Friday, April 30, 2021

 

 معالم على طريق التقدم     

      إن الله سبحانه وتعالى قد جعل في هذا الكون نواميسا للتقدم من أخذ بأسبابها وصل ومن تركها تخلف، والله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. وبناء التقدم يحتاج الى فن وذوق وأخلاق، فالفن هنا يأتي بمعنى الأتقان أو التقانة أو التقنية المبنية على العلم. أما الذوق فيعنى منهاج التعامل مع الآخرين الذي تؤسسه برامج التربية أما الأخلاق فتعنى مجموعة القوانين والأعراف التي تنظم علاقات المجتمع من خلال شريعة سماوية ودستور عادل. وكل منا له دور في البناء إذا تخلف عنه كان مساهما في استمرار التخلف. ولو تأملنا ما هو دور كل منا وكيف يكون هذا ممكنا في ظروفنا الحالية لعرفنا ان التقدم ممكنا إذا توفرت له بعض الشروط ألا وهي على سبيل المثال لا الحصر تشمل ما يلي:

         بالتأكيد سوف نتقدم عندما ينهض المواطن كل صباح، وهو يعلم أنه مهم وأن له قيمة في بلده وان دوره في البناء لا غنى عنه مهما كان عمله، وبالتالي عليه أن يؤدى واجبه كما ينبغي ولا يأخذ الا حقه ويحرص على أن يعلم اولاده الاخلاص في العمل والصدق في القول والأمانة في التعامل مع الناس.

 

          بالتأكيد سوف نتقدم عندما يشعر كل معلم ومعلمة أن تلاميذهم مثل ابنائهم فيحرصون على تعليمهم وعلى تربيتهم ويغرسون في نفوسهم حب الوطن والاخلاص في أي عمل يقومون به، ومنها الأمانة في اداء الواجبات والصدق في التعامل مع الزملاء في المدرسة وفي المجتمع ككل.

 

         بالتأكيد سوف نتقدم إذا تم اختيار المسؤولين من خيار الناس، بحيث يصبح الرجل المناسب في المكان المناسب، وبالتالي يصبح الوزير أمينا على المهنة الموكلة له وليس مجرد كبير موظفين، فيكون أمينا في مسلكه وأمينا في خلقه وأمينا على أموال المجتمع، وأمينا على أعراض الناس من العاملين والعاملات معه وأمينا على مستقبل المهنة.

 

        بالتأكيد سوف نتقدم إذا أيقن الشرطي أنه يخدم مجتمعا من المواطنين الأفاضل، وليس مجتمعا من الكلاب واللصوص والسماسرة أو الحقراء، عندها سيحترم الشرطي أي مواطن يقف أمامه فقد يكون صهره في المستقبل أو نسبا لابنه أو أخيه. عندها يكون رجل الأمن معتزا بعمله، ويقدر كل مواطن دور الشرطي في المجتمع بغض النظر عن شكله، أو أصله، أو رتبته، أو تخصصه، فالمهم هو الدور الذي يؤديه لحماية الأبرياء والحرص على مبادئ العدالة والمساواة في المجتمع.

 

        بالتأكيد سوف نتقدم إذا حرص كل استاذ جامعي على اتقان تخصصه مثل حرصه على استيعاب التلاميذ له وإذا شعر أن كل تلميذ أو تلميذة امامه هو مشروع عالم من علماء المستقبل فيساهم في بنائه و لا يكون سببا في تحطيمه. فالجامعات هي مصانع العلماء ومحاضن التقنية والبحث العلمي وتطوير قدرات المجتمع.

 

       بالتأكيد سوف نتقدم إذا شعر كل متخصص أو أخصائي في أي علم أو مهنة أنه أمين على هذه الصنعة، أي أمينا على المهنة فيحرص على أداء واجبه على أحسن وجه محافظة على شرف المهنة وفوق كل الحسابات المادية. فالأمانة المهنية والاتقان المهني هما طريقنا لبعث وتطوير التقنيات الملائمة لنا.

 

          بالتأكيد سوف نتقدم إذا حرص إمام المسجد على حضور الجميع في جميع الصلوات، وإذا عمل من أجل هذا فالابتلاء والتخلف دائما ما تزرعه الذنوب. فلا أمانة لمن لا دين له، ولا دين لمن لا إيمان له، ولا إيمان لمن لا يؤدى الصلوات، والصلاة هي الصلة بين العبد وربه.

 

                                       

        بالتأكيد سوف نتقدم إذا كان الأجر الذي يتقضاه كل عامل عن عمله عادلا ويتناسب مع جهده؛ والأهم من هذا كله أن هذا الأجر يوفر له ولمن يعول حياة كريمة. فالكرامة هي اساس الانتماء ولا كرامة لمن يحتاج لمساعدة الآخرين الذين يساهم معهم في البناء، ولا كرامة مع استغلال جهد وعرق الناس بغير حق.

    

         بالتأكيد سوف نتقدم إذا كان أمرنا شورى بيننا وليس شورى بينهم، بمعنى أن تكون السلطة للشعب وليس لمن ينوب عنه أو يغيبه ثم بعد ذلك يتوارثون الكراسي ويزدادون كل عام غنىً وفحشا والمواطن يزداد فقرا وجوعا. إن المشاركة السياسية الفاعلة لكل فئات المجتمع هي خير معين على اتخاذ القرارات السليمة وتحمل المسئولية في محاسبة المقصرين.

 

           بالتأكيد سوف نتقدم إذا شعر كل مواطن أن وقته ثمين بالنسبة للجميع، فكل لحظة عمل تضيع تساهم في تأخرنا عن ركب الشعوب الأخرى. فالوقت في العالم المتقدم يعنى انجازات ويعنى قيمة مالية وقيمة معنوية وقيمة اجتماعية وله مردود عندما نستفيد منه سواء في الانتاج أو الاستجمام أو ممارسة الرياضة.

 

            بالتأكيد سوف نتقدم إذا سخرنا التمايز والاختلاف بيننا من أجل الصالح العام، فكل منا يساهم حسب قدرته وحسب امكانياته، فلا وساطة ولا محسوبية ولا قبلية ولا حزبية ولا سياسة عند التكليف. والكفاءة وحدها يجب ان تكون المعيار في اختيار الناس للأعمال وليس الولاء.

 

           بالتأكيد سوف نتقدم عندما تقول كل زوجة لزوجها وكل أم لأبنها كن رجلا كل لحظة في حياتك، وكن عنوانا للإنسانية والشهامة فرزقك على الله سبحانه وتعالى وحياتك بيد الله سبحانه وتعالى وحده. وعندها تزرع القيم الانسانية السامية ألا وهي الحرية والعدالة والمساواة في المجتمع.

 

          بالتأكيد سوف نتقدم إذا قرر كل قارئ وقارئة لهذه المقالة أن يتخذ القرار السليم في ترك السلبية القاتلة وأن يشارك المشاركة الإيجابية المبنية على الأمل في المستقبل وقبول الرأي الآخر ونبذ الأقصاء والتهميش اللذان يعبران عن التخلف والحقد الدفين، لأننا إذا لم نساهم ونتعاون جميعا في دفع عجلة التقدم الى الأمام سنكون في صف أعداء هذه الأمة والمتآمرين عليها في الداخل والخارج.

 

 

 

No comments:

Post a Comment