Thursday, September 26, 2013

محطات في تاريخ ليبيا الحديثة


لقد عاني الشعب الليبي الويلات من حكم الأجنبي أيام الدولة العثمانية التي كان لها الفضل في حماية ليبيا من أطماع الصليبيين ودخلت قواتها بناء على طلب من ابناء ليبيا عندما ذاقوا ذل سيطرة الاسبان على طرابلس وضواحيها. ولكن الحكام الأتراك الذين توالوا عليها لم يهتموا بتطوير قدرات الشعب الليبي المسلم وكان همهم الاكبر هو جمع الضرائب من الناس كعادتهم في كل الأقاليم التي سيطروا عليها، ولم يهتموا بالتعليم الحديث ولولا وجود بعض الزوايا والعلماء لعاد الجهل وخيم على ربوع ليبيا. المناطق الشرقية والجنوبية  نالها قسط وافر من التعليم الديني بواسطة زوايا الحركة السنوسية وعلمائها اما غرب ليبيا فكان الدور الاكبر فيه للزوايا والكتاتيب  الملحقة بالمساجد.

          ومع قدوم الاستعمار الايطالي وتخلي تركيا عن ليبيا عاش الليبيون الذين خضعوا لحكم ايطاليا في المدن حياة الذل والهوان وتم معاملتهم كمواطنين من الدرجة الثانية بينما قاسى أحرار ليبيا الذين فضلوا الجهاد على الاستسلام للطليان من قساوة الحرب والتشريد والمعتقلات والتهجير مدة طويلة. وتشير الاحصائيات أن ليبيا فقدت نصف سكانها أثناء الحرب الايطالية إما باللجوء إلى دول الجوار أو بالموت على يد المستعمر الايطالي في المعارك أو في المعتقلات الجماعية في العقيلة والبريقة.

         ثم اندلعت الحرب العالمية الثانية وكان من حظ ليبيا أن إيطاليا دخلت الحرب إلى جانب المانيا النازية ضد الحلفاء فسنحت فرصة ذهبية للمناضلين الليبيين المقيمين في مصر لدخول الحرب إلى جانب الحلفاء بقيادة الأمير ادريس بن السيد المهدي بن السيد محمد بن علي السنوسي الذي تمكن من انتزاع الاستقلال عن طريق الامم المتحدة وبمساعدة الحلفاء وخاصة بريطانيا في ظل التفاف جموع الليبيين حول زعامته والدور البطولي للنخب الوطنية  في الداخل والخارج من خلال  السعي لتحقيق الاستقلال وتقديم مصلحة ليبيا فوق جميع يالمصالح الجهوية والقبلية والحزبية والشخصية.

مخاض الاستقلال

مرت ليبيا بمخاض عسير قبيل الاستقلال بسبب روح التشرذم التي سيطرت على ولاية طرابلس فتعددت فيها الأراء والزعامات والانقسامات بينما أجمع أبناء برقة على زعامة الأمير محمد ادريس السنوسي كزعيم بغير منازع تتوفر فيه جميع شروط الوطنية والنزاهة والأهلية للقيادة . بالاضافة إلى هذا برزت أطماع غربية في ليبيا حيث حاولت ايطاليا البقاء في طرابلس وحاولت فرنسا الاستئثار بفزان وبدا الصراع على أشده في أروقة الامم المتحدة وفي كواليس المؤتمرات الدولية. ونتج عن هذا المخاض محطات رئيسة ثلاث:
أولا: قرار الامم المتحدة باستقلال ليبيا
ثانيا: إعداد دستور الاستقلال.
ثالثا: إعلان استقلال ليبيا تحت اسم المملكة الليبية المتحدة.

قرار الامم المتحدة باستقلال ليبيا 21 نوفمبر1949م

بعد مد وجزر ولقاءات ثنائية ورحلات مكوكية نجحت الوفود الليبية وأصدقائها من استصدار قرار باستقلال ليبيا قبل نهاية سنة 1951م وبالغاء القرار اذا لم تنجح الترتيبات.
هذا القرار لم يمر بسهولة فهناك دول كثيرة كانت لديها اطماع في الوصاية على ليبيا بحجة انعدام القدرات المالية والفنية للشعب الليبي ولكن الله سلم واجتمع لليبيا عدد من الدول الصديقة التي يجب أن لاننسى فضلها علينا.
       صدر قرار الامم المتحدة باستقلال ليبيا يوم 21 نوفمبر 1949م، وشمل القرار ما يلي:
·        إن ليبيا التي تضم برقة وطرابلس وفزان ستؤسس في دولة مستقلة ذات سيادة.
·        هذا الاستقلال ينبغي أن يكون نافذا بأسرع ما يمكن، بحيث لا يتاخر بأي حال من الأحوال عن اول يناير 1952م.
·        إن دستورا لليبيا بما في ذلك شكل الحكومةن ينبغي أن يقرر من قبل ممثلي السكان في برقة وطرابلس الغرب وفزان الذين يجتمعون ويتشاورون فيما بينهم في جمعية وطنية.
      عمت الفرحة جميع أرجاء ليبيا وبدأت الاستعدادات لترتيبات إعلان استقلال ليبيا وتسليم الاقاليم من الادارة الاجنبية لسلطات الدولة الفتية.

دستور الإستقلال 7 اكتوبر 1951م 
                                                                   
لقد حرص الآباء المؤسسون لدولة الاستقلال على وضع الدستور قبل إعلان الاستقلال نزولا عند قرار الامم المتحدة ورغبة الملك محمد ادريس السنوسي وتم اختيار لجنة من ستين عضوا بواقع عشرون عضو عن كل إقليم واستعانوا بأفضل الخبرات المتوفرة وتم تزويدهم بنسخ من عدد من الدساتير للاستفادة منها مع مساعدة من الامم المتحدة وبعض الخبرات العربية والغربية. تميزت لجنة الستين بحس وطني عالي وبالتجرد من البحث عن المصالح الجهوية أو القبلية أو الحزبية او الشخصية فكانت ليبيا هي هدفهم الأول في كل خطوة.
أتمت لجنة الستين أعمالها بنجاح وتم إعلان دستور الاستقلال  الليبي بتاريخ 7 اكتوبر 1951م. وما أحوجنا حاليا لدراسته للاطلاع على مدى استشراف الاباء للمستقبل وعنايتهم بصياغة دستور قابل للتطور مع ظروف العصور كي يلبي متطلبات الشعب الليبي.
ثم تم تعديل هذا الدستور في 25 أبريل سنة 1963 م بإلغاء النظام الفديرالي وتوحيد الولايات الثلاث. وصدر بهذا التعديل قانون بتعديل بعض أحكام الدستور ونص على ما يلي في ديباجته:
نحن ادريس الاول ملك المملكة الليبية المتحدة
قرر مجلس الشيوخ ومجلس النواب القانون الآتي نصه، ووافقت المجالس التشريعية على الاحكام الواردة فيه المتعلقة بتعديل شكل الحكم الاتحادي وقد صادقنا عليه وأصدرناه.

ويمكن الرجوع الى نص القانون حرفيا لمن اراد المزيد من التفصيل.

إعلان استقلال ليبيا تحت اسم"المملكة الليبية المتحدة"

بعد استكمال تأسيس مؤسسات الدولة الليبية بسلطاتها الثلاث أعلن الملك ادريس الأول في 24 ديسمبر 1951م استقلال ليبيا تحت اسم المملكة الليبية المتحدة في مدينة بنغازي في حفل بهيج،  ولقد تم تعديل اسمها في التعديل الدستورى لسنة 1963م واصبحت تعرف بالمملكة الليبية إلى يوم الانقلاب المشئوم في 1 سبتمبر 1969م الذي أدخلها في نفق الظام والظلام إلى يوم 17 فبراير 2011م عندما أراد الشعب الحياة فبزغت شمس الحرية على ليبيا من جديد.

العودة للشرعية الدستورية

إن دستور الاستقلال الذي تاسست عليه الدولة الليبية لا زال ساريا فهو لم يلغ في استفتاء شعبي منذ صدر وحتى يومنا هذا وما قام به الطاغية ورفاقه من الخارجين على الدستور كان اختطاف للشرعية من الدولة الليبية وتعدي على حقوق الشعب الليبي  يجب تقديمهم للمحاكمة عليه.

نحن الآن لا نحتاج إلى دستور جديد ولكننا نحتاج إلى العودة للشرعية الدستورية التي كانت قائمة ليلة 31 اغسطس 1969م. مثل هذا القرار يحتاج إلى تجرد وطني وترفع عن التجاذبات الحزبية والسياسية والجهوية داخل المؤتمر الوطني العام وسوف يعيد الثقة بين ممثلي الشعب في المؤتمر الوطني والناخبين ويخرجنا من أزمة التمديد أو حل المؤسسات القائمة.

 ويجدر بنا هنا الاشارة إلى أن دستور الاستقلال يقدم حلول دستورية وقانونية من خلال تطبيق مواده المختلفة لكل المشاكل التي تواجهنا بما في ذلك الدعوة إلى استفتاء عام للشعب فيما يخص نظام الحكم وشكل الدولة وتعديل الدستور بناء على نتيجة الاستفتاء.

Tuesday, September 10, 2013

ظاهرة النفاق الوطني


يُعرف النفاق باظهار المرء خلاف ما يبطن وقد عرفه المسلمون بعد انتصار الاسلام في المدينة المنورة، اما النفاق الوطني فبرز مع انتصار الثورة الليبية ومحاولة  أزلام الطاغية ورجاله إظهار الولاء للثورة وإخفاء العداء لها وبالتالي بدأوا في التسلل بين طوابير مؤسسات المجتمع المدني أو بين أشباه الثوار حماية لمصالحهم أو لزرع الفتن وتعويق مسار الثورة من الداخل.
نماذج من النفاق الوطني
تصفحت بالصدفة احد المنشورات لإحدى التجمعات الوطنية وقد لفت نظري التناقض الواضح بين المبدا الفكري والممارسة العملية، فالمنشور يرفع شعارات وطنية ويدعو إلى تمييز عنصري واعتداء على حقوق المواطنين.
 فعلى سبيل المثال اتناول فقرات من بيان الملتقى العام للوفاق الوطني بتاريخ14 يونيو 2012م حيث تقول الفقرة 16: الليبيون متساوون في التمتع بالحقوق المدنية...... وتختمها بالفقرة التالية:  لا يجوزتولي المناصب السيادية العليا في الدولة لحاملي الجنسية المزدوجة.
ماذا نقول للدولة المانحة للجنسية المكتسبة والتي لاينص قانونها على منع مكتسبي الجنسية الثانية من المناصب العليا أو إجبارهم على التنازل على الجنسية الأصيلة وكلنا يذكر دور هنري كسنجر في رسم سياسات الولايات المتحدة بالرغم من أنه ليس أمريكيا أصلا واكتسب الجنسية بعد الهجرة إليها. أهكذا نحرم من قرر العودة لخدمة وطنه ونحرم الوطن من خبرته خاصة إذا مر من خلال تطبيق شروط النزاهة والعزل السياسي.
وفي مقترح بشأن آلية الهيئة التأسيسية يختتمها بآخر شرط للعضوية بالنص الآتي:
ألا يكون متزوجا بغير العربية أو عربي.
ألا يكون حاملا لجنسية أخرى غير الليبية.
فما هو العيب في من يتزوج بغير العربية أو غير العربي وما علاقة هذا بدوره في الهيئة التاسيسية أليس هذا نوع من العنصرية والإقصاء ، ماذا لو كان الزوج أمازيغيا أو تباويا أو من الطوارق.  المنطق الصحيح يفترض ضرورة الاستماع لرأي هذه الفئات لكي لا نمارس ضدهم أي نوع من العنصرية. وقد شارك في الثورة الليبية رجال أمهاتهم أو زوجاتهم غير عربية ومات عدد منهم بينما لا يوجد شخص واحد من هؤلاء بين صفوف الطاغية.
  وقد ترشح في الانتخابات الأيرلندية الأخيرة شاب ليبي اكتسب الجنسية ولم يرفض ترشحه أحد والقانون لايحرمه من حق الترشح وكذلك الحال في كل دول العالم الحر.  وحامل الجنسية الأجنبية يمكن له إثراء الهيئة بتجربته مع دولة الجنسية الأخرى وهكذا تنتقل التجارب  بين الشعوب أما جماعة التوافق الوطني فيريدونها على مقاس قبائلهم.
وفي توضيح حول موقف ميثاق التوافق الوطني فيما يخص الامن القومي فيرفض عودة ليبيين يقيمون في دول عربية إلى ليبيا ، فهو يعترف لهم بأن اصولهم ليبية وهم من قبائل ليبية معروفة، فمتى ولماذا يفقد المرء حقه في وطنه لمجرد الاقامة في قطر عربي آخر، وفي مقابل هذا نجد اسرائيل تنقل يهود الفلاشا إليها بعد آلاف السنين لترسيخ معاني الانتماء.
 هل هذه أخطاء وسوء فهم أم بذور فتن وألغام يزرعها العنصريون والأزلام بين صفوفنا فاهداف الثورة واضحة وهي الحرية والعدالة والمساواة في ظل الديمقراطية؛ وما دام الأمر والقرار يمر عبر صناديق الانتخاب فلماذا الاقصاء او التهميش أو التعصب البغيض.