Saturday, February 5, 2011

قناة الجزيرة هي جزيرة العرب



               قناة الجزيرة هي جزيرة العرب أو صوت الحق في عالم العرب و لا أقول صوت العرب فلقد تحول هذا الاسم إلى عنوان لأكبر تهريج في تاريخنا الحديث. و إذا وضعنا تاريخا للنهضة العربية الشعبية الحقيقية التي تفجرت في فجر القرن الحادي و العشرين فستكون الجزيرة بطل هذه المرحلة، فلقد عرت زيف النظام التونسي و زيف و بلطجة النظام المصري العميل لإسرائيل و أمريكا و الخائن لشعب مصر. و مشوار الجزيرة في تعرية أنظمة الزيف العربية بدا منذ يوم  ولادتها، فبرامج شاهد على العصر و منبر الجزيرة و بلا حدود و نشرات الأخبار كانت كلها  مشاعل سلطت الضوء علي بؤر الخيانة و العمالة و الظلم و رسمت المعالم على طريق الثورة الشعبية العربية و التي تمثل مصر الفصل الثاني و ليس الفصل الأخير فيها، فنحن نتوقع مسلسل تهاوي أنظمة القمع و الخيانة و الفساد في كل أرجاء العالم العربي مع سقوط عمود العملاء العرب في مصر.
     لأول مرة في تاريخنا الحديث تبرز قناة إعلامية حرة و محترفة تتحدث لغة الشارع في صدق و بساطة و تصف آلام و أحلام المواطن العربي دون متاجرة أو أهداف و أجندات خاصة. و كلنا يذكر ما قامت به في أثناء غزو العراق و تدمير قدراته العسكرية و التقنية و كيف وصل الأمر بالأمريكان و حلفائهم إلي حد الهجوم المسلح علي مقرها و اغتيال مراسليها، و كذلك الحال عند ما حدث الاعتداء علي غزة، ثم عند كشف وثائق خيانة السلطة الفلسطينية و تآمرها علي المقاومة و تعاونها الأمني مع إسرائيل.
        إنه لمن المؤسف حقا أن نرى بعد كل هذه المدة على استقلال الدول العربية الرجعي منها و التقدمي و الملكي منها و الجمهوري مدى احتقارها مجتمعة للإنسان العربي و ازدرائها بحقوقه المشروعة في الحرية و العدالة و العيش الكريم. و لقد تمت معاملة الإنسان العربي معاملة تخجل منها الكلاب في زماننا هذا، فلقد زوروا تاريخ الأمة و نسبوا لأنفسهم أدوار الأبطال و سرقوا حاضرها بالاستيلاء على ثرواتها و تحويلها إلى مصارف الدول الغربية، بل و تجرؤوا على تدمير مستقبلها من خلال تدمير قيمها الحضارية و الثقافية و تجهيل شبابها. و ليس أمر على المرء مرارة من أن يكتشف من خلال برامج الجزيرة أن سكان القدس يفضلون العيش تحت سيادة إسرائيل على العيش في ظل دولة فلسطينية، إن مجرد تفكير المواطن المقدسي في هذا الأمر يدلنا على معنى الاستقلال المزيف في بقية البلاد العربية.
      تصوروا ما كان سيحدث لولا وجود الجزيرة عند ما شبت أحداث تونس بالتأكيد كان بإمكان فرنسا و أمريكا التدخل في جنح الظلام لإنقاذ بن علي و لو أدى الأمر إلى الاستعانة ببعض الأنظمة العربية لكي يكون القاتل و المقتول عربيا و الرابح هي أجندات الغرب. فالعالم لم يعرف بما جرى بسبب التعتيم الإعلامي في الأيام الأولى و لكن وجود الجزيرة أنقذ الشعب التونسي من حقبة بؤس أخرى. و كذلك الحال في مصر لولا وجود الجزيرة في الميدان لقامت الطائرات المصرية بتدمير المتظاهرين ثم مسحت الدبابات أثر كل شيء. فالجيش المصري متواطئ مع النظام و هو جزء لا يتجزأ من السلطة الحاكمة، فمبارك خرج من رحم الجيش برعاية أمريكية عند ما اتفقت أطراف اللعبة على تصفية السادات. و مما يجدر ذكره هنا أن أحد كبار خبراء الأمن القومي في أمريكا قال في محاضرة بجامعة بيتسبرق بولاية بنسلفانيا قبل عام من تصفية السادات: إن السادات انتهى دوره في عملية السلام و ربما يصبح خطرا عليها. بل و كرر ستة مرات خلال ساعة واحدة أنه يجدر التخلص منه" بره شينكة" بلغة أهل الكارطة،   كانت الكلمة استخدمها ستة مرات لوصف المرتبة التي يستحقها. discard able
  من كل ما تقدم تبرز لنا أهمية حرية التعبير و دورها في حماية الجماهير و مكتسباتها، كذلك يبرز لنا من خلال أحداث الأسابيع الماضية أهمية حق التجمع و التظاهر للمطالبة بالحقوق المشروعة للمواطنين، ناهيك عن دور منظمات المجتمع المدني و الأحزاب السياسية في تنظيم الحراك الجماعي للجماهير. كما يجب أن لا ننسى أهمية وضع أسس جديدة للمؤسسات الأمنية و العسكرية و تصحيح عقائدها لتتحول إلى أداة لحماية الشعب بدل حماية الأنظمة الفاسدة إذا كان الشعب هو مصدر السلطات بالفعل.
  و في مناخ التشويش علي قناة الجزيرة و محاربتها يجب علينا أن نهتم بتطوير قدراتنا في مجال المعلوماتية و شبكة المعلومات و تسخيرها لخدمة أهداف النهضة العربية و التواصل بين الشعوب في داخل البلدان و خارجها. و في خضم هذه الأحداث كلها يجب أن لا ننسى أهمية حقوق الجميع في التعبير عن الرأي و في المشاركة السياسية دون إقصاء لأحد و على احترام الاختلاف في وجهات النظر فلا يجوز أن نستبدل إرهاب الدولة بإرهاب الأحزاب أو الجماعات أو التجمعات أو دعاة الإصلاح.


No comments:

Post a Comment