Friday, April 22, 2011

أحداث الأسبوع الأول من ثورة فبراير 2011م


و تحطمت الدبابات على أعتاب بنغازي
           تسارعت الأحداث في مدينة بنغازي منذ اللحظات الأولى بشكل قلب الأوضاع في ليبيا كلها، و كانت المفاجأة كبيرة بحجم التطلعات الوطنية. فلقد تكررت الدعوات عبر وسائل الإعلام المختلفة للتحرك يوم السابع عشر من فبراير من الداخل و الخارج للمطالبة بتحولات ديمقراطية و بشكل سلمي يقود في النهاية إلى حل دستوري تختفي معه كل أشكال الاستبداد، و لكن عنجهية النظام و فكره ألإقصائي و آلته الحربية الجهنمية رفعت سقف المطالب إلى المطالبة بسقوط النظام برمته.

مقدمات الحدث في بنغازي

 في الأسابيع السابقة  لشهر فبراير تعودت مدينة بنغازي على رؤية وقفات اعتصام تطالب بحقوق ضحايا ابو سليم البالغ عددهم 1270 مواطنا، و الذين قتلهم نظام ألقذافي بدم بارد خلال ساعات و أخفى الجثث عن العالم  ثم كتم الخبر عن أهاليهم لأكثر من عشرة سنوات. و كان يتولى الدفاع عنهم أمام المحاكم محام شاب من بنغازي هو السيد فتحي تربل علما بأنه فقد أخوين له مع هذه المجموعة.
 كذلك ألقت الثورة التونسية و الثورة المصرية بظلالهما على الأحداث فكان الترقب لما سيحدث في ليبيا عظيما. و تم اختيار تاريخ السابع عشر من فبراير لانطلاق الانتفاضة ليتزامن مع وقفة يخطط لها أقارب ضحايا أحداث 17 فبراير لسنة 2006م في أحداث السفارة الإيطالية في بنغازي.
 كما أن بنغازي عودتنا من خلال تاريخها بأن تكون مكان الشرارة الاولى  في معظم التحركات الشعبية في ليبيا فأهلها يهبون هبة رجل واحد عند الأزمات، و قلبها يأن من جرائم ألقذافي و كلنا يذكر فاجعة الأطفال الذين حقنهم النظام بفيروس الايدز و صورهم البريئة لم تغب بعد عن ذاكرة الأهل و الجيران في بنغازي. و مآتم ضحايا الطائرة الليبية التي تم إسقاطها قرب طرابلس لا زالت تخيم على سماء المدينة، كما أن صور المشانق في شوارع بنغازي و المدينة الرياضية على شاشات التلفزيون الليبي لا زالت عالقة في الأذهان ناهيك عن مظاهر البؤس و الحرمان لأبناء بلد غني بالنفط، كل هذه العوامل زادت من حنين بنغازي و أهلها للحرية. و تحدد مكان ضريح شيخ الشهداء لبداية الحدث في رمزية للاستعداد للتضحية من اجل الوطن التي جسدها عمر المختار في حياته و يوم مماته.

إجراءات استباقية للنظام

أما على الجانب المقابل فقد اتخذ النظام خطوات عدة لإحباط العملية و دحرها في مهدها عبر نقل معظم الأسلحة
 الثقيلة من المنطقة الشرقية و نقل الطائرات المقاتلة الصالحة للعمليات و عددها ثمانية طائرات من قاعدة بنينة إلى قاعدة القرضابية في سرت و تجهيز قوات الأمن و دعمها بالمرتزقة.
 و هنا لا يخفى على أي خبير أن نية ألقذافي الحقيقية كانت السماح بانتفاضة تسيطر على المنطقة الشرقية بسرعة في غياب القدرة على حماية هذه المكاسب بسبب نقل المعدات العسكرية خارجها و عندئذ ينقض عليها ليسحقها تحت راية محاربة الإرهاب دوليا و محاربة الانفصاليين عربيا، و لكن الله سلم.
       و صحب هذه الإجراءات التخطيط لمظاهرات لتأييد النظام و مبايعة قيادته من خلال تجميع قوى الثورة من جميع المناطق الشرقية و من القبائل و إعداد خيم لاستقبالهم في شكل احتفالي ليغطى و يردع مظاهر الاعتصام المتوقعة. كما حضر إلى بنغازي بعض قيادات الأجهزة الأمنية مثل عبد الله السنوسي و أمين الأمن العام و تم تجميع كل أعضاء اللجان الثورية بمعسكر 7 أبريل في مدينة بنغازي.
كما تم استدعاء أهالي ضحايا 17 فبراير 2006 إلى طرابلس في مظهر احتفالي و تم تكريمهم و منحهم أوسمة و ذلك بغرض إضعاف المظاهرات و تقليل الضغط في بنغازي.
أحداث يوم15 فبراير
 في هذا اليوم قرر النظام استباق الأحداث بإلقاء القبض على المحامي فتحي تربل فتحركت سبعة سيارات تابعة للأمن العام إلى بيته و قاموا بالاعتداء عليه و التهجم على  والدته و تحطيم بعض المقتنيات في بيته، و بالفعل تمكنوا من ذلك و أخذوه إلى مديرية الأمن في بنغازي، و كان النظام يتوقع  أن يجهض الاعتصام مثل ما حدث في طرابلس من قبل عند ما القي القبض على من دعا للاعتصام في العام السابق. سرى الخبر في المدينة كما تسري النار في الهشيم فتنادى أهالي ضحايا أبو سليم و تجمعوا في المساء عند مديرية الأمن العام في بنغازي و جاء معهم بعض الحقوقيون و المحامون و بعض المهتمين بالشأن العام و حدث ما يشبه الاعتصام أو التظاهر و تحدث عندئذ الدكتور إدريس المسماري مع الجزيرة على الهواء فقامت الأجهزة الأمنية بإطلاق سراح المحامي فتحي تربل.
 و في تلك الأثناء حصل بعض الاعتداء بالضرب من قبل قوات الدعم على المواطنين، و عند الرجوع عاد الناس في شكل مسيرة و حدث اشتباك آخر مع الأمن في شارع عشرين أو ميدان الشجرة حسب روايات مختلفة. حيث اعتدى الدعم المركزي على المتظاهرين و تقول بعض الروايات بوفاة شخصين على الأقل و هذا الخبر لم يتسنى التأكد منه، كما أصيب 38 شخصا بجروح طفيفة.
كان هذا أهم ما حدث في هذا اليوم و الذي أعطى بشائر النصر إذ تم الإصرار على الموقف و التف الناس حول القضية، و بهذا ارتفعت الهمم.
أحداث يوم 16 فبراير
      في هذا اليوم خرجت عدة مسيرات في مجموعات متفرقة في شارع عمرو بن العاص و عند جسر جليانة و تصدى لها الدعم المركزي و الكتائب الأمنية و سقط ثمانية شهداء تقريبا و لم تتوفر تغطية إعلامية. و في الليل طلب عبد الله السنوسي  من فتحي تربل الحضور إلى مديرية الأمن، و عند ما اجتمع به طلب منه إلغاء مسيرة يوم 17 فبراير، فقال له فتحي تربل: لا أملك هذا القرار و يمكن أن أتحدث مع أهالي ضحايا أبو سليم في أي أمر يخصهم هم فقط فأنا محاميهم، و لكنني أقترح عليكم الآتي" الناس سوف يخرجون تحت كل الظروف و عليه أرجو إلغاء مسيرات التأييد و سحب الأمن من الشوارع و ترك فرصة للناس كي يعبرون بشكل سلمي عن مطالبهم و خاصة إذا تذكرنا الوفيات في اليوم السابق بشرط الصبر على تصرفات الناس". عندها دخل عبد الله السنوسي إلى مكتب آخر ليتشاور مع طرابلس لمدة ربع ساعة ثم عاد و معه اللواء عبد الفتاح يونس أمين الأمن العام و قائد القات الخاصة و عمر إشكال أحد القيادات اللجان الثورية من القذاذفة و الطيب الصافي أحد أبرز قوى اللجان الثورية في منطقة طبرق و قال عبد الله السنوسي: نحن لن نرضخ و نحن قادرين على مواجهة الناس.  انتهى الاجتماع و عاد فتحي تربل إلى بيته بعد الساعة الواحدة صباحا من يوم 17 فبراير.
و ربما كان أبرز حدث في هذا اليوم هو انضمام الزنتان للثورة، و بالتالي قضت على تهمة الانفصالية التي كان ألقذافي يسعى لإلصاقها بأحداث بنغازي و أصبحت الزنتان هي الزلزال الذي زلزل أركان قاعدة الإرهاب في باب العزيزية.
أحداث يوم 17 فبراير
           في هذا اليوم خرج شاب من أبناء بنغازي بمفرده في شارع عمر المختار يحمل لافتة كتب عليها مطالبة بالدستور و الحريات و سار وحيدا و بعض الناس تنظر إليه و في نهاية الشارع نزل شاب من سيارته و صافحه و قبل رأسه فانهمرت عيناه بالدموع و هو يقول: لقد أصابني إحباط و لكنني كنت اعلم أن الحق إلى جانبي. فهدأ 
الأخ من روعه و هنأه على شجاعته و صموده و انتهى الأمر على هذا.


رمز اغتصاب سيادة الشعب يوم 2 مارس 2011
         بعد الظهر تجمع القانونيون و أهالي ضحايا أبو سليم أمام المحكمة، كما ظهرت تجمعات متفرقة لمجموعات من الشباب في شارع عمر المختار و بو عشرين و عمرو بن العاص ثم بدا العدد يزداد أمام المحكمة. و تحرك بعض الشباب إلى المثابة و مركز دراسات الكتاب الأخضر فخرج عليهم أصحاب القبعات الصفراء واعتدوا عليهم بالضرب، و تطور الأمر في شارع جمال عبد الناصر و جسر جوليانا و تكرر الصدام و كانت حصيلة هذا اليوم حوالي 13 شهيدا و حوالي 200جريح.
 و قام المتظاهرون بحرق مركز شرطة رأس اعبيدة و خيم القبائل و تحول الشعار من المطالبة بالدستور و 
الحريات إلى المطالبة بإسقاط النظام.

مركز دراسات الكتيب الأخضر يوم 2 مارس 2011 م

 و في هذا اليوم تداعت جماهير المناطق المختلفة في مظاهرات تندد بالعنف الذي حدث في بنغازي و تطالب بإسقاط النظام ففي البيضاء سقط حوالي 30 شهيدا و 200جريح اصابة بعضهم خطيرة، و في مدينة درنة سقط ستة شهداء  و 20جريحا، أما في اجدابيا فسقط 10شهداء، و بدات المناوشات في عدد من المدن الغربية و لكنها كانت محدودة.
أحداث يوم 18 فبراير
يوافق هذا اليوم يوم الجمعة و تم الاتفاق من اليوم السابق على الصلاة أمام المحكمة، و يوجد بجانبها مقر الأمن الداخلي و خلفها مركز شرطة المدينة حيث تجمعت فيهما قوات الشرطة و الدعم المركزي بأعداد كبيرة تحسبا للطوارئ. وعند الصلاة تجمعت أعداد كبيرة جدا و من لم يصلي معهم لحق بهم بعد الصلاة في مكان آخر، و بعد الصلاة و تلاقي جميع الناس و قاموا بحرق مراكز الأمن الداخلي، مراكز الشرطة، و مراكز الأمن الشعبي المحلي و مكاتب اللجان الثورية. و قام الناس بدفن شهداء اليوم السابق و كانوا يصلون عليهم أمام المحكمة ثم يتوجهون إلى  المقبرة من أمام مقر كتيبة الفضيل بو عمر فيشتبكون مع الجنود و يسقط شهداء، فالجنود كانوا يستخدمون مضاد للطائرات مداه 2 كيلومتر و يرمون بشكل عشوائي و بعد الدفن يعود الناس من مبنى أمام  مديرية الآمن فيتكرر نفس الشيء و يسقط شهداء. هذه العملية كانت مثل صب الزيت على النار من حيث ارتفاع عدد الشهداء و تحول الناس إلى مهاجمة القوات الأمنية و المرتزقة بما يتمكنون منه من عصي و هراوات.
 و بدا الشباب في مهاجمة و محاصرة مقر كتيبة الفضيل بو عمر و تقع في منطقة البركة ببنغازي و حاصروها سعيا لدخولها و القضاء على آخر رمز للنظام في بنغازي. و تكررت حوادث الاشتباكات خلال يومي 19 و 20 فبراير.
وكان أحد أبرز الأحداث في يوم 19 فبراير انضمام مدينة الزاوية للثورة و بشكل قوي و خرج الناس في الشوارع يهتفون
" بالروح بالدم نفديك يا بنغازي"
و "يا بنغازي انتي موش بروحك نحنا ضمادين جروحك"
 و انتشرت روح الثورة في أرجاء ليبيا و صمدت الزاوية في أعنف مواجهة مع كتائب ألقذافي،  كما أخذ نطاق المناوشات يتسع في مدينة طرابلس خاصة بالليل.
أحداث يوم 20 فبراير

مدخل الكتيبة، و هذه بيوتهم خاوية بما ظلموا
 في هذا اليوم تم تعميم رسالة على المواطنين عبر أجهزة الهاتف النقال رسالة مفادها أن قوات الصاعقة سوف تتولى الحراسة بالمدينة و مرفق نص الرسالة و تبدو هذه الرسالة بشارة بانضمام عدد من الضباط و الجنود لثورة فبراير، فهي كانت توحي بعدم رغبة الصعقة في الصدام مع المتظاهرين. و بالفعل انضم عدد من الضباط و الجنود في الأيام التالية، و كان أبرزهم  اللواء عبد الفتاح يونس يوم 22 فبراير الذي تقدم الصفوف مع جنود و ضباط كتيبة الصاعقة ليقود المجهود العسكري المنظم لقوات الثورة في المناطق الوسطى.

 صورة الفتى محمد بن غربية الذي التقط الصور المرفقة في هذا المقال أمام مخبأ ألقذافي

3 comments:

  1. الزاوية بدأت الانتفاظ حمية على دماء اخواننا في بنغازي من يوم السادس عشر من فبراير وبنفسي انا كاتب المقال هذاشاركت في مضاهرات يوم السابع عشر من فبراير ولكن وسائل الاعلام تناقلت خبر الزاوية في التاسع عشر من فبراير ولشهدائنا كل المجد ولهم منا كل العرفان والامتنان وعهد علينا ان لا نخون دمائهم وارواحهم الزكية.

    ReplyDelete
  2. لكم التحية

    ReplyDelete
  3. أهالي شهداء بوسليم لم يقررواالخروج يوم 17 فبراير، بل تنادت الاصوات عبر صفحات الفيس للخروج يوم 17 فبراير واجهزة النظام كانت في حالة طوارئ فقامت باحتجاز تربل لأن الاهالي كانوا يخرجوا كل يوم سبت(الوقفة السبتية)ظنا منهم انهم سيخرجون يوم 17، وفي يوم16 فبراير خرجت مسيرة مؤيدة للنظام من امام الكتيبة وانطلقت الى ميدان الشجرة مرورا بشارع جمال عبد الناصر ثم حدثت الاشتباكات مع المتظاهرين حتى ساعات متأخرة من الليل. تربل قام برفقه اهالي شهداء بوسليم بدور كبير في ايصال اصواتهم الى العالم بخصوص مجزرة سجن بوسليم فقد تعرضوا لكثير من المضايقات من قبل اجهزة الامن وقام عبد الله السنوسي بمفاوضتهم ولكن كان موقفهم مشرف من اجل ابنائهم.

    ReplyDelete