Wednesday, December 17, 2014

الازمة الليبية بين الحل والتصعيد


يمكن تصنيف الأزمة الليبية على أنها أزمة ثقة بالدرجة الأولى، فالشعب لم يعد يثق في من اختارهم عن طريق الانتخابات فهوبالتالي يبحث عن حل من خارج المنظومات المنتخبة سواء سلمنا بانها قانونية أو غير قانونية لدرجة أن عدد كبير من الناس يرى الحل في يد الخارجين عن القانون أوالرافضين لسيادة القانون. أما بالنسبة للمجموعات المنتخبة فهي تتصرف كأنها أتت من السماء ولا يجوز لأحد أن ينازعها في الأمر ويبحثون عن القوة والدعم من خارج البلاد وهذا يناقض الأسس التي تم اختيارهم عليها. بالإضافة إلى هذا هناك دول في المنطقة ليس لها مصلحة في استقرار ليبيا السياسي والاقتصادي وبالتالي تعمل على زرع الالغام في طريق أي حل يلوح في الافق.

والحقيقة التي يجب أن لا ينساها الجميع أنه لا يوجد طرف قادر على الحسم النهائي للصراع بسبب اتساع مساحة ليبيا وتعقد تركيبتها الاجتماعية وتخلخل منظومات القيادة والسيطرة على القوات، وصعوبة امداد القوات على طول البلاد وعرضها؛ وبالتالي فإن الاستمرار في القتال هو ضرب من الجنون أوالمغامرة لهواة لعبة الفرقعة والتدمير من الطرفين في غياب دور الحكماء الوطنيين.

ولقد ثبت في  الاشهر الماضية حجم الدمار الذي لحق بالمدن الليبية من جراء القصف والاشتباكات بالأسلحة الثقيلة على البنية التحتية والمساكن والمدارس والمساجد، بالاضافة إلى توقف الدراسة بالمدارس وبعض الجامعات وتهجير عشرات الالوف من الاسر وانقطاع التيار الكهربائي والماء وانعدام غاز الطهي والمياة في بعض المدن لاوقات طويلة واغلاق المصارف لاسباب امنية مما حول الحياة إلى جحيم.

 والضرر الغير واضح لمعظم الاطراف هو الأثار الجانبية للاستمرار في القتال من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والاخلاقية على المجتمع فكل شاب يسقط في المعارك يترك أرملة وأيتام أو تفقد  معه فتاة فرصة للزواج وبالتالي يتم تدمير أسر وهذه كلها لها آثار سلبية على جميع نواحي الحياة في البلد.
والمثل الصيني يقول: يموت آلاف الجنود لكي يصنع جنرال، فهل نسمح لجنون العظمة لبعض المغمورين من الجانبين أن يدمر أجيالنا.

والثابت في تاريخ الشعوب أن كل صراع ينتهي بحوار وتنازلات وتفاهم وتوافق على حل يحقن الدماء ويتيح فرصة للحياة ان تستمر من أجل مستقبل أفضل للاجيال القادمة. وإذا كان التصعيد غالي الثمن فإن الحل لا يكلفنا إلا بعض التنازلات من جميع الأطراف وعندها سوف ترون المتقاتلين اليوم يقبل بعضهم البعض ويطلبون السماح من الشعب وربما قال بعضهم غرني الشيطان لعنه الله.أما الاستمرار في التقاتل فسيرفع قيمة الاضرار ويزيد الخسائر البشرية ويعقد طريق الحوار والمصالحة الوطنية ولكنه لن يغن عن الجلوس إلى طاولة المفاوضات بل ربما يقودنا للتدخل الاجنبي والعبث بسيادة الدولة الليبية. ويتحمل العبأ الاكبر في هذه الجريمة قادة التيارات السياسية وقادة المليشيات والتنظيمات العسكرية ودهاقنة السياسة من الجانبين وكذلك الدول الداعمة لهم.

وفي هذا الصراع الدائر على الارض الليبية يتساوى الجميع في كونهم أبناء ليبيا وفي كونهم أخوة ولو اختلفوا أو بغى بعضهم على بعض؛ ولا يوجد في العالم دولة أو شعب هو أقرب لفئة منهم من الطرف الاخر. فالضرر ليبي والجرح لبيي والدم السائل ليبي ولا يوجد بيننا في النهاية غالب ولا مغلوب، فلماذا نصر على اراء ومواقف وحسابات لا تستحق كل هذه التضحيات ، بل معظمها مؤسس على سوء فهم أو سوء تقدير للواقع.

وأنا أدعو كل مواطن ليبي وكل مواطنة ليبية في الداخل أو الخارج لكي يرفض الاقتتال ويطالب بالحوار والحل السلمي حقنا للدماء. علينا أن نصل لكل طرف مؤثر ونتصل بكل المؤسسات الفاعلة في العالم فوسائط التواصل الاجتماعي تيسر هذا المجهود وكل من يقصر يتحمل جزء من الجريمة وكل من يركن إلى جانب هو شريك في الجريمة والله سبحانه وتعالى يقوال: ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار.

كما أدعو القيادات الفاعلة في المجتمع والتي بعضها يحرك اللاعبين على الارض أو التي تحضى باحترام العديد من الاطراف إلى عقد اجتماع مستمر داخل ليبيا في مكان واحد لا يغادرونه إلا باتفاق على حل توافقي وطني بحيث تمثل فيه كل القوى والتوجهات. ولوكان الامر بيدي لدعوت كل من محمود جبريل وعلي الصلابي وخليفة حفتر وعبد الحكيم بالحاج ومحمد صوان وجمعة اعتيقة ومحمود شمام وعلي الترهوني وعبدالقادر قدوره ومنصور سيف النصر وثلاث اعضاء من البرلمان وثلاثة اعضاء من المؤتمر والمفتي ورئيس المحكمة العليا، فلو اجتمع هؤلاء بنية صادقة لخرجوا علينا بحل.

1 comment:

  1. كلام سليم ولكن للاسف المعادلة الليبية بها اطراف اكثر من هذه واكثر تعقيدا وقد تغلبت لغة السلاح على لغة العقل وباب الحوار اصبح مقفلا بعدة اقفال وعراقيل
    حتى الامم المتحده وامريكا وبريطانيا وايطاليا وفرنسا اصبحوا اطراف في الصراع بالاضافة للتحال العربي المصري السعودي الإمارات والتحالف القطري التركي
    ولا ننسوا دول الجوار والدول المتضررة من الهجرة

    ReplyDelete