Monday, January 24, 2011

المبروك عبد العزيز الجربى.. شاعر من بلادى




مولده ونشأته

ولد شاعرنا المبروك عبد العزيز الجربى فى درنة سنة 1936م و عاش فى درنة و مات  و دفن فيها سنة 2007م، اما و الده عبد العزيز المبروك الجربى فعاش فى درنة و مات فيها و تزوج  من السيدة حليمة بنت على المزينى و أنجب منها ابنه الوحيد المبروك، اما جده المبروك محمد الجربى فولد و عاش و مات فى درنة و تزوج من السيدة حمالة بنت الجويفى البرعصى من البيضاء و وقد أنجبت له كلا من حسين و عبد العزيز و يوسف ، أما جد والده محمد يونس الجربى فولد و عاش و مات فى درنة و تزوج خلال حياته من السيدة محبوبة بنت الرايس على العكارى و أنجبت له كل أبنائه و هم المبروك و ابراهيم ويونس وعبدالله و محمد خالص و مصطفى ، والسيد محمد يونس الجربى هو جد عائلة الجربى فى درنة، و الجد المؤسس هو يونس بن عثمان و الذى لقب بالجربى لقدومه من جربة فى تونس فى الخمسينيات من القرن التاسع عشر ، وأما الرايس على العكارى فهو الجد المؤسس لعائلة العكارى فى درنة و صديق و رفيق يونس بن عثمان.

دراسته وعمله ورحلته

درس المبروك الجربى فى مدارس درنة ، ثم التحق بالجامعة الليبية و تخرج من قسم اللغة العربية سنة 1961 وعين فى وزارة الخارجية ، لكنه لم ينسجم مع السلك الدبلوماسى و الحياة بالخارج أو الغياب عن درنة و عن براريها ، فقرر العودة للعمل فى درنة. كان متعلقا بالطبيعة و تربية الاغنام و الابل مثل والده و اعمامه. تزوج المبروك من السيدة  ناجية بنت الصالحين بن سعود سنة 1963 م وأنجب منها كل أولاده.
عمل المبروك فى التدريس ثم فى القطاع الخاص و اشتهر بين اصحابه بالتزامه الدينى و بشعره الجميل و البليغ بالعامية و الفصحى و بحبه لبلاده وبخاصة منطقة الجبل الاخضر التى قلما ابتعد عنها ، فلقد تشرب حب حياة البادية بين النجوع من أمه و جدته لأبيه ، و يتضح هذا فى دقة وصفه لجمال الطبيعة و روعة محيطها من أزهار و طيور و أصوات بهيجة.
من خلال هذه المقدمة يتضح جليا عمق الرابط بين الشاعر و المدينة فهو لم يك عابرسبيل فيها او طالب رزق او عيش فيها ؛ بل رجلا تمتد له جذور فيها زمنا و نسبا و نضالا و حياة و عزا و اعتزازا بها. ووالده عبد العزيز الجربى كان شاعرا ايضا بالعامية ، وكان أحد أبرز شيوخ القبائل فى درنة ومن أقدرهم على مواعيد القبائل و فض النزاعات. وأثناء فترة الاحتلال الايطالى حكمت عليه ايطاليا بالاعدام و تمكن من الفرار من الإيطاليين في منطقة سرت و منها الى السودان مشيا على الاقدام بين الواحات ، ثم عاد عن طريق مصر بعد ان مكث فى السودان فترة من الزمن.

شعره

ولقد ذكرت فى مقالة سابقة بعضا من أبياته فى قصيدة أهداها إلى كل عاشق لمدينة درنة و الى أكثرهم عشقا حسب وصفه له ، وهو ابن عمته و صديقه المرحوم عبد الرازق إعمير لما يعلم من حبه لدرنة وتعلقه بها . و أنا بدورى أهدي هذه القصيدة لكل قارىء يحب الجمال وجمال الوصف فى الشعر العربى الجميل و لكل محب لمدينته؛ و قد قيل قديما :
و ما حب الديار شغفن قلبى      و لكن حب من سكنوا الديار.
في الحديث عن ربوع القوم بعدما رحلوا ، حيث قال شاعرنا المبروك  فى هذه القصيدة  و التي أسميتها " درنة في ذاكرتي"


منظر عام للمدينة 2000م

درنة فى ذاكرتى

أتنسم نفحاتك عطرا            و شفاء أترسم فيها
خطوات سنينى ماثلة           فى كل طريق فيها
حدثا و غلاما يذرعها         و ازقتها و حواريها
شجنا فى لحن عنادلها       نجما من نبت روابيها
لا يهدأ حتى يحضنها         و يغفو فى حلم مآقيها
تتحسسه تتفرسه             تتساءل إن كان شبيها
فيداعبها و يلاعبها            و يمازحها و يناجيها
تتلقفه   تترشفه                   و تطوقه بذراعيها
و يراها ليست أرصفة          صما للناس لتمشيها
أو صنما صلدا تلثمه            و فناء مواسم تحييها
و طلول رسوم باهتة         و رؤوسا قد دفنت فيها
أو أسماء لا تحضره              كل ما شاء يسميها
بل تخطر حدثا و حديثا    و صحائف عمر ترويها
شفة التاريخ فتظهرها        طورا للناس و تخفيها
و تكررها فتخلدها            ليذوق الحاضر ماضيها
عبرا و قطوفا دانية              و اباريزا و افاويها
ما زالت كل معالمها             بكرا لا شىء ينسيها
أسواط الجهل و سورته       لم تقتل طهر مرائيها
عبق التاريخ يضمخها          شفق الأفاق يحنيها
نسمات الفجر تصبحها       زفرات الورد تمسيها
يجلو الشلال مفاتنها           والبحر يمسد رجليها
عرس لا يهدأ محتدما          و عروسا تتأود تيها
دالُ  دعوات صحابتها      و دماء مصارعهم فيها
راءُ رشفات مناهلها       و روائع همس سواقيها
نونُ و نواح حمائمها         و شجى نياح بواكيها
        هاءُ  هى همى و هيامى     و هواجس كل محبيها


أما بالنسبة للشعر الشعبى ، فأهدي هذه القصيدة لمن يعرفون هذا الفن و ينسجمون معه فى قصيدة جميلة فى وصف مدينة درنة أيام زمان حيث يقول فيها:

درنة أيام زمان

زها لوريت ايام زمان؛

الخاطر متريح مطمان           الضحكة كل نهار تزيد
الكلمة حق الوطن امان       الود صحيح العيش رغيد
 زهرها زرَع فالسيسان          اليسمين مغطى الجريد
 الورد مظلل على البيبان         تقول مع التقطيع يزيد
 شجرها مشماش ورمَان    ادقول اخدود عروس جديد
عنبهاباشكال و بالوان           حدَر فى ظلال عناقيد
عسل وتطرشق فى لوبان        الفم يستبطى فى الليد
سواقيها فى كل مكان          بطالاجن من وطن بعيد
فراحا بالشلال و بان          عليهن لابس جرد جديد
عريس امهيف بين أغصان      ايهيم اويثاوب و يميد
 او نيسى يشَمس و جران       يزغرد و طيور مواعيد
 مشن منه مشية بطلان        اللى موعارف وين يريد
برم عالنسرى و الروبيان        وعالنوارعويد عويد
خذن فى واديهن الامان        أو شقنه علوه و هويد
وباتن فى جرفه و جنان     حذا نخلة فى عش جريد
رطبها كيف عليك يبان      أمغير تقول خشوم عبيد
أيسهف لو تبقى شبعان        تمنيت البطن حماميد
  صحابتا جنة رضوان            وبيحتا سبعين شهيد
    صقوره من جيش الرحمان  فزع روَح من وطن بعيد
  ابقاضيهم جوها ماهان      عليهم ما راعت من كيد
    تنابو شياب و شبان            و قالو نحنا وين انريد
    الموت ولا قولت لوكان       ودارو عالموت مواريد
      قروا فيها ختمة قرآن          و خشوا طقرور مهاويد
        إفدا عدَوا عدَة و احصان   او سيف و مصحف وأجاويد
        اوهى ادفنتم بين أجفان            أمواقيها فى كل وريد
         او تموَا تاريخ او ديوان        او خرافه و مزار و عيد

لقد حاولت فى هذه المقالة إبراز ملامح حب الوطن وروعة تصوير الجمال بأدق تفاصيلها فى شعر أخى العزيز المبروك الجربى على أمل أن نرى كل أعماله فى ديوان مطبوع باذن الله تعالى قريبا.



No comments:

Post a Comment