Monday, May 14, 2012

عندما يتحول الحلم إلى كابوس مدمر

الحلم في الحياة يبعث على الأمل إذا كان منطقيا وقابلا لتحقيق السعادة، والأمل هو إكسير حب الحياة وبدونه تصبح الحياة انتظارا للموت لا أكثر. أما الكابوس في المنام فهو حلم مخيف مرعب قد يوقظ النائم من نومه من شدة الفزع، أما الكابوس في الحياة فيقود إلى حزن دائم لا يعرف طريقا للسعادة وخسارة لا تنتهي وقد يقضي على صاحبه بالكامل.
و المرء في مراحل حياته له أحلام مختلفة من دراسة التخصص الذي يرغبه إلى العمل الذي يراه مناسبا له، إلى شريك حياته وأحلامه ولكننا في مجتمعنا كثيرا ما نطلب من أبنائنا أن يحققوا أحلامنا وهذا ظلم لهم ووأد لأحلامهم وسرقة لحياتهم كي نرمم بها قصورنا نحن في تحقيق ما صبونا إليه يوما ما.
 ربما يعود هذا الموقف لقصور في تصورنا لقيمة الإنسان في حد ذاتها، فالمرء يجب أن يقيم  على أساس دوره في الحياة في المساهمة في تسريع تقدم عجلة البناء والتنمية وليس على أساس موقعه فيها، فكثير من رفيعي الدرجات دورهم ينحصر في زيادة مكاسبهم الشخصية دون أي اعتبار لمصالح المجتمع. هذا بالإضافة إلى حاجتنا لكل مساهم وعلى جميع المستويات، ومن أكبر المستحيلات أن يكون كل الناس أطباء أو مهندسين أو قادة وزعماء أو قانونيين أو رجال أعمال فقط ولكننا نحتاج  إلى توزيع المهام والتخصصات في المجتمع على أسس عادلة وشفافة وحسب قدرات كل شخص وخبرته وهذا من حكمة الله في خلقه.
            وهذا ينطبق على قطاع التعليم العالي فلن نستطيع أن نقبل طلبة بحجم يفوق القدرة الاستيعابية لأية كلية ففي هذا ظلم للطلبة و ظلم للكلية و ظلم للمواطن الذي سيستفيد من خدماتهم في المستقبل. وفي حديث لي مع أحد المسئولين عن كليات طب الآسنان قال لي: كل طالب في السنوات المتقدمة يعتبرني مجرما  عند قبولي لأي طالب جديد فهو يعتبرني أساهم في تدمير مستقبله، بينما يعتبرني كل أب مجرما لأني لم أقبل ابنه في الكلية فأين تكمن الجريمة.
  أما العدل فيكمن في قبول العدد المناسب حسب القدرة الاستيعابية للكلية وتقليص عدد الكليات الطبية فهي تكلف الدولة مبالغ باهظة والنتيجة معروفة مقدما فنحن خاسرون ماديا حاليا وندمر مستقبل أبنائنا بأيدينا، وكلنا يعرف أنه لا يوجد في ليبيا فرص عمل لكل الأعداد المسجلة بالكليات الطبية وسوف يضطرون بعد التخرج للبحث عن عمل لم يتم تأهيلهم له وبالتالي نخسر مرتين .
توزيع الطلاب على التخصصات المختلفة
من ضمن مخططات الطاغية  لتدمير مستقبل البلاد عمل على تدمير التوازن الأفقي في أعداد الطلاب بين التخصصات المختلفة بطريقة لا تهدف لخدمة مصالح الشعب بل مكن من لا يستحق الدخول إلى كلية ما من دخولها، وأسقط قيمة الجد والاجتهاد لمصلحة الجهوية والقبلية خدمة لأغراضه المدمرة، بل وصل الأمر به إلى تمكين الغوغائيين من الطلاب من إدارة الجامعات والمعاهد. وفي خطابه السياسي كان يركز على عدم جواز تميز الذكي أو الممتاز وكل هذا كان له أثر سلبي على خارطة التعليم العالي الحالية.


ولو نظرنا إلى الجدول المرفق لأعداد الطلاب في الجامعات حسب التخصص في العام الماضي 2020-2011م  تتضح بعض الحقائق الهامة ومنها الآتي:
 - عدد الطلاب بالكليات الطبية (طب، أسنان، صيدلة) يصل إلى ما يقارب سبعة وأربعين ألف طالب.
 - بينما تحتوي التقنية الطبية على ربع هذا العدد.
 - لا يرقى عدد الطلبة بالتمريض إلى أكثر من ثلاثة آلاف طالب.
 - في الواقع نحن لا نحتاج في ليبيا إلى كل هذا العدد من المتخصصين في الطبيات بينما نحتاج إلى عشرة أضعاف عدد التخصصات الطبية المساعدة.
- كما نحتاج إلى مضاعفة عدد المتخصصين في تقنية المعلومات لأكثر من عشرين مرة لكي نتغلب على العجز المتمثل في الضعف وتدني الكفاءة في هياكل الإدارات المختلفة.
 - بطبيعة الحال لا نحتاج إلى الأعداد الكبيرة في مجال التربية والآداب أو العلوم في ظل تكدس أعداد كبيرة من المدرسين الزائدين عن الحاجة.
نماذج من أشهر الجامعات الأمريكية

          لكي تكون الجريمة الحادثة في ليبيا واضحة في حجم الطلاب وانتشار الكليات الطبية في كل مدينة أو قرية أرفق إليكم جدول لأشهر الجامعات الأمريكية يشتمل على إجمالي الطلاب بها، والرسوم السنوية التي يدفعها الطالب وحسب  ترتيبها الأكاديمي في أمريكا.

الترتيب
الجامعة
إجمالي الطلبة
الرسوم السنوية (دولار)
1
هارفارد
709
47.500
2
جون هوبكنز
455
24.600
16
كورنل
417
46.001
26
نيو يورك
667
43.600
48
جورج تاون
803
44.641

 ومن الحكمةهنا أن نشير إلى أن معظم هذه الجامعات غنية جدا ماليا فعلى سبيل المثال بلغت ممتلكات جامعة هافارد حوالي35 مليار دولار أمريكي سنة 2008م وتصر على قبول عدد محدود في كل تخصص ومنها الطب.

احتياجات الكليات الطبية من الأساتذة المغتربين في ليبيا

          نظراً لقلة الأساتذة الليبيين في مجال الطب واتساع حجم الطلب وغياب الكثيرين منهم للعمل بالخارج نجد أن الكليات الطبية تحتاج إلى أكبر عدد من الأساتذة المغتربين، كما هو موضح بالجدول التالي على مدى السنتين الماضيتين والعام الجامعي المقبل قرين كل جامعة :-

ت
الجامعـــــــة
العدد حسب السنوات
2010-2011
2011-2012
2012-2013
1
عمر المختار
74
لم يتم الاستجلاب بسبب حرب التحرير
95
2
بنغازي
207
26
3
سرت
67
40
4
مصراتة
45
45
5
المرقب
35
76
6
سبها
92
67
7
طرابلس
144
28
8
الزاوية
100
95
9
الجبل الغربي
99
39
10
الأسمرية
-
-
11
الزيتونة
-
30
المجموع
863
541



          ولو قارنا تكلفة أساتذة الكليات الطبية ببقية التخصصات يتضح حجم تكاليف تسيير هذه الكليات، هذا بالإضافة إلى التكلفة العالية في التجهيزات والمواد المستهلكة، والجداول الآتية توضح  توزيع مرتبات المغتربين حسب الدرجة العلمية والتخصص.

أولاً : العلوم الطبية :

الدرجة العلمية
المعاملة المالية الشهرية بالدينار الليبي
العلاوة السنوية
(د.ل)
بداية المربوط
نهاية المربوط
أستاذ
8232
8785
456
أستاذ مشارك
7644
8073
438
أستاذ مساعد
7056
7361
420
محاضر
6174
6479
348

ثانياً : الهندسيات - الحاسوب – اللغات الأجنبية :

الدرجة العلمية
المعاملة المالية الشهرية بالدينار الليبي
العلاوة السنوية
(د.ل)
بداية المربوط
نهاية المربوط
أستاذ
5880
6433
456
أستاذ مشارك
5513
5943
438
أستاذ مساعد
5145
5451
420
محاضر
4704
5184
348
محاضر مساعد
4263
4566
276

ثالثاً : العلوم الإنسانية ، العلوم الأساسية والزراعية :

الدرجة العلمية
المعاملة المالية الشهرية بالدينار الليبي
العلاوة السنوية
(د.ل)
بداية المربوط
نهاية المربوط
أستاذ
3500
3829
380
أستاذ مشارك
3281
3538
365
أستاذ مساعد
3063
3245
350
محاضر
2800
2981
290

          وإذا ما أخذنا متوسط المرتب للأستاذ في العلوم الطبية وفق الدرجات العلمية  نجد أن الأستاذ يكلف سنوياً 112.768 دينار ليبي تقريبا . وبناء على ما تقدم عرضه فإن العدد المطلوب استجلابه من الأساتذة للعام الجامعي 2012-2013م هو(541) عضو هيئة تدريس في العلوم الطبية وسيكلف الدولة الليبية حوالي (6) ستة ملايين دينار ليبي.

 توصيات

       بناء على ما تقدم عرضه يتضح خطورة الوضع الحالي وربما يكون الحل السليم في تقليص عدد كليات الطب في ليبيا إلى ثلاثة وكليات طب الأسنان إلى اثنتان وكلية واحدة للصيدلة مع التوسع في كليات العلوم الصحية لإعداد الأطقم المساعدة المدربة تقنيا.   
     ونحتاج في المستقبل للتوسع في فرص الدراسة في المجال التقني والفني بما يعادل سبعة أضعاف العدد الذي سيقبل بالجامعات، وذلك لحاجتنا لتحريك قطاع الصناعة والاقتصاد الذي سوف يساهم في دفع عجلة البناء والتنمية بطريقة مستدامة ومعتمدة على العنصر الوطني.
       وعلينا أن نعترف بأهمية القدرة على المنافسة في سوق العمل فكل الشركات سوف تحتاج إلى عمالة مدربة وقادرة على التعامل بلغة العصر لغويا وتقنيا، والدولة لن تستطيع توفير فرصة عمل لكل شاب أو شابة، وعليه يجب علينا أن نتوسع في تعليم اللغات الحية و إدخال تقنية المعلومات في جميع التخصصات لكي نوفر حظا اكبر لشبابنا في فرص العمل التي سوف تفتح في ليبيا قريبا.
       كما يجب على الجامعات والمعاهد العليا في ليبيا الدخول إلى حلبة التنافس فالبقاء سيكون لمن يقدم مخرجات أفضل تتميز بقدرة الخريج على خدمة نفسه والوطن من خلال الخبرة والمهارات المكتسبة، وسوف يتوجه الطلاب للمؤسسة التي توفر خدمات أرقى من حيث بيوت الطلبة وقاعات الدراسة وجودة الأساتذة والجو الأكاديمي الذي يشجع على طلب العلم.

5 comments:

  1. إن هذ لشيء يبعث السرور في النفس، أن ترى الأمور تسير على هدى في طريق معلوم وفق خطة ودراسة. نرجو الله لكم التوفيق والسداد

    ReplyDelete
  2. د: فتحي..اسعد الله نهاركم بكل خير..اعانكم الله على هذه الامانة الثقيلة التي ابتليتم بها,,وانكم اهلا لها ان شاء الله..فهذه الافكار والدراسات خير دليل على ذلك,,المهم ان تجد من يعينك على تطبيقها على ارض الواقع,ووفقك الله لما فيه الخير
    الشارف

    ReplyDelete
  3. ربي يوفقكم في هذه المهم الصعبه االله المستعان
    د. محمود

    ReplyDelete
  4. رغم انى لم اسعد بالتعرف على الدكتور فتحى سابقا .. لا انى تابعت لقاته التلفزيونيه الناجحه وادعو له بالتوفيق.
    لى ملاحضة :
    وصلنا مقترح بعقود المغتربين وفيه عدد سعات التدريس وهى عالية جدا وكانك فى ثانوية مش جامعة
    انا مقيم واعمل بجامعة السلطان قابوس لمدة 9 سنوات وهنا المغترب مثل المواطن يقوم بتدريس عدد اثنين شعبة
    (2 sections per sem which could be one course or 2 courses)بنفس المعاش

    ReplyDelete
  5. يا ريت الاستاذ فتحي يرفق جدول بمرتبات اعضاء هيئة التدريس الليبيين ويقارنه مع المغتربين وهو يعرف سبب الفشل والتذمر من العمل في الجامعات والرغبة في العمل خارج ليبيالانه في ليبيا الاجنبي يعامل افضل من الليبي في جميع النواحي الادارية او المالية وكأنه هي هي مسرحية النخلة العوجة ليبيا خيرها موش لهلها مع العلم اننا في ليبيا عندنا في جامعاتنا اساتذه خريجين ايطاليا وبريطانيا والمانيا وفرنسا وامريكا وكندا هذا غير خريجين من جامعاتنا العريقة مثل قاريونس وغيرها من الجامعات الليبيه افضل من المغتربين اليي كان عدد كبير منهم سبب من اسباب تدني مستوى الطالب الليبي ويجب قبل كل شئ اختيار النوعية الجيدة والتأكد من مؤهلاتهم ولو بأمتحان مقابة لكشف الاستاذالحقيقي من غيرة وطلب شهادة تثبت انه كان عضو هيئة تدريس في بلاده اصلاً لانه ليس كل ماجستير او دكتوراه يعتبر عضو هيئة تدريس واختيار النوعية لا الكمية ومحاسبة اللجان التي تورد في هكذا اساتذة مع احترامي لبعضهم جزء كبير ايلمدو فيهم من كل شيح وشبرق

    ReplyDelete