرج منه أحد لزيارة الناس و دعوتهم و من لا يأتي إلى المسجد لا يسال عنه أحد إلا إذا طلب هو الزيارة في بعض المناسبات.
و هذا المسجد مجهز بحجرات عديدة للاجتماعات و التدريس و الصلاة و به مطعم و مطبخ لتقديم الوجبات خاصة خلال شهر رمضان الكريم، حيث يلتقي عدد بسيط من المسلمين و المسلمات لتناول وجبة الإفطار وأداء صلاة التراويح في كل ليلة من رمضان.

المسلمات في إعداد موائد الإفطارقبيل أذان المغرب
و عادة ما يستهل اللقاء بالمطعم بدعاء قبيل المغرب ثم يتناول الجميع بعض الأكل و بعدها يتم رفع الأذان وتقام الصلاة، ثم يعود الجميع إلى تناول العشاء و بعد ذلك ينتقلون إلى المسجد لتلاوة القرآن قبل أذان العشاء. و بعد الأذان تقام الصلاة ثم بعدها يصلون صلاة التراويح و هي عشرين ركعة و يقرأ الإمام فيها بالفاتحة و آية واحدة في كل ركعة ثم يختم بالوتر، و هم في هذا يتبعون مذهب الأحناف. و المسجد مبنى على الطراز الصيني و مزخرف بخطوط عربية تتميز بها الصين.


المسجد الثالث بالمدينة


وكان من بين المسلمين فى نانجين من اعتكف خلال العشر الأواخرمن رمضان و هو إمام المسجد و اسمه أحمد ، و هو يتميز بقراءة جميلة للقرآن و يشتعل بترجمة بعض الكتب الإسلامية إلى اللغة الصينية.
     و لقد ساهم في استمرار تواجد هذا المسجد العديد من المسلمين و تحتفظ الجالية على عادة الصينيين بقوائم منقوشة على أعمدة خاصة تخليدا لذكرى من عمروا هذا المسجد بالدعم المالي.


قوائم المتبرعين منقوشة على رقيم من القرانيت


و باحات المسجد يزينها بعض اللوحات الجميلة للخط العربي الصيني بشكل دعوى طيب.


موقف الدراجات
ولا توجد قباب و لا مئذنة في المساجد الصينية بل يغلب على عمارتها الطابع المعماري الصيني في شكل البناء و في المواد المستعملة فيه.

مدخل المسجد على الطراز الصيني


سرادق عتيق بساحة المسجد يغطي المرسوم الإمبراطوري ببناء المسجد

     و لو نظرنا إلى أعداد المصلين فنجد أن معظمهم من الكبار في السن فطوال شهر رمضان لم أر أكثر من  طفلين و أربعة شباب أما متوسط أعمار الباقين فهو في الخمسين سنة، و هذا عائد للتضييق على المسلمين من حيث عدم تدريس الإسلام في المدارس و منع من هو من خارج الصين من تدريس المسلمين و استيلاء الدولة على معظم المساجد حيث لم يتبق في نانجين إلا ثلاثة مساجد من أصل ثلاثين مسجدا كانت بهذه المدينة.
         و إذا أضفنا إلى هذا تحديد النسل بطفل واحد لكل عائلة  في هذه المدينة ككل المدن الكبرى نجد أن عدد المسلمين يهبط إلى النصف مع كل جيل، ناهيك عن حالة الفقر العام البارزة في المسلمين. و إذا أخذنا في عين الاعتبار الحالة العامة للشعب الصيني من حيث أنه لا يفكر كثيرا في العقيدة و لا يهتم بالدين أصلا فيتضح أن عدد المسلمين لن يزداد كثيرا بالدعوة إلى الإسلام حيث لا يقبل الصينيون على الإسلام؛ و بسبب هذا كله رأيت أن الإسلام يحتضر في الصين ببطء بعدما أحكم الخناق عليه النظام الشيوعي وساعده على ذلك عدم اكتراث العالم الإسلامي وإهماله لدوره  في نصرة المسلمين المضطهدين ، بالإضافة إلى غياب العمل الخيري التطوعي الشعبي بين الشعوب الإسلامية.


No comments:

Post a Comment