قرأت مقال بعنوان " السعد عمى" لاحدى الاخوات ، منطلقة من المثل الشعبى الذى يقول" السعد عمى و يريد من يقوده". احب ان اقول لها و لغيرها من الناس"السعد السعيد لا يذبل و لا يبيد ". فاهلنا ا سموه السعد فلا يجوز ان يكون اعمى . فمن يحرم نعمة البصر به عجز كبير و كلمة سعد تم اشتقاقها من السعادة و هى اقرب الى السعيد منه الى الاعمى . انا لا الوم الاخت فى ترديدها ما ظنت انه حكمة فهذا القول فى الحقيقة مقولة فرضها الجهل و الظلم . كما انى لا اتفق معها فى ان ذكريات الاباء كلها جميلة . فالمجتمع الليبى لديه سلبيات كبيرة وابرزها ظلم البنات و محاباة الاولاد و تقليد الاخرين و التمسك ببعض التقاليد البالية من المفاخرة و الاسراف فى المنا سبات الى حد الاضرار. و اخطرها كلها العزوف عن القراءة و بالتالى الكتابة ، فالاولى تحرمنا فرصة التطورالمعرفى و الثانبة تحرمنا فرصة الاتصال بالعالم . انها امية مركبة ، فكم منا يجيد اللغة العربية ؟ ثم كم من هؤلاء يجيد لغة اخرى ؟ ثم كم من هؤلاء يجيد تقنية المعلومات و استخدام الحاسوب ؟ و كم من هؤلاء مستعد للتعاون لتنمية الاخرين ؟ هل رضينا بان نكون على هامش الاحداث فى هذا العالم ؟ انه العالم العاشر وليس الثالث الذى نحيا فيه نحن .
لقد طرحت الاخت فى مقالها نقاط مهمة جدا في ما يخص مستقبل العلاقات بين الشباب ، فنحن لازلنا نسمح لانماط بالية من التفكير ان تفرض علينا علاقات و قرارات لا تناسب زماننا هذا . فالفصل الكامل بين البنات و الاولاد بالكامل خطأ و دمج الاثنين تحت كل الظروف أخطر . و ربما يكون الافضل ان يتم الاختلاط فى المرحلة الابتدائية من الدراسة لاتاحة الفرصة للالمام ببعض الجوانب الشخصية لكل من الطرفين . ثم بعد ذلك يتم الاختلاط تحت اشراف العائلات و المراكز الاجتماعية و الثقافية و الكشافة طالما تتم المحافظة على قواعد اللقاء الشرعى من اللباس و اداب الاختلاط .
و الشاعر الليبى يقول
" و الدود ما يدخل المشلوحة...........و المسكرة يفسد النسيم العليل هواها "
يجب ان نعطى فرصة للشباب كى يتعارفوا اجتماعيا و بالتالى يتمكنون من معرفة بعضهم معرفة واقعية و ليس خيالية . فمعظم مشاكل الزواج بين الشباب الآن تعود لانعدام الالمام الجيد ا و الاعجاب المفرط ، او الاعتماد على قرارات الاهل فى الاختيار عند البداية او الانفصال عند الوصول الى طريق مسدود .
ان رسالة الجيل الجديد هى التاسيس لعلاقات اجتماعية ليبية يبرز فيها الكرم الليبى و الاعتزاز بالأنتماء للوطن و المحافظة على التقاليد العربية الاسلامية الطيبة . و الارتباط بالوطن و السعى لخدمته من كل المواقع فى مجالات العلوم و التقنية و النشاط الفكرى والانسانى و الابداع الحضارى . و لكى تجتمع افضل الظروف لتنشأة اجيال المستقبل فى احسن البيئات علينا الاهتمام بانجاح الاسرة و الحياة الاسرية فهى المحضن الاساسى فى عملية البناء . لذا يجب علينا ان نبنيها على اسس من التفاهم و التناغم الفكرى و الاجتماعى و العاطفى بين العائلة الصغيرة و العائلات الحاضنة لها فى محيط المجتمع .
و يمكن القول ان اخطر تحد يواجه الجيل الجديد هو موضوع الزواج ، و لقد ثمن رسول الله صلى الله عليه و سلم الزواج عاليا ووصفه بشطر الدين ، اى اكثر من نصفه ، فكيف نؤسس لديننا ؟
الاصل فى هذا الامر ان يتم الزواج بين طرفين متكافئين قلدرين على تاسيس اسرة تتوفر لها مقومات الاستمرارية السعيدة . فالزواج ليس مشكلة و يجب ان لا يكون حلا لمشكلة . فهو حدث سعيد يراد به حياة سعيدة . و هو ليس مصير مكتوب بل قرار حر و كلا الطرفين فيه حر فى ان يختار ما يقتنع بانه الطرف المناسب له .
و لقد وضع الشرع الاسلامى اسس الاختيار بناء على ما ورد فى القرآن و السنة من شروط . و يمكن ان نلخص الشروط اللازم توفرها فى الزواج الناجح فى ما يلى :
الدين : لقد نصحنا الرسول صلى الله عليه و سلم بذات الدين ، او صاحب الدين و لكن ماذا يعنى الدين ؟ الدين هو المعاملة ، معاملة الناس من خلق حسن و اسلوب حسن و كرم و نبل اخلاق . الدين هو الاسلام وهو العبادة وهو الفهم الصحيح وهو التطبيق بدون افراط او تفريط . وفى مواقع اخرى دل على الايمان و العلم بالدين و خاصة احكام الزواج و الاسرة وتربية الاولاد . الدين هو الوسطية و محبة ا لمسلمين ، وهواحترام الكبير و العطف على الصغير و التواضع مع الجميع . أى ان الدين هو اسلوب الحياة . كما اننا نعقد العقد على سنة الله و رسوله فحرى بطرفيه الالمام باحكامه الشرعية و على المأذون التأكد من ذلك قبل اتمام العقد .
القدرة على الزواج : والقدرة تعنى الحكمة فى اتخاذ القرار ، و الحكمة فى تنفيذه و الحكمة فى متابعته . والقدرة على الانفاق و ذلك بامتلاك مصادر تكفل العيش الكريم و فى زماننا هذا تعنى القدرة على العمل فى اصعب الظروف ، و اقل ذلك مؤهل علمى او مهنة او حرفة او تجارة . كذلك تعنى القدرة على تسيير امور الاسرة و تربية الاطفال . و ربما لا تجتمع هذه فى شاب تحت الرابعة و العشرين او فتاة تحت الواحدة و العشرين فزواج الاحداث يجر المصائب فى كثير من الاحيان .
الكفاءة او التكافؤ : وهى تقارب المستوى العلمى و الفكرى و العائلى و الاجتماعى و المادى و العاطفى و يدخل فيه تقارب السن و الطباع ، و ظروف النشأة و التربية و التعليم و كذلك التقا رب فى الميول . كل هذا يساعد فى الانسجام و تحقيق الالفة و التقارب . والمثل يقول" لا تزن نفسك عند واحد ليس لديه صروفك"
العائلة : تمثل العائلة البيئة الاساسية للنشأة و بالتالى لها تأثير مباشر على نمط السلوك الاجتماعى داخل الاسرة و خارجها . فكلما كانت الام متعلمة كان أثرها افضل فى تشجيع و تطوير قدرات الاطفال اى اباء و امهات المستقبل وكذلك الاب و حكمته فى معالجة الامور، و خاصة عند حدوث المشاكل . و دور الاسرة الاصل لا يقف عند التربية فى النشاة فقط و لكنها لها دور داعم للاسرة الجديدة و ملجأ للعون و الحنان و الحب للاطفال و مصدر لجلب الثقة و تقوية العزيمة للتغلب على عقبات الحياة.
الرضى و القبول : و نعنى به رضى طرفى الزواج و قبولهما للطرف الآخر فى جوانب الشكل و الجمال و الذوق العام و هنا يكون التقارب فى الصفات افضل الامور . و خير الزواج ما بنى على احترام متبادل ينمو مع الايام و اسؤها ما بنى على اعجاب مفرط يتبدد مع الايام او على معلومات خاطئة أو مغررة من احد افراد الاسرة . و ربما يساعد تطويل فترة الخطوبة فى التأكد من تحقق هذ ا، أما اذا ثبت غير هذا ففسخ الخطوبة اقل ضررا من الطلاق فى جميع الاحوال .
صدق النية و سلامة القرار : من اسباب نجاح اى مشروع فى الحياة ان يكون له هدف سام يصبو الى تحقيقه . و فى الزواج الهدف السليم هو اتباع سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم فى اكمال الدين و بناء الاسرة . و المبدأ السامى يبقى طوال العمر و يزداد عمقا اما الجمال والمال و العواطف فقد تعصف بها الايام و لا يمكن الاعتماد عليها . فى كثير من الاحيان يتم لى الحقيقة لترغيب احد الطرفين فى الامر و تكون النتائج وخيمة . ولقد وصف الله الزواج فى القرآن بانه ميثاق غليض فلا يجوز فيه الكذب او الغش .
No comments:
Post a Comment