Sunday, May 8, 2011

الإسلامية و العلمانية في ليبيا


       في ظل إصرار بعض الفئات العلمانية على محاربة أي مظهر من مظاهر الإسلامية في مرحلة ما بعد ألقذافي تحت عدة مسببات غير واضحة و غير سليمة و درءا للوقوع في مواقف مضادة لهذا الرأي بدون أسس أرى أن طرح هذا الأمر للنقاش قد يوفر الجهد و الوقت علينا جميعا و يخدم مصالح الوطن من خلال قناعات سليمة.
  و الإسلامية في أبسط أشكالها تعني محبة الإسلام دينا و دنيا، و لا يحتاج المرء إلى أن يكون مفكرا و عالما كالشيخ القرضاوي ليعتبر إسلاميا و لكنها تشمل كل من يرفض أن يخرج من تحت عباءة الإسلام مهما كلفه ذلك، و قد رأينا كيف مات الغرياني رميا بالرصاص و هو يرفض التهليل للطاغوت بينما كان جريحا في يد الكتائب.
 و هذا الانتماء يتدرج من أبسط أشكاله في حب الصالحين و التعلق بالصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم كما كان يفعل الصوفية القدامى أو التمسك بمظهر اللحية أو ارتداء الإزار لبعض الفئات إلى أن يصل إلى أعلى مستويات الاستيعاب الفكري للفقه الإسلامي بما يرفعه إلى درجة الإنسانية المطلقة من خلال تكريم الخالق سبحانه و تعالى للإنسان بخلقه في أحسن تقويم، و عندها يتطابق الفكر الإسلامي مع العلمانية الفطرية لبنى الإنسان دون معاداة للخالق أو الأديان.
و لو تتبعنا جذور الإسلامية في ليبيا لوجدنا أنها ارتبطت بكل عمل نعتز به في تاريخنا؛ فكل من جاهد ضد الاستعمار فعل ذلك من منطلق إسلامي و كان يرجو من الله القبول و يطلب الجنة في كل خطوة خطاها و يعتبر نفسه مقاتلا في سبيل الله ضد الكفار، و في المقابل كل من التحق بجيوش المستعمر و قاتل معها تحت رايات الكفر و صلبان الكنيسة كان يعرف أن هذا خيانة للوطن و الدين و لو كان يصلي كل وقت حاضرا و يصوم مع المسلمين. و قد أفتى عدد من العلماء بكفر الفئة الأخيرة و استباح دماءهم و أموالهم، بل أفتى علماء ليبيا بتحريم التجنس بالجنسية الايطالية لأنها تمكن للمستعمر من الوطن و تعني الانتماء لغير دار الإسلام في ذلك الزمان.
 و كل من دخل السجون خلال الأربعة عقود الماضية لأسباب سياسية كان يحتسب ما أصابه في سبيل الله، و خرج معظمهم من السجون برصيد طيب من العبادة و التفقه في الدين و حفظ القرآن باستثناء بعض المجموعات القليلة جدا من الشيوعيين و اليساريين الذين قد يقضي أحدهم في السجن عشرين عاما و لا يسجد لله سجدة واحدة، و لا ندري هل كان ذلك غضبا على قدر الله أم كفرا بوجوده أصلا. و لا يسعني هنا إلا أن أكرر ما قاله سكرتير عام الحزب الشيوعي الفرنسي في إحدى المرات: لا تعولوا كثيرا على شيوعييشمال أفريقيا فبعد أن يتعدوا سن الأربعين يتوب معظمهم و يتحول إلى إسلامي، و أذكر هنا أحدهم عند ما ناقشته مؤخرا في مواقفه أيام الشباب عند ما كان شيوعيا أحمرا قال لي: كانت نزوة شباب. و لا أقول هذا تشفيا و لكنني أدعو الله أن يشرح صدورنا جميعا للإسلام و رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام. و خير النشطاء بين الإسلاميين من كان يساريا أو نصرانيا ثم هداه الله  إلى الحق.
و كل من أعدم لأسباب سياسية خلال الأربعة عقود الماضية كلنا يحتسبه شهيدا في سبيل و الله ندعو أن يقبله على ذلك، و نضمه في حسابنا إلى قوافل الشهداء في سبيل الله و الوطن ولم يمت أحدهم في سبيل حزب سياسي أو فكرة علمانية أو من أجل أمجاد قبلية أو شخصية.
       أما في هذه الأيام العصيبة من تاريخ بلادنا عند ما يتقابل الليبيون بسلاحهم، فئة تقاتل في سبيل الله و الوطن من أجل رفع الظلم و إحقاق الحق و فئة تقاتل من اجل الطاغوت خوفا منه أو خوفا عليه أو طلبا للدنيا و من أجل دراهم معدودات، فإن كل ليبي يقاتل ضد الطاغوت يعتبر ذلك جهادا في سبيل الله و طلبا للجنة و ليس بينهم من يقاتل في سبيل العلمانية أو اليسارية العالمية الجديدة بعد أن اندحرت الشيوعية في ديارها. و كل الواقفين على الجبهات و أيديهم على الزناد هم إسلاميين بالممارسة و يتمنون الشهادة حتى و لو كانوا لا يفقهون من أمر الدين حرفا واحدا، و كل من يقف في طوابير الصلوات و الدعاء لهم بالنصر من رجال و نساء هم من الإسلاميين و يتمنون على الله أن يستجيب لهم و يغفر لهم و يتوب عليهم و يرحمهم.
 و لو سلمنا بالخيار الديمقراطي المطلق و عرضنا على الشعب الليبي الاستفتاء على الانتماء لصوَت الجميع على الانتماء الإسلامي، و حتى العلماني و اليساري لا يستطيع أن يقرر غير ذلك حتى داخل بيته و أمام زوجته وحدها خوفا من أن تتركه. و بالتالي لا يجوز أن يتولى أمورنا علمانيون أو يساريون بدون اعتبار لرأي الأغلبية في البلاد.
و دين الإسلام جعل حرية الاعتقاد مكفولة للجميع فلا إكراه في الدين، و المسلمون رعوا حرمات النصارى و اليهود و المجوس و الهندوس و البوذيين و كل من اختلف معهم في العقيدة، و نحن أتباع محمد صلى الله عليه و سلم نقبل بالاختلاف في وجهات النظر و نرحب بالتعددية و بالدولة المدنية التي لا تقصي أحدا و لكننا نرفض أن يساومنا احد على الإسلام و على الانتماء إليه و نحذر من عواقب إقصاء الإسلاميين على من يعادي الإسلام و الإسلاميين، و نتمنى على الجميع أن يحتكموا إلى صناديق الاقتراع و بنزاهة. 

1 comment:

  1. كل ما كنت ابحث عنه كان في كلامك هذا حرفيا ، فأنا على وشك افتتاح صفحة جديدة على الفيس بووك تطرح هذا الموضوع وتهتم به على الاخص لانني ارى المد العلماني وقد بدأ زحفه تجاهنا وأول الالنذر قد اعلنت فعلا من تونس حيث هناك مجموعة من الجمعيات الخيرية الليبية العاملة في تونس قد اعلنت شراكة او مؤاخاة مع مجموعة من نوادي الروتري وغيرها من نوادي العلمانية الماسونية الفاسدة وبعد ذلك سيطالبون بالاعتراف بهم ككيان موجود على ارض الواقع .

    تحياتي \ نادر سويسي

    ReplyDelete