اطلعت على كتاب "سألتهم فتحدثوا" للاستاذ أحمد الرحال و الذي يتناول قصة يهود ليبيا ، و هي مبادرة طيبة للتعرف على الموروث الليبي اليهودي . و كلنا يعلم انه لايوجد الآن فى ليبيا إلا عدد محدود من اليهود ، لكن بعضهم في الخارج لا زال يحن إلى الأيام الحلوة التي عاشوها بين الليبيين في بلدهم ليبيا ، طبعا بعضهم كان ليبيا أصيلا و بعضهم نزح إلى ليبيا من أوروبا . في هذا الكتاب يطرح الكاتب ما تحدث به ضيوفه بدون محاولة تذكر للتحقق من مطابقة المعلومات التي أدلوا بها للحقيقة.
و قبل أن أتناول بعض الجوانب في هذا الأمر يجب أن أؤكد على حق كل ليبي بغض النظر عن أصله العرقي أو الدين الذي يؤمن به أو لون بشرته أو الفكر الذي يحمله فى بلده ليبيا ، حقا كاملا غير منقوص حسب ما نصت عليه الأديان و المواثيق الدولية . كذلك يجب أن نعترف بالأخطاء التي وقعت في حقوق البعض من فئات الشعب الليبي بسبب الجهل بالقيم الإنسانية بالدرجة الأولى، أما الفئات التي تآمرت على الوطن من خلال التعاون مع المستعمر فهي مجرمة في حق الوطن و الشعب مهما كانت أصولها. كما أن بعض الممارسات الشعبية الجاهلية الليبية كان فيها إجحاف و ظلم في حق بعض الفئات الليبية ، فثقافة الإنسانية و حقوق الإنسان تعتبر حديثة العهد في منطقتنا و ذلك لابتعادنا عن فهم الدين الفهم السليم ، و نحتاج لمجهود للتعرف عليها و لنشرها و ممارستها فيما بيننا ، ففي معظم الأحوال يتحول النقد عندنا و بين مثقفينا الى هجوم شخصي يصل إلى حد التهديد بالكلاشنكوف عند بعض اصحاب العقول الجوفاء .
ففي هذا الكتاب تحدث اليهود الذين التقاهم الكاتب بإسهاب عن جوانب حياتهم داخل و خارج ليبيا و حاول البعض إبراز دور وطني ليهود ليبيا ، و بأنهم لم يكن لديهم علم بما كان يخطط لاغتصاب فلسطين من قبل الحركة الصهيونية العالمية . و الثابت لدينا هو تعاون يهود ليبيا مع المستعمر الايطالي من أول وهلة و حتى قبل وصول القوات الايطالية من تمهيد من خلال التعامل التجاري مع الطليان و تعريفهم ببعض تجار ليبيا . أما بالنسبة لما كان يدبر لفلسطين فأروى لكم حكاية بسيطة تغنى عن التفصيل. ففي ليبيا في السابق كان الليبيون يستحون من الغناء بصفة عامة، و كان الناس في بنغازي على سبيل المثال يستعينون ببعض النساء من يهود بنغازي لإحياء الأفراح و كانت إحداهن تغنى و تقول:
هذى الدولة اللى نبوها فلسطين و اتشرشل بوها .
و بطبيعة الحال النساء الليبيات يزغردن معها إكراما لاسم فلسطين و لجو الفرح بصفة عامة، و دولة إسرائيل لم تقم بعد و حتى اليهودية تعرفها على أنها فلسطين قبل عام 1948. و هكذا يوضع السم في الدسم يا أخوتي ، فهم كانوا يعرفون ما كان يحاك لنا بليل ، فحتى المطربة الشعبية اليهودية من مدينة بنغازي كانت على علم بمشروع الدولة اليهودية على أرض فلسطين برعاية تشرشل . أما أحد يهود درنة و يدعى شنيني فكان يتحدث لبعض رجال المدينة فيقول: أمنيتي أن أحضن علم إسرائيل و أقبله و بعدها أنا مستعد أن أموت.
و الناس كانوا لا يعرفون ماذا يقصد فلم تكن إسرائيل قد قامت.
كذلك ذكر لي احد الذين عاصروا الطليان كيف قام اليهود بسلب بيوت الليبيين حينما هرب الليبيون العزل الى الدواخل أمام زحف الطليان على طرابلس خوفا علي أعراضهم. هكذا فعلوا بأهل البلد الذي منحهم الأمان عندما طردهم الأسبان و قاموا بإحراق بعضهم أحياء داخل معابدهم مثل ما حدث في قرطبة . الأوربيون يحرقون و نحن ندفع الثمن، و بالتالي نتحول إلى ضحية على منابر الأمم المتحدة.
و لقد قرأت كتابا آخر يتناول يهود ليبيا في السبعينيات من القرن الماضي عندما كنت طالبا في إحدى الجامعات الأمريكية و الكتاب بعنوان "ساكني الكهوف زارعي الحمضيات" و الكتاب يتحدث عن يهود تغرنة في منطقة غريان الذين هاجروا إلى كريات يوشا في فلسطين المحتلة و بالتالي تحولوا من سكنى الكهوف إلى زراعة الحمضيات في فلسطين . و انصح الكاتب بالإطلاع عليه فهو يصف الحياة السعيدة لهم في ليبيا و يروى كيف ساهموا في اغتصاب فلسطين. و الكتاب يذكر زيارة هرتزل إلى ليبيا سرا و اجتماعه باليهود و كان معظمهم لا يعرف من يكون . و يحكى ترتيب الانتقال بحرا من طرابلس إلى فلسطين قبل إعلان تأسيس دولة إسرائيل على ارض فلسطين المحتلة بمساعدة الانجليز . هذا الكتاب باللغة الانجليزية عثرت عليه عندما كنت ابحث عن اى كتاب يذكر ليبيا في المكتبة ، فأنا من عادتي الترويح عن نفسي بالقراءة كلما تعبت من العمل العلمى .
كم كان بودي لو أن الأخ أحمد الرحال قام بالتدقيق و العودة إلى المراجع و بعض الليبيين الصادقين و المشهود لهم بالورع و الوطنية و هم كثيرون في طرابلس و بنغازي و مصراتة و باقي المدن التي كان فيها يهود . ففي الواقع ليس في الكتاب دراسة إنما كانت روايات لبعض يهود ليبيا.
و في الختام أؤكد على أهمية هذه المبادرة الطيبة من أحمد الرحال و من يهود ليبيا ، فنحن الليبيون نعتز بكل من يحب ليبيا و أهل ليبيا و نرحب بكل جهد من أجل مستقبل أفضل لليبيا و أهلها مبنى على احترام الإنسان و احترام حقوق الإنسان.
الذي يدعوا للغرابة هو أن السيد الرحال يرى في حق اليهمد في بلدهم وهو نفسة الذي يرفض رفضا تاما في الحقوق الثقافية لأمازيغ ليبيا
ReplyDeleteفيال العجب
بارك الله فيك على هذه الفوائد القيمة
ReplyDelete