Thursday, February 10, 2011

الهيئة الكونية للبحوث الإستراتيجية



في اجتماع قمة طارئ لعدد من الدول النامية للنظر في سبل دفع عجلة النمو فيها وتسريع النهضة الصناعية، حتى يتسنى لها اللحاق بالدول المتقدمة المقيمة على سطح المريخ وذلك بحلول عام 2200م ، وبناءً على ما اقترحه العديد من الزعماء والمفكرين والعلماء قرر الحاضرون تأسيس الهيئة الكونية للبحوث الإستراتيجية بحيث تتولى إدارة البحث والتطوير على مستوى الدول المشاركة فيها، وتنطلق في عملها هذا من مشروع حيوي مضمون النتائج ، يلبى تطلعات مجتمعاتها. ونظرا لأهمية الماء والموارد المائية تقرر البدء في تطوير الشلال وتم تشكيل عدد من الفرق البحثية المختلفة كي تعالج الأمر من عدة زوايا. وسوف نتطرق لأعمال الفرق المختلفة ونستعين في هذا برسومات الفنان فتحي الشويهدى التي غطت جميع جوانب ومراحل المشروع. 


أولا: مرحلة التقصي والبحث 




قبل الشروع في مراحل البحث و التطوير رأت الفرق مجتمعة ضرورة دراسة حقيقة الشلال و دوره في المجتمع من حيث الأهمية الإستراتيجية و من حيث الإيحاءات التي يبعثها من حين لأخر بين فئات المجتمع. فهو ينساب حرا بلا قيود و يلامس حبات الهواء و يتطلع إليه الناس، و تدور حوله العصافير و يصدر اصواتا جميلة و غير مفهومة، كما يأخذ حقه من الهواء و أشعة الشمس مباشرة. و بناء على نتائج هذا التقصي تم تشكيل عدة فرق بحثية. 

ثانيا: فرق البحث

فريق المظهر الجمالي

و يعنى هذا الفريق بتحسين الجماليات و إضافة بعض المحسنات و ينطلق عبر عدة محاور أولها : دراسة اثر الموسيقى على عملية الانسياب من حيث السرعة و التناغم مع حركة الهواء و الطيور. و ربما يواجه هذا الفريق معارضة ممن يحرم الموسيقى و يجرم من يستمع لها.
 




بينما اقترح بعض الأعضاء الاستعانة بالجراحة التجميلية لتشكيل و تحديد معدل و شكل انسياب المياه بالطريقة التي ترضي المسئولين و تضمن الأمن العام. 



أما البعض الأخر فرأى استخدام الرسم و الأصباغ و معدات التجميل الخارجي لتلميع صورة الشلال دون إيذائه أو التأثير عليه مباشرة. و يمكن بهذه الطريقة إبراز الألوان المطلوبة أو المحببة للمسئولين عن المشروع و تعديلها عند الحاجة. 





فريق العمل التطبيقي

تنحصر فكرة هذا الفريق في استخدام الشلال و تسخيره لخدمة المجتمع ، حيث اقترح بعض أعضائه فكرة عصر الشلال كي يتم جنى بعض المستخرجات كما الأمر في عصر الزيتون.





 طبعا كلهم يعرف النتيجة لكن المهم هو تمرير الوقت و صرف الميزانيات و شغل وقت البحاثة. 
أما باقي الفريق فرأى ضرورة استخدام الشلال في الصناعات المحلية بما يلائم حاجة المواطنين في الصناعات الغذائية على سبيل المثال. 


و هذا ربما يحقق رضا الجماهير و يناسب ذوقها. 



فريق الفوضى الخلاقة



يقترح هذا الفريق الحاجة إلى فوضى كي تتضح الرؤية و يتفق الجميع على الحاجة للنظام، و هذا الطرح يتمشى مع الرؤية الأمريكية الأخيرة في الشرق الأوسط. و تتمركز هذه الفكرة على انقلاب الشلال و بالتالي تتغير قواعد اللعبة و يقتنع الجميع بدور البحث و التطوير و ربما تتأتى نتائج غير متوقعة تثرى فكرة المشروع. 


فريق الصراع الحتمي


و يرى هذا الفريق أن الشلال يسير وفق قواعد رجعية متخلفة و ظالمة و لا مفر من الصراع الحتمي لتغيير الواقع كي يحدث التقدم، فمرحلة الصراع الفكري لا تجدي نفعا و بالتالي تم استعراض الاحتمالات المختلفة للدخول في صراع مباشر مع الشلال. فبدأ الأمر بالاشتباك اليدوي لتطهير الشلال من العملاء و الخونة و المرتدين. 



ثم بعد ذلك تطور الصراع إلى استخدام السلاح الأبيض و سالت الدماء على ضفاف الشلال و تقطعت بعض أوصاله. 


و تمادى دعاة الصراع في هذا إلى أن وصل الأمر إلى استخدام السلاح الناري.


 و بالتالي أصيب الشلال بجروح غائرة و دامية و لكن بعد توقف الفريق عاد الشلال إلى حاله الاصلى و عادت الطيور تغرد و تهتف بحياة الشلال. 


فريق التغليف


يرى هذا الفريق أن وجود الشلال حرا بلا غلاف هو وضع فيه حرية أكثر من اللازم مما قد يعرض الأمن العام للخطر، لذلك رأى ضرورة تغليفه بجلد يمكن فتحه عند زيارة المسئولين أو كبار الزوار و يبقى مغلقا في الأوقات العادية. 


أما المتزمتون و المتشددون فقرروا أن يغلف الشلال بالحديد منعا للتسرب منه و إليه. و قد وجد هذا التصور قبولا من الفئات المؤيدة للنقاب في المجتمعات، فجمال الشلال قد يغرى البعض بالسباحة.



 و خيم الحزن في محيط الشلال بعد حبسه و رحلت العصافير مما دعا مجلس البحوث إلى إلغاء هذه الفكرة. 


ثالثا: مشكلات البحث


مع مرور الوقت و إنفاق الأموال في ظل غياب نتائج مشجعة بدا اليأس يدب إلى قلوب المسئولين فقرر احد الوزراء أن يأخذ حصته من الشلال قبل أن تفلس الهيئة.


و بعد التحقيق في الأمر تم التحفظ على الملف درءا للإحراج و للحفاظ على العلاقات الأخوية بين الدول المشاركة. 
عندئذ غضبت إحدى الدول و رأت في هذا ضياعا للأموال على مشروع لا يخدم مصالحها فقررت سرقة الشلال و نقله إلى أراضيها. و بالفعل قام فريق منها بنقل الشلال سرا عند الغروب. 


وبعد اجتماع طارئ لمجلس البحوث في حضور بعض الرؤساء تقرر استعادة الشلال و تعيين حارس دائم عند قدميه كي لا تتكرر السرقة. 




خاتمة

مع نهاية الخطة البحثية و قفل حسابات المشروع تبين للجميع الخسائر المترتبة عليه فتم تشكيل زمرة للتحقيق و تحديد المسئولين عن فساد المشروع ، حيث قام رئيس الفريق البحثي على عادة مدراء الشركات العامة بحرق المخازن قبل تسوية الحسابات كي تضيع الأدلة، فقام صاحبنا بحرق الشلال لكي يخفى آثار الجريمة إلى الأبد. 





تناقلت وسائل الإعلام قصة الهيئة فدعت الدول المشاركة فيها إلى انعقاد مجلس القمة، و الذي تدارس الأمر و قرر حل الهيئة و كل ما له علاقة بنشاطها. فتقرر إغلاق كل وزارات الصناعة و الصناعات الصغرى و الكبرى و الإستراتيجية و الحربية، ووزارات البحث العلمي و البحث و التطوير والطاقة الذرية و الجامعات و التعليم العالي مع تقليص عدد الجامعات و الكليات و مراكز البحوث و التخلص من الخبرات الوطنية المؤهلة بتشجيعها على الهجرة إلي الغرب. و تم نشر هذه القرارات في الإذاعات و الصحف الرسمية.


بلغ الخبر مسامع الشلال فتحسر على ما قاساه من تجارب الفرق البحثية و على ضياع الوقت و المال و الجهد في مشاريع وهمية، فأخذ يبكى و يصيح بأعلى صوته إلى أن جفت مآقيه فسال بالدم بعد الدمع حزنا على ضياع المستقبل المنشود له و لمن يعيش معه و حوله و للأجيال القادمة من بعدهم. 





و بهذا الحدث أسدل الستار على فكرة الإبداع أو البحث أو الاختراع إلى أجل غير مسمى و تم توجيه كل الطاقات إلى جماعات و تجمعات التصفيق و التطبيل والهتاف و الترويج السياسي، مع التشجيع الكامل لمبادرات فلاسفة الاستنساخ الفكري ورواد الصحافة الكربونية في ظل السبات العميق للشعوب. 

No comments:

Post a Comment