Monday, January 24, 2011

شلال الإبداع في رسومات فتحى الشويهدى


        الشلال في مدينة درنة بشرق ليبيا هو احد المعالم الطبيعية الفريدة، فهو يمثل لأبناء مدينة درنة مصدرا للعطاء الدائم، و رمزا للأمل في الحياة و عنوانا للجمال، و رفيقا حانيا في أيام الرخاء و الشدة. و عبر مئات السنين أمد المدينة بالماء و بعث فيها الحياة و ألقى عليها بعدا جماليا في شكله و موسيقاه و عذوبة مياهه.


شلال درنة
 ماء يتدفق من بين الصخور يرفض الجمود و يرفع راية الحياة، انه شريان الحياة لبساتين درنة و زهورها. ترى الشباب يلتفون حوله طوال أيام الأسبوع، و كذلك الزوار من خارج المدينة و العائلات و هو يمثل محطة ارتياح ونبع الهام ومصدر للامل و هكذا رآه فتحي الشويهدى في رسوماته المعبرة.


فتحي الشويهدى
و لقد امتزج الفن و الشلال و الإبداع الفني في رسومات الشويهدى المعبرة عبر العديد من الرسومات خلال أكثر من ربع قرن. ولد فتحي الشويهدى في درنة في منتصف القرن العشرين و ترعرع و عاش فيها  و لهذا ارتبطت حياته بمعالمها و جمالها و آلامها و آمالها فهو يمثل نموذجا للفنان الشعبي الدرناوى الأصيل، و شارك بفنه من خلال الجرائد الحائطية و الصحف المحلية و نشرات الأندية الرياضية.
       على عادة أبناء درنة كان هذا الفنان مولعا بطلب العلم و التعلم و التعليم، فرأى الحاجة إلى نشر و تيسير التعليم للجميع. و لقد وجد في الشلال خير رمز لتدفق الحروف كي تصل كل بستان و زهرة في قلوب الأطفال. و أول خطوة في هذا تكون بحب القراءة و لا يجيد القراءة من لا يعرف الحروف، أنها لب الكلام و موسيقاه التي تحرك المشاعر نثرا كانت أم شعرا.
و إذا كان الشلال مصدرا للحياة  بكل أبعادها فلماذا لا يكون رمزا لإثراء التعلم من خلال انتشار الحروف من خلال وسائل الإعلام و التعليم بشكل مستمر بداية بفصول الحضانة بالمدارس الابتدائية و مرورا بنوادي الأطفال و مكتبات الأطفال، و هذا ما نراه في رسم بعنوان شلال الحروف.


شلال الحروف
و بالقدرة على القراءة تفتح إمام الإنسان أبواب المعرفة، و لكن التقدم عادة لا يترعرع و ينمو إلا بالوعي الحقيق بظروف الوطن وبحاجات المواطن، و بالتالي تأتى الحاجة للتوعية من خلال تدفق المطبوعات الهادفة و توفر المكتبات العامة و المكتبات المدرسية و صالات المطالعة و المراكز و النوادي الثقافية للرجال و النساء.


شلال المعرفة
ثم كانت انطلاقة صحيفة الشلال في مدينة درنة لتساهم في نشر المعرفة و الوعي العام و حب الانتماء لهذا الوطن المعطاء، فهل حققت هذه الصحيفة ما كان مرجوا منها؟ وهل أصبحت فعلا شلالا للمعرفة و عنوانا للعطاء فى منطقة درنة؟ و هذا لن يحدث بدون تفاعل المثقفين و المثقفات من خلالها في حوارات حرة وبناءة.


صحيفة الشلال
وكما جرت العادة كل عام تطالعنا العديد من الدول العربية و الإسلامية بمطالع مختلفة لشهر رمضان أو شهر شوال و كأن الكون أصبح يدور في فلك السياسة. و هذا يعود أصلا إلى ضعف دور شعوبنا في مجال السياسة و جهل علمائنا بعلم الفلك الحديث، ثم غياب الفهم لمقاصد الشريعة. فالبعض يفتى و لا يرى كالفقيه الأعمى، و البعض يرى ولا يفهم كالبصير الجاهل، و أما صاحب القرار فيتكلم في الإذاعة و ليسمع لأحد، و يبقى المواطن المسلم حائرا بين الجميع. و هذا ما عبر عنه هذا الفنان فى رسم شلال الأهلة .


شلال الأهلة
و للشلال موسيقى إيقاعية هادئة ، يستمتع بها كل من حباه الله بنعمة السمع مع العقل،و هي تضفى على المشهد بعدا استرخائيا و نغما جميلا و هذا هو السر في تردد الناس عليه بين فترة و أخرى، فسبحان  من خلق السمع و الأبصار و الأفئدة و جعلها دليلا على عظمته و جلاله و جماله.


أنغام الشلال
وكما أن الفن له مكانة فى حياة درنة و أهلها فكذلك الرياضة لها مكانها في حياتنا جميعا، و مع مقولة الرياضة للجميع كنا نتوقع ملاعب و تجهيزات و صالات رياضية في كل قرية و مدينة، بل و رياضة لكل طفل و طفلة فى بلادنا و القصور هنا يعود لفهم المؤتمنين على الشباب و الرياضة فى بلادنا.
 و كما يعلم الجميع فان العقل السليم في الجسم السليم، و قد شرع الله سبحانه و تعالى الحركة الجسمانية في كل أعمال العبادات في الإسلام لما للحركة من بعد في العبادة وفى الحياة. ففي الرسم التالي تعبير عن الحاجة إلى شلال للرياضة يوفر الإمكانيات ويشحذ الهمم.


شلال الرياضة

في زماننا هذا تختلط المفاهيم ، ففي العالم أجمع عندما نقول عصر اى شيء، فأن المقصود من ذلك هو انتشاره و سيطرته و علو مكانته إلا عندنا . فعلى سبيل المثال ارتبط العصر في عقولنا و مفاهيمنا بعصر الزيتون و بالتالي يعنى ذلك شدة الحال و ضيق النفس، كما هو الحال في رسم عصر الشلال.


عصر الشلال
و ما أحوجنا في عصر الجماهير هذا إلى توزيع الثروة على الجميع عبر العصور و الأجيال و بشكل عادل و دائم، و كما هو الحال دائما فالشلال لا يبخل على أحد مهما كان بعيدا عن مصبه و كذلك خيرات بلادنا فهي أرض العطاء و النماء و الخير.


شلال الثروة

و إذا توزعت الثروة بين الجميع يرفع الحسد وينتهي الحقد و تختفى الكراهية من النفوس و ينتشر الحب و الوئام بين أبناء الوطن .و بذلك نزرع الأمل و نبنى المستقبل السعيد لأبنائنا و أحفادنا، مستقبل يتنافس فيه الجميع لخدمة هذا الوطن بمحبة و اعتزاز.


شلال المحبة
كانت هذه جولة سريعة مع الإبداع الفني للفنان فتحي الشويهدى مع توسيع دائرة تداوله من خلال قرائتى له قراءة شمولية.
 و سيكون لنا لقاءات أخرى بإذن الله تعالى للتعريف ببعض ما قدمه من إسهامات فنية كنماذج على الإبداع الفني الليبي.

No comments:

Post a Comment