Sunday, December 1, 2013

كم سيكلفنا بقاء زيدان في السلطة أو رحيله؟


          لم أكن أتوقع بعد انتصار الثورة الليبية وهزيمة القذافي وأزلامه أن اقوم من نومي في النصف الثاني من الليل لأسجل مخاوفي من الداموس المظلم الذي بدأت ليبيا الحبيبة تنحدر فيه. ولم اكن اتوقع يوما أن اكتب مقالا في رجل كان يدعو الى احترام حقوق الانسان بدون تفرقة أو عنصرية ثم يتحول إلى إقصائي مستميت على الكرسي بأي ثمن وفي ظل توجهات مخيفة تهدد الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة فهل كان يظهر خلاف ما يبطن أم نسي ما قدمت يداه؟
لقد كثر الحديث عن الفساد الاداري والمالي في الحكومة لدرجة غير مسبوقة عندما تحولت الرشوة وشراء المواقف والتضليل الاعلامي الى وسيلة لارضاء من يخرج على القانون؛ واي قانون نتحدث عنه وحقول النفط والغاز وأنابيب نقلها تتحكم فيها فئات مسلحة مختلفة وتوجد لدينا حكومة اقليمية تزمجر وتهدد ليبيا بالتقسيم الرسمي بعد الانفصال الفعلي.
ناهيك عن مناطق شاسعة خارج نطاق الدولة وتحت سيطرة فئات مسلحة ترفع شعارات يعتبرها سكان العالم الحديث ارهابية وزحف من الجنوب في كل يوم يهدد التركيبة السكانية وقد يفتح علينا جميع أبواب الشر من حروب أو احتلال ومساومة.
وفي ضوء هذا الواقع يتضح لنا أن السيد زيدان لايجلس على كرسي السلطة بل يتركه شاغرا فلا أدري من يدير دفة الامور ولمصلحة أي طرف تدار، وبالتالي تم فتح الباب لاصحاب المصالح الجهوية والقبلية والحزبية والشخصيةكلها إلا مصلحة ليبيا وشعبها.
 فالتوافقات والموافقات داخل دواليب الدولة تمر عبر بوابة الصفقات في ظل تهليل اعلامي وسكوت عن الخسائر من القنوات الاعلامية المملوكة لاصحاب النفوذ في انحياز مصلحجي سافر معادي لاهداف الثورة والثوار الحقيقيين، بل ويصل الى الهجوم السافر والظالم على الثوار الحقيقيين والتشهير بهم لابسط الاسباب.
ليبيا بعد احداث غرغور
بعد احداث منطقة غرغور ووفاة العشرات وجرح المئات هاهي مذابح بنغازي تبدأ ولا اتوقع ان تنتهي خوفا من تهديدات حكومة غير قادرة فعلا على اتخاذ موقف أو الوصول إلى أي حل، وكلنا يتذكر المهلة التي منحها زيدان لاعادة تصدير النفط ثم نسيها. وبالتالي ستقود احداث بنغازي البلاد إلى معارك أخرى لا سمح الله سيكون الخروج منها أصعب من الدخول فيها خاصة اذا تم استهداف كل الاسلاميين بها في ظل الهجمة الاعلامية العلمانية على كل ملتزم ووصفه بانه اخواني كما كان يفعل إعلام القذافي.
 وكلنا يعلم ان القذافي رغم قسوته واصراره على الحكم لم يسمح بقتل انصاره أو اعدائه في أي مسيرة علنية تصورها وسائل الاعلام بينما جلست حكومة زيدان تنتظر نتيجة الحراك السلمي الطرابلسي ثم بدأوا يحصدون النتائج ولكن ما حدث في بنغازي عكر الجو وفتح الباب على مصراعيه لتطورات اخرى قد تجر اطراف دولية للصراع الليبي على السلطة.
لقد صبرنا عام كامل وسكتنا عن نقد الحكومة حرصا على استمرار الشرعية في شكل المؤتمر الوطني والحكومة ولكن المؤتمر فقد السيطرة لدرجة جعلت رئيس الحكومة يتحدى اعضاء المؤتمر في قضية حجب الثقة.
 وبالتالي فشل المؤتمر في حمل الامانة ألا وهي تفويض الشعب له بحماية مصالحه. واذا لم ينجح المؤتمر في حجب الثقة علينا سحب الثقة منه في حراك سلمي شعبي هادر وبكل الاساليب لاستعادة سلطة الشعب على الوطن وقبل 7 فبراير 2014م.
   فهل المؤتمر الوطني مستعد للوفاء بالتزامه في حفظ الامن الوطني أم يفضل خروج الشارع وانتهاء اعضاء المؤتمر والحكومة في المحاكم والسجون؟
من كل هذا يتضح حجم الخسائر التي ستمنى بها ليبيا وشعبها اذا لم يستقيل السيد علي زيدان طواعية واليوم قبل الغد فالشعب الليبي صبر بما فيه الكفاية وتحطمت اماله على صخرة الفساد والمحسوبية ولا يستطيع ان يسكت على مزيد من الاغتيالات والاقتتال بين الاخوة بسبب ضعف زيدان وحكومته وعدم قدرة المؤتمر على الوصول إلى حل حرصا على المصالح الجهوية والشخصية والحزبية.
والبديل عن الاستقالة لا سمح الله فوضى تبدأ أو تنتهي باغتيال عدد من الشخصيات السياسية المستفيدة والمسيطرة على الاوضاع ينفذه من لا يقدر العواقب أو تدخل اجنبي يدخلنا في حرب اهلية تقسم المقسمات وتحرق ما بقي من الطاقات و الامكانيات.
ومن باب الحرص على وطني وابناء وطني ادعو السيد على زيدان واعضاء حكومته لاتخاذ موقف مناسب لتجنيب البلاد والعباد خطر ما لا يحمد عقباه بتقديم استقالتهم للمؤتمر الوطني العام باسرع ما يمكن حفاظا على دماء الليبيين ووفاء لدماء الشهداء ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
أما اذا لم يستجب رئيس الحكومة لطلب الاستقالة فمن نفس الحرص على ليبيا واهلها اطالب المؤتمر الوطني بحجب الثقة عن حكومته لكي تعود ثقة المواطن في نوابه ونحافظ على العملية الديمقراطية. وإن لم يستطع المؤتمر تلبية رغبة الشارع الليبي فادعو كافة ابناء ليبيا للخروج لحل هذا المؤتمر الذي لم يف بالتزاماته الوطنية، والخيار الوحيد امامنا هو في العودة للشرعية الدستورية التي كانت قائمة ليلة 231 اغسطس 1969م.
المبادرة الوطنية للعودة إلى الشرعية الدستورية

هذه المبادرة تدعو للعودة إلى الشرعية الدستورية وفق آخر ما انتهت إليه في 31 أغسطس عام 1969م، من خلال تفعيل العمل بالدستور الشرعي الذي كان نافذا آنذاك، كنقطة بداية في طريق العودة بالبلاد إلي حالة الدولة الدستورية. عسى أن يكون ذلك كفيلا بتهيئة قدر من الاستقرار يكفل انتظام واضطراد مسيرتها الانتقالية حتى بلوغ الغاية المرجوة بتنظيم الانتخابات العامة وتسليم المؤسسات الدستورية المنتخبة مقاليد الأمور.
وتستند هذه المبادرة علي الأسس الاتية:
-         الشعب الليبي هو المصدر الوحيد للشرعية الدستورية.
-         عدم الاعتراف بالشرعية الثورية أو شرعية الأمر الواقع أو أية اصطلاحات أخرى متداولة لكسب الشرعية تحت أي مسمى.
-         الشعب الليبي هو الجهة الوحيدة التي لها الحق في تعديل الدستور أو إلغائه، من خلال استفتاء حر وشفاف، أو من خلال برلمان دستوري منتخب من قبل الشعب في انتخابات حرة ونزيهة وشفافة.
-         أن الشعب الليبي لم يتم استفتاؤه على إلغاء أو تعديل الدستور الليبي، منذ آخر تعديل له في سنة 1963 حتى يومنا هذا، ومن ثم فإن هذا الدستور يعد قائماً شرعاً وقانوناً.

خارطة الطريق إلى دولة الاستقلال الثانية:

في ضوء ما تقدم فإن هذه المبادرة تقترح على أبناء وطننا أن يشرعوا  في إدارة حوار وطني شامل، بهدف إلى التوافق على ملامح خارطة طريق التي  يمكن أن تكون على النحو التالي:

1-    الاستجابة للمطلب الشعبي الذي تعبر عنه هذه المبادرة، بالعودة إلى الشرعية الدستورية وفق آخر ما انتهت إليه في 31 أغسطس 1969، وتفعيل العمل بدستور المملكة الليبية.

2-    يتم تشكيل حكومة تكنوقراط غير مسيسة بعيدة عن المحاصصة السياسية ومن ذوي الكفاءات المشهود لهم بالنزاهة والوطنية، لتتولى بمجرد تشكيلها، اختصاصات الملك الدستورية، لتسيير الأعمال في البلاد بصورة مؤقتة، طبقا للمادة 52 من دستور دولة الاستقلال، على ألا تتجاوز مدة  ستة أشهر.

3-    تقوم الحكومة بإجراء  انتخابات لمجلس النواب، وتتولى أيضا بموجب الدستور اختيار أعضاء مجلس الشيوخ بالتوافق مع مكونات المجتمع المحلي.

4-    تطرح الحكومة على الأمة استفتاء عاماً حول نظام الحكم.

5-     فإذا اسفرت نتيجة الاستفتاء عن خيار الملكية الدستورية، تدعو الحكومة وريث العرش، لقسم اليمين الدستورية وفقا للدستور أمام البرلمان، ويمارس سلطاته بعد إجراء التعديلات اللازمة عليها، لتتوافق مع السلطات التي تخول للملك في النظام الملكي الدستوري.

6-    أما إذا أسفرت نتيجة الاستفتاء عن خيار شكل الحكم الجمهوري، يقوم البرلمان بتعديل الدستور من خلال هيئة تأسيسية بما يتوافق مع نظام الحكم الجمهوري، مع بقائه دستوراً للدولة ضامناً لتواصل الأجيال.

أهم ميزة في العودة للشرعية الدستورية يكمن في وجود دستور الاستقلال الذي يعرض حلولا شرعية ودستورية لكل المشاكل ويمكن تطويره من خلال البرلمان المنتخب. وفي مقابل هذا سندفع ثمنا لا يعرف حدوده احد اذا استمر التسيب وعدم الاكتراث برأي الشعب الليبي.







No comments:

Post a Comment