Sunday, December 12, 2010

معالم التيسير في برامج التعليم النموذجي 3

توطئة

           تسعى إدارات التربية و التعليم و التدريب و التأهيل في دول العالم المتقدمة لتحقيق أكبر قدر من التيسير في برامجها التعليمية وصولا إلى الحد النموذجي. و التيسير فيها يحمل في طياته المرونة في محتوى المواد المختلفة من حيث الاتصال بينها و الاستمرارية في التدرج المعرفي و مناسبة المحتوى لمستوى المتعلم من حيث السن و القدرات . و كذلك المرونة في طرق التدريس و التدريب و التقويم و القياس بما يحقق ملائمة البرامج لذوى القدرات المختلفة من نفس الفئة عمرا. و بالتالي يضمن  الانسجام النفسي و الا جتماعى بين ذوى الفئة الواحدة سنا . و هذا ينطبق على الكبار مثلما ينطبق على الصغار مع مراعاة القدرة على الاستيعاب عند الكبار و قلة الوقت المتاح لديهم للتعليم مع الالتزامات الأسرية و الحياتية.

           و لقد كان التيسير احد أهم معالم الحضارة الإسلامية ، و سقط سهوا في مجال التعليم حين تخلى المسلمون عن جذورهم الثقافية و سمحوا للاستعمار الغربي  ان يفرض نظام التعليم المتبع حاليا في معظم البلاد العربية و الإسلامية . و لقد تناقلت أجيال المعلمين و الموجهين والخبراء هذا التراث دون تفنيده أو وزنه على تراثنا الحضاري العربي الاسلامى . و قد كان رسول الله صلى الله عليه و سلم دائما بالتيسير و من أقواله " يسروا و لا تعسروا و بشروا و لا تنفروا " . إن هذه القاعدة الذهبية في الدعوة حرى بها أن تكون دستورا للتربية و التعليم. كما أن ارتباط التدريس بالمساجد أسس للتربية الإسلامية العملية من خلال الممارسة، لذا فإن الابتعاد عنها الآن زاد في غربة المدارس عن الدين. ولقد استطاعت حلق التعليم في المساجد أن تقضى على الأمية في زمن وجيز و بدون التقنيات المتوفرة لنا الآن. كما أسست المساجد صروح التعليم التجريبي التخصصي في مجالات العلوم المختلفة و كانت قبلة طلاب العلم في العالم ، وأشهرها مدارس الأندلس في اسبانيا . و لقد توصل الغرب إلى التيسير عن طريق التجريب  ، أما نحن فأسقطناه بتقليدنا الأعمى لهم عند ما هزمنا الغرب على أرضنا ، و تخلفنا نحن عن ركب الحضارة و فقدنا الثقة في أنفسنا و تاريخنا و تراثنا.
            
      
         تتناول هذه الورقة معالم التيسير المطلوب فالمقررة،لتعليم  ، بما يحقق  نقلة نوعية في مجال تعليم الكبار واستخدام تقنية الحاسوب في قطاع التعليم ، ويمكن تلخيص هذه المعالم في الأتي :


·        الاهتمام بالنوعية وليس الكمية في المناهج المقررة ، بحيث يتعلم الطالب كيف يبحث عن المعلومة ليصل إلى مرحلة كيف يتعلم .
·       يعطي البرنامج فرصة لتنمية القدرات المهنية .
·       يتم التدرج في عرض المقررات حسب الحاجة إلى تطبيقها، أي استخدامها في الحياة والحاجة إليها في الدراسة.
·       المرونة والمرحلية و التدرج و تيسير الالتحاق بالبرنامج .
·       إدخال نظم الحاسوب في كل جوانب العملية التعليمية .



 التيسير في مجال تعليم الكبار

             أحد أهم المشاكل التي تواجه التنمية في العالم الثالث، هي انتشار الأمية وانعدام أو صعوبة التعليم في فئة كبار السن. ولا يمكن علاج هذه المعضلة بتكرار نفس المواد ونفس المعدلات على الكبار في الفترات المسائية .  للخروج من هذه المعضلة نقترح تحديد المواد الدراسية بثلاث مواد لكل مرحلة من المراحل الدراسية بحيث يتم تغطيتها خلال ثلاث فترات مسائية في الأسبوع، تستمر لمدة ثلاث ساعات لكل فترة. و يمكن تقسيم البرنامج إلى ثلاث مراحل أساسية  و يشتمل البرنامج على:

أ – المرحلة الأولي (فئة كبار) .

         تمتد هذه المرحلة لمدة عامين يدرس خلالها المنتسبون من الكبار المواد التالية :

·       اللغة العربية.
·         فقه إسلامي.
·        الحساب .

بحيث تقضي هذه الفترة على الأمية الأساسية وهي الكتابة والقراءة والحساب و فقه العبادات  فى ما يخص الأسرة.

ب – المرحلة الثانية (فئة كبار) .

         تمتد هذه المرحلة لمدة عامين ويدرس فيها من اجتاز المرحلة الأولى بتقدير عام جيد المواد التالية :

·  اللغة العربية.
·  الحساب .
· الحاسوب .

بحيث تقضي هذه المرحلة على جزء من الأمية التقنية بشكل جيد و يتمكن الناجح فيها من استخدام الحاسوب والدخول إلي شبكة المعلومات العالمية .

ج – المرحلة الثالثة (فئة كبار) .

       يدرس في هذه المرحلة كل من اجتاز المرحلة الثانية بتقدير عام جيد ، ويدرس المواد التالية فيها :

·  اللغة العربية.
·  الحاسوب .
·  علوم تجارية و إدارية.

وبالتالي يمكن القضاء على الأمية التقنية ويبدأ التأسيس للخبرة في الإعمال الإدارية والتجارية. و هنا كذلك يتم الالتحاق حسب قدرة المنتسب، بحيث يتم إعفاؤه من المواد التي يجيدها بعد اجتياز امتحان للتقييم عند الانتساب. كما يمكن معادلة هذه المراحل في التدرج الوظيفي لتشجيع الموظفين على اجتيازها بنجاح.

  تيسير العملية التعليمية  في عصر الرقميات

          إن  أهم تحدٍ يواجه الدول النامية فى الوقت الحالي هو سرعة الولوج إلي عصر الرقميات في مجال التعليم بالذات . فقطاع التعليم هو المحرك الأساسي للنمو المعرفى و التقني والاقتصادي لأي مجتمع . وأهم استثمار للدول النفطية بالذات هو في قطاع التعليم ، فيمكننا بناء كل شيء باستخدام العمالة المستوردة والتخطيط والتصميم المستورد ، ولكننا نبقى شعوباً مستهلكة وبالتالي متخلفة . وأبرز مثال على ذلك التجربة الهندية حيث تم توجيه التعليم في اتجاه تقنية الرقميات ؛ أي عصر الحاسوب وتقنية المعلومات وأصبحت الهند داراً للخبرة في هذا المجال . كما لا يفوتنا أن نشير إلي خطورة سيطرة إسرائيل على قطاع أمن الاتصالات والمعلومات في العالم كله لا سيما فى منطقتنا العربية .

     على ما تقدم يمكننا القول إن دخول عصر الرقميات ليس هدفاً في حد ذاته فقط ، ولكنه وسيلة لتطوير وتسريع وتيسير التعليم ونقل التقنية ، وعليه فإننا نقترح الآتي :

1.    فتح دورات تدريبية مكثفة للعاملين في قطاع التعليم ، بحيث لا يبقى فيه عامل لا يستخدم الحاسوب ، ناهيك عن المعلمين وأساتذة الجامعات .

2.    إدخال تقنية الحاسوب في مجالات الإدارة والتخطيط وإعداد المناهج والخطط التعليمية وفي تنفيذ الدروس في الفصول .


3.    إدخال تدريس مادة الحاسوب في المدارس الإعدادية والثانوية .

4.    تطوير المناهج بشكل يسمح باستخدام الحاسوب في تنفيذها ؛ لكي يصبح الحاسوب أداة تعليمية ووسيلة إيضاح وتطبيق .


5.    توصيل جميع المدارس بشبكة المعلومات العالمية " انترنت ".

6.    استخدام شبكة الحاسبات في الفصول مع اللوحات الذكية في الجامعات .

7.    استخدام برامج التعليم عن بُعد للمناطق النائية والكبار ودروس التقوية والمراجعة لجميع المدارس باستخدام الانترنت .

8.    الزام كل كليات الجامعة بتدريس علوم الحاسوب بما يحقق استخدامه في جميع التخصصات وخاصة كليات التربية والعلوم ومعاهد التعليم العليا .

خاتمة
        في الختام يمكننا القول إن العملية التعليمية هي مشوار حياة، فالمرء يتعلم من المهد إلى اللحد. بيد أن القدرة على التعلم هي التي تحدد الفرق بيننا وبين الدول المتقدمة. و بالتالي فإن محو الأمية اللغوية و التقنية هي أول و أولى الخطوات على طريق التنمية. ثم يأتي برنامج التعليم المستمر لتأهيل و تدريب كل من لا يستطيع مسايرة التعليم التقليدي وبالتالي إدماجه في برامج التنمية بشكل مستمر.
 إن التعليم بكل مراحله يمثل أهم استثمار في الدول النامية و خاصة الدول النفطية منها ولهذا يجب أن نفرغ له خيرة شبابنا. وقديما قال الشاعر لقد كاد المعلم أن يكون رسولا، فكيف بالمسئول عن التعليم كله. إذن علينا القيام بتقييم مستمر وجاد لكل المستويات المسئولة عن هذا القطاع.
و إن أهم تقنية قادرة على منحنا التسارع المطلوب للنهضة والتنمية هي تقنية الرقميات ، و الحاسوب هو المحرك فيها . ولو أن أحد المتقدمين أفتى في أمر الحاسوب و علومه لأعتبره فرض عين على كل طالب علم في هذا الزمان .


No comments:

Post a Comment