Saturday, May 1, 2021

 

آداب المتعلم

د فتحي رجب العكاري

          المتعلم هو طالب العلم الذي يجلس الى معلمه ليتعلم منه ورسول الله صلى عليه وسلم قال: طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة. وقديما قال قدماء علماء المسلمين طلب العلم فرض عين في امور الدين في كل ما يحتاجه المرء للعبادة وفرض كفاية فيما سوى ذلك من امور الدنيا والدين. ولكن في زماننا هذا أصبح طلب العلم فرض عين في كل امور الدنيا والدين التي يحتاج لها المرء في حياته. ومع تطور التقنيات والعلوم لا يوجد تخصص في شؤون الحياة لا يحتاج الى دراسة واستخدام للتقنيات الحديثة من ابسط الاعمال كالبناء والحرث والزراعة الى أكثر المهن تطورا. وطلب العلم ليس له وقت محدد، بل الامر متجدد ومتطور ومهما بلغ المرء من العلم يحتاج الى تطوير قدراته وتنمية معلوماته، بل وكلما تعلم المرء اكتشف انه لم يؤت من العلم الا قليلا. ويدخل في آداب المتعلم كل ما ذكرناه في آداب المعلم بالإضافة الى الاتي:

اخلاص النية في طلب العلم

طلب العلم عند المسلمين عبادة من العبادات ولا تتم هذه العبادة الا بنية صادقة خالصة لوجه الله سبحانه وتعالى فبالعلم يؤدي المسلم اركان عبادته ويقضى كل امور دنياه التي ليس له غنى عنها. ومن اساسيات ادارة الاعمال ان يكون لاي مشروع هدف سامي وليس هناك قيمة أفضل من رضى الله وقصد رضاه بطلب العلم.

التواضع والادب مع المعلم

على الطالب والطالبة ان يتواضع امام معلمه ويخاطبه بأدب احتراما وتوقيرا في الخطاب والمتابعة والمناقشة، فالمعلم في مرتبة الوالد وهو الاب الفكري او الروحي للطالب الذي ينمي قدراته ويصقلها لمواجهة الحياة. وبحكم خبرة المعلم واعداده هو أقدر من الوالد او الوالدة على المتابعة والنصح والتقويم ومعرفة القدرات والنواقص الفنية والتقنية، وهذا واجب على المتعلم سواء كان المعلم أكبر منه سنا او أصغر منه سنا او اقل منه نسبا او شهرة او صلاحا. وكما يقول الاولون من تواضع للعلم أدركه ومن تعالى عليه اضاعه، كما ورد في قول الشاعر:

العلم حرب للفتى المتعالي كالسيل حرب للمكان العالي

وعلى الطالب ان ينقاد لمعلمه ويستشيره في اموره كلها ويقبل بنصيحته كما يقبل المريض العاقل قول الطبيب الناصح.

الاجتهاد في طلب العلم

طلب العلم يحتاج الى ملكات ورغبة ومثابرة ويحتاج الى صبر واجتهاد وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: العلم بالتعلم. اي ان طلب العلم عملية مستمرة ومن اول خطواتها ان يحسن السؤال باختيار الاسلوب المناسب والوقت المناسب والله سبحانه وتعالى يقول: وسئلوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون. واهل الذكر هم الذين يعرفون بإتقانهم للعلم او الفن الذي يرغب في تعلمه. وان يحرص على الاطلاع كل ما أمكن ذلك في المواضيع التي يدرسها لان كثرة الاطلاع تفتح له افاق الاسئلة وتثري حصيلته العلمية والفرق بين المتعلم والمعلم انما يكمن في تقدم المعلم في المعرفة بكثرة الاطلاع والقراءة. وان يدون الدروس التي يشرحها المعلم بطريقة منتظمة تساعده على المذاكرة عند الحاجة. وعلى الطالب ان يوقن ان العلم هو طريقه لاكتمال قدراته وتميزه وتقدم منزلته بين اقرانه وامير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: تفقهوا قبل ان تسودوا. ومعنى كلامه اجتهدوا فى استكمال اهليتكم وأنتم طلاب قبل ان تصيروا سادة في مجال تخصصكم. وفي هذا المعنى قال الامام الشافعي رضي الله عنه: تفقه قبل ان ترأس فاذا رأست فلا سبيل الى التفقه.

كما ينبغي للطالب والطالبة في الجامعة ان تكون لهم مطالعة خارجية خارج مجالات التخصص تعدهم للحياة العامة بعد التخرج من كتب في التربية والادب والدين وبناء الاسرة والفنون والسياسة ومتابعة الاخبار المحلية والعالمية للإلمام بما يجري. كما يستحب لهم الاشتراك في الدورات المكثفة التي تتاح لهم من استخدامات الحاسوب وتقنية المعلومات وادارة الاعمال وبناء وتطوير ملكات القيادة وتعلم فنون الريادة وتأسيس الاعمال التجارية الحرة وكل هذه متوفرة بأشكال مختلفة على شبكات المعلومات.

توقير المعلم

على المتعلم ان ينظر الى معلمه بعين الاحترام والتقدير ويعتقد كمال اهليته لان ذلك يجعله أكثر حرصا على الانتفاع بمعلوماته وقد قال امير المؤمنين على بن ابي طالب رضي الله عنه: من حق المعلم عليك ان تسلم على الناس عامة وتخصه دونهم بالتحية وان تجلس امامه ولا تشير عنه بيدك ولا تغمز بعينيك، ولا تقولن قال فلان خلاف ما تقول ولا تغتابنّه عند أحد. كما يجب على المتعلم التواجد بقاعة الدرس قبل معلمه احتراما له ولعلمه وإذا تأخر وجب عليه الاستئذان قبل الدخول ويسلم عليه في ادب لا يضر بسير الدرس وان يستأذن منه اذا اضطر للخروج ويسلم عليه خاصة وعلى من معه من الطلاب. ولا يجوز للطالب ان يرفع صوته رفعا بليغا من غير حاجة في حضور معلمه ولا يضحك ولا يكثر الكلام من غير حاجة داخل قاعة الدرس او خارجها.

النزاهة والصدق

على طالب وطالبة العلم النزاهة في التعامل فلا يغش في التقارير ولا في الامتحانات او في الاوراق الرسمية وان يكون صادقا في تعامله فطلب العلم عبادة يتقرب بها العبد الى الله، فعليه بالاجتهاد وما توفيقه الا من عند الله. كما يجب عليه تحري الصدق في التعامل مع الطلبة والطالبات والاساتذة والادارة فطلاب العلم هم اساس بناء دولة المستقبل وهم رجالها وسيداتها وإذا لم يتحلون بالنزاهة والصدق لن ننجح.

القدوة والدور الايجابي

على طالب العلم ان يأخذ بزمام المبادرة مبكرا في حياته ويكون له دور ايجابي من خلال النشاط الجامعي او المدرسي سواء الرياضي والثقافي والاجتماعي. وعلى سبيل المثال اتحاد الطلبة في الجامعات والمعاهد يمثل الطلبة ويدافع عن مصالحهم وينظم نشاطاتهم الاجتماعية والثقافية وهو مدرسة تعدهم للمشاركة السياسية فكل زعماء الدول الغربية كانوا نشطاء بارزين في اتحادات الطلبة ومع مرور الايام تولوا رئاسة الحكومات الاوربية. وعلى الطلبة والطالبات المشاركة الايجابية واختيار أفضل العناصر لتمثيلهم وتطوير عمل اتحادات الطلاب من اجل مستقبل سياسي أفضل يكون للشباب فيه دور الريادة.

مكارم الاخلاق

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق. وخير من يتحلى بمكارم الاخلاق هو طالب العلم مع اقرانه واساتذته وكل من حوله ويجعلها شعارا له في حياته. وفي زماننا هذا يتواجد في الجامعات الحديثة الطلبة مع الطالبات في نفس المدرجات والتخصصات وهذا يفرض على الجميع مراعاة الذوق والاخلاق في التعامل باحترام لكل الطلبة والطالبات واعتبار الجميع اخوة على الدرب في مسيرة البناء. وعلى الجميع الالتزام بقواعد الشرع في التعامل بدون خلوة او اساءة ظن او قذف فما لا يرضاه الطالب لأخته يجب ان لا يرضاه لزميلته. فعلى الطلبة غض البصر وعدم ملاحقة العيوب وتجنب الاقتراب المفرط وعلى الطالبات ارتداء لباس لا يتنافى مع الشرع وعدم استخدام زينة او افراط في استخدام العطور فالجامعة مكان عمل له حرمة وليس صالة افراح. وما يتعود عليه الطلبة والطالبات في الجامعة سيسيرون عليه في مكان العمل وليس هناك أفضل من الاحترام المتبادل والعلاقات الاخوية البريئة وأجمل ذكريات العمر هي في الحياة الجامعية حيث يجتمع الطلاب من مدن ودول كثيرة ويتعارفوا ويتعاونوا في طلب العلم.

الوفاء للمعلم

الوفاء من شيم الكرماء وأجمل انواع الوفاء للمعلم هو تكرار ذكر فضله والحديث عنه بالخير والدعاء له بالرحمة والمغفرة وبكل ما يحبه المرء لنفسه، فالمعلم هو المربي والمؤسس لمستقبل الطالب وهو الاب الفكري وأحيانا الروحي للمتعلم والله سبحانه وتعالى يقول: وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا. هذا في حق الوالدين اللذان كانا سببا في وجود المرء ومسؤولية التربية واجبة عليهما فما بالك بالمربي والمعلم الذي بنى فكره ونمى قدراته وجعل منه انسانا نافعا لنفسه ولغيره وللمجتمع ككل. والتجارب علمتنا ان لا ننسى فضل اصحاب الفضل علينا أحياء وميتين وكل من كان له أثر طيب في حياتنا من الصف الاول حيث تعلمنا تركيب الحروف الى اعلى الدرجات العلمية وفي كل مرحلة يكون الاستاذ فيها نموذجا وقائدا ومعلما له مواقف لا ننساها.

 

No comments:

Post a Comment