Thursday, May 20, 2021

 

الظفر في اختيار شريك العمر

         لكي يكون الزواج ناجحا ومثمرا ويبقى طرفاه سعداء طوال العمر يجب ان نعطى فرصة للشباب كى يتعارفوا اجتماعيا وبالتالى يتمكنون من معرفة بعضهم معرفة واقعية وليس خيالية. ومعظم مشاكل الزواج بين الشباب الآن تعود لانعدام الالمام الجيد اوالاعجاب المفرط او الاعتماد على قرارات الاهل فى الاختيار عند البداية او الانفصال عند الوصول الى طريق مسدود فالحياة الاسرية ليست مسرحية او مسلسل تلفزيوني انما هي واقعية تمر بظروف ومواقف مختلفة ولهذا يجب التخطيط لها والتعاون من اجل توفير أفضل ظروف النجاح لها.

    ان  رسالة الجيل الجديد هى التاسيس لعلاقات اجتماعية ليبية يبرز فيها الكرم الليبى والاعتزاز بالأنتماء للوطن والمحافظة على التقاليد العربية الاسلامية الطيبة، والارتباط بالوطن و السعى لخدمته من كل المواقع فى مجالات العلوم و التقنية و النشاط الفكرى الانسانى والابداع الحضارى والتقني. ولكى تجتمع افضل الظروف لتنشأة اجيال المستقبل فى احسن البيئات علينا الاهتمام بانجاح الاسرة و الحياة الاسرية فهى المحضن الاساسى فى عملية البناء. لذا يجب علينا ان نبنيها على اسس من التفاهم و التناغم الفكرى والاجتماعى والعاطفى بين العائلة الصغيرة والعائلات الحاضنة لها فى محيط المجتمع.

       ويمكننا القول ان اخطر تحد يواجه الجيل الجديد هو موضوع الزواج، ولقد ثمن رسول الله صلى الله عليه و سلم الزواج عاليا ووصفه بشطر الدين، اى اكثر من نصفه، فكيف يؤسس الشباب لدينه؟

 الاصل فى هذا الامر ان  يتم الزواج بين طرفين متكافئين قادرين على تاسيس اسرة تتوفر لها مقومات الاستمرارية السعيدة.

فالزواج ليس مشكلة و يجب ان لا يكون حلا لمشكلة. فهو حدث سعيد يراد به حياة سعيدة. وهو ليس مصير مكتوب بل قرار حر و كلا الطرفين فيه حر فى ان يختار ما يقتنع بانه هو الطرف المناسب له.

ولقد وضع الشرع الاسلامى اسس الاختيار بناء على ما ورد فى القرآن والسنة من شروط. و يمكن ان نلخص الشروط اللازم توفرها فى طرفي الزواج الناجح فى ما يلى:

اولا: الدين

     لقد نصحنا الرسول صلى الله عليه وسلم  بذات الدين وصاحب الدين، ولكن ماذا يعنى الدين؟ الدين هو المعاملة، هو معاملة الناس من خلق حسن واسلوب حسن وكرم ونبل اخلاق. الدين هو الاسلام وهو العبادة  وهو الفهم الصحيح وهو التطبيق بدون افراط او تفريط. وفى مواقع اخرى دل على الايمان والعلم بالدين وخاصة احكام الزواج والاسرة وتربية الاولاد. الدين هو الوسطية ومحبة المسلمين، وهواحترام الكبير والعطف على الصغير والتواضع مع الجميع أى ان الدين هو اسلوب الحياة. كما اننا نعقد العقد على سنة الله و رسوله فحرى بطرفيه الالمام باحكامه الشرعية وعلى المأذون التأكد من ذلك قبل اتمام عقد القران بعد استيفاء الشروط القانونية الاخرى .

ثانيا: القدرة على الزواج 

    والقدرة تعنى الحكمة فى اتخاذ القرار، و الحكمة فى تنفيذه    والحكمة فى متابعته. والقدرة على الانفاق و ذلك بامتلاك مصادر تكفل العيش الكريم وفى زماننا هذا تعنى القدرة على العمل فى اصعب الظروف، و اقل ذلك مؤهل علمى او مهنة او حرفة او تجارة. كذلك تعنى القدرة على تسيير امور الاسرة وتربية الاطفال، وهذه لا تجتمع فى شاب تحت الرابعة و العشرين او فتاة تحت الواحدة و العشرين فزواج الاحداث يجر الى المصائب فى كثير من الاحيان.

ثالثا:الكفاءة او التكافؤ

   وهى تقارب المستوى العلمى والفكرى والعائلى والاجتماعى والمادى والعاطفى بين طرفي الزواج ويدخل فيه تقارب السن والطباع،  وظروف النشأة والتربية والتعليم و كذلك التقا رب فى الميول. كل هذا يساعد على الانسجام ويحقيق الالفة  والتقارب.

رابعا:العائلة 

    تمثل العائلة البيئة الاساسية للنشأة وبالتالى لها تأثير مباشر على نمط السلوك الاجتماعى داخل الاسرة وخارجها. فكلما كانت الام متعلمة كان أثرها افضل فى تشجيع وتطوير قدرات الاطفال اى اباء وامهات المستقبل وكذلك الاب وحكمته فى معالجة الامور، وخاصة عند حدوث المشاكل. ودور الاسرة في الاصل لا يقف عند التربية فى النشاة فقط و لكنها لها دور داعم للاسرة الجديدة و ملجأ للعون والحنان والحب للاطفال ومصدر لجلب الثقة وتقوية العزيمة للتغلب على عقبات الحياة.

خامسا:الرضى و القبول

      و نعنى به رضى طرفى الزواج و قبول كل منهما بالطرف الآخر فى جوانب الشكل والجمال والذوق العام وهنا يكون التقارب فى الصفات افضل الامور. و خير الزواج ما بنى على احترام متبادل ينمو مع الايام، واسؤها ما بنى على اعجاب مفرط يتبدد مع الايام  او على معلومات خاطئة أو مغررة  من احد افراد الاسرة. وربما يساعد تطويل فترة الخطوبة فى التأكد من تحقق هذ ا، أما اذا ثبت غير هذا ففسخ الخطوبة اقل ضررا من الطلاق  فى جميع الاحوال.

سادسا: صدق النية و سلامة القرار 

 من أهم اسباب نجاح اى مشروع فى الحياة مهما كان نوعه ان يكون له هدف سام يصبو الى تحقيقه، فان الاعمال بالنيات. و فى الزواج الهدف السليم هو اتباع سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم فى اكمال الدين و بناء الاسرة. والمبدأ السامى يبقى طوال العمر و يزداد عمقا اما الجمال والمال و العواطف فقد تعصف بها الايام ولا يمكن الاعتماد عليها.  فى كثير من الاحيان يختفي بعض الصدق لترغيب احد الطرفين فى الامر وتكون النتائج وخيمة. ولقد وصف الله الزواج فى القرآن بانه ميثاق غليض فلا يجوز فيه الكذب او الغش.

سابعا: الوضع المالي

الوضع المالي المستقل للزوجين يؤثر تأثيرا مباشرا على حياة الاسرة وسعادتها وبالتالي كل ما كان الاثنين يعملان كانت فرص النجاح أفضل بما لا يعيق حياة الأطفال وسعادتهم. والوضع المالي الجيد للطرفين هو أفضل ضمانة لحياة مستمرة في سعادة للأسرة مهما ساءت الظروف.

ثامنا: المستوى التعليمي

المستوى التعليمي لطرفي الزواج له تأثير كبير في تنشئة وتربية الأجيال حيث يوفر بيئة تربوية وتعليمية صالحة تساعد على بناء جيل طيب وهذا ينطبق على الاب والام فكلما كان تعليمهما جيدا يكونا قادرين على توجيه الأبناء ومساعدتهم في دراستهم وفهم المشاكل التي تواجههم في المدرسة والشارع.

تاسعا: الوضع الصحي

تؤثر الحالة الصحية لطرفي الزواج على مستقبل الاسرة وسعادتها وبالتالي وجب القيام ببعض الفحوص الطبية للتأكد من سلامة الطرفين من امراض العصر وكذلك الامراض الوراثية وهذا أصبح ميسرا مع تقدم الطب، كما يجب الابتعاد عن زواج الأقارب ففيه مخاطر تفشي الامراض والعيوب الوراثية.

نصيحة للأباء والامهات

وفي الختام اقول للاباء والامهات ان هذا الزمان لا تسرى عليه قواعد اجدادنا و الامام على بن ابى طالب رضى الله عنه قال:

 لا تقسروا  اولادكم على اخلاقكم فانهم خلقوا لزمان غير زمانكم.

    وهذه قاعدة ذهبية فى التربية، وبالاخلاق عنى سيدنا علي اسلوب الحياة فلنترك الشباب يقررون مستقبلهم على بصيرة من الامر ونساعد وننصح من بعيد ففي الحقيقة الان تتوفر لديهم مصادر معلومات اكبر مما كان متوفرا لنا في شبابنا.

No comments:

Post a Comment