غدامس داخل المدينة القديمة
غادرنا غدامس فى أحد أيام ربيع 2009م و القلوب مليئة بالبهجة لما رأينا من إعمال تطوير مدينة غدامس و تزيين شوارعها و إعادة الحياة إلى ربوعها و كذلك من حسن المعاملة و كرم الضيافة التي عرفنا بها أهلها . و زادت نفوسنا غبطة بما رأينا من أعمال تشييد البنية التحتية ، فالآلات تدك الجبال دكا لتشق الطريق لأنابيب النهر الصناعي كي تبعث الحياة وتنشر النماء في ربوع الأرض الليبية . و كذلك لما رأينا من تسارع مد ابراج الكهرباء و كوابل الألياف البصرية لربط شبكات الخدمات العصرية بين المدن . إنها إرهاصات على طريق التقدم لبلد يحاول النمو . و بعد حوالي ساعة و نصف من السفر بالسيارة وصلنا إلى قرية الشعوا ، ومن اسمها تشعر بالجفوة و الشدة . كانت السيارة في حاجة ماسة للوقود و الركاب في حاجة إلى استراحة قبل مواصلة المشوار باتجاه طرابلس.
دخلنا محطة الوقود الوحيدة بالمنطقة مثل العديد من السيارات المارة، و المحطة يبدو أنها تم تمليكها لبعض العاملين فيها. و لكننا لم نجد بها إلا عامل واحد غير ليبي بالرغم من أن بها أربعة خطوط للتزود بالوقود ،اثنين للبنزين و اثنين للديزل في الخلف للشاحنات .
محطة وقود الشعوا في 19 أبريل 2009
كان بالمحطة ما لا يقل عن عشر سيارات و كان علينا أن ننتظر عامل المحطة ليتم أحد الجانبين ليذهب إلى الآخر . و هذا استغرق أكثر من نصف ساعة .
إحدى المضخات المستخدمة
خلال تلك الفترة حاول الجميع البحث عن أية خدمات فلم يجدوا شيئا ، فالمتجر الملحق بالمحطة مغلق و المطعم تحول إلى مقر نوم بدائي للعاملين بالمحطة . و كان بيننا سواح من ألمانيا و فرنسا و هولندا و أمريكا و أيرلندا قافلين من غدامس أو هم فى طريقهم إليها .
أطلال مطعم بالمحطة
و كم كان مخجلا الوضع عندما حاول البعض و خاصة النساء و المسنين استخدام دورة المياه. فالرائحة كانت نتنة من بعيد و إذا ما اقتربت و جدت أنها لا تعمل ، و على الجميع الانتظار إلى أن يصلوا إلى كاباو أي على بعد حوالي مئة و ثمانين كيلو متر لقضاء حاجاتهم .
أين الصيانة ؟
وضع المحطة يدل على إهمال من يديرها و كأنها مغتصبة و ليست مملكة. الآلات متهرئة و لا تملك أبسط مقومات السلامة و العامل كان يضخ البنزين و يتحدث على الهاتف النقال معرّضا الجميع للخطر و ربما أزعجه تصويري للموقع.
و لا أملك هنا إلا أن أطرح التساؤلات التالية:
أليس الملاك الجدد مخالفين لعقد التمليك و التشغيل ؟
أين الرقابة على المحطات المملكة؟ و أين قوانين حماية المستهلك؟
أين الشرطة السياحية؟ و أين دورها في رعاية السواح و حماية سمعة البلد؟
أين أجهزة تنمية و تطوير السياحة في ليبيا؟
أين أجهزة الرقابة الشعبية بالشعوا؟
هل يجوز أن تكون محطات الوقود بهذا الشكل في بلد نفطي؟
هذه المشاهد يمكن أن تتكرر في كثير من المدن و القرى على طول الطريق الساحلي و الطرق الصحراوية، فما أحوجنا أن نعتبر ضيوف البلاد ضيوفا علينا جميعا و بالتالي نوفر الخدمات مع ابتسامة و حسن معاملة فالتقدم ثقافة عامة و ليس مجرد قرارات فوقية.
تزودنا بالوقود بعد صبر و نقاش حاد مع العامل الوحيد ثم رحلنا إلى كاباو حيث وجدنا عند مدخلها محطة نموذجية للوقود من حيث المنظر العام و النظافة و الخدمات .
استراحة العزائم بكاباو
ثم كانت الاستراحة الجميلة في استراحة العزائم التي يملكها مواطن من كاباو يدعى سالم و قد أعجبني فيه قوله : إذا لم يعجبك الأكل لا تدفع الثمن . هذا المكان نظيف جدا و به دورات مياه جيدة للرجال و النساء و مزود بصالة للعائلات و مصلى و هاتف عمومي. فحمدنا الله على الوجوه الطيبة و المعاملة الحسنة و الأكل الجيد .
No comments:
Post a Comment