Wednesday, October 17, 2012

الموروث الشعبي ذاكرة الليبيين الجمعية

الدكتور يونس عمر فنوش

 

سبتمبر 2007

 
تمهيد

منذ استقرار الإنسان في الكهوف أو قرب الأنهار صاغ أداءً فنيا يتوسل العين أو الأذن وسيلة للتواصل، أو يردف أداء اليدين في إنجاز مهام العيش بأدوات ومقتنيات أدخل عليها لمسة الفن، سواء بأشكاله الفطرية البسيطة، أو بأنماط من الصنعة والتجويد لاحقاً، ولكنه ظل في كل الأحوال يحقق إجماعا لتذوق وأداء الجماعة البشرية المتجددة في بقعة جغرافية معينة، وشكل بذلك مع مر الزمن ذاكرة جمعية تسند حركة كل مجموعة بشرية ذات تجانس اجتماعي وثقافي داخلها وفي حوارها المعلن والمضمر مع غيرها من الجماعات البشرية.
وبالنسبة لنا -نحن الليبيين- تضرب هذه الذاكرة بجذورها بعيداً جداً في أعماق التاريخ، حيث وجدت على أرض ليبيا، في صحرائها الكبرى وفي كهوف أكاكوس وتاسيلي وكهوف ومغارات الجبل الأخضر وجبل نفوسة، مفردات مما خلفه الإنسان على هذه الأرض، من رسوم وتصاوير ومن لُقًى وآثار، استطعنا من خلالها أن نعرف ونتصور كيف دبر حياته وكيف تناول علاقاته مع مختلف عناصر الوجود من حوله. وهي ذاكرة متصلة الحلقات عبر العصور، ظلت تنقلها لنا بصدق وأمانة وشمول ودقة أنماط من الموروثات التي صيغت في قوالب فنية شتى، من غناء ورقص وشعر وحكايات، ما زالت باقية حتى الآن نبعاً من المعرفة، مذهلاً بغزارته ونقائه، وبدقته وشموله، حول تفاصيل وأبعاد حياة الليبيين السياسية والاجتماعية والثقافية.
وقد ثبت أن مفردات الموروث الشعبي، بمختلف أنماطها وقوالبها وتشكُّلاتها، تمثل مصدراً فريداً لمعرفتنا بتطور حياة الإنسان على هذه الأرض، إذ نجد من خلالها من التفاصيل والأبعاد والمضامين الفكرية والفلسفية ما لا يوجد في وثائق التاريخ أو مدوناته المكتوبة، حتى أنه يصح القول إن معرفتنا بتاريخ الإنسان على الأرض الليبية سوف تظل ناقصة نقصاً معيباً ما لم تعتمد كمادة أولية لها مختلف المأثورات الشعبية، فتعكف عليها بالتأمل والدرس والفحص، لتخلص منها بتلك الصورة البديعة والشاملة لما حفظته لنا الذاكرة الجمعية عبر التاريخ.

أولاً- الحالة الراهنة لجهود توثيق الموروث الشعبي :

من أجل الحفاظ على التوازن النفسي لمواطن هذه البقعة من الأرض، حيث تسند الذاكرة الجمعية التراثية عبر تراكمها التاريخي الأداء الاجتماعي والثقافي وتحفظه من التأزم والاغتراب، انطلقت في الثلث الأخير من القرن المنصرم محاولات شتى للعناية بالتراث في مختلف تجلياته المعنوية والمادية، فاتجهت إلى البحث عن مادته واستكشافها، وبذلت جهوداً لجمعها وتوثيقها، وجهوداً أخرى لإذاعتها ونشرها والتعريف بها، رفدتها أخرى لدراسة بعض جوانبها دراسات تاريخية ونقدية وعلمية.
وفي عجالة لا تهدف إلى الحصر يمكن أن نشير إلى أن تلك الجهود قد توزعت إلى الأنماط التالية:
        1-   جهود فردية قام بها كتاب ومثقفون ودارسون، بمبادرة ذاتية منهم، واعتماداً على جهودهم وإمكاناتهم الشخصية، مثل كتابات على مصطفى المصراتي ومصطفى كمال سلام ومحمد سعيد القشاط وأحمد النويري والدكتور يونس فنوش وعبد السلام قادربوه، ومحاولة محمد بودجاجة إقامة معرض للمقتنيات التراثية في مدينة بنغازي سماه (دار جادو)، وهي محاولة جيدة لم تلق للأسف الشديد ما تستحقه من العناية، فتعرضت للاندثار.
        2-    جهود شبه رسمية مثل تلك التي قامت بها (لجنة جمع التراث) التي شكلت بكلية الآداب بجامعة قاريونس في بداية سبعينيات القرن الماضي، وقد تمكنت رغم قلة إمكاناتها من وضع لبنات علمية جيدة لخطة منهجية للتقصي عن المادة التراثية وتوثيقها، أثمرت جمع مادة أدبية غزيرة، استخلصت منها اللجنة مختارات مثلت مادة الجزئين الأول والثاني من (ديوان الشعر الشعبي).
                   3-      جهود رسمية : تمثلت في إنشاء مراكز متخصصة لجوانب من الموروث الشعبي، أهمها:
                                ‌أ-          المركز الوطني للمأثورات الشعبية بمدينة سبها (ولأهميته سوف نخصه ببعض التفصيل فيما يلي).
            ‌ب-    المركز الوطني للحرف التقليدية بمدينة غريان، وبه شعبتان واحدة للنسيج وأخرى للخزف تقومان بتدريب عناصر وطنية في هاتين الحرفتين.
                              ‌ج-         أجهزة صيانة ورعاية المدن القديمة، مثل تلك القائمة في طرابلس وبنغازي وغدامس وغيرها.
        4-   جهود أهلية: بدأت تظهر في تسعينيات القرن الماضي تمثلت في تكوين جمعيات أهلية للتراث، تضم متطوعين من أفراد يدركون قيمة الموروث الشعبي وأهميته، يتنادون للتعاون فيما بينهم للمساهمة في جهود ومساعي توثيقه وحفظه، فيسعون لجمع الموروث الشعبي في مناطقهم، عن طريق جمع الروايات الشفهية والمقتنيات وإقامة معارض دائمة لها في مقارها، والمشاركة في المعارض الموسمية التي تقام على هامش المهرجانات التراثية على الصعيد الوطني. وقد ظهرت مثل هذه الجمعيات –على سبيل المثال- في كل من غدامس وهون ونالوت ومزدة ودرنة وجالو وغيرها من المناطق. وإقامة مهرجانات للتراث اعتمدت في مفرداتها على فنون الرقص والغناء والألعاب الشعبية في محيطها وبالتعاون فيما بينها، منها مهرجانات غات وغدامس وهون ونالوت وكاباو وصرمان وغيرها.
حول هذه الجهود الرسمية والأهلية يمكننا أن نبدي الملاحظات التالية:
     1-   رغم أن الجمعيات الأهلية قد قامت بجهود مشكورة في المجال، إلا أن أداءها اتسم بالعشوائية والموسمية والجزئية، حيث كان القائمون على العمل بها من الهواة والمثقفين غير المؤهلين علميا ومهنيا للقيام بهذه المهام، وقد خلطت بعض هذه الجمعيات بين مهامها في مجال توثيق الموروث الشعبي ورعايته وإحيائه، وبين مهام أخرى على صعيد العمل التطوعي في مجالات البيئة والتكاتف الاجتماعي. وفي جميع الأحوال ظلت جهودها محصورة في محيطها الجغرافي، ولم تجد مكانها الذي كان ينبغي لها في إطار وطني شامل.
             2-      لم تكن لهذه الجمعيات القدرة المالية المساعدة على انجاز ما تطرح على نفسها من مهام.
             3-      لم يتوفر لها الهيكل المؤسسي الذي ينظم عملها وعلاقتها بغيرها من المؤسسات والجهات ذات العلاقة.
     4-   وفرت المهرجانات التراثية فرصة وإمكانية لإحياء الموروث وتقريبه من ذائقة الأجيال الناشئة، إلا أن طابع الارتجال والاستعجال وضعف القدرات المالية جعل هذه المهرجانات لا تدقق كثيرا في عرض لوحات الموروث وإعطائها شكلها الجمالي الأصيل.

المركز الوطني للمأثورات الشعبية:

في ظل تلك الصورة التي اتسمت بالقصور الشديد في مواجهة الغاية الوطنية الكبرى للتعجيل والمبادرة بإنقاذ الموروث الشعبي من عوامل النسيان والإهمال، ومن ثم جمع مفرداته وحفظها ثم خدمتها وإعدادها لتكون مادة للمعرفة والبحث، تقرر إنشاء "المركز الوطني للمأثورات الشعبية"، وكان يفترض أن يكون هذا المركز هو الجهة الوطنية التي تتكفل بإنجاز تلك المهمة الوطنية الكبرى، ولكنه، للأسف الشديد، لم يقم بما كان ينبغي ويمكن أن يقوم به على هذا الصعيد، فاتسم أداؤه بنواحي القصور التالية:
     1-   لم يقم المركز الوطني للمأثورات الشعبية بوضع أي خطط أو مشاريع عمل تركز على إجراء مسح علمي كامل لمفردات الموروث، ومن ثم وضع الخطط لجمعها وتوثيقها، تمهيداً لإعدادها وتجهيزها للدراسة والبحث.
     2-   لم يسع المركز لوضع خطة عملية مخصوصة توجه لإعداد كوادر متخصصة في عمليات البحث والتنقيب عن المادة التراثية، وفي توثيق وتسجيل الروايات الشفهية، والتعامل مع المخطوطات وما في حكمها من مادة تراثية أخرى كالمقتنيات واللقى وغيرها. وعلى هذا الصعيد أخذ على المركز حصر جهوده في منطقة واحدة هي منطقة سبها حيث يوجد مقره الرئيس، وتقصيره في تكليف الباحثين والمراسلين في المدن والقرى لموافاته بمخزوناتها من مفردات الموروث ومادته.
     3-   لم يقم المركز الوطني للمأثورات بالدور الذي كان جديراً به أن يباشره بأن يكون حلقة اتصال بالجمعيات الأهلية والمهرجانات التراثية، وأن يكون البؤرة المركزية التي تلتقي عندها كافة الجهود الفردية والأهلية والرسمية، فيمارس مهمة التنسيق بين تلك الجهود لكي تتكامل فيما بينها، ولا تستهلك جهودها وإمكاناتها في تكرار الأعمال نفسها.
     4-   لم يقم المركز الوطني للمأثورات الشعبية بما نظن أنه كان ينبغي أن يقوم به على صعيد تطوير الجهود العلمية في مجال دراسة الموروث الشعبي، ولم نسمع أنه نجح في إقناع أي جامعة بالاعتراف بالموروث كمادة علمية صالحة وجديرة بأن تضمن في المناهج والمقررات الدراسية.
في ضوء ما تقدم يمكننا أن نخلص بالملاحظات التالية:
             1-      لا توجد حتى هذه اللحظة خطة وطنية لجمع موروثنا الشعبي وحفظه ودراسته وطرحه للاستفادة منه بشكل علمي.
             2-      لا يوجد جسم وطني ذو فروع أو شعب في مختلف المدن والقرى الليبية لجمع وحفظ موروثنا.
     3-   تعاني المؤسسات والجمعيات الأهلية القائمة من ضعف القدرات المالية المساعدة على انجاز ما تطرح على نفسها من مهام .
     4-   أغلب الجهود التي اشتغلت على موضوعة الموروث كانت فردية أو أهلية تطوعية يقوم بها متطوعون غير مؤهلين علميا. وعلى ما لهذه الجهود من أهمية وما قامت وتقوم به من جهد مشكور، إلا أنها تظل محدودة وجزئية وعشوائية تفتقد إلى الضبط العلمي الدقيق، وإلى شمولية النظر التي تجعلها ترتقي إلى أفق النظرة الوطنية التي تتسع لتحتضن كل التراب الوطني، وكل مكوناته الاجتماعية.
     5-   أن الجهود الرسمية والهياكل التي يفترض أنها أقيمت من منظور وطني شامل اتسمت بعجز القائمين عليها عن الارتقاء إلى مستوى المسؤولية الوطنية التاريخية، ومن ثم كانت قاصرة ومحصورة، ووقعت ضحية الارتجال والموسمية والعشوائية وقصر النظر.
     6-   أنه لم يتم حتى الآن الاعتراف بالموروث الشعبي كمادة للبحث والدراسة العلمية الأكاديمية، بحيث يدخل ضمن المقررات والمناهج الدراسية في المؤسسات الجامعية، ويوجه الباحثون والدارسون للعكوف عليه بالدراسة والبحث العلمي.

ثانياً: استحقاقات ملحة وعاجلة لحفظ الموروث الشعبي وتوثيقه:

ولعله بات جلياً من خلال استعراضنا لمختلف جوانب النقص التي شابت عملية توثيق موروثنا الشعبي، وجمع ما لا يزال بالإمكان العثور عليه من مواده الأولية الأساسية، منذ أن بدأت أوائل الجهود في هذه السبيل وحتى الآن، أننا بحاجة إلى جملة من الخطوات التي نرى أنها ملحة وعاجلة لتدارك ذلك النقص، والإسراع بفعل ما ينبغي فعله لتعويض ما فات من قصور وتخبط في الجهود المبذولة، في إطار خطة وطنية شاملة لتكثيف جهود التوثيق وجمع المادة الخام، ثم تصنيفها وحفظها، وإعدادها لتكون في متناول الباحثين والدارسين، ثم استثمارها وتوظيفها في المجالات والأغراض التي سنعرض لها فيما بعد.
ونعتقد أن هذه الخطة، التي ينبغي أن توضع من منظور وطني شامل، يجب أن تحظى بأولوية مطلقة، لما تتسم به من إلحاح التسابق الحثيث مع الزمن الذي لا يمهل الحفاظ والرواة، وتبادر يد الموت إلى تخطفهم، فتضيع مع كل من يتوفاه الله منهم ثروة ثمينة من المحفوظات لا يمكن تعويضها بأي ثمن أو وسيلة، إضافة إلى التسابق الحثيث أيضاً مع عوامل الإهمال التي تعرض الكثير من مواد الموروث المادية للضياع والفقدان لعدم العناية بحفظ نماذج منها.
ونرى أن العامل الأكثر تأثيراً في تكييف هذه المسألة هو كون المادة التراثية المراد توثيقها تتسم بالآتي:
1-  أن مصادرها ومظانها في الغالب ما زالت مجهولة، فتحتاج من ثم إلى جهود خاصة ودؤوبة للتقصي عنها واكتشافها والتعرف إليها، ويتبين دائما أن ثمة حفاظاً ورواة يملكون ثروة قيمة من المحفوظات التراثية مجهولون، لا يعرفهم أحد إلا مواطنوهم الذين يعيشون معهم في المكان نفسه، وقد يكون قرية أو نجعاً نائياً بعيداً عن مواطن العمران، وأن ثمة مفردات من الموروث المادي كالحلي والملابس والصناعات والسلاح وأدوات العمل واللعب وغيرها ما زالت مبعثرة في أماكن وجودها الأصلية، وهي بدورها ظلت عبر السنوات معرضة للفقدان والضياع.
2-  أن هذه المصادر تحتاج إلى السعي إليها في مواقعها التي توجد فيها، من حيث إن كثيراً منها، كالروايات المحفوظة في الصدور، وبخاصة ما يتصل بحقب قديمة نسبياً، توجد لدى أشخاص طاعنين في السن، أو مقعدين عن الحركة، ومن ثم فلا بد من التحرك للاتصال بهم حيث يوجدون، وأن الحاجة ما زالت قائمة، بل ملحة جداً، لاستكشاف المفردات المقصودة بالبحث، لاستنقاذ ما لا يزال ممكنا العثور عليه منها من يد الضياع والفقدان، وبخاصة أن كثيراً من هذه المواد قد يوجد لدى أفراد، ربما يكونون قد ورثوه عن آبائهم وأجدادهم، وهم لا يدركون ما له من قيمة تاريخية عظيمة، فلا يحرصون على اقتنائه، ومن ثم فهم لا يعتنون بالمحافظة عليه وصيانته.
إن هذه السمات أو العوامل تفرض أن تكون أولى الخطوات الملحة في هذا السياق هي وضع خطة عملية مدروسة بدقة لمسح كل أنحاء البلاد، لبلوغ قدر مرض من الثقة في الوصول إلى كل أو جل ما يمكن الوصول إليه من هذه المادة. وهذه العملية من هذا المنظور  عملية شاملة ومتسعة الآفاق متشعبة الأبعاد، ونرى أنها ينبغي أن تشمل الآتي:
   1-   إنشاء هيئة وطنية، يكون لها الموقع الذي نرى أنها تستحقه في مراتب الأهمية، لكي تخصص لها الإمكانات المادية والبشرية اللازمة لإنجاز الأهداف المحددة لها. ولعلنا لا نبالغ مطلقاً إذا قلنا إن هذا الموقع ينبغي ألا يقل عن موقع "لجنة شعبية عامة" أو "هيئة وطنية عليا" تتبع أعلى جسم في هيكلية الإدارة: "أمانة اللجنة الشعبية العامة" أو "أمانة مؤتمر الشعب العام".
       2-      مباشرة هذه الهيئة عملها باستقطاب وتأهيل العاملين لديها في مختلف الجوانب والمجالات المطلوبة لأداء المهام التنفيذية، التي تنقسم أساساً إلى نمطين من المهام:
أ - مهام عملية ميدانية، وتتجه إلى البحث عن مفردات الموروث والتقصي عن أماكن وجودها ومظانها، وهذه تنقسم بدورها إلى مجموعات متميزة بحسب أصناف المفردات التراثية المقصودة بالبحث، مثل: فنون القول، الموسيقى والغناء والفنون التشكيلية، المقتنيات والصناعات التقليدية.
ب- مهام عملية مكتبية، وتتجه إلى استقبال المواد التي تتمكن فرق العمل الميداني من تجميعها، في صورها المختلفة: موجودات مادية، تسجيلات بالصوت والصورة للمفردات المحكية أو المروية: أشعار، روايات تاريخية، حكايات وأساطير، أمثال وأحاجي، موسيقى وغناء ورقص..إلخ، ثم تتولى تصنيف هذه المفردات، ووضع الفهارس اللازمة لتوثيقها، لتسهيل الوصول إليها فيما بعد من قبل الباحثين والدارسين والمكلفين بشتى المهام ذات الصلة.
       3-      مباشرة فرق العمل التي تم إعدادها وتأهيلها في تنفيذ المطلوب منهم، كل في مجاله المخصص له: ميداني أو مكتبي.
ونرى أنه سوف يكون من الملح أن تضع هذه الهيئة على الفور خطة لتجميع مختلف مفردات الموروث الشعبي الموثقة بإحدى صور التوثيق المتاحة (تسجيلات صوتية ومرئية، مدونات ومخطوطات) والموجودة في الوقت الحاضر مشتتة عند الأفراد وعند بعض الجهات ذات الصبغة العامة مثل (الإذاعات والصحف ومراكز البحوث والجمعيات الأهلية للتراث..). ولبلوغ هذه الغاية نرى أنه سوف يكون مفيداً أن تخصص هذه الهيئة ميزانية سخية مفتوحة لأداء ما قد يكون لازما من مقابل مادي أو تعويض يقدم للأفراد أو العائلات التي لا تتبرع بما لديها من مادة تراثية مجاناً. وسوف يكون مفيداً في تقديرنا أن تنظم حملة إعلامية مدروسة ومنظمة لرفع مستوى الوعي العام لدى أفراد المجتمع بقيمة المفردات التراثية التي قد يوجد لديهم نماذج منها، ولحث من يملك منها شيئاً إلى المبادرة بالاتصال بالهيئة لاتخاذ الإجراءات المناسبة لاقتنائها أو استنساخها إن كانت مما هو قابل للنسخ.
وفي مسار مواز تنطلق الحملة الوطنية الشاملة لمسح كل أنحاء البلاد، للتقصي عن مفردات الموروث المستهدفة، وتحديد أنواعها وأماكن وجودها، تمهيداً لتوجيه فرق العمل المتخصصة، للقيام بما يلزم من أعمال التوثيق، من قبيل: تسجيل أنماط المرويات من فنون القول بالصوت والصورة، توثيق أنماط الفنون (موسيقى، غناء، رقص) بالتصوير المرئي، وتصوير المقتنيات واقتناء نماذج منها.
في هذه الأثناء تشرع فرق العمل المكتبي في التهيؤ لاستقبال المادة التي يتم جمعها من خلال فرق العمل الميداني، ومن ثم تشرع في تنفيذ مهامها التي تتمثل في الآتي:
1-  تصنيف المواد التي ترد إليها بحسب أنواعها وأنماطها، مع توثيق كل البيانات المتعلقة بها: أسماء المؤلفين بالنسبة للمواد التي يعرف مؤلفوها وقائلوها، وأسماء الرواة فيما يتعلق بالمواد التراثية الجمعية التي يتداولها الناس دون معرفة قائليها، الأماكن التي وجدت فيها المادة أو تم فيها التسجيل والتوثيق.
2-  توظيف العدد اللازم من العاملين المؤهلين لإدخال المادة المجموعة في منظومات حاسوبية معدة للتعامل معها، بحسب مختلف أنماطها وأصنافها، وذلك لتسهيل الرجوع إليها واستعادتها والتعامل معها حسب الحاجة.
3-  توظيف عدد آخر من العاملين المؤهلين للتعامل مع مفردات التراث المادية، بأعمال الصيانة والحفظ والتصنيف والتخزين، تمهيداً لاستثمارها فيما بعد في أغراض البحث والدراسة والعرض في المعارض والمتاحف وما إلى ذلك.

ثالثاً: آفاق تطوير الجهود الوطنية الرسمية والأهلية لرعاية الموروث الشعبي ودراسته:

بعد الاطمئنان إلى اتخاذ ما يلزم من إجراءات عاجلة وملحة على صعيد العمل الميداني والمكتبي الموجه للبحث عن المادة الخام واقتنائها، ثم تصنيفها وفهرستها وحفظها بوسائل الحفظ الإلكترونية المتطورة التي باتت تتيحها وسائل تقنيات المعلومات الحديثة، يكون بالإمكان النظر إلى الآفاق التي نراها متاحة للتعامل مع هذه المادة، وينبغي وضع الخطط لارتيادها على صعيد:
1-      رعاية مفردات الموروث التي تم جمعها وتوثيقها.
2-      إجراء الدراسات والبحوث حولها.
3-      إحياؤها والترويج لها والتعريف بها محلياً وعالمياً.
4-      استثمارها كأحد عوامل الجذب السياحي.
1- الأفق الأول هو الذي نسعى فيه إلى القيام بما يلزم لرعاية وصيانة مفردات الموروث التي تم جمعها وتصنيفها وفهرستها. وفي هذا الإطار سوف نحتاج إلى نمطين من العمل:
          أ- الأول تجهيز المادة الخام في الصور الملائمة التي تيسر الاطلاع عليها ودراستها، من قبيل نشر المادة الأولية لفنون القول، مصنفة بحسب موضوعاتها ومؤلفيها، في إحدى صور النشر المتاحة (ورقي، إلكتروني).
          ب- صيانة مفردات الموروث المادية، وحفظها مصنفة بحسب أنماطها في الأماكن المناسبة لمثل هذا الغرض، كالمتاحف وقاعات العرض المختلفة.
          2 – الأفق الثاني هو أفق الدراسات والبحوث: وفيه نسعى إلى وضع الخطط والبرامج الملائمة لإجراء البحوث والدراسات العلمية حول المادة التراثية التي تم جمعها. وفي هذا الصدد نرى أنه سوف يكون من المفيد أن نقوم بالآتي:
          أ- إنشاء مركز للبحوث والدراسات في إطار "الهيئة الوطنية للموروث الشعبي"، يشرف عليه أكاديميون متخصصون في مناهج البحث العلمي، لتوجيه ناشئة الباحثين والدارسين للقيام ببحوث علمية حول موضوعات بعينها، يتم اختيارها من قبل إدارة المركز، في إطار خطة بحثية معدة مسبقاً.
          ب- إدخال مادة "الموروث الشعبي" في المقررات الدراسية في الجامعات، وخاصة في مرحلة الدراسات العليا، وتوجيه الباحثين لاختيار موضوعات للأطروحات التي يقدمونها لاستكمال متطلبات الحصول على الإجازتين العليا والدقيقة من بين المادة التراثية المتوفرة، التي ينبغي أن تكون قد تم تهيئتها للبحث والدراسة من قبل الهيئة.
وفي هذا الصدد تجدر الإشارة إلى أننا بحاجة على الصعيد الوطني إلى جهود مركزة ومقصودة لمحاربة التوجهات المضادة للاهتمام بالتراث الشعبي، والرافضة للاعتراف به كقيمة وطنية ثقافية وعلمية كبرى، التي ظلت تسيطر على جامعاتنا في كل أنحاء البلاد، بدليل أننا لا نجد أي جامعة تعترف بالموروث الشعبي أو تقر دراسته والعناية به ضمن مناهجها ومقرراتها الدراسية، ومن ثم فإننا لم نر حتى الآن أطروحة تقدم في إحدى جامعاتنا الوطنية يكون موضوعها مادة أو جانباً من الموروث الشعبي. ووجدنا بعض باحثينا من المهتمين بهذا الجانب يتجهون لإعداد أطروحات حول موضوعات تراثية في جامعات عربية خارج الوطن، في مصر والمغرب على وجه التحديد.
وبالطبع سوف يكون من الضروري أن توجد في الهيئة الوطنية للموروث الشعبي إدارة للنشر، تتولى تشجيع الباحثين والمؤلفين، وتعنى بنشر أبحاثهم وأعمالهم المختلفة، مقابل مكافآت مشجعة وحوافز معقولة.
3 – الأفق  الثالث هو الذي نسعى فيه إلى إحياء مفردات الموروث الشعبي والترويج لها والتعريف بها محلياً وعالمياً. ونعتقد أننا سوف نحتاج على هذا الصعيد إلى ما يلي:
أ- إقامة الاحتفاليات والمهرجانات التي تخصص لجوانب مختلفة من الموروث: الشعر الموسيقى والغناء والرقص. ولعلنا نبدأ بأشكال من المهرجانات على الصعيد الوطني، تمهيداً لتطويرها حسب الحاجة إلى مهرجانات على صعد أوسع، إقليمية وعالمية. ونرى أنه سوف يكون من الضروري تخليص هذا المجال من الآثار السيئة التي نجمت عن المفهوم السطحي للتطوير والتحديث، الذي رأينا كيف أدى إلى تشويه الأنماط التراثية التقليدية في مجالات الغناء والرقص بنوع خاص، وتحويلها إلى تراكيب من الحركات خالية من السمة التراثية الشعبية المميزة، التي ما زلنا نراها تمارس في مواقعها الأصلية، بحسب الأصول التي توارثها الناس عن الأجيال الماضية.
ب- إنشاء المتاحف وقاعات العرض التي تعرض فيها المفردات المادية من الموروث. ونرى أهمية أن نضع ضمن أولويات جهودنا للتنمية الثقافية للمجتمع ككل، ضرورة أن يوجد في كل تجمع سكاني مكان يخصص لعرض مفردات الموروث المادية، لكي تتاح فرصة التعرف عليها للأجيال المتعاقبة، فينمو وعيهم العام بتاريخ بلادهم وثقافة شعبهم، وتكون زيارة تلك المفردات ومعاينتها معاينة مباشرة جزءاً مكملاً للعملية التربوية التي يتلقاها التلاميذ في مدارسهم ضمن مقررات مواد التاريخ والتربية الوطنية.
هذا على الصعيد المحلي، أما على الصعيد الخارجي فيمكن أن يكون من ضمن برامجنا ما يلي:
أ-وضع خطط للتعريف بموروثنا الشعبي خارج حدود الوطن، من خلال المطبوعات والنشرات والشرائط الوثائقية، التي توزع على الجهات ذات العلاقة في الدول المختلفة: الجامعات والمعاهد ومراكز البحوث، المكتبات الوطنية والجامعية، الهيئات الثقافية، المراكز المتخصصة في التراث الشعبي، الجمعيات الأهلية المهتمة بالموروثات الشعبية.
ب-الحرص على المشاركة في المهرجانات والاحتفاليات التي تقام في مجالات الموروث الشعبي، من خلال إدارة خاصة تنشأ لهذا الغرض في إطار الهيئة الوطنية للموروث الشعبي، والاتفاق على صيغة لإقامة أيام التراث الشعبي الليبي في الدول التي تقام معها في هذا الصدد علاقات واتفاقات ثقافية محددة.
ج- السعي لإقناع الدول بإنشاء أقسام أو أركان في متاحفها العامة أو المتخصصة تخصص للموروث الشعبي الليبي، تعرض فيها أنماط مختارة من المفردات التراثية الليبية، مثل الحلي والملابس والمقتنيات والصناعات التقليدية.
وبالطبع سوف يكون على رأس هذه الوسائل للترويج للموروث الشعبي الليبي محلياً وخارجياً الموقع المخصص له على شبكة المعلومات العالمية، حيث تتيح الإمكانات التقنية للشبكة وسائل ممتازة لتخزين قدر هائل من البيانات عن مفردات الموروث الشعبي، تكون ملائمة لأن يتعرف عليها المتصفح، سواء من داخل البلاد أو من أي بقعة في العالم. وسوف يكون من الملائم للوفاء بغرض الترويج والدعاية توفير البيانات عن تلك المفردات بأكبر عدد من اللغات الحية العالمية.
4 – أما الأفق الرابع فهو ذلك الذي تكون فيه المادة التراثية قد بلغت الحد المناسب من التجهيز العلمي والمادي، بحيث تصلح لأن تكون عامل جذب مهم في إطار السياحة الثقافية، ونرى أننا يمكن أن نبلغ مستويات ممتازة على هذا الصعيد من خلال التالي:
أ-إنشاء متاحف ومعارض لمفردات الموروث في المناطق السياحية أو بالقرب منها، والتنسيق مع شركات السياحة لوضعها في برامج زياراتها التي تعرضها على السائحين، وبهذا نخدم غرضين في آن معاً هما: الترويج للتراث الشعبي الليبي والتعريف به، والحصول على عائد مادي من خلال الرسوم التي تجبى على الزيارات.
ب-إنشاء أحياء أو تجمعات تمارس فيها بشكل حي أنماط من الأعمال المتصلة بالصناعات التقليدية (الغزل، النسيج، الصناعات الجلدية، الصناعات القائمة على المواد الخام المستخرجة من شجرة النخيل، الصناعات الجلدية..إلخ)، تدرج ضمن برامج الزيارات المنظمة للسائحين الأجانب.

توصيات :

في ضوء ما سبق عرضه نخلص إلى توصيتين محددتين هما:
     1-   إنشاء هيئة وطنية عليا للموروث الشعبي، تكون لها صفة اعتبارية مميزة في أعلى سلم الجهات التنفيذية، تخصص لها ميزانية كافية لمواجهة متطلبات الخطط العملية المستعجلة التي سلفت الإشارة إليها في البندين ثانياً وثالثاً.
     2-   اتخاذ القرار الذي لم يعد من المقبول التأخر في اتخاذه على صعيد تكريس الاعتبار للموروث الشعبي باعتباره مقوماً أساسياً وجوهريا لهوية الشعب الليبي، بمختلف مكوناته القومية (العربية والأمازيغية والتارقية)، ومكوناته القبلية والجهوية، ومن ثم إدخال مادة الموروث الشعبي ضمن المناهج والمقررات الدراسية التي تقدم للطلاب والدارسين، على الأقل في المرحلتين الجامعية والعليا، كبداية يستهدف تعميمها في مستقبل منظور إلى كل المراحل الدراسية.

  
    

Thursday, October 11, 2012

تنمية مدينة درنــــــــه استحقاق وطني


 د.حسني بن زابيه

      تقع مدينة درنه في موضع متوسط بين مدينة طبرق في الشرق ومدينة البيضاء في الغرب، بمعنى آخر بين امتداد مناطق شبه جافة شرقا ومناطق أخرى شبه رطبة غربا مما اكسبها تنوع طبيعي واقتصادي فريد. موقع المدينة على ساحل البحر وامتدادها الحضري على طول ضفتي وادي درنه الغني بالينابيع العذبة وشلاله الشهير، اُستقطب السكان من مختلف الأطياف عبر العصور. وأضفى التنوع الثقافي للمدينة ميزة ثمينة إلى المكان قلما توجد في كثير من المدن في ليبيا.
      عانت المدينة بوجه خاص أبان حكم الطاغية المقبور شتى أنواع التعسف والتهميش الذي كانت له تبعات وخيمة على مستوى المعيشة وفرص العمل والبنية التحتية للمدينة. افرز الوضع المتردي الذي عاش فيه سكان مدينة درنه حالة من الإحباط والاحتقان أدت إلى تعاطي أعداد كبيرة من الشباب الممنوعات أو الانخراط في التطرف، أو الهجرة.
سكان المدينة
      حسب تعداد 2006 بلغ عدد سكان مدينة درنه وضواحيها تقريبا 155 ألف نسمة بمعدل نمو سنوي 1.3%، علما أن فئة صغار السن (اقل من 14 سنة) حوالي 48% من السكان. كما تمثل  قوة العمل(من 15-65) 33% من السكان، وأن  نسبة غير العاملين من الذكور 37%، ومن الإناث فهي 63%. معدل البطالة العام يفوق المعدل الوطني. أما البطالة المقنعة، فهي سائدة في المجال الوظيفي للقطاع العام والحكومي وفرص العمل تتلاشى تحت وطأة النمو السكاني والهجرة المتصاعدة إلى المدينة من محيط الريف.
      مستوى التعليم في مدينة درنه عادة مرتفع ومميز عن غيره بالمنطقة الشرقية، بالرغم إلي ما تعرض إليه من إفساد  خلال الحقبة المظلمة التي عمت البلاد فيما مضى. بلغت نسبة الخريجين الجامعيين 10% مقارنة مثلا بطبرق والبيضاء 4 و7% على التوالي. ارتفاع نسبة تعليم المرأة في المدينة  -كانت درنه دائما سباقة في هذا المضمار- أدي إلي ارتفاع نسبة مشاركة المرأة في مجال العمل حيث بلغت حوالي 37% مقابل العاملين من الذكور.
      نويات التنوع الاقتصادي موجودة في درنه مما يميزها عن كثير من المناطق المناظرة. فالصناعة تستحوذ على 11% من القوة العاملة والزراعة 5% والأعمال الحرة للقطاع الخاص 19%، ولكن قطاع الخدمات الحكومي(65%)، فهو المهيمن ويمثل حاليا المصدر الرئيسي لتوفير فرص العمل.
فرص التنمية للمدينة
      للنهوض بمدينة درنه وخروجها من التدهور و الركود الاقتصادي التي تعانى منه لعقود طويلة، وإنقاذ شباب المدينة من براثن التطرف والانحراف الاجتماعي، تحتاج المدينة إلى تدخل سريع وفعال عن طريق إعداد خطة طارئة قصيرة المدى (contingency plan)  تتناول استحقاقات المدينة  وتنمية وتطوير مواردها الطبيعية والبشرية المتوفرة وهي في تقديري تشمل الأتي:
المدينة القديمة
 مساحتها  حوالي 45 هكتار  وهي واضحة ومحددة المعالم بنمطها المعماري الأندلسي والتركي والايطالي الكلاسيكي، كذلك يتوسطها المسجد العتيق المميز بقبابه المتعددة، وكذلك مجاور له مبنى سابق لكنيسة كاثوليكية وآخر كان معبداً يهودياً، كذلك عدد من زوايا الطرق الصوفية في منظومة متناغمة تعكس أطياف التنوع الثقافي والتعايش السلمي التي مر به تاريخ المدينة. الأسواق التركية المسقوفة والساحات والميادين ايطالية الطراز، أضفت إلي المدينة رونق وطابع البحر المتوسط الخلاب. إن صيانة وترميم المباني الآيلة إلى السقوط وتعويض سكانها من اجل الحفاظ عليها. فالمدينة القديمة رصيد لمدينة درنة واستثمارها سياحيا مورد غير نابض لسكان درنه.
الواجهة البحرية
 الامتداد العمراني للمدينة امتداداته طولية موازيا لساحل البحر، فالمدينة ممتدة علي شريط ساحلي ضيق محصور بين البحر والجبل بمناسيب ارتفاعات مختلفة، إضافة إلى تقطعه بعديد من مصبات الأودية مما أعطى المدينة لاند سكيب متنوع الأشكال والأبعاد. الواجهة البحرية طولها يزيد عن 15 كيلو متر قابلة للتطوير والاستثمار السياحي.
 بساتين المدينة
 درنه مدينة مميزة بمزارعها وحقولها الزراعية المحصورة داخل محيطها الحضري. المساحات الزراعية المتبقية تقدر بحوالي 15% من مساحة المدينة، ولكن مهددة بالفناء تحت التوسع العمراني. حاليا المحاصيل النقدية المنتجة تصل إلى أسواق طبرق والبيضاء وحتى بعضها إلى مدينة بنغازي.
الشواطئ البحرية
 تتمتع درنة بشواطئ نظيفة خلابة متنوعة تمتد لعشرات الكيلومترات منها الصخرية حيث يقابل الجبل البحر للغوص وهى تمتد ال الغرب من المدينة. وأخرى رملية للسباحة والاسترخاء، وهى منتشرة بدون انقطاع في اتجاه الشرق.
مدينة درنة وإقليمها المحيط مركز جذب للاستثمار وبيئة واعدة للتطور والنمو، فالمقومات البشرية مؤهلة والطبيعية مشجعة.خصوصا لمثل الاقتراحات الآتية:
تطوير المظهر الحضري للمدينة
تحتاج المدينة إلى صيانة وتطوير البنية التحتية، كما ينبغي تحسين المظهر الحضري للمدينة وإضفاء مسحة عصرية للمراكز الخدمية. الاستفادة من التلال والأودية والمرتفعات في تجميل المدينة، ومد الجسور والكباري ذات الطراز المعماري المميز يكون له اثر بالغ علي الاستثمار.  
  تنمية التراث الفكري
توطين المعرفة وذلك بإنشاء دار للثقافة والفنون والمسرح تكوين معهد عال للموسيقي ودعم كلية الفنون الجميلة بجامعة درنه. إنشاء متحف للفنون التشكيلية ومركز للطباعة والخدمات الإعلامية. كما حث جامعة درنة لفتح أقسام للغات الأجنبية وتنشيط حركة الترجمة.
مراكز طبية متقدمة
توطين الخدمات الصحية كإنشاء مستشفى تخصصي لأمراض الدم حيث تفتقر البلاد لمثل هذه المستشفيات، كذلك مستشفي لأمراض السرطان يكون مركزا منافسا في المنطقة الشرقية مع تنمية مراكز الطبية للتصوير والتحليل بالتعاون مع كلية التقنية الطبية بالجامعة.
تنشيط وتطوير النشاط الاقتصادي
توطين الصناعات والمشروعات الصغيرة فهي كثيفة والبعض منها عريق وواعد إن قدم لها التمويل والتشجيع منها صناعة الأثاث على سبيل المثال. كذلك تنشيط التجارة المحلية والإقليمية بإنشاء مجمع تسوق حديث (مول) تجارى ضخم متعدد الطوابق بمختلف الوسائل الترويحية يجذب المتسوقين من خارج المدينة.
     تنشيط الحركة السياحية المحلية بنشر المطاعم والمقاهي والأندية الترويحية والفنادق الصغيرة والمتوسطة، ودور الشباب والمسارح ودور العرض المفتوحة في المدينة القديمة وعلى امتداد الواجهة البحرية.
    تشجيع الأعمال الحرة واستقطاب رجال الأعمال والشريكات بتوفير مقار لها عن طريق بناء برج متعدد الطوابق ويكون رمز إلى ازدهار المدينة الاقتصادي.
    إنشاء الملاعب وأحواض السباحة المفتوحة والمغلقة والحدائق العامة، وإعادة تعمير الأراضي الزراعية المتروكة والحدائق السابقة المهملة.
     انفراد ميناء مدينة بخدمة معينة تدعم وضعه التنافسي مع بقية المواني المحيطة كما كان فترة احتكار حركة شحن السيارات إلى البلاد. هناك وجهة نظر تنادي بإنشاء منطقة حرة في درنه.

     مدينة درنة غنية بمواردها الطبيعية والبشرية وتنمية هذه الموارد بأسلوب التنمية المستدامة والاعتماد على القطاع الخاص يجعل منها نموذجا يحتذي به في تنمية المدن في ليبيا.