علي الجربى وزير الدفاع الليبي في لقاء مع اللواء محمد نجيب
يعتبر الأستاذ على أسعد الجربى من مؤسسي الدولة الليبية الحديثة من خلال مساهماته في وضع حجر الأساس لنظام التعليم أيام الإدارة البريطانية و من خلال دوره في نقل ليبيا إلى سيادة المملكة الليبية المتحدة و من خلال تأسيس الجيش الوطني الليبي الحديث و من خلال دوره في السياسة الخارجية الليبية كوزير و كسفير بالخارج.
مولده و نشأته
ولد السيد علي أسعد بن إبراهيم الجربى سنة 1903 م في مدينة درنة حيث كان والده إبراهيم بن محمد بن يونس الجربى يعمل في الإدارة المالية، أما والدته فكانت من أصول تركية يونانية و تدعى خديجة سودا بيك زاده. و بدا حياته الدراسية في درنة و كان شغوفا بطلب العلم و مولعا بالقراءة من صغره، كما كان ميالا لتعلم اللغات الأجنبية. ثم توجه إلى تركيا لإتمام دراسته فيها حيث كان يطمح إلى دراسة العلوم الطبية و التحق بكلية الطب البيطري، و عاش في اسطنبول من 1911 إلى 1923م عند ما اضطرته الظروف السياسية العالمية للعودة إلى ليبيا. فعاد إلى درنة و انخرط في سلك التدريس سنة 1924م و تزوج من السيدة زكية بنت أحمد بو شلاط التي أنجبت له أولاده إبراهيم و تاج الدين و فيصل و بناته نعمت و سعاد.
علي الجربى بين أولاده في تركيا عند ما كان سفيرا بها
صفاته
كان الأستاذ على الجربى مهذبا و خلوقا مع كل الناس، و كان يحب عمل الخير و الإحسان للناس و خدوما لكل من عرف و من لم يعرف. كما كان حليما و محبا لبلده و متواضعا و سهلا و بسيط في التعامل مع الآخرين، و ساهم في بعث الأنشطة الثقافية و الفنية و الرياضية بالمدينة من خلال تأسيس فرقة لهواة التمثيل و نادي رياضي.
كان علي الجربى يبدي اهتمام بالنشاط الرياضي
و كان منظما في حياته و شغوف بالقراءة في مجالات السياسة و التاريخ و كان يجيد خمسة لغات بطلاقة و هي العربية و الإيطالية و الفرنسية و الإنجليزية و التركية مما سهل عليه التعامل مع كل الأجانب في ليبيا، و لقد ذكره معظم الرحالة و الكتاب الذين زاروا درنة و التقوا به كي يستعينوا به في فهم أوضاع البلد، كل هذه الصفات جعلته عملة نادرة في ليبيا في ذلك الزمان.
أصدقائه
كانت تربطه علاقة طيبة بالجميع و لكن أقرب أصدقائه كان منهم على سبيل المثال عمر جبريل و إبراهيم الأسطى عمر و محمد ألبناني و عبد العزيز بو زيد و عبد العزيز جبريل و الشيخ عبد الكريم عزوز و من الأجانب الرئيس الفرنسي ديجول.
مع الرئيس الفرنسي ديجول عند تقديم أوراقه كسفير
سيرته الوظيفية
1924 -1944م
كانت البداية في حياته العملية في مجال التدريس ثم تولى منصب مدير الشؤون العربية بمتصرفية درنة سنة 1927م أيام الاحتلال الإيطالي و استمر في هذه الوظيفة إلى أن انتقل إلى بلدية درنة في عام 1936م و شغل منصب سكرتير الشؤون العربية فيها. ثم تولى عمادة بلدية درنة سنة 1940م خلال الاحتلال البريطاني الأول، و بعد انسحاب القوات البريطانية إلى مصر سافر إلى مصر مع العديد من الليبيين حيث عينه السيد إدريس السنوسي مستشارا له في القاهرة من 1942 إلى 1944م ثم توجه إلى السودان.
1944- 1950م
بعد هزيمة قوات المحور و انتصار الحلفاء عاد السيد علي إلى ليبيا و عين مديرا لمعارف برقة سنة 1944م أيام الإدارة البريطانية. و خلال توليه هذا المنصب نجح في وضع حجر الأساس لمسيرة التعليم في ليبيا عند ما اقنع الإدارة البريطانية بأهمية تطبيق المناهج العربية المصرية و استقدام بعثة تعليمية مصرية.
كما قام بإعداد الكوادر الليبية في مجال التعليم و أرسل عدد من المدرسين إلى مصر للتدريب. و كانت هذه الخطوة أساسا لبناء قاعدة عربية للتعليم قضت بالكامل على آثار الحقبة الإيطالية، و لهذا السبب يصفه بعض الباحثين المنصفين بمؤسس التعليم الحديث في ليبيا.
و في عام 1945م تولى منصب نائب سكرتير مجلس التنمية في الإدارة البريطانية و بالتالي تعرف على أساليب التخطيط و التنمية في القطاعات المختلفة من خلال متابعة أعمال مجلس التنمية.
و في عام 1949م أصبح وزيرا للأشغال و المواصلات في حكومة برقة، كما كان أحد أميني المؤتمر الوطني في برقة قبيل الاستقلال.
و في عام 1950م تم تعيينه ممثل برقة بالمجلس الاستشاري للأمم المتحدة لليبيا، و هذا فتح له المجال للاحتكاك بالوفود الدولية و مبعوثي الأمم المتحدة و إدارة الأمير إدريس السنوسي.
صورة تذكارية مع السيد إدريس في مصر خلال زيارة لوفد من البعثة التعليمية له
و يظهر في الصورة الثالث من اليمين في الواقفين الاستاذ حامد الشويهدي
و يظهر في الصورة الثالث من اليمين في الواقفين الاستاذ حامد الشويهدي
1950-1954م
في 29 مارس 1950م تم تعيينه وزيرا للخارجية و الصحة في الحكومة الاتحادية المؤقتة حيث وقع وثيقة نقل السلطات من الإدارة البريطانية إلى الحكومة الليبية.
ثم أصبح وزيرا للدفاع في حكومة الاستقلال الأولى بتاريخ 24 ديسمبر 1952م. و كانت أهم واجباته في تلك الفترة هي تأسيس الجيش الليبي الحديث انطلاقا من جيش التحرير السنوسي التطوعي البسيط في تركيبته العسكرية و الذي لا يزيد تعداده عن ثمانين رجلا.
مع بعض الضباط الليبيين في تركيا و يظهر العقيد عمران الجاضرة إلى يمينه
و لعل الله أراد أن يستفيد هو و تستفيد ليبيا من دراسته في تركيا حيث تعرف على أبناء الجالية الليبية هناك، و رأى أن يكون أحد ضباط الجيش التركي من اصل ليبي. و اختار العقيد عمران الجاضرة و هو تركي من أصل ليبي من مدينة درنة بالرغم من أن الحكومة التركية عرضت أن ترشح ضابطا تركيا لرئاسة أركان الجيش و لكنه رفض و أصر على تولي العقيد الجاضرة هذا المنصب و الذي استلم مهام عمله بتاريخ 25 أكتوبر 1952م كأول رئيس لأركان الجيش الليبي.
مع الطلاب العسكريين في العراق و الملك فيصل
كما قام ببناء الأطر الليبية في مجال الدفاع بإيفاد بعثات تعليمية عسكرية إلى تركيا و العراق لتلقي العلوم العسكرية بالكليات المتخصصة في البرية و البحرية، كما أنشا الكلية العسكرية ببنغازي لتأمين برامج إعداد الكوادر العسكرية محليا.
و قام بعدة زيارات لتفقد أحوال المبعوثين و الجالية الليبية في تركيا و العراق. كما زار جمهورية مصر و العراق طلبا للعون المادي لمساعدة الدولة الليبية و تجنيبها لتأجير القواعد، و لكنه لم يحصل على أي عون منهما.
أثناء تسلمه قلادة النيل من اللواء محمد نجيب
و في هذه الفترة الزمنية شارك في العديد من المفاوضات الدولية في كل شؤون الدولة الليبية و لا تخلو وثيقة تتعلق بتاريخ ليبيا في تلك الفترة من ذكره و الحديث عن دوره فيها.
و كان يحضا بثقة الملك لدرجة أن الملك بعد الاستقلال طلب منه تشكيل أول حكومة فرد عليه السيد على: يا مولاي رئيس الحكومة يجب أن يكون من طرابلس. و هذه مصداقية للرجل و بعد نظر في مصلحة البلد و صدق في النصيحة لمن يثق به نادر جدا، و هذه أول مرة يكشف عن هذا السر.
1954-1961م
عين السيد على الجربى سفيرا لدى جمهورية تركيا و سفيرا غير مقيم لدى العراق.
1961-1967م
أصبح سفيرا لدى الجمهورية الفرنسية إلى أن تقاعد من الخدمة العامة مع نهاية خدمته كسفير في فرنسا.
الأوسمة و النياشين
وشاح الاستقلال
اعترافا بجهوده و دوره في ربط العلاقات الطيبة بين ليبيا و الشعوب الشقيقة و الصديقة نال السيد على الجربى العديد من الأوسمة و منها وشاح الاستقلال الليبي و قلادة النيل و وسام من دولة الصين الوطنية و بعضها لا نعرف مصدرها.
وفاته
انتقل السيد على الجربى إلى رحمة الله الرحيم الرحمان بتاريخ 19 أبريل 1969م و بذلك طويت صفحة مليئة بالإنجازات لهذا المواطن الصالح، و الله ندعو أن يتقبله في الصالحين و يسكنه فسيح جناته.
Barak Allah Feek, Ustadna for bringing some light to these great statesmen that have gone in history unnoticed and to many unknown.
ReplyDeleteAs Libyans we should know the effort and care that great people like Ali ElJerbi and others have endured to help build a nation from nothing. We have an obligation to know our past to help us build on the positive for a better future for our people.
he is my grandfather's brother, i've never known him so deep with these great details, thank u so much to spot the light and focus his life.
ReplyDeleteHe is a great man,he was close friend of my father.He is well known as stateman>
ReplyDeleteThese unsung heroes must be remembered and given their rightful place in our history. They were but few individuals with almost no resources who built a country out of the ashes of poverty & ignorance! Their work & contribution was seen & felt in the 50s and the 60s, when Libya had possibly one of the better prepared generations in our entire history! This was achieved without oil money and only through dedication, hard work and great love for their country. Their legacy must be revived and remembered ! UZ
ReplyDeleteرحمة الله عليك يا عمى لقد فتحت عينى على القراءة والعلم والمعرفة الله يجمع بيننا فى الجنة والفردوس الأعلى ويرحم جميع المسلمين والمسلمات آمين ويحفظ بلادنا من كل شر ومكروه ويحقق السلام والأمن فى كل أرجاء البلاد آمين
ReplyDelete