Wednesday, February 23, 2011

"احذروا يا شباب تونس منظري آخر زمان"

hedibag@yahoo.comالهادي غيلوفي : باحث في التاريخ  


يظهر علينا عبر الشاشات وصفحات الصحف يوميا منظرين ثوريين تعودنا أن نقرأ لهم قصائد شعر ومقلات مدح تأله الجنرال بن علي ولكن لا نعلم كيف تحول هؤلاء أشباه المثقفين إلي منظرين ثوريين فجأة.هل نحن في حلم أو في علم أو إنها مفارقات الزمن الرديء كأن نشاهد حسن بن عثمان رئيس تحرير مجلة الحياة الثقافية السابق والذي حول هذه المجلة إلي منبر للمدح والثناء علي سيده والذي جازاه بالأوسمة حيث يقول في العدد 107 سبتمبر 1999 ما يلي " تلقت أسرة الحياة الثقافية بامتنان وابتهاج، وسام الاستحقاق الثقافي الذي منحه سيادة الرئيس زين العابدين بن علي إلي مجلة الحياة الثقافية ممثلة في شخص رئيس تحريرها، وهو وسام يتجاوز إدارة تحرير المجلة ليشمل جميع الكتاب والمبدعين والمساهمين في تحرير مادتها الشهرية، وهو في معناه العميق والواسع دعوة رئاسية للمثقفين لمزيد ترسيخ حيوية الثقافة وتوسيع أفق أسئلتها، وتعميق مضامينها، وتجويد أشكالها، وتحسين جمالها"[1]
نحمد الله إننا لم نكن من كتاب الحياة الثقافية في تلك المرحلة السوداء( ليشملنا التكريم) سنوات الجمر والقهر التي يمدحها حسن بن عثمان في نفس الصفحة قائلا" فلا يمكن فهم ما غدت تتمتع به مجلة الحياة الثقافية من مكانة مرموقة ومن مصداقية علي صعيدي الشكل والمضمون.ومن حرية التعبير وجرأة في الطرح ومن انفتاح علي مختلف التجارب والحساسيات الفكرية والأدبية والفنية، لا يمكن فهم ذلك إذ لم نفهم السياق السياسي والحضاري الذي يعمل علي ترسيخه عهد التغيير بقيادة حكيمة وناجحة من لدن قائد التغيير الرئيس زين العابدين بن علي "[2]
وليواصل صديقنا تسخير صفحات مجلة تحمل اسم الحياة الثقافية لمدح مولاه الذي انقلب عليه هذه الأيام وأصبح ثوريا فجأة يعلم الناس مبادئ الثورة وهو من كان يلقي الأشعار ويتلقى الأوسمة مقابلها ففي العدد 111 جانفي 2000 وبعد أن نال الوسام وما تبعه من عطايا يعود لينظم الشعر قائلا" شاءت تونس الحضارات ، تونس الثلاثة ألاف سنة، المدونة من الأمجاد والعطاء، شاء التاريخ والصدف السعيدة واختار الشعب أن يكون الرئيس زين العابدين بن علي المنقذ الفذ والقائد المتبصر والإنسان الرائع ، هو الذي يفتح لتونس ألفيتها الثالثة ، هو الذي يجدد مجدها ويرسم غدها المشرق. ويسمو بها إلي مصاف البلدان المتقدمة ويرسم غدها المشرق.ويسموا بها إلي مصاف البلدان المتقدمة ويخط علي صفحات الزمن المآثر، ويكلل مسيرة شعبه بالمفاخر له. لسيادة الرئيس لزين العابدين لمن له الفضل والمأثرة لمن له المجد والمكرمة ، نرفع التهاني وعليه نعقد الرجاء والأماني، فمتعه الله بالصحة والعافية وقاد بالسؤدد خطاه وحقق أمال شعبه ومبتغاه وجعل عامه الجديد وقرنه الجديد وألفه المديدة طالع سعد وخير وبركة عليه وعلي شعبه وبلده كافة."[3]
لعلني لا اصدق أن يكون صاحب هذا الكلام هو نفسه الذي يتحدث عن العهد البائد والدكتاتورية ويشيد بالثورة، هل كان يكتب ذلك الكلام تحت تهديد السلاح أو تحت تأثير السكرة فهل طارت السكرة وطلعت الفكرة، ألا يختشى هؤلاء المنافقين وأشباه المثقفين . هذا السيد الذي تقلد المناصب والأوسمة وهو من لا علم له ولا معرفة( فهو لا يحمل حتى شهادة الباكالوريا) وكأني به في عهد الدولة العباسية يمدح احد الخلفاء ليزيد له العطاء،  ولكنه لا يرقي إلي مرتبة شعراء ذلك العصر ، كيف يستطيع هو وأمثاله اليوم أن يعطونا الدروس في الثورة والثوروية والمثقف والمثقف العضوي فهذا هو الزمن الرديء الذي يصبح فيه القوادين قادة . فما استعرضناه لا يمثل سوي عينة بسيطة من مدائح السيد بن عثمان لصاحب الزمان الذي تبين بالوقائع انه لا يعدوا سوي زعيم عصابة نهبت البلاد، كان يغدق علي هؤلاء المنافقين ليزينوا صورته، لقد نهب قوة أبناء الشعب عبر صناديق موهومة 26/26 و21/21 وغيرها ولكنها كلها تصب في قصر سيدي بوسعيد الذي كشفته لجنة التحقيق ليتبين بالكاشف إننا كنا تحت حكم برلسكوني تونس يسرق وينهب ويرشوا حفنة من أشباه المثقفين كحسن بن عثمان وحميدة نعنع وغيرهما والذين سنتناول كل واحد منهم بمقال.   


 الحياة الثقافية العدد 107 السنة 24 سبتمبر 1999 [1]
الحياة الثقافية العدد 107 السنة 24 سبتمبر 1999[2]
الحياة الثقافية العدد 111 جانفي 2000[3]

No comments:

Post a Comment