Saturday, May 1, 2021

 


طبقات الناس في ليبيا

 

      عرف الليبيون تصنيفات متعددة للناس في ليبيا عبر الزمن؛ ففي العهد الملكي كان الناس يصنفون على اساس اقليمي فعرفوا الطرابلسي والبرقاوي والفزاني ثم على أساس عرقي فعرفوا عربي اجبالي تباوي وطوارق ويهود وطلاينة. بعد ذلك يتم التصنيف بين حضر وبدو، فيتوزع الناس حسب المدينة بين الحضر بينما يتوزع البدو بين القبائل. وبعد انقلاب 1969 اضيف الى هذا التصنيف مسمى الرجعي والثوري واعضاء اللجان الثورية والرفاق وصاد شين وبذلك دخلت السياسة والمواقف السياسية كوسيلة للتصنيف.

    اما بعد ثورة 17 فبراير2011 وعودة العديد من المعارضين من الخارج للمشاركة في القتال في مراحل الثورة الاولى ثم من بعد النصر للمساهمة في بناء دولة ما بعد التحرير، هنا ابتدع الليبيون تصنيف بالجنسية ودللوا عليها بالشفرة وذلك بوصف القادمون من الخارج بدبل شفرة اي مزدوج الجنسية ويمكن توسيع هذا المبدأ ليصبح تصنيفا معاصرا للناس في ليبيا حسب ما سيتم تداوله في هذا المقال.

من حيث المبدأ يمكن ايجاد تماثلية بين المواطن والنقال. فكثير من الناس ينقل الاخبار، وبعضهم ينقل الاشاعات، وبعضهم ينقل العلم وبعضهم ينقل المعرفة، وبعضهم ينقل العدوى بين الناس والمناطق، وبعضهم ينقل السلاح، وبعضهم ينقل الدمار بين المدن وينقل القنابل والمتفجرات جوا وبرا وبحرا، وبعضهم ينقل الفساد الاداري والمالي والسياسي. إذا هناك قدرات غير محدودة للنقل للناس وبالتالي يمكننا تفهم التصنيف على اساس الشفرات.

ليبي بدون

وهذا تصنيف لعدد كبير من الليبيين الذين لا يحملون شفرة لا وطنية ولا مكتسبة وهم اناس يسحبون مصادر الوطن ولا يقدمون خدمة بالمقابل. هم سلبيون في السياسة وفي العمل وفي الحياة ولا ينشطون الا في نقل الاشاعات ونشر الفتن.

ليبي بشفرة واحدة

وهذا التصنيف يشمل ثلاثة اصناف وهي؛

أولا: شفرة وطنية صالحة وتشمل كل وطني، وخاصة من شارك في الثورة او التف حول الثورة او سار معها، ولكنها يمكن ان تكون خارج نطاق التغطية او ان يكون الهاتف مغلق إذا أصر صاحبها على رايه الشخصي فقط.

ثانيا: شفرة وطنية بدون رصيد وتشمل كل من لم يشارك في الثورة ولم يعاديها.

ثالثا: شفرة وطنية مزورة وهي تشمل كل من يتحرك من خلال منظومة الفساد او الجهوية او القبلية.

ليبي دبل شفرة

وهو من يملك شفرة اصلية والثانية مكتسبة وقد تطغى احداهما على الاخرى تحت بعض الظروف. او من يملك شفرتين واحدة وطنية والثانية اما قبلية او جهوية وتطغى احداهما على الاخرى.

وتسري على كل شفرة احكام الشفرات المذكورة اعلاه؛

1-شفرة صالحة وقد تكون بدون رصيد او خارج نطاق التغطية.

2-شفرة محروقة او مجمدة او ملغية او مصدر الطاقة فيها بالخارج.

3-اما من يقرر العودة للوطن فان الشفرة المكتسبة تكون في حكم المجمدة لأنها خارج نطاق التغطية الا إذا كانت اسرته تعيش في الخارج او جميع استثماراته في الخارج.

     وإذا طغت الجنسية المكتسبة فانه ينحاز لمصالحه، فهو يدرس على حساب الشعب ثم يفيد شعب اخر وكثير من هؤلاء ينتهي اتصاله بالوطن من دون ان يسدد ما عليه من ديون للوطن ولكن قلبه يظل معلقا بالوطن بل يتمنى ان يدفن فيه.

 

مزدوجي الجنسية من الليبيين

 

       يعيش خارج ليبيا الان حوالي مئتي ألف مواطن مزدوج الجنسية من أصل ليبي معظمهم هاجر لأسباب شخصية ربما مادية او عائلية او علمية او شخصية وقليل منهم لأسباب سياسية وهذه الظاهرة لم تعرفها ليبيا الا في أيام الجماهيرية بعد سنة 1980عندما تم التضييق على حياة المواطن ووصل الامر الى مطاردة من لا يرضى بهذا الوضع حتى خارج البلاد وتصفية بعضهم. فالمواطن الليبي لم يكن يفكر في الهجرة اطلاقا قبل ذلك وكل من سافر في بعثة أو وظيفة عاد لوطنه الا القليل النادر.

بعد انتفاضة 17 فبراير 2011 عاد الى ليبيا حوالي الفي مواطن مزدوج الجنسية حبا في الوطن وللمشاركة في بنائه ولكنهم لم يستطيعوا الصمود مدة طويلة فظروف البلاد تغيرت والعلاقات الحميمة التي يتذكرونها  قبل رحيلهم معظمها تبخر ويسود البلاد روح الشخصنة والانتقام والكسب السريع فعاد معظمهم من حيث اتى ولم يبق في البلاد منهم الا بضع مئات.

 ولكن هؤلاء المهاجرون الذين يعيشون في الخارج لا زالوا يحنون للوطن الام ولزيارته وللحديث عن همومه ويحسون بألمه ويعقدون الاجتماعات المطولة والمتكررة لمناقشة مشاكله ويتحسرون على الفرص التي ضاعت من اجل بناء وطن آمن يسعد اهله.

لماذا يفضل الليبيون العيش في الخارج؟

          رغم ما يحمله المهاجرون من حب للوطن والاهل لكنهم يبقون في بلاد المهجر لعدة أسباب وأبرزها ما يلي:

1- القانون يحمي حقوقهم في العيش الكريم ولا يحتاجون الى وساطة من أحد.

2-يعيشون في امان تام فلا تهديد ولا اختطاف ولا ابتزاز ولا مضايقة لمن يحترم القانون.

3- هناك نظام ضمان اجتماعي يحترم كرامة الانسان ولا يفرق بين الناس.

4- أطفالهم يتمتعون بأرقى مستويات التعليم في العالم مجانا.

5- تتوفر لهم رعاية صحية كاملة وخدمات صحية راقية.

6- تتم مراجعة مرتبات الجميع وخاصة المتقاعدين لربطها بمعدلات التضخم.

7- كل شيء يحكمه قانون معروف للجميع فلا لبس ولا التباس.

8- وجدوا ذاتهم واكتشفوا قدراتهم في تلك البلاد وبنوا مقومات حياة كريمة لأسرهم فيها.

         لهذه الأسباب وغيرها نجد الكثيرين من الليبيين وحتى المتقاعدين منهم يسعون الان للحصول على جنسية ثانية طلبا للأمان وراحة البال.

 

كيف يستفيد الوطن من أبنائه المهاجرين؟

        اعداد كبيرة من الليبيين الذين يعيشون في المهجر يملكون كفاءات وقدرات عالية في مجال تخصصاتهم كما يملكون علاقات طيبة بقيادات معظم الدول من خلال ممارسة عملهم فمنهم من نال تكريما من الدولة او الوزارة او الجامعة او البلدية او المستشفى او الشركة التي يعمل بها وبالتالي هم افضل سفراء لليبيا في الدول التي يعيشون فيها ويمكننا ان نستفيد منهم في دعم سياسة بلادنا في الخارج كما يمكننا الاستفادة من خبراتهم من خلال زيارات تنظمها الجهات ذات العلاقة بتخصصاتهم او باستخدام التواصل عن بعد كاستشاريين لمؤسسات الدولة أومن خلال المشاركة في المؤتمرات والندوات العلمية المحلية.  كذلك يمكن لهم دعم الاقتصاد الوطني من خلال استثماراتهم مثل ما يحدث في العديد من الدول الافريقية والاسيوية إذا وفرنا الظروف الآمنة لهذا. اخوتنا الذين قرروا العيش في الخارج علينا ان نعتبرهم ثروة وطنية واسهام حضاري ليبي في خدمة البشرية وكذلك يجب علينا ان نبني دولة سيفخرون بالعودة اليها يوما ما هم أو احفادهم.

      بعد هذا الطرح ادعو الجميع الى احترام خصوصيات كل مواطن دون ازدراء او انتقاص من حقوقه الوطنية وعلينا ان نتنافس تنافسا شريفا على خدمة الوطن من الداخل ومن الخارج فكل ما يقدمه الليبيون في المهجر هو رصيد ليبي ومساهمة انسانية سيذكرها لنا التاريخ.  وكلما يتم تكريم أحد منهم في الخارج يقال عنه ليبي او من أصل ليبي فلنفتح قلوبنا لبعض فلا تحاسد ولا تباغض ولا تنابز بالألقاب ولا ازدراء لاحد مهما كان السبب، ولندعو الجميع للمشاركة في بناء الوطن وخدمة اهله من داخله ومن خارجه وعلينا كتابة هذا في دستورنا.  كذلك علينا أن نرحب بكل من يقول انا ليبي وليبيا هي وطني الام. كيف نضيق على ابناء وطننا في وطنهم وتفتح الدول الأخرى أبوابها وقلبها لهم؟

فتحي رجب العكاري

في 23 يناير 2021

 

 

 

No comments:

Post a Comment