مع انهيار النظام الغاشم في ليبيا و استمراره في الغرق لعجرفته و جهله و تكبره على الشعب بالإضافة إلى تنامي الوعي الوطني السياسي فإن هذه المرحلة تتطلب رؤية تنير الطريق و رجال قادرون على قيادة التغيير و البناء و التحام شعبي مبني على الثقة و الوعي و القرار السليم بعيدا عن العواطف و المصالح و التوجهات الإقليمية و القبلية.
لقد كنت ممن أقترح تشكيل كيان ليبي جديد و ذلك لان الكيان السابق أحرق كل أوراقه و لا يمثل الشعب الليبي، و دخلت في نقاش مع العديد من الأخوة المهتمين و بعد ذلك دعوت إلى هذا علنا. و لكن ما حدث في بنغازي كان أشبه باختطاف العملية السياسية. و كنا نتوقع من الأخوة في الداخل مناقشة الأمر بالتفصيل و بكل صدق و صراحة بحيث يصلون إلى إجماع على مجموعة نزيهة لا علاقة لها بالماضي القريب. و خرج علينا السيد مصطفى عبد الجليل في بيان غير واضح. ربما يكون هذا الرجل نزيها و أنا أعتقد ذلك، و لكنه أجهض الفكرة بسوء عرضه و بتوحده في اتخاذ قرارات مصيرية من أول لحظة عند ما وعد بالتسامح و العفو. ثم وقع في خطا فادح عند ما تطرق إلى التناول القبلي و هذا الأمر مرفوض فالقبيلة تجمع اجتماعي مبنى على رابطة الدم هو في السياسة يفرق و لا يجمع و يؤدي إلى شرذمة الوطن. و كان عرضه للموقف لا يتناسب مع هذه المرحلة و لن يجد قبولا دوليا بهذا الشكل. فالبيان كان لا يليق بالموقف الدولي و لا يخاطب العالم الخارجي الحريص على ليبيا تاريخا و موقعا و نفطا و علاقات دولية. ثم وقع في المحظور عند ما رشح أناس معروفين و عرفهم هو بمواقعهم في النظام االدموى السابق. و كلنا يعلم أن كل من شغل منصبا في النظام المخلوع يداه ملطخة بالدماء سواء ذبح أو غسل السكاكين. فكل الأمناء و المصعدين كانوا من رجال الأمن ناهيك عن من كان جزارا و تاريخه معروف في تصفية المعارضين. ثم وقع في خطا اكبر عند ما تناسى الآلاف من المعارضين في الخارج و الداخل على مدى أربعين عاما، فأول مظاهرة ضد النظام كانت في مارس سنة 1970 م و قام بها طلاب الجامعة الليبية.
فلا يجوز تجاوز المناضلين الذين قدموا التضحيات و حملوا لواء قضية الشعب الليبي على المسرح العالمي و تعرض عدد منهم للتصفية الجسدية. صحيح أن عدد منهم سقط و انحرف عن المسيرة و أن بعضهم بدا يقفز على شاشات العربية و الجزيرة بالرغم مما ارتكبوا من أخطاء أضرت بالمشروع التحرري الوطني.
أولويات الحراك الوطني
بناء على ما تقدم أرى أن أولويات المرحلة القادمة هي:
أولا: اعتماد القرار الشعبي بالإجماع فلا يجوز تجاوز هذا الخط الأحمر و إلا تتم سرقة الثورة.
ثانيا: اعتماد مبدأ التشاور فلا يجوز أن ينفرد فصيل أو منطقة بالقرار.
ثالثا: إشراك كل الفئات التي ناضلت و مهدت لهذا الحدث و هذا يعني العمق التاريخي للنضال الليبي.
رابعا: إبعاد جميع من عملوا بالنظام الفاسد تجنيبا لهم من النقد و الإحراج حتى و إن كانوا طيبين.
خامسا: إفراز شخصيات قادرة على خوض المعركة في الداخل و على المستوى العالمي.
سادسا: تركيز السلطات في المدنيين فأصل الدولة مدني و تفريغ العسكريين لمواصلة المعركة.
سابعا: عدم إسقاط أي حق سلب سواء لمواطن أو للوطن.
و في الختام يجب أن لا يلهينا هذا النقاش عن أهم خطوة لنا ألا و هي تحرير بقية المناطق بأقل الخسائر حقنا للدماء و حفظا للأرواح و الله ولي التوفيق.
كلامك سليم يا أخي لقد حاولت جهدي إيصال مثل هذا الراي لاهلنا لكن دون جدوى
ReplyDeleteمع أن الأمر يجب أن يكون واضحاً لهم دون عناء أو شرح.
يجب أن لا يقود الحكومة الجديدة ناس ممن عمل مع القذافي ولكن يمكن أن يكون لهم دور إستشاري مساعد
ولكن ماذا تتوقع
للاسف "علي قد مرتعها تدر حليب"