Friday, December 10, 2010

الصحافة الليبية... تقدم مستمر

          الصحافة في بلد في العالم هي إحدى أهم الأدوات الأساسية  التي تعمل على خلق وعى عام و بالتالي بعث قيم مجتمعية تؤسس لنهضة البلد . وهى تعطى فرصة لكل ذي حكمة أن يصل إلى اكبر عدد من الناس عن طريق أفكاره على صفحاتها ن و الله سبحانه و تعالى أنزل إلى بعض الرسل صحفا فيها شرائع رسالاتهم مثل صحف إبراهيم و موسى عليهما السلام . و بالتالي علينا أن لا نهمل دور الصحافة في نهضة أمتنا، فهي وسيلتنا للتحاور و التواصل و التفاهم من اجل الإصلاح و البناء.
و لقد عرفت ليبيا في السابق نشاط صحفي و صحافة مملوكة للدولة و خاصة؛ ازدهر نشاطها في أواخر الستينيات من القرن الماضي ، و لكن تلك التجربة كانت تعانى من محدودية الاستيعاب للطرح الدولي و ذلك لقلة الخبرات الليبية و تغلب العاطفة على العقل في كثير من المعالجات . و أبرز من كتبوا فيها انتهى دورهم أمام صخرة الواقع، أي أن الصحافة كان ينقصها الالتزام المبدئي و الفكري بأطروحاتها . و بالتالي لم يصمد إلا القليل من الكتاب . و لن تكون لنا صحافة تحمل في طياتها روح الاستمرارية إذا لم نكتب من معقولنا و نخاطب العقول و نترك نسخ المنقول من مصادر أخرى أو دغدغة العواطف .
و الصحافة كعملية إعلامية لها شقان ألا و هما المرسل و المستقبل، بمعنى أن الكاتب يحتاج إلى قارئ، و لكي نصنع للصحافة جمهورا من القراء يجب علينا معالجة الأمور التي يعانى منها المواطن بكل صدق و أمانة. و في غياب هذا الطرح نجحت الصحافة الكربونية في خلق جفوة بين المواطن و الصحف، و هذا كان له اثر سلبي متراكم عبر الأجيال ليس على الصحافة فحسب و لكن على كل منظومة البناء و التقدم.
و لم تعرف بلادنا نهضة صحفية مضطردة مكتوبة أو إلكترونية إلا في السنوات القليلة الماضية و يرجع الفضل في هذا إلى مجهود المهندس سيف الإسلام القذافى من خلال إنشاء صحيفتي قورينا و أويا و العديد من المواقع الإلكترونية بالداخل، و بدأ بالفعل حراك ثقافي و فكرى واسع لأول مرة نراه بهذا الحجم في ليبيا تجاوبا مع الأطروحات الإصلاحية و خاصة في قطاع الشباب .
أما بالخارج فبرزت بعض المواقع المتميزة بالنضج في الطرح و العقلانية في الخطاب و إفساح المجال لكل المشاركين. و بطبيعة الحال في أي تجربة مثل هذه تحدث تجاوزات و أخطاء ، فبين عشية و ضحاها أصبح بإمكان من شاء الكتابة أن يكتب أو يعقب أو ينتقد باسمه الحقيقى أو باسم مستعار أو مزيف . و لكن يجب أن لا ننسى أن هذه التجربة صقلت العديد من المواهب و بالتالي أصبح لدينا كم لا يستهان به من الكتاب في الداخل و الخارج و الجدل الناتج منها خلق رغبة في الإطلاع عند الكثير من المتابعين.
و في المقابل كان لتحسين خدمات شبكة المعلومات و شبكة الهواتف بالداخل أكبر الأثر في التواصل بين جميع الكتاب و جمهور القراء بالداخل و الخارج. و ارتفع مستوى الاطمئنان و بدأت الثقة في النفس و المجتمع تنمو مع الأيام و هذا ساهم كذلك في نمو الصحافة في ليبيا. و لكن دورها يقف عند صناعة الوعي العام و ليس بالضرورة التأثير في صناعة القرار مثل ما يحدث في الدول المتقدمة. ففي الدول المتقدمة صناع القرار يخافون من عدم رضا المواطنين ، فهم يحتاجون لأصواتهم عند كل انتخاب، و بالتالي تسقط حكومات و يستقيل رؤساء مثل ما حدث مع الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون الذي انتهى به المطاف للخروج من البيت الأبيض بسبب مقال في صحيفة . و لي أمل كبير في أن يكون للصحافة دور في بلادنا ذات يوم ، و ذلك عندما يحرص كل مواطن على اقتناء الصحيفة في كل الصباح مثل ما يشترى رغيف الخبز لأولاده  و عندما يشعر كل متعلم أو مثقف بأهمية مشاركته بالكتابة و إبداء الرأي من أجل الصالح العام .
و لكي نصل إلى هذا علينا أن نلتزم بالصدق في طرح المواضيع و الأمانة العلمية في النقاش و التمسك بالموضوعية و الابتعاد عن التهجم على الأشخاص مهما كان الدليل و واضحا ، فليس كل ما يعرف يقال و لكل مقام مقال، فهناك معلومات لا تنفع إلا عند اللجوء للقضاء بينما طرحها على الملأ قد يسبب فتنا نحن في غنى عنها. و علينا أن نصبر على التجربة و نعطيها الوقت حتى تنضج فى أمان ، كما ينبغي علينا تشجيع كل من يحاول المساهمة و ذلك بالكف عن النقد اللاذع  أ و الغير موضوعي و التعليقات السطحية.
و لقد نما إلى أسماعنا مؤخرا خبر إغلاق بعض المواقع الإلكترونية و منها موقع فيلادلفيا حيث تأكد لدينا انقطاعه عن العمل و هذا أمر يحز في النفس ففيه ردة عن مسار التفاعل الإيجابي و هذه المواقع قدمت و تقدم خدمات طيبة للمواطن ،  أقلها إتاحة الفرصة للتواصل بين الناس ، و لهذا أنا أدعو من له القدرة على إلغاء مثل هذا القرار أن يعجل بإعادة فتح هذه المواقع حتى لا نهضم حق منطقة من مناطقنا الحبيبة و لكي نعزز الحريات و نمهد الطريق لمشاركة  الجميع في بناء النهضة.
 و في الختام أؤكد على أننا نسير في الاتجاه الصحيح و أن الصحافة في ليبيا تتقدم بشكل مستمر، و الدليل على هذا هو هذا الكم الهائل من المواقع و الكتاب و القراء و لا زلنا نحتاج إلى مواقع أخرى متخصصة في شؤون المرأة وشؤون الطفل وشؤون التربية وشؤون التعليم وشؤون التدريب و القائمة تطول ، و الله ولى التوفيق.

No comments:

Post a Comment