Sunday, May 23, 2021

 

الهروب من الجحيم الى جنة الدنيا

   

  في احدى زياراتي لبريطانيا ركبت سيارة تاكسي فوجدت السائق زنجي، فظننت انه عربي من السودان وعندما سألته أفاد انه مسيحي من ارتريا فقلت له كيف وصلت إلى هنا؟ قال: مشيا على الأقدام. استغربت فقلت له كيف؟ قال: عبرت الصحاري في عام ٢٠٠٧م من ارتريا الى الحبشة مرورا بالسودان حتى وصلت الى ليبيا. كنا مجموعة وكانت رحلة شاقة مات فيها الكثيرون منا. فقلت: ماذا عن بقية الرحلة؟ قال مكثت في ليبيا ثمانية أشهر مررت خلالها بسجن عين زارة ثم اجدابيا ثم الكفرة ثم أطلقوا سراحي والسبب أنني لا أملك مالا فمن لديه مال يدفع فيتركونه. المهم حياتي في طرابلس كانت جميلة اشتريت برويطة واشتغلت في سوق الكرايمية واصبحت غنيا، على اقل تقدير احصل على عشرة دنانير في اليوم وتكلفة الحياة كانت رخيصة.

        المهم بعد ما جمعت مالا كافيا ركبت البحر، وفي البحر رأينا الموت. مات منا الكثيرون حيث بقينا خمسة ايام في قارب صغير وليس معنا طعام كثير او ماء الى ان وصلنا شواطئ مالطا فاستقبلتنا سفينة مالطية اعطونا بعض الماء والاكل وسألونا ماذا تريدون؟ أجبنا نريد ان نصل الى إيطاليا، فقالوا لنا اتبعونا وتتبعناهم الى ان وضعونا قريبا من شاطئ صقلية وتركونا.

 نزلنا فيها، ومن صقلية انتقلت الى ميلانو حيث عملت في مزرعة عدة أشهر وبأجرة ٣٥ يورو في اليوم وبعد ذلك سافرت إلى مرسيليا في فرنسا، ثم منها إلى كالي الى الجنوب من بريطانيا حيث هربت إلى بريطانيا عن طريق البحر في لوري كبير.

      في بريطانيا قدمت في اللجوء وبعد حصولي على الموافقة بدأت اعمل وكونت نفسي واشتريت سيارة وبدأت اعمل عليها كتاكسي. وبعد عام من قدومي ذهبت الى الحبشة وتزوجت من فتاة ارترية واتيت بها إلى هنا. الان كلنا نحمل الجنسية وجوازات سفر بريطانية، وهكذا كانت رحلتي من الجحيم إلى جنة الدنيا.

       فقلت له: أنت شخص غير عادي ومكافح، فرد علي: كنت جنديا في الجيش قبل أن أترك ارتريا وهذا ساعدني على تحمل كل الصعاب. فسألته كيف تقارن بين بلاد إفريقيا وبريطانيا فقال: هناك يكذبون علينا، يتحدثون عن السعادة ويقودوننا إلى الجحيم. فقلت له هل ممكن ان تعيد هذا، فرد مستحيل. فقلت له: اقصد ان تعيد حكايتك لكي أتذكرها. فضحك وتركته.

 

No comments:

Post a Comment