Saturday, May 1, 2021

 

آداب المعلم

د فتحي رجب العكاري

 

      العلماء هم ورثة الانبياء، والمعلم هو العالم العامل الذي ينشر العلم بين طلابه. والمعلم هو حامل لواء العلم في الارض بعد نزول العلم من السماء، ويكفي المعلم شرفا ان طلاب العلم يقصدون بابه لتعلم علوم الدين والدنيا وكلاهما فرض كفاية على ابناء الامة لتتعلم منهم دينها وتبني دنياها وما لا يقوم الواجب الا به فهو واجب. وأول من علم في الكون كان ولا يزال العليم الحكيم حيث يقول في محكم كتابه: وعلم أدم الاسماء كلها. وقال كذلك: علم بالقلم علم الانسان ما لا يعلم. وقال تعالى كذلك: وقل ربي زدني علما. والقران الكريم غني بالآيات التي تحث على طلب العلم والتفكر والتدبر والاتقان واعداد القوة وتسخير كنوز الارض والسماء لمصلحة البشر، وصدق من قال:

قم للمعلم وفه التبجيل ...كاد المعلم أن يكون رسولا.

وأدأب المعلم عند المسلمين جزء من اخلاق الرسل وهي مضبوطة شرعيا ومستوحاة من الكتاب والسنة وسيرة علماء المسلمين عبر العصور وكلما تطورت مناهج التعليم وساحاته تطورت معها هذه الآداب التي تضبط العلاقة بين المعلم والمتعلم ومنها الاتي:

:

الرفق بالمتعلم والاحسان اليه

فلقد وصانا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مخاطبا العلماء: أن الناس لكم تبعا، وان رجالا يأتونكم من أقطار الارض يتفقهون في الدين فاذا اتوكم فاستوصوا بهم خيرا. رواه الترمذي وابن ماجه. والعلم كله من الدين وبه تقوى الامة ويزداد عزها ومنعتها ونموها. كما يدخل المتعلم في باب النصيحة حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة، وتعليم العلوم كافة جزء لا يتجزأ من الدين.

النصيحة للمتعلم

ومن النصيحة للمتعلم سواء كان طالب او طالبة ارشاده الى مصلحته والرفق به ومساعدته على طلب العلم قدر ما أمكن، وان يكون سمحا بتعليمه في رفق ومتلطفا به وحاثا له على طلب العلم واتقان فنونه. ومنها كذلك تذكيره بفضيلة التعلم في الدنيا والاخرة ليكون سببا في نشاطه وزيادة في رغبته في طلب العلم، فالعلم سبب تقدم الامم والشعوب ومصدر قوتها الاقتصادية والعسكرية والسياسية.

الشفقة والصبر على المتعلم

من آداب المعلم الشفقة على المتعلم والاعتناء بمصالحه كاعتنائه بمصالح نفسه وولده وان ينال المتعلم ما يناله ولده في الشفقة عليه. وأن يصبر على جفاء المتعلم وسوء ادب البعض منهم ويعذره في قلة ادبه في بعض الاحيان لا سيما ان كان صغيرا..

حب الخير لطلابه

ان يحب المعلم للمتعلم الخير كما يحبه لنفسه وان يكره له ما يكره لنفسه من النقص مطلقا فيكون حريصا على تعليم طلابه مؤثرا ذلك على مصالحه الشخصية، ويفرغ قلبه في حالة جلوسه للتعليم من الاسباب الشاغلة كلها وان يكون حريصا على تفهيمهم وان ينتبه الى اختلاف قدراتهم فيعيد الشرح ويدلل بأمثلة عملية او حسابية ثم يوجه لهم سؤالا ذي علقة ليحفزهم على الانتباه والتركيز. وان يفرح بتميز طلابه وطالباته ولا يحسد احد منهم لبراعة تظهر منه ولا يستكثر فيه ما انعم الله عليه به من فطنة وذكاء. كما يجب على المعلم ان لا يمنع احدا من الطلاب من طلب العلم طالما توفرت فيه الشروط المطلوبة للتلقي حسب التخصص وان يخلص في تعليمه فانه لم يأت من بيته الا لطلب العلم.

توقير مهنة التعليم

أن يعتبر المعلم مهنة التعليم عبادة يتقرب بها الى الله وهي رسالة الانبياء فالعلم هو ميراثهم ولقد كان العلماء الاوائل عند المسلمين يتوضؤون ويصلون ركعتين قبل الدرس في مجلس العلم ويجلس الواحد منهم في اتجاه القبلة كي يتذكر دائما ان التعليم عبادة يقصد بها وجه الله.

التواصل مع طلاب العلم

على المعلم ان يتعرف على طلابه ويعرف اسمائهم ويراقب حالهم ليستطيع مساعدتهم وهذا لا يتاتى الا اذا كان عددهم لا يزيد على خمسة وعشرين طالبا وطالبة. كذلك على المعلم ان يحبب الطلاب في درسه ببشاشة وجهه وارتياحه ودوام تبسمه ومشاركة الطلاب في بعض الطرائف التي تخفف عنهم وتزيد الالفة بينه وبينهم فان تلقي النفس للعلم يزيد مع الارتياح والسرور. وان يتفاعل مع طلابه في الدرس بحيث يسألهم عن بعض النقاط قبل طرحها ثم يشرحها ويسالهم عن علاقتها بغيرها وعن الفائدة منها وطريقة استخدامها ويشجع الطلاب على السؤال ويختار الوقت المناسب للإجابة فأحيانا تكون الاجابة في ذات الوقت واحيانا تكون في درس اخر لكي لا يخرج عن الموضوع المستهدف للحصة. ويحرص على تعويد طلابه على الانضباط في الحضور والانصراف في المواعيد المحددة وان يكون قدوة لهم في الحرص على عدم ضياع الوقت.

الحرص على اداء الواجب التعليمي

لكي يضبط المعلم ادائه يجب ان يكون له خطة تعليمية يوزع فيها المواضيع على الايام والحصص ويتبعها كل يوم لكي يغطي كل موضوع بالكامل وان يربط بين المواضيع بمراجعة خفيفة في كل حصة وحوصلة سريعة في نهاية كل حصة لاهم ما تم تغطيته.

ان يتواجد المعلم بمكتبه قبل وقت الدرس على الاقل بنصف ساعة ليتمكن من مراجعة المواضيع التي ينوي شرحها ويهيئ نفسه للقاء طلابه.

ان يسجل كل ما يشرحه للطلاب في سجل يومي خاص لكي يتسنى له التأكد من تغطية المواضيع وكل ما استخدمه من امثلة عملية او حسابية او أسئلة.

ان يحدد ساعات مكتبية معلنة كي يراجعه فيها طلابه ويتواجد خلالها بمكتبه او اي مكان يحدده وان يلتزم بهذه المواعيد ويراعي فيها ظروف الطلبة والطالبات خاصة.

ان لا يكرر استخدام نفس الاسئلة في الامتحانات ولا يستخدم مثالا شرحه كسؤال في الامتحان النهائي، كما يجب عليه ان يوزع الامتحان على كل المنهج المقرر في اسئلة واضحة وبإمكان الطالب الاجابة عليها في الوقت المحدد لذلك.

التفرغ للتعليم

يجب على المعلم ان يتفرغ لمهنة التعليم ولا يشغل نفسه باي عمل اخر اثناء فترة الدوام الرسمي وان لا يشتغل باي عمل يعرضه للشبهات وكلام الناس فان العلماء هم ورثة الانبياء ومكانتهم يجب ان تكون في اعين الناس عالية ومحترمة.

هذا ما تمكنت من جمعه وتطويره وتوثيقه عبر مسيرتي التعليمية بفضل الله وعونه راجيا المولى عز وجل ان ينفع به كل من يطلع عليه، وللحديث بقية عن آداب المتعلم في طلب العلم.

 

No comments:

Post a Comment