لوحة نحاسية في مدخل مسجد شاو تاو يوان بشنغهاي
واحات الإيمان و مستنزل الرحمات و مجامع الملائكة في جميع بقاع الأرض هي بيوت الله، حيث يذكر فيها اسم الله و تقام الصلوات و ترفع الدعوات و تعقد حلق الدرس و مجالس الذكر و تبنى فيها عرى الأخوة و المحبة في الله. و في الصين مثل غيرها من الدول التي دخلها الإسلام يوجد العديد من المساجد القديمة جدا و الحديثة، وهي منتشرة في بقاع الصين المختلفة وتتميز ببعض المزايا و الصفات النابعة من الثقافة و التراث الحضاري الصيني و العربي الإسلامي.
دخول الإسلام إلى الصين
مسجد سونغ جيانغ بشنغهاي تأسس سنة 1295 م
دخل الإسلام إلى الصين منذ حوالي أربعة عشر قرنا و أصبح عقيدة مشتركة لدى عشر أقليات قومية في هذه البلاد الشاسعة و هي” هوى و الو يغور و القازاق و القرغيز و التتار و الأوزبك و الطاجيك ودونغشيانغ و سالار و باوآن"، و يبلغ تعداد المسلمين حوالي 25 مليون نسمة في الصين على أقل تقدير. و قد اتفق المؤرخون الصينيون على أن أول مندوب من الخليفة عثمان بن عفان رضى الله عنه وصل إلى مدينة نشانغآن و التي تعرف الآن بمدينة شيآن و كانت عاصمة للصين آنذاك. وصل هذا المبعوث في 25 أغسطس سنة 651 م و قابل الإمبراطور فاوتسونغ من أسرة تانغ التي حكمت الصين من سنة 618 م إلى سنة907 م. و قدم هذا المندوب شرحا للإمبراطور عن أحوال بلاد المسلمين و الشريعة الإسلامية إجمالا. و مع ازدياد الاتصالات بين المسلمين و الصين استوطن عدد من العرب الوافدين الصين ثم ازدادت أعدادهم في القرون اللاحقة مع قدوم بعض الفرس المسلمين. و أصبح للمسلمين نفوذ كبير في الصين لدرجة أن مسلما يدعى أبو شوقي العربي تولى منصبا عاليا في الحكومة. ثم مع مرور الأيام برز من المسلمين الصينيين من تقلد مناصب حكومية و عسكرية رفيعة و حضوا برضا الأسر الحاكمة و دعمها لهم و للإسلام، بل أصبح للمسلمين أثر بارز في الحياة الثقافية و الفكرية من خلال استخدام الأحرف و اللغة العربية ، و لا زلنا نرى الكتابة بالأحرف العربية على العملة الرسمية الصينية الحالية.
ورقة عشرون يوان تحوى كتابة بالأحرف العربية
المساجد في الصين
في بحر أربعة عشر قرنا من الزمان بنى المسلمون من مختلف القوميات في الصين العديد من المساجد الصغيرة و الكبيرة و تفيدنا بعض الإحصاءات الغير كاملة إلى أن عدد المساجد في الصين يبلغ 25 ألف مسجد و هي تنتشر في ثلاثين مقاطعة و بلدية و منطقة ذاتية الحكم و كذلك في تايوان و هونغ كونغ و ماكاو. و لكن الحولية التي نشرتها دار تلغراف العالم الأمريكية سنة 1948 م تشير إلى أن عدد المساجد في الصين بلغ اثنان و أربعون ألف مسجد.
مسجد شاو تاو يوان حديث التصميم بشنغهاي تأسس سنة 1917 م
بعض هذه المساجد له تاريخ عريق و بعضها رائع الهندسة و جميل التنفيذ و بعضها متألق بضياء التبادلات الثقافية بين شعوب الصين و العرب المسلمين و هي تعتبر من الآثار التاريخية الفريدة بالصين.
تطور مفهوم المساجد في الثقافة الصينية
مع بداية دخول الإسلام إلى الصين عن طريق التجار العرب المسلمين كان الصينيون يسمون المسجد " لي تانغ" و تعنى قاعة الاجتماع، حين لم يستوعبوا الصلاة بالكامل. ثم بعد ذلك أطلقوا عليه اسم"لى باى تانغ" و تعنى قاعة الصلاة و بعد ها أطلقوا عليه اسم "سى تانغ" و تعنى المتعبد و في أواسط القرن الثالث عشر أخذ المسلمون الصينيون يطلقون على المسجد"تشينغ تشن سى" و تعنى بالعربية متعبد الصفاء الحق. و أصبحت هذه التسمية هي الشائعة و تشير كلمة تشينغ و معناها الصفاء إلى الله فهو صاف لا تشوبه شائبة أبدا, بينما يشار بكلمة تشن أي الحق إلى أن الله واحد أحد، أما كلمة سى و تعنى المتعبد فهي كلمة مستعارة من البوذيين و النسطوريين الصينيين.
أقدم المساجد في الصين
يرد ذكر أهم و أشهر و أقدم أربعة مساجد في الصين في كثير من المصادر، و منها كتاب " تحفة النظار في غرائب الأمصار و عجائب الأسفار" للرحالة العربي الكبير ابن بطوطة الذي زار الصين و تحدث عن مساجد الصين و أهلها. و المساجد الأربعة هي:
مسجد الحنين إلى النبي أو مسجد هوا يشنغ.
مسجد الصحابة.
مسجد الدين الحق أو مسجد العنقاء و هو مصمم على شكل عنقاء.
مسجد الكركى و هو مصمم على شكل طائر الكركى.
و قد بنيت في الفترة الأولى لدخول الإسلام إلى الصين و لكن أهمها بالنسبة لهذه المقالة هو مسجد الحنين إلى النبي، حيث يشير اسمه إلى قرب فترة عهد النبي محمد بن عبد الله صلى الله عليه و سلم من تاريخ بنائه و تتجلى في الاسم محبة الرسول الكريم و الشوق إليه.
مسجد الحنين إلى النبي
يقع مسجد الحنين إلى النبي أو مسجد هوا يشنغ في مدينة قوانغشو و قد تم بنائه على يد الجالية العربية المسلمة و في الأصل أسسه شخص عربي يدعى وقاص و لقد اختلط الأمر على كثير من المتأخرين فاعتقدوا انه سيدنا سعد بن أبى وقاص و هذا خطأ فسيدنا سعد لم يصل الصين و لم يدفن فيها. أما وقاص المؤسس فقبره موجود على مقربة من جسر ليوهوا في ضواحي قوانغشو و جرت العادة على تسميته ضريح "الحكيم المرحوم" و المسلمون عادة يزورون قبره في الأعياد الإسلامية. ويوجد بداخل المسجد رقيم منقوش عليه باللغة العربية الفقرة الآتية:
" هذا أول مسجد في الصين، بناه سيدنا وقاص رضي الله عنه إذ دخل هذه الديار لإظهار الإسلام بأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم جدده المتأخرون مرة بعد مرة. و قد حفظه الله تعالى إلى الآن سليما من الآفات. و هو في الصين مبدأ الإسلام و منبع العلوم. فينبغي لمسلمي الصين أن يزينوا ظاهره بالعمارة الحسنة، و يصلحوا باطنه بإقامة الجماعة. و على مسلمي هذا البلد خصوصا إنشاء مدرسة، فاعتبروا يا أولى الألباب. التوقيع سليمان عبد الكريم"
ومن هذا الرقيم يتضح أن وقاص هذا غير سيدنا سعد، فكاتب هذا الرقيم عربي و كتبه باللغة العربية و هو كان القائم بشؤون المسجد. و كم أتمنى أن يقوم احد المختصين بالتاريخ الاسلامى بدراسة مثل هذه الأمور فالكثير من التراث العربي الاسلامى موزع في الصين و يحتاج إلى الدراسة و التوثيق.
تطور بناء المساجد فى الصين
بدأت الكثير من المساجد في هذا البلد بأحجام صغيرة و قد يصل بعضها إلى مستوى الأكواخ الخشبية في حالات العمل المهاجرين و لكنها تنمو و تزداد اتساعا مع نمو عدد المسلمين في المنطقة و مع زيادة قدراتهم المالية. و معظم المساجد الأولى بناها تجار مسلمون مهاجرون من العرب ثم بعد ذلك من الفرس. و مع مرور الوقت بدأ المسلمون الصينيون يبنون المساجد بدرجات متفاوتة، بعض الأسر بنت مساجد و بعض الرجال أو بعض النساء تبرعن ببناء مساجد كما قام بعض الحكام من غير المسلمين ببناء بعض المساجد تكريما لإخلاص و أخلاق المواطنين المسلمين، بل وصلت الثقة بالمسلمين في بعض الأسر الحاكمة لدرجة أن الحراس الشخصيين للإمبراطور و أسرته كانوا من المسلمين و ذلك لحسن أخلاقهم.
رقيم يحمل المرسوم الامبراطورى ببناء مسجد نانجين
و هناك مساجد خاصة بالنساء في الصين و ذلك لتوفير الخصوصية لهن خاصة إذا عرفنا إن بعضهن قادم من الأرياف للعمل في المدينة، و قد يكون هذا المسجد ملحقا بمسجد للرجال أو مستقل بالكامل و تؤمهن إحدى النساء في الصلاة.
مسجد شاو تاو يوان للنساء بشنغهاي
و لقد تعرضت بعض المساجد للهدم على يد بعض الآسر الحاكمة الظالمة، كما تم إغلاق جميع المساجد و تحويلها إلى استخدامات أخرى خلال الثورة الثقافية في الصين التي تعاملت مع الدين بشيء من الهوس خلال الفترة من 1966 م إلى 1976 م، و في هذه الفترة تمت سرقة العديد من الأشياء الثمينة فى المساجد و لكن بعد القضاء على عصابة الأربعة الشهيرة و تحول الصين إلى مسيرة الإصلاح قام المسلمون بالمطالبة بمساجدهم و قد عاد معظمها إليهم إلا التي تم تدميرها.
مسجد شاو تاو يوان للنساء من الداخل
و للمسلمين في الصين مقولة جميلة تقول:"إن مثل المسلمين الذين فقدوا المساجد كمثل الأسماك التي فارقت الماء". و هذه المقولة تعكس مرارة شعورهم خلال الثورة الثقافية المجنونة. و لكن مشوار إصلاح و ترميم و إعادة بناء المساجد لا زال يتلكأ بسبب نقص الموارد المالية عند المسلمين في الصين.
تحف المساجد الصينية
نموذج للخط العربي الصيني مسجد نانجين
تتزين المساجد في الصين بتزاوج الفن المعماري العربي الإسلامي ومع العمارة الصينية التقليدية في شكل المسجد و توزيع قاعاته و ساحاته و أشكال الأسقف و المداخل بالإضافة إلى الزخارف بالخط العربي الصيني المموج. و هي تعتبر تحفا فريدة في فن العمارة الإسلامي و الصيني العالمي.
زخرفة بالآيات القرآنية مسجد نانجين
كما تحتوى المساجد على العديد من المخطوطات النادرة من الكتب و المصاحف و المواعظ و اللوحات الفنية على الخشب و الورق الصين و الخزف و المعادن.
خطوط على الخزف 1520م متحف شنغهاي
أضف إلى هذا عدد من المباخر القديمة و السبح النادرة و كميات كبيرة من الرقائم جمع رقيم، و هي قطع من صخر القرانيت نقش عليها معلومات تاريخية عن المساجد و العلماء و الناس التي تبرعت للمساجد.
رقيم بقوائم المتبرعين للمسجد بنانجين لكل حقبة
مبخرة من النحاس منقوش عليها حديث أفضل الذكر
1550م مسجد نانجين
مهام المساجد في الصين
تمثل المساجد مركز الحياة للمسلمين في الصين في غياب أية جهة رسمية ترعى شؤونهم الدينية. و تتكفل المساجد بتقديم جميع المهام المطلوبة في حياتهم سواء الدينية أو الدنيوية و هي تقوم بالاتى:
إقامة العبادات الإسلامية من صلاة و صيام و زكاة و تنظيم رحلات الحج و العمرة.
نشر المعارف الدينية لغير المسلمين لأغراض الدعوة.
تعليم المسلمين شؤون دينهم من خلال برامج التعليم الديني.
تعليم اللغة العربية و القرآن الكريم.
تجهيزات تعليمية بمسجد النساء بشنغهاي
استقبال الضيوف و مساعدة المحتاجين.
معالجة الشؤون الدينية الروتينية، مثل عقد الزواج و العقيقة و الختان و توفير اللحم الحلال و ما شابه هذه الأمور.
حل النزاعات بين المسلمين.
تنظيم الأنشطة الرياضية و رعاية الشباب.
الاحتفال بالأعياد و المناسبات الإسلامية.
صلاة عيد الفطر لعام2010 م في مسجد نانجين
أبرز معالم التعليم الديني في المساجد
لقد بدأ التعليم الديني في المساجد مع قدوم المهاجرين المسلمين الأوائل و كان المؤسسون لهذا النشاط من العرب ثم بعدهم من الفرس إلى أن تمكن الصينيون من علوم اللغة العربية و الدين و حملوا لواء التعليم الديني. و يعد الشيخ هو دنغ تشو أول من دعا إلى التعليم الديني السليم المنطلق من الكتاب و السنة عندما رأى تسرب العديد من الخرافات إلى أنماط السلوك و التفكير الديني و لهذا لقبه الصينيون "أستاذ الأساتذة" تعظيما له و إكبارا لدوره، و هو من علماء القرن الحادي عشر ميلادي و قد لعب دورا بارزا في تصحيح التعليم الديني في الصين. و كان من عادته أن يطعم من جاءه لطلب العلم و يعلمهم بكل رضا بالمجان فهو كان ميسور الحال. و لقد كان جادا في التعليم إلى أقصى حد، و من ذلك انه وضع خمسة شروط أو مواصفات للعلماء المطلوبين للتعليم.
مواصفات الشيخ المعلم
من أجل نجاح المعلم في تربية الطلاب و تعليمهم يرى الشيخ تشو ضرورة توفر الشروط الأتية:
التمكن من علوم الدين
إتقان طرق التعليم و البراعة فيها
التحلي بالخصال الحميدة دون أدنى شائبة
أن يكون داعية و قدوة قولا و عملا
الزهد في الحياة الدنيا عن رضا و طيب خاطر
و قد تتلمذ على يدي هذا الشيخ العديد من العلماء عبر عدة أجيال مما أثرى التعليم الإسلامي في الصين. و مما يذكر عن عمق الدراسة لديه أن دراسة كتاب العقائد و هو من تأليف نجم الدين عمر النسفى كان يستغرق اثنتا عشرة سنة في أقصى حد.
كما برز في الأجيال اللاحقة عالم آخر مرموق المكانة هو الشيخ شه تشي لينغ، و كان له دور بارز في في محاربة البدع و إلغاء الممارسات المخالفة للشريعة من العادات و التقاليد. و هو يعتبر رائد لا مثيل له في هذا المجال فالصينيون بصفة عامة لا يحبون مواجهة الواقع الخاطئ و معارضته. و كان الشيخ شه عالما ومربيا مبدعا و قد وضع شروطا صارمة لقبول طلاب العلم في مدرسته.
مواصفات طلاب العلم الشرعي
و تتلخص مواصفات و شروط القبول للطلاب حسب ما رآه الشيخ شه تشى لينغ في النقاط الآتية:
تكون أولوية القبول للناشئين الأذكياء ذوى التربية الصالحة.
لا يقبل طلاب فوق الثلاثين سنة إلا إذا تبين أنهم من الموهوبين الحريصين على دراسة علوم الدين.
لا يقبل طلاب فوق الأربعين سنة إلا إذا كانوا جادين في الدراسة و متأدبين في المعاشرة و زاهدين في الحياة الدنيا و مواظبين على تهذيب و تزكية أنفسهم.
عدم قبول الأطفال.
تكون أولوية القبول للمخلصين الأقل ذكاءً بدلا من الأذكياء الماكرين.
و كان من عادته أن يشرح الدرس ثم يلزم الطلاب بتكرار القراءة لعدد قد يصل ثلاثين مرة، حتى يحفظ الطالب الدرس و يتقن النطق و الفهم لمعانيه.
و كان من عادته أن يشرح الدرس ثم يلزم الطلاب بتكرار القراءة لعدد قد يصل ثلاثين مرة، حتى يحفظ الطالب الدرس و يتقن النطق و الفهم لمعانيه.
و كان الطلاب في ذلك الزمان يعيشون في ظروف فقر قاسية في المدارس الإسلامية، و يزودهم الفلاحون في المنطقة بقليل من الطعام و يقيمون في حجرات باردة جدا في الشتاء و ساخنة في الصيف و لكن من يطلب العلم يصبر على ما يلاقي في سبيله و لولا ذلك لاختفى العلم الشرعي من الصين.
أما في عصرنا الحالي فالظروف أحسن من أي وقت مضى و توجد العديد من المدارس و المعاهد و لكنها لا تفي بالغرض المطلوب نظرا لنقص الموارد المالية للمسلمين الصينيين. و تقدم بعض الدول العربية و الإسلامية منحا دراسية لهم و لكن عددها قليل و يحتاج المسلمون في الصين إلى اهتمام أكبر و دعم أقوى. ففي الوقت الذي تنشط فيه جمعيات التبشير و تقوم ببناء مئات الكنائس لا يوجد مجهود دائم يذكر من دولنا العربية باستثناء ليبيا حيث تقوم جمعية الدعوة الإسلامية بنشاط في مدينة بجين من خلال المسجد الذي بنته و تشرف عليه.
أهم آثار التعليم الإسلامي في الثقافة الصينية
من ابرز معالم التراث الثقافي الصيني العربي الإسلامي المتأثر بالتعليم في المساجد في الصين هو" شياو أر جينغ " و تعنى بالعربية كتب الأطفال المقدسة. و هي عبارة عن الثقافة الصينية مكتوبة بالحروف الهجائية العربية و الممزوجة ببعض المفردات العربية و الفارسية. ففي كتاتيب المساجد كان أبناء المسلمين الصينيين يدرسون القراءات العربية و الفارسية باللغة العربية، و حيث أن هؤلاء الأطفال كانوا يتكلمون باللهجة الصينية الدارجة وسط التجمعات السكانية الإسلامية و لا يعرفون كيف يكتبونها، فكانوا كل ما صادفوا كلمات أو عبارات صعبة الحفظ في دراستهم قاموا بشرحها باستخدام الألفاظ الصينية و كتبوها بالحروف الهجائية العربية مع إدخال بعض المصطلحات و العبارات العربية و الفارسية المناسبة. و هكذا تكونت كتب الأطفال المقدسة ففيها علم شرعي إسلامي و ثقافة صينية و مكتوبة باللغة العربية.
No comments:
Post a Comment