Wednesday, January 26, 2011

ما أجمل أن نلتقي حول الوطن


الهادي غيلوفي:باحث في التاريخ
hedibag@yahoo.com  


     ما أجمل أن نلتقي مجددا حول الوطن بعد أن فرقتنا الاديولويجيات والصراعات ، تشهد ساحة القصبة هذه الأيام أجمل أيامها حيث إنها جمعت أبناء تونس من مختلف الجهات والفئات والاديولويجيات ، من شباب ورجال وكهول ونساء وفتيات في حلقات ومسيرات في جوا يسوده الوئام والحوار والذكريات . الكل يعبر عن رأيه دون إقصاء ولا قمع والكل يجمع علي رفض الالتفاف علي الثورة ومكتسباتها وأهمها الحريات التي حرم منها الجميع علي امتداد 55 سنة من دولة الاستقلال والاستبداد ، عهدين رفع فيهما الصوت الواحد وهيمن فيهما الرأي الواحد و الحزب الواحد . هنا في ساحة الشعب كما يحلوا للشباب تسميتها حاليا حلقات نقاش بين مختلف الفيئات شباب وكهول  ومختلف الحساسيات والتيارات الفكرية والسياسية من مختلف الأجيال المناضلة فكمي الثروات تورث فالثورات تورث فما أجمل أن يلتقي مناضلين اختلفوا في الماضي ويتذكرون سنوات الجمر التي أحرقت الكل من يساريين وقوميين وإسلاميين وحقوقيين. سنوات تميزت بالسجون وكم الأفواه وقمع الحريات والإقصاء.
ما أجمل أن تلتقي الأجيال السابقة من المناضلين مع أبطال ثورة التحرير ثورة جانفي 2011 هؤلاء الشباب الذي مل جلهم نظام ولدوا وترعوا فيه ولم ينالوا منه سوي الوعود الكاذبة . أرهقهم نظام الجنرال وسد أمامهم الأفاق فقرروا أن يكسروا القيود وينتفضوا ليحرروا أنفسهم ووطنهم كانت لهم الجرأة علي انجاز ما عجز عليه جيلنا والأجيال التي سبقتني . لكن هذا الجيل في أمس الحاجة لينهل من التجارب السابقة من الأجيال التي سبقته لكي لا يقع في أخطائهم هذه الأجيال التي اختلفت واصطدمت وتصارعت في حروب مجانية كان النظام يغذي هذه الصراعات .
ما أجمل إن تلتقي هذه الأجيال لتتصارح وتتصالح لتستخلص الدروس من أخطاء الماضي المتمثلة في ثقافة الإقصاء ورفض الأخر التي مكنت النظام من تصفية كل الأطراف الواحد تلو الأخر وكل واحد ينئي بنفسه أما خوفا أو شماتة  ليتجرع الجميع من نفس الكأس كأس السجون وكم الأفواه لكي لا يبقي علي الساحة سوي عبدت الصنم أولائك الانتهازيين من مختلف الحساسيات الذين أعلنوا الولاء والطاعة إما بالتحاقهم بالحزب الحاكم أو الذين فتحوا دكاكين(أحزاب) تعود ملكيتها له ليشاركوا في حفلة النهب المنظمة لممتلكات الشعب الكل ينال نصيبه وعلي قدر أهل العزم تأتي العزائم.
ما أجمل أن نستخلص دروس الماضي لنبني عليها المستقبل بأقل الأخطاء و أن نتجاوز الفرقة والاختلافات الصراعات الهامشية لقد تصارعت كل التيارات والحساسيات وأمطرت بعضها بعضا بشتى التهم  والشتائم والنعوت من الإلحاد إلي الظلامية إلي الشوفينية هذه الصراعات هي التي مكنت النظام من الهيمنة علي البلاد وقهر العباد وخلف تركة ثقيلة من الفقر والديون والتصحر السياسي والثقافي والفكري وعلينا أن نعمل علي محو أثاره جميعا . فعلينا جميعا أن نعمل علي بناء وطن لكل أبناءه بلد تسوده ديمقراطية توافقية تقوم علي تبني نظام سياسي يكفل حق المشاركة ، نظام برلمانا لا رئاسيا نظام تحكمه حكومة برلمانية تقوم علي المحاسبة والمسائلة وتكفل الحريات السياسية والفكرية والثقافية . فلنتوقف عن عبادة الأفراد والزعامات التي لا تقود إلا إلي الاستفراد.
لقد آن الأوان لنقول بأننا جميعا شركاء في الوطن ونعمل علي الحفاظ عليه وعلي ثورته ولا نتركه بأيدي عصابات النهب الاقتصادي والسياسي. لقد ناضلت أجيال تلو الأجيال لنصل إلي هذا الانجاز التاريخي الذي أنجزه الشباب الذي تبين بالفعل بأنه هو الحل ولكننا جميعا مطالبين بمد العون له دون وصاية علي أفكاره وطموحاته فالنعمل علي  فتح الفضاءات والمنتديات والمنابر لنجذر تجربتنا الديمقراطية القائمة علي القطيعة مع الماضي الأليم تجربة تقوم علي احترام إنسانية الإنسان فعلا لا قولا .
وليدرك الجميع أن لا وطنية بدون مواطن و إن هذا الوطن يتسع للكل لجميع أبناءه ، فلتعش تونس حرة دون وصاية وليعمل الجميع علي حماية هذه الثورة ومكتسباتها ولعل أبرزها هو كسر الانفراد والاستفراد وحق حرية التعبير والتنظيم وكفالة حق الحريات لكل الفيئات والحساسيات تلك الحريات التي تطلق العرين للإبداع في مختلف المجالات الفكرية والثقافية والاقتصادية وليبقي شعارنا دائما :
 تونس حرة حرة والطغاة علي بره.                       


No comments:

Post a Comment