تمر الايام يوما بعد آخرو نزداد قربا من الآخرة ، و البعض منا يزداد على الدنيا حرصه و البعض الآخر يجعله هذا أكثر شوقا الى لقاء الله العزيز الغفار حبا فى لقائه و نيل رضاه . و من مقولات فقهاء الليبيين : يشيب المرء و يشب معه خصلتان الحرص و طول الامل . و كثيرا ما نسمع بالكوارث بيننا و المصائب فينا و موت اصدقائنا فهل اعتبرنا ؟. كم من أخ ليبى مات وحيدا و لم يعرف حاله أحد الا بعد عدة أيام؟ و كم من اخ ليبى متزوج من غربية انقلبت عليه و أخرجته من البيت ووضعت يدها على أمواله و اولاده و هو حى يرزق ؟و كم من أخ ليبى ورثته زوجته الأوربية و ضاع حق بقية ورثته الشرعيين؟ وكم من فتاة ليبية تزوجت من غير ليبى و تشردت فى أرض الله ؟ ناهيك عن من تزوجت غير مسلم و ضاعت دنيا و آخرة . القائمة طويلة و الحديث عنها لا يفيد اذا لم نعتبر و نعمل على تغيير هذا أو على الأقل نعالجه و لو جزئيا .
وأول الغيث قطرة فلنحرص على اللقاء فى ما بيننا و لو مرة واحدة فى العام لنقل فى الأعياد ، و لنحرص على الاتصال بالهاتف و لو مرة واحدة فى الاسبوع ، و لنحرص على تبادل الأخبار عن طريق شبكة المعلومات ، و بالتالى نحقق الحد الادنى من التواصل . وداخل المدينة الواحدة لنحرص على عيادة المرضى و حضور الجنائز و على اجابة الدعوات فى المناسبات . و لقد كان لليبيين هجرات فى الازمنة القديمة و كانوا يحرصون على التجمع و التآخى بين الافراد و العائلات و القبائل و كان ذلك التآخى موثقا كتابيا بينهم ، و يدافع الأخ عن أخيه و يتحمل معه نوائب الدهر تماما مثل ما يفعل مع أخيه من أمه و ابيه .
بالنسبة لمن يتزوج من غير المسلمة أو من تتزوج بغير المسلم فهم الذىن جنوا على أنفسهم و المثل الليبى يقول : العتب موش على السبخة و لكن على اللى حرث فيها . فانك مهما بذرت فى السبخة من بذور فاخرة لا تحصد الا الديس ، و فى هذا الزمان لا أحد يشترى منك الديس . و أما من يبتعد عن الدين فى حياته فلا يلومن الا نفسه عندما يكتشف أن اولاده تركوا الدين بالكامل ، و لقد لقيت طلبة و طالبات من أبناء المسلمين يصرحون علنا انهم ليسوا بمسلمين و تقول أحداهن لى: الأمر كله نفاق والدى كان يشرب الخمر و يسهر و يحب الرقص و يريدنى أن أكون مسلمة ، انا لست مسلمة و أذهب مع والدتى للكنيسة . اما ليبى آخر متزوج من كاثوليكية أمريكية متعصبة و أولاده كلهم نصارى ، غار لدينه و ثار و هدد بترك البيت اذا لم يعد ابنه عن قراره فى دخول سلك الرهبانية ، أى أن الابن اراد أن يصبح قسيسا . لا أدرى ماذا حقق الأب بهذا أكثر من زيادة عدد أحفاده من النصارى؟ و لا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم .
أما من يتزوج من ليبية أو عربية مسلمة و يحولها الى شبه نصرانية لا دين لها فقد جنى عليها وعلى نفسه و كذلك المرأة التى تفرط فى دينها ، فأولادهما سوف يتزوجون من غير المسلمين و أحفادهم سيكونون غير مسلمين و بالتالى يكونون كمن يستل عروقه بيديه .
بالتأكيد مرت علي كثير منكم حكايات كثيرة مثلها أو أسوأ منها حينما تطرد الزوجة الغربية زوجها من البيت اذا كبر الاولاد و البنات و انقلبوا على والدهم الذى اكتشف آخر العمر أنه مسلم ، وتاب ولبس جلابية ابيه فى غير مكانها ، أو بدأ يغارعلى بناته عندما وصلن سن البلوغ . و المهم الآن هو العبرة من هذه القصص واتخاذ خطوات سليمة لعلاجها .
و افضل نصيحة للجيل الجديد هى بعدم الزواج من غير الليبية ، و اذا استحالت الليبية فالعربية ثم المسلمة أب عن جد و ليس مسلمات آخر ساعة ، أى قبل الزواج . و خير هؤلاء جميعا الملتزمة و الفاهمة للدين و خير الازواج من كان كذلك بالنسبة لمن اراد العفاف لبناته أومن أرادت ذلك لبناتها . و يجب على من يتزوج بغير العربية أن يؤكد فى عقد الزواج على تربية الاطفال على الطريقة الاسلامية سواءا كان حيا او ميتا . بمعنى أنه اذا استحال العيش بين الزوجين و اضطرا للطلاق يمكن أن يتبنى الاطفال أسرة مسلمة حسب القوانين الغربية . كما أنصح من يقيم أو تقيم فى الغرب و خاصة من تزوج بغير المسلمة أن يؤكد على دفنه على الطريقة الاسلامية و يوكل ذلك الى احد المساجد أو المراكز الاسلامية ، و اذا لم يفعل الزوج هذا فان للزوجة الحق فى دفنه كيف تشاء طبقا للقوانين الاوربية . وفى بعض الحلات أحرقت الزوجة الغير مسلمة جثمان زوجها المسلم و احتفظت بالهباء لفترة ثم ألقت به فى البحر رغم معارضة اصدقائه المسلمين . بالطبع كل هذا ليس له معنى اذا كان المرء لا يعرف الله الا عند الموت ، انا لله و انا اليه راجعون .
كذلك انصح كل من يقيم فى الغرب من رجل كان أو أمرأة بكتابة وصيته على اسس شرعية و عند محام مسجل فى بلد الاقامة . بحيث تحمى هذه الوصية حقوق جميع الورثة و حقوق جميع الدائنين و هذا أمر واجب على كل مسلم و مسلمة فى اى مكان . و يمكن الرجوع الى من يثق فيه المرء من العلماء عند اعدادالوصية .
و خير نصيحة للجيل القديم هى الخروج على العادات و الأفكار البالية من الاهتمام بالمظاهر و الانشغال بأحلام الطفولة وترك الجيل الجديد حائرا بدون توجية سليم . علينا جميعا تقع مسئولية كبيرة لتيسير زواج الابناء و البنات قبل أن يتصرفوا بطريقة خطأ و يقررون الزواج بدون الرجوع أو الاصغاء للأهل . كذلك بيننا من يعتقد أنه لا يوجد فى الدنيا من هو أفضل من أولاده و هذا ليس سليما ، و بعضنا يريد ان يصلح اخطاء حياته بواسطة ابنائه و يحول الاسرة الى شركة و هذا كذلك سيدمر الجميع اذا فشل المشروع . و البعض الآخر يريد ان يعيد سيرة أبيه مع أولاده ، فيريد أن يعيش الجميع فى نفس الحفرة ، فكيف لا ترضى لنفسك بما رضيته لوالديك عندما ابتعدت عنهم . و البعض قد يعتقد أن الزواج سوف يصلح ابنه المنحرف أو ابنته المنحرفة و بالتالى يورطون بريئا فى زواج فاشل يؤسس على الخداع ، و كثير منا لا يكون صادقا اذا طلب احدهم رأيه فى أحد الاطراف و كما تعلمون المستشار مؤتمن و الدين النصيحة .
علينا أن ننتبه الى أن الوقت يمر، و الايام تمر مر السحاب و بدل أن نضيع الوقت و الجهد فى معارك وهمية لا فائدة منها ، علينا التفكير فى جيلنا الجديد ، رأسمالنا و استثمار حياتنا و امل بلادنا ، كيف لا و هم ابناؤنا و بناتنا . و على الجميع أن يعرف ان أخطر و أهم رسالة للجيل الجديد هى اختيار رفيق الحياة خاصة فى بلاد الغربة ، و الأمر يحتاج الى بحث و سعى و اتصالات و يجب أن لا نتركه للصدفة ، فقد تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن . و الأمر بنفس الصعوبة و الأهمية للجنسين ، و ربما تكون للبنات أصعب بمرور الوقت ، خاصة اذا أقامت الأسرة فى منطقة منعزلة عن الجالية الليبية . و الحمد لله بلادنا مليئة بالشباب الطيبين و الشابات الطيبات و من عوائل و أصول نرضى بها جميعا و تناسبنا و بالتالى نحل مشكلة الجميع و يكون زيتنا فى زميتنا كما يقول المثل ، فلنحرص على تهيئة الظروف لذلك .
و الجيل القديم يتحمل كامل المسئولية على وجود الأبناء فى الغربة ، و بالتالى عليه تحمل العواقب المترتبة عليها و يجب أن لا يضحى بمصالحهم و مستقبل حياتهم ليبقى الأبناء الى جانبه ، بل يجب علينا أن نساعدهم على الانتماء الى الوطن و الارتباط بالأهل بالمواظبة على الزيارة فى العطلات و المشاركة فى النشاطات الليبية المحلية و متابعة أخبار ليبيا و الليبيين .
اننا كثيرا ما ندعى الوطنية و لكن اولادنا بعضهم لا يعرف الوطن ، و بعضهم لا يحب الوطن كثيرا ، و بعضهم يكتفى بالوطن المستعار أى بلاد المنشأ ، و الأباء و الأمهات مسؤولون عن كل هذا بالدرجة الأولى . و كثير منا يدعو الى الديموقراطية و هو دكتاتور فى حياته و لا يريد من أحد أن يقول رأيا مخالف لرأيه ، فهل هكذا تكون حرية الرأى التى نطالب بها ؟ و هل هكذا تكون الديموقراطية ؟ .
كما اننا كثيرا ما نطالب أبنائنا بالتفوق و الجد و كثير منا ينام فى مكانه ولا يعرف الى التطور طريقا ، اننا نلوم زماننا و قد يكون العيب فينا . كلنا يعرف تماما أهمية تطوير قدرات الأباء و الأمهات خاصة مع توفر الفرص ، فلماذا لا نستفيد من وقتنا و نطور قدراتنا ؟. كذلك نحن ندعو دائما الى أدب الاختلاف ولكننا لا نستحى من استخدام قلة الادب فى حوارنا ، كيف و جيل شابت كل شعرة فيه يسعد بكشف عورات من كانوا له بالامس اخوانا ، و الشاعر يقول انما الأمم الأخلاق ما بقيت فأن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا . وعلى الجميع أن يعرفوا أن ما يسطرون على صفحات المواقع باق الى يوم القيامة ، تقرأه الاجيال و يتحاسب به الجميع سواء كتبت باسمك أو باسم مستعار .
و اذا كان للجيل القديم فى هذه الدنيا رسالة فهى تفكيك ما ورثنا من عقد وما أضفنا اليه من عقد الى عقد فينا و التفكير جديا فى انقاذ و المحافظة على ما تبقى من الأمل لدينا ، و هم الجيل الجديد حفظهم الله و جنبهم ما كان من عيب فينا . بطبيعة الحال كلامى هذا لا ينطبق على الجميع لكن البلوى عادة تعم و الحكمة يختص الله بها من يشاء من عباده ، و انما اردت التذكير برسالتنا فى الحياة فى هذه الأيام المباركة .
No comments:
Post a Comment