Sunday, July 17, 2011

رسالة الشباب في ليبيا المستقبل


لقد أظهر شباب ليبيا في كل المناطق بالداخل و الخارج خلال الشهور القليلة الماضية مدى جودة معادنهم الأصيلة و في عدة أشكال من قدرة على التضحية بالنفس  أو المال أو الجهد أو الوقت في سبيل إنقاذ البلاد من الطاغية و أزلامه و هذا الكلام ينطبق على الشباب و الفتيات على حد سواء.
 إن الذين واجهوا آلة الحرب و الموت من أول يوم و حتى هذا اليوم هم شباب ليبيون ولدوا و عاشوا في ظل نظام جائر حرمهم أبسط مقومات الحياة الكريمة خلال أربعة عقود من ضنك في العيش و سوء في التعليم و رداءة في الخدمات، و لا زال أمامهم دور كبير و رسالة تاريخية في إعادة بناء هذا الوطن على أسس سليمة من خلال استكمال مشوار التحرير و المحافظة على النصر و بناء هياكل الدولة على أسس من العدالة و المساواة بين كل الناس و كل المناطق الليبية و هذا العمل يحتاج إلى تنظيم الشباب و إعادة تأهيلهم و تدريبهم و توجيه طاقاتهم في مسيرة البناء. إن هذا العمل يحتاج إلى تخطيط  و عمل على مستوى البلاد في الداخل و الخارج من الآن لكي يكون الشباب على استعداد للمشاركة و الإسهام في الحراك السياسي بعد النصر.
المؤتمر الوطني للشباب الليبي
و كخطوة أولى في هذا المشوار نحتاج إلى عقد مؤتمر وطني للشباب و ربما على عدة مراحل لوضع الخطط لمنتديات و لقاءات شبابية على مستوى جميع المدن الليبية و يمكن أن ينعقد أول هذه الملتقيات في تونس بسبب وجود جالية كبيرة فيها و بسبب قربها من طرابلس و المناطق الغربية و بالتالي سهولة الوصول إليها من الداخل، ثم ينعقد المؤتمر الثاني في بنغازي ليكمل جهود اللقاء الأول و يتولى التخطيط لعقد ملتقيات شبابية محلية تفرز قيادات مرحلية كي تساهم في تنظيم العمل الشبابي. و في الختام ينعقد المؤتمر الوطني العام للشباب الليبي في طرابلس بعد تحريرها و عندها تبدأ مرحلة التنفيذ الكبرى لهذه الرسالة.
أهداف المؤتمر الوطني للشباب
          يمكن لهذا المؤتمر أن يطرح العديد من القضايا التي تشغل بال الشباب و لكن للبدء بالعمل نقترح بعض الأهداف العامة و التي تغطي مشاكل واضحة للجميع في الأربعة عقود الماضية و منها:
أولا: تيسير التعليم بمراحله المختلفة
 و هنا لا يخفى على أحد مشاكل مناهج و برامج التعليم الأساسي و العالي و المهني، و بالتالي نحتاج إلى تيسير في اللوائح و المناهج و مرونة في المداخل و المخارج أو العودة بعد الانقطاع و بناء برامج التعليم المستمر مدى الحياة. و لتكوين فكرة أشمل أنصح الشباب بدراسة بعض الأفكار الأساسية في هذا المضمار في مقالات سابقة منشورة في مدونة باقات ليبية بعنوان:
معالم التيسير في برامج التعليم النموذجي 1،2،3.
إصلاح التعليم العالي.
ثانيا: ربط الحاضر بالماضي من أجل مستقبل أفضل
            الكل يعرف ما حدث من تزييف للتاريخ و طمس للبطولات و النضال الليبي سواء خلال مرحلة الجهاد ضد المستعمر أو في مرحلة البناء الوطني و بالتالي نحن بحاجة لمعرفة تاريخنا و رجالنا و نضالنا لنبني مستقبلنا على وعي من ماضينا. و لمن يحتاج من الشباب لبعض الخلفية الأولية أنصح بدراسة بعض المقالات في هذا المجال و منها على سبيل المثال لا الحصر ما يأتي:
قراءة في سيرة شيخ الشهداء عمر المختار.
التربية الوطنية أساس النهضة.
دور النخبة الوطنية في بناء ليبيا.
الأحزاب و الحركات السياسية في ليبيا قبيل الاستقلال.
مقدمة في مقومات الديمقراطية.
صناعة المستقبل1،2،3.
كما توجد بمدونة باقات ليبية مقالات عن شخصيات وطنية ليبية يمكن أن تمثل نماذج من النضال الوطني و السياسي منها عبد الله سكتة، و عبد الكريم لياس و علي الجربي، و الصالحين بن سعود، و محمد الإمام الزنتاني و إبراهيم الأسطى عمر.
ثالثا: إعداد برامج الاكتشاف و التأهيل
منذ انطلاق المؤتمر الأول يجب التفكير جديا في برامج تدريبية متطورة نقوم من خلالها باكتشاف المهارات الفردية و وضع خطط لتطويرها و تنميتها و تسخيرها في مراحل البناء. و يمكن أن تنطلق هذه البرامج من خلال دورات تدريبية فنية متخصصة في مجالات بعث و تطوير القدرات و المهارات الفنية و القيادية في جميع التخصصات و تيسير سبل التفاعل بينها و خلق أجواء صحية للحوار الوطني بين الشباب. كما نحتاج إلى دورات على مستويات مختلفة لنشر تقنية الحسابات و المعالجات الرقمية للمعلومات بما يسهل التواصل الإلكتروني الثقافي و الاجتماعي بين قطاعات الشباب. ثم يأتي دور الإهتمام الخاص بالمبدعين و أصحاب القدرات البارزة و ذلك بتخصيص جهد مناسب لمساعدتهم على قيادة قطاع الإبداع و تكوين نماذج وطنية لأجيال المستقبل.
رابعا: تيسير مشاركة العنصر النسائي في الحراك الوطني
يحتاج العنصر النسائي الليبي إلى اهتمام خاص لتيسير دور المرأة في بناء المجتمع من خلال تيسير ظروف المشاركة في العمل الوطني و العام بجميع أشكاله من خلال إصدار تشريعات تسهل عليها المشاركة بدون إلحاق الضرر بدورها في الأسرة. و بإصدار قوانين تحميها من التمييز في العمل أو الاستغلال أو الاعتداء أو التحرش بجميع أشكاله كي تتمكن المرأة من أخذ حقها و أداء واجبها دون خوف من أحد. و المجتمع في السابق كان يقف على رجل واحدة أما الثانية فمقيدة سواء في البيت أو خارجه بانعدام الحماية و التيسير اللازمين للمرأة من أجل المشاركة.

Tuesday, July 5, 2011

لننزع فتائل الفتن قبل أن تنفجر

       تبدأ الفتن صغيرة في أصلها بعادة سيئة أو تجاوز أو إشاعة أو ممارسة خاطئة و لكنها تكبر مع الأيام بفعل من يستفيد من ورائها بغير حق. و الفتن لا تعدو عن كونها قنابل موقوتة يفجرها من يريد إعاقة تطور المجتمع عند ما يشاء. و هي كالقنابل تماما لها فتائل يمكن نزعها قبل فوات الأوان و التخلص من خطرها إذا توفرت النوايا الطيبة و الحزم المطلوب.
 و نحن في ليبيا هذه الأيام نمر بمخاض عسير يسبق ميلاد الدولة الفتية و التي نتطلع إليها مع انهيار النظام الفاسد و كتائب الغدر التي تحميه.
أولا: إفراط الذات أو الأنا
الأنا هنا تعني سيطرة إفراط الذاتية الشخصية على المواقف و الآراء بحيث يتصور المصاب بها أنه الأكثر حرصا على مصلحة الوطن و الباقون أقرب إلى الخيانة منهم إلى الإخلاص و هذا الشعور يتولد من شدة الخوف على المكاسب التي تحققت و يكرر استخدام لفظة أنا الإخلاص و أنا الوطنية، و أنا الثورة.  كما تبرز عند ما يشعر المرء انه هو الأكثر فهما و الأصدق رؤية لما يجري و بالتالي لا يسمح لغيره بإبداء الرأي و يتمحور كل شيء في نظره حول ذاته هو، و المشكلة تتعاظم مع محدودي الفهم و الخبرة و الإطلاع في ظل ضعف التجارب السياسية لدينا. و وصل الأمر بالبعض إلى تأليف قصص بطولاتهم للتأكيد على ما يزعمون من قدرات وطنية.
 و هذه المشكلة كبيرة و سوف تعيق الحوار الوطني الهادف، و علينا جميعا محاربتها بالسماح للجميع بإبداء الرأي و طرح الأفكار و لو كانت مخالفة لرأي الجميع. فطرح الأفكار و التدافع بينها يفرز الأفضل أما الرأي الواحد و الوحيد فلا يقود إلا إلى التهلكة، فهو يحمل جذور الديكتاتورية بين جوانبه.
ثانيا: القبلية
القبيلة رابطة نسب بالدم بين العائلات و العشائر و هي اجتماعية بالدرجة الأولى و تلتصق جذورها بالماضي من علاقات و عادات و تقاليد، و يكون دورها أكبر في حالات التخلف السياسي و الاجتماعي، أما في دولة المواطنة وسيادة القانون فهي جزء من الموروثات الاجتماعية و لا دور لها في رسم سياسات المستقبل. و لقد سبق للمستعمر الإيطالي أن استخدمها في السيطرة على بلادنا مستخدما شعار فرق تسد، الذي استخدمه غرسياني بجدارة في حملته على دواخل ليبيا.
 والقبائل تنظيمات تعتمد على النسب التاريخي أكثر من الكفاءة و المعرفة و بالتالي ضررها اكبر من نفعها إذا ما أتحنا لها فرصة التفاعل السياسي. أما القبائل المكونة على أساس تحالفات بين عدة عشائر مثل ما هو الحال في قبائل مصراتة و ورفلة و ترهونة، فهذه القبائل ليس بينها رباط دم و لكن تجمعها مصالح و بالتالي تحركها المصالح بالرجة الأولى.  و يكفي أن نذكر أهم أسس تعاملات القبائل السياسية التي تقول" اليد اللي ما تقدر تقطعها حبها"، و لقد كانت في كل الأزمان أداة طائعة في يد الطغاة في الغالب. فهناك قبائل معروفة بدورانها في دوائر السلطان في كل زمان و مكان.
 و لا توجد قبيلة ليبية واحدة وقفت مع هذه الثورة من أول يوم و لكن في المقابل توجد قبائل لا زالت تراهن على مصالحها مع نظام الطاغية حتى يومنا هذا.
ثالثا: صلب المبادئ
لقد مارس الطغاة و أتباع الباطل صلب الصالحين تماما كما حاول الكفار صلب المسيح ليتحول النصارى بعد ذلك إلى عبادة الصليب عوضا عن عبادة الله. و لقد مارست الأجهزة القمعية العربية صلب مبادئ الحرية و الوحدة و العدالة الاجتماعية عل الجدران و اللافتات، فمارست السجن باسم حماية الحرية و التفريق بين الشعوب باسم الوحدة و نشر الفقر باسم الاشتراكية و هذه لعبة و مؤامرة دولية للقضاء على طموحات هذه الأمة أيام حرب التحرير العربية.
 و الذي نخشاه الآن مع تعلقنا بالتحرر و الثورة أن نقع في دوامات ثورية قاتلة تديرها القوى المضادة لتعطل مسيرة المجتمع العربي من خلال المسيرات و نحريك الشارع، أو ندخل في دوامات فوضوية يفجرها الغوغائيون باسم الديمقراطية تقضي على جميع مكاسبنا فلا تتحقق الديمقراطية و لا تتحقق التنمية و ذلك من خلال تعطيل إجراءات التحول نحو الديمقراطية بالطعن في مؤسساتها. و بالتأكيد لن تتحقق الديمقراطية في بلادنا من أول يوم و لكن علينا أن نساهم في نموها و نحافظ علي كل خطوة نخطوها على دربها.
 و أنا هنا أتحدث عن خيوط مؤامرات دولية لتوجيه الثورة العربية و تدجينها بما يحقق أهداف الغرب و أعوانه، و علينا استحداث منظومات استشراف لاستقراء الأحداث و التطورات السياسية لكي لا نقع في هذا المطب مرة أخرى.
رابعا: المحسوبية
المحسوبية هي تمكين من لا يستحق من موقع بعينه إما لعجزه عن أداء المطلوب منه أو وجود من هو أفضل منه، و هذه الممارسة سمة واضحة في أنظمة الطغاة التي تقدم الولاء على الكفاءة، و هذه الظاهرة من أكبر الأخطار على مسيرة الثورة.
  نرى الكثير من النقد يوجه إلى المجلس الوطني الانتقالي و لكن لا أحد يرد و لا أحد يصحح الأخطاء. فعلى سبيل المثال يوجد بالمجلس الموقر أختين شقيقتين و أزواجهما أعضاء بالمجلس و السؤال هنا: هل انعدمت القدرات خارج هذه العائلة؟ ثم ماذا عن تعيين أقارب الأعضاء و أصدقائهم في مراكز حساسة أو ضم أعضاء إلى المجلس من المحسوبين على النظام الفاسد، و في نفس الوقت لم يتم ضم قيادات المعارضة الليبية في الخارج التي دفعت ثمنا كبيرا بسبب مواقفها الرافضة لسطوة ألقذافي.
 و ماذا عن تعيين بعض أعضاء المكتب التنفيذي لأقارب لهم في المكاتب؟ هل قامت الثورة لكي يكون العنصر المناسب في المكان المناسب أم هي التوافقية الفوقية و الكولسة و مراكز القوى الجديدة؟
و أنا هنا أدعو إلى تقييم أداء المجلس الوطني الانتقالي و أعضاء المكتب التنفيذي و تصحيح المسيرة قبل أن تصطدم السفينة بالصخور على شواطئ طرابلس. وعلى المجلس أن يكسب الثقة كل يوم يمر، و الواقع يظهر انحسار هذه الثقة مع التخبط و عدم وضوح الرؤية مع تحول المجلس إلى جهاز فوقي سلطوي معزول عن القواعد الثورية، و لقد حذرت شخصيا من مغبة تجاهل القوى الثورية المقاتلة على الجبهات أو تجاهل الأغلبية الصامتة.
خامسا: ركوب الموجه
بسبب المحسوبية و القبلية يقع ركوب الموجه بأشكال مختلفة فنجد العديد من رجال القذافي و ابنه سيف يتصدرون المواقع بالتدريج و يتحدثون على منابر الإعلام، لدرجة أن بعضهم بدأ يشكك في هدف الثورة من خلال دفاعه عن انقلاب أيلول الأسود. بل ووصل الأمر إلى الإبقاء على الكثير من المفسدين في مراكزهم في الخارج. و يبدو من الصعب التخلص من بعض المتمكنين في الداخل من بعض المشروعات و الشركات. و نجد القنوات تستضيف بعض المجرمين و تبيض وجوههم للناس. و أنا هنا أحذر من مؤامرة يقودها بعض الإعلاميون لخلق فتن داخل صفوف الثوار بتمكين من عليه شبهة و منع من عرف بالمعارضة طول حياته.
و الصحيح أن لا نعتدي على أحد من رجال العهد الماضي و لكن لا نتيح لهم الفرصة للمشاركة قبل المحاسبة. و لكي لا تضيع حقوق احد و لا نظلم أحد يجب علينا فتح سجلات لجمع المعلومات عن كل من أفسد و ساهم في الفساد في الفترة السابقة لعرضها على المحاكم بعد النصر القريب.
سادسا: الصنمية
عند ما يتعود الناس على حاكم وحيد و طاغوت مثل ألقذافي  يستمرأ البعض منهم السجود له  بطاعته طاعة عمياء، و عند ما تتغير الأحوال قد يشتاق البعض من هؤلاء لصنم يوفر له هذه الحاجة. و هذه الحالة ذكرها لنا الله في القرآن عند ما طلب بنو إسرائيل من موسى أن يجعل لهم إله أو صنما يعبدونه كبقية الكفار، و قد طلبوا هذا الطلب بعد ما نقلهم إلى سيناء و حررهم من العبودية لفرعون الذي استخف بهم و أطاعوه ثم تعودوا علي ذلك فاشتاقوا إليه.
و هنا أنا أنبه إلى بعض الأخوة الذين لا يريدون لأحد أن ينتقد الأمور بأن الساكت عن الحق شيطان أخرس في عرف المسلمين.  فعلينا محاربة الأصنام و الصنمية و روح العبيد بيننا لكي نحقق ما نصبو إليه، و على إخوتنا المسئولين تقبل النقد و تصحيح المسيرة فكلنا في نفس القارب و مستقبلنا معقود عليه.
سابعا: التسيب
مع انهيار النظام بسرعة في المناطق الشرقية و تباطوء مسيرة تشكيل المجلس المحلي برزت مظاهر عديدة للتسيب، و منها التسيب الأمني بسبب انهيار الأجهزة الأمنية و التسيب الإداري بسبب انهيار الهيكلية العامة للدولة و لولا الروح الوطنية العالية التي فجرتها الثورة لكانت النتائج أسوء مما نتصور.
الآن و بعد مرور أكثر من مئة يوم على تأسيس المجلس لا زلنا نرى تسيب، فالأمور لم تضبط بعد و لا توجد رقابة حقيقية على سير الأمور و لولا تدخل قوات الحلف لكانت البلد على كف عفريت كما يقولون. و هنا تبرز الحاجة إلى وجود جهة رقابية تحمي مصلحة الشعب و الثورة فالمجلس هو المشرع و المراقب و المنفذ و بدون تحديد صلاحيات أو حدود للمسئولية بينه و بين المكتب التنفيذي و الأمور تدار من باريس و روما و الدوحة و بنغازي بدون تفاهم كامل بل و تصل المعلومات إلى الإعلام قبل أن يناقشها المجلس و هذا خطأ استراتيجي بالرغم من أننا نتشدق بالتخطيط الاستراتيجي.
و هنا أنا أدعو لتشكيل كيان يراقب أداء المجلس و المكتب التنفيذي و يكون مستقلا عنهما و يمكن اختياره بالانتخاب من بين عدد من الخبراء في هذه الشؤون. فالمرحلة قد تطول و الأخطاء سوف تتعاظم و تصحيحها سوف يكون مكلفا جدا إذا لم نتحرك الآن.
ثامنا: غسيل الأيادي
لاشك أن غسيل اليدين عملية صحية هامة و لكن غسيل الأيادي يتعلق بمحو آثار الجرائم، و هذا قد يحدث بعدة طرق إحداها الاجتماع مع الشرفاء و مصافحتهم أملا في ان يتوزع أثر الجريمة بين أيدي الجميع كما يحدث في مؤتمرات الكولسة، أو أن يبدأ المجرم في تلميع صورته بتوزيع بعض المساعدات على النازحين في تونس و مصر و بالانضمام لركب الثورة من خلال هذا العمل أو شراء الوقت على وسائل الإعلام المرئي.
 و في منهاج الثوار لا وسيلة لغسل الأيادي من الأموال إلا بإعادتها إلى الشعب في مهلة يحددها المشرعون بعد النصر، أما الدماء فلا وسيلة لغسلها إلا عن طريق المحاكم العادلة و تسوية المظالم. وأنا هنا أقول أن نسبة العمولات كانت معروفة في ليبيا على كل المستويات و بالأسماء و دور مراكز القوى في النفط و الإسكان و التعليم و المصارف و الاستثمارات معروفة و معلنة في رسائل يمكن الكشف عنها في حينه. أما الإعدامات و المشانق فموثقة بالصوت و الصورة و لن نتنازل عن دم الشهداء.
 و نرجو ممن ولغ في أموال الليبيين و دمائهم أن يبتعد عن المشهد إلى حين تنتهي المعركة و يحين وقت المحاسبة العادلة.
تاسعا: تزوير التاريخ
العديد ممن ركب الموجة أو حاول غسيل يديه من الماضي بدون دفع للثمن يحاول تزوير التاريخ و تطويع الحقائق، و الحمد لله يوجد من بين الأحياء من يذكر أدق التفاصيل لاغتيالات و تصفية بعض المعارضين أو جرائم ضد الشعب الليبي و أقول لمن يتحدى: إننا قادرون على إظهار الحقيقة عن الجرائم المدنية و العسكرية و الاقتصادية التي وقعت في ليبيا على مدى أربعة عقود، و لا داعي للحديث عن بطولات وهمية. و كل من بقى مع القذافي طوال هذه المدة شريك في الجرائم التي ساهم فيها أو علم بها و سكت عنها من وزراء و ضباط و مسئولين على مختلف المستويات في الداخل و الخارج.
و في الختام أقول لمن يرفض الدعوة للتصحيح و الإصلاح قبل أن يفوت الأوان: أن الثمن سوف يكون باهظا و الشعب الذي اسقط معمر بكل ما يملك من دهاء و عدة و عتاد في الحقيقة قادر على التصحيح في أي لحظة.